تحججت إسبانيا باستقبالها لزعيم الانفصاليين بعذر أقبح من زلة، وبحسب رواية وزارة الخارجية الإسبانية الدواعي في الأساس هي إنسانية، غير أننا بصفة شخصية والأمر يسري على عموم المغاربة قد لا نتفق مع مثل هذه الأعذار، ويحق أن نقابلها بالمثل الحساني القائل: "العين الا تخطات حاجبها أخسر واجبها " ومعنى المثل واضح حيث أن الامر اذا تجاوز حده انقلب الى ضده. وهو ما يفرض أن نتناولها بتحليل دقيق ونقف على مكامن الخلل في تصريح رسمي لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي كان من الأجدر أن يولوا أمور وزارتهم للأجدر وليس لمن يترنح بين السياسة والمصالح البالية. نتفق عموما أن دخول زعيم البوليساريو كان بأوراق مزورة وهذا باب قد يجعل من بعض الانفصاليين ممن يحكمون العقل على العاطفة أن يتساءلوا كيف يمكن لمن نراه رئيسا ان يسافر بأوراق مزورة؟ كيف يعقل أن يتغير إسم رئيسنا من غالي إلى بطوش؟ إن السفر بأوراق مزورة يحيلنا بشكل مباشر على شبكات الهجرة غير النظامية التي يكون من بين أساليبها توفير الوثائق المزورة لدخول أراضي دولة أخرى بطريقة غير قانونية، وهذا ما يسري بشكل صريح على طريقة دخول محمد بن بطوش، ولعل التعريف حول شبكات الهجرة غير النظامية كما تعرفه الأممالمتحدة شعبة الهجرات يجعلنا نوجه وكالة فرونتكس التابعة للإتحاد الأوربي حول مراقبة الحدود إلى أن تفتح ملفا قصد الإستئناس وتفسير مكانة الجزائر في توفير وثائق مزورة لأشخاص مهاجرين بطريقة غير نظامية، وعلى ما نظن أنه مادامت المخابرات الجزائرية قادرة على تزوير صفة رئيس جبهة انفصالية فبالمقدار نفسه قادرة على تزوير صفات العديد من المهاجرين غير النظاميين الحالمين للوصول إلى الإلدورادو الأوروبي وبدواعي إنسانية. ينضاف إلى مسألة الوثائق المزورة، ما تحججت به وزارة الخارجية الإسبانية بالقول أن استقبال بطوش لدواعي انسانية، وهنا نصفق عاليا لهاته الصفة التي نادرا ما ميزت التاريخ الإسباني، وبالموازاة مع ذلك نرى انها حجج واهية، بل نعتبرها حججا عليهم لا لهم، فكيف يمكن الأخذ بالداعي الإنساني في سنة 2021 وتغليبه على دعوى قضائية رفعت سنة 2007، فالجرائم ضد الإنسانية والإرهاب والإحتجاز لا تسقط بالتقادم، ولا نقف عند هذا الحد بل نزيد إلى الإشارة إلى الدعوى التي رفعها بريكة بعذ تعرضه للإختطاف وأبشع أنواع التعذيب لمدة تزيد عن خمسة أشهر في سجون تندوف بسبب مطالبته فقط بالكشف عن مصير أحمد خالد المختطف من قبل المخابرات الجزائرية بداية 2019 وحتى بتدويناته المزلزلة لأركان قيادة مهترئة تجند الاطفال وتجعل من نفسها فوق القانون الدولي بمباركة جزائرية. إن الواقع وحسب تتبعنا لواقع الحال بتندوف، ولقاءاتنا المتكررة مع مختلف الفاعلين يجعلنا أما حقيقة القول ان البوليساريو لا تغدو سوى مصلحة داخل أروقة المخابرات ووزارة الخارجية الجزائرية التي ظلت وفية لمنطق العداء تجاه جيرانها. ولعل ما عشناه ونعيشه يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنه علينا الترفع عن جيراننا عملا بالمثل الحساني القائل " جاور المحساد ولا تجاور المعيان" ومعناه التحذير من مجاورة أصحاب الأعين الخبيثة "معيان" لكونه أشد ضررا من الحسود الذي يتألم لوحده فقط، كما يقال الحسد هو الجريمة التي تسبقها عقوبتها، غير أنه من الممكن أننا ابتلينا بالاثنين معا. وحتى لا نطيل على قراءنا الكرام، فالتاريخ يعيد نفسه مرتين مرة دراما محزنة ومرة فكاهة مضحكة، والأيام كفيلة أن تبين مدى دناءة سياسة الجيران التي تقوم بالإساس على تبرئة المجرم إنسانيا والبكاء مع الضحايا تملقا، في زمن يستدعي ويفرض علينا كمغاربة من الشمال إلى الجنوب التحرك كل من موقعه بنيانا مرصوصا، للدفاع عن وحدتنا الوطنية وسلك كل السبل القانونية وطنيا ودوليا للدفاع عن ضحايا احتجاز واغتصاب وارهاب سقطوا بين ايدي جبهة انفصالية يتزعمها محمد بن بطوش، عنوانها مصلحة البوليساريو الطابق الثاني في وزارة الخارجية الجزائرية. ذ/ الحسين بكار السباعي محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.