لسيت الأوطان هدايا تمنح، ولا ضرائب تفرض، ولا مصالح تحفظ، وإنما تنشئها الجغرافيا، وترسخها وشائج وروابط وتقاليد وآلام مشتركة أكيد أن السيد مصطفى أبرشان رئيس "ائتلاف مليلية" المحتلة ومحمد علي اللماغي رئيس "الاتحاد الديمقراطي السبتي" بسبتةالمحتلة لا يعنيهما الجزء الثاني من هذه المقولة نظرا لأنهما رهنا نفسيهما ومصالحهما ومعهما بعض ضعاف النفوس والإيمان والعقيدة مع الاستعمار الإسباني بسبتة ومليلية المحتلتين. لذلك لا غرابة أن نراهما يتهافتان على الدفاع عن الاحتلال الإسباني بتزييف التاريخ والجغرافيا والواقع الذي يعرفانه جيدا، لأن سكان سبتة ومليلية المحتلتين أدرى بطبيعة انتمائهم، وإذا كان السيدان مصطفى أبرشان ومحمد علي في حيرة من حقيقة هذا الانتماء أدعوهما أن يسألا الأهل في سبتة ومليلية المحتلتين عن شعورهم بخصوص مغربية هاتين المدينتين..كما أدعوهما إلى التأمل في الأهل بالمدينتين المحتلتين...ثقافتهم، ملبسهم، مأكلهم، أفراحهم، أحزانهم، عاداتهم، تقاليدهم...مغربية شاء من شاءوتعامى من تعامى. طبعا لم تستطع العقود الخمسة من الاستعمار تغيير أو تهجين الإنسان المغربي بالمدينتين المحتلتين، رغم تفنن الاحتلال في إقصاء وتهميش المغاربة السبتيين والمليليين ودفعهم عن قصد وسبق إصرار إلى رذائل الأفعال، وهنا تتحمل الدولة المغربية الجزء الأكبر من اللوم لتقصيرها في دعم ومساندة أبنائها تحت الاحتلال والاقتصار على التحركات الموسمية والمحدودة التأثير، لكن صمود المغاربة بالمدينتين المحتلتين )وإن كان بغير وعي عند نسبة كبيرة منهم( في وجه الاحتلال وحفاظهم على أصالتهم وانتمائهم ودينهم يؤكدان أن المدينتين عائدتين إلى محيطهما الطبيعي والتاريخي والعرقي والديني لامحالة وهي مسألة وقت فقط. اليقين بعودة الأجزاء المحتلة إلى ربوع الوطن الأم وإن كان حقيقة مطلقة لابد أن تتوافر عوامل مساعدة لتسريع تحقق هذا اليقين، فلا ينبغي الاكتفاء والتعلل بعودة هونغ كونغ ومكاو للصين وتخلصهما من ااحتلال البريطاني والبرتغالي، لنعيد سبتة ومليلية، بل يجب أن نضع استرتيجية وطنية لتحقيق هذا التحرير، وفي اعتقادي لن تخرج هذه الاستراتيجية عن الاشتغال على محاور متوازية ملخصة في : 1- الاستمرار في الدفع بالعملية التنموية بالمنطقة الشمالية للملكة خاصة بالمناطق القريبة من سبتة ومليلية، واعتبار تنمية هذه المناطق اقتصاديا وبشريا نضالا وكفاحا في سبيل تحرير المدينيتن المحتلتين. 2- إطلاق حملة دولية للتعريف بقضية استمرار احتلال سبتة ومليلية والجزر المتوسطية وإحراج إسبانيا في المحافل الدولية والضغط عليها في المؤسسات الحقوقية والقضائية الدولية وذلك عبر القنوات الرسمية ودعم اللجان وهيآت المجتمع المدني المغربية الهادفة إلى المطالبة بتحرير المدنيتين والجزر المتوسطية 3- الاهتمام بمغاربة سبتة ومليلية واحتضانهم ودعمهم ومساندة السبتيين والمليليين الذين يعلنون ولاءهم للمغرب بشكل قوي. وبمناسبة ذكر الشرفاء من المغاربة السبتيين والمليليين الذين يعلنون انتماءهم لوطنهم المغرب لابد أن نستحضر اسمين بارزين في هذا المقام الأول المرحوم صدر الدين سالم السبتي مندوب سبتة "لفدرالية اتحاد الجمعيات الإسلامية باسبانيا" الذي رحل قبل أشهر في صمت وكبرياء العظماء في جنازة مهيبة ووري ثرى الوطن المقدس بمقبرة سيدي امبارك حضرها مندوبي حكومة الاحتلال للتأكد ربما من التخلص من سبتي عنيد ومخلص لمغربه شاكسهم في حياته وأكد لهم أن المغاربة الأقحاح لا تنسيهم عقود الاستعمار ولائهم لوطنهم أرض أجدادهم، والثاني هو الحاج محمد علي حامد رئيس اتحاد مسلمي سبتة الذي يؤرق الاحتلال ويفضحه في عناد ووطنية نادرة لا نكاد نجد لها مثيل في العالم اللهما إذا استثنينا المناضل الفلسطيني الشيخ رائد صلاح وإخوانه في باقي التنظيمات المناضلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وإذا كان أبرشان وعلي ربطا مصيرهما بالاستعمار فإن صدر الدين سالم والحاج محمد علي حامد ومعهما كل المغاربة الشرفاء بسبتة ومليلية ربطوا شرفهم بالوطن رغم أن مصالحهم مرتبطة بإسبانيا، توفي صدر الدين السبتي واطال الله في عمر الحاج محمد علي حامد وإيمانهما أن الأوطان ليست هدايا تمنح أو مصالح تحفظ وإنما كرامة تخلد، والأكيد أن أبناؤهم سيكونون فخورين بهما وبالكثير من المخلصين لوطنهم من الذين يرسخون وشائج وروابط وآمال العودة للوطن الأم.