مدينة أكادير جوهرة الأطلسي فقدت بريقها وتراجعت جاذبيتها السياحية. تئن تحث وطأة تقادم مؤسساتها الفندقية وتراجع إقبال الخطوط الجوية التي تربطها بكبريات العواصم العالمية خاصة بأروبا فضلا عن ضعف الاعتمادات المالية الخاصة بترويج وتسويق المنطقة دوليا. وأمام المنافسة الشرسة من وجهات عالمية كأنطاليا التركية التي تتوفر على طاقة استيعابية تصل إلى نصف مليون سرير، وشرم الشيخ التي تتوفر على طاقة استيعاب تفوق 450 ألف سرير أو جزر الكناري التي تقارب طاقة استيعابها ربع مليون سرير تبدو وجهة أكادير غير قادرة على المنافسة بطاقتها الاستيعابية المحدودة والتي لم تتطور منذ سنوات بحيث لا تتعدى حاليا ثلاثين ألف سرير مع العلم أن نسبة أربعين في المائة منها متقادمة وفي حاجة إلى التجديد. من هنا ووعيا بدوره الحيوي بالمدينة نظم المجلس الجهوي للسياحة يوما دراسيا تحت شعار "نحو انبعاث جديد للوجهة السياحية لأكادير" يرنو تعبئة المعنيين بالقطاع السياحي ويروم حشد همم مختلف المنعشين السياحيين والسلطات العمومية والمنتخبين ومهنيي السياحة، في أفق تعزيز تسويق وجهة أكادير لتعود لمكانتها السابقة وبالتالي تقدم منتوجات سياحية أكثر تنافسية . وشخص المشاركون المشهد السياحي بالمدينة وآفاق النهوض بالقطاع وتثمين مؤهلات المدينة واقتراح حلول تمكن القطاع من تجاوز الركود الذي يعيشه. كما ناقش المشاركون الإشكالات الكبرى التي تعيشها المدينة خلال أربع جلسات همت "أكادير في محك المقارنة مع الوجهات المنافسة" و"إعادة انتشار الطاقة الاستيعابية للمؤسسات الفندقية" و"تطوير الوجهة عبر مدخلي الربط الجوي والتسويق" و"التجهيزات والبنيات التحتية المواكبة للنشاط السياحي". محاور عرفت نقاشا مستفيضا نشطها نخبة من نشطاء القطاع من مؤسسات المعنية ومنتخبين ومهنيين. وألح وزير السياحة، لحسن حداد، خلال هذا اليوم الدراسي على ضرورة العمل على إعادة تموقع أكادير في المشهد السياحي كوجهة تتوفر على الإمكانيات لأداء أفضل وفق برنامج المجال السياحي "سوس الصحراء الأطلسي". إذ لا مناص من تنويع العرض السياحي عبر تثمين المناطق الخلفية والعادات الأمازيغية و فضاء الأركان والمنتزه الوطني سوس ماسة . وأهاب حداد بالمهنيين من أجل الانخراط في تفعيل الأوراش التي حددتها رؤية 2020 بالنسبة للمجال السياحي سوس الصحراء الأطلسي والذي شكل موضوع عقد برنامج جهوي تم التوقيع عليه في ماي 2013 بأكادير. وأثار الوزير ضعف إشهار وجهة أكادير على الأنترنيت مما يستوجب وضع استراتيجية تواكب التوجهات الجديدة للأسواق السياحية، ثم بلورة خطة عمل للتسويق وفق استراتيجية مندمجة وبراغماتية لإعادة التموقع . وينشد هذا البرنامج إحداث 30 ألف سرير إضافي، ما سيمكن من استقبال 2.2 مليون سائح بحلول 2020 ومضاعفة المداخيل السياحية السنوية ثلاث مرات. وبذلك تم إعداد 56 مشروعا، تضم 12 مشروعا مهيكلا، بمبلغ استثماري يصل إلى 27.5 مليار درهما، يتكلف القطاع الخاص بتمويل الجزء الأكبر منها. وأشار المسؤول الحكومي أن وجهة أكادير تعد الوجهة السياحية الثانية بالمغرب بحصة 26 في المائة من السوق الوطني إذ سجلت أزيد من 5 ملايين ليلة مبيت خلال 2014، أي ارتفاع بنسبة 2 في المائة بالمقارنة مع سنة 2013.. وبلغت نسبة الملء بمؤسسات الإيواء المصنفة بالمدينة58 في المائة في مقابل 44 في المائة كمعدل وطني، حيث سجل معدل الإقامة بالمدينة6.5 ليلة، كمعدل أعلى من بين الوجهات السياحية الوطنية. وأفاد المدير العام للمكتب الوطني للمطارات، زهير العوفير، أن البنية التحتية للمطارات مهيأة لاستقبال المسافرين في أحسن الظروف كما أن المكتب يواصل جهوده لتأهيل المطارات وليكون في الموعد وفي مستوى التطلعات . واستعرض العوفير مختلف المجهودات المبذولة من قبل المكتب الوطني للمطارات لتجويد خدماته ولمواكبة رهانات التنمية السياحية ، مؤكدا أن مطار أكادير المسيرة يستقبل ما يقارب نصف طاقته الاستيعابية ومؤهل لاستقبال المزيد من الزبناء والرحلات، محللا بعض إحصائيات رحلات ومسافري مطار المسيرة. وأشار إلى حالات نمو عدد رحلات الطائرات في شهر فبراير الماضي مقابل تقلص عدد المسافرين. وبذلك يستنتج وجوب دعم إقبال شركات النقل على هذه الوجهة السياحية عبر استقطاب عدد أوفر للسياح من خلال تسويق رقمي يركز على خصوصيات المدينة ثم نهج مقاربات تنشيطية نوعية ومنتوج سياحي متجدد يستهوي السائح وينعش القطاع السياحي . وأكد المتحدث أن الأشغال جارية بمطار محمد الخامس لإعادة تطويره ولجعل عبور السياح أكثر راحة. وتبعا لملتمس بعض الفاعلين في القطاع السياحي بخصوص الرسوم المطارية وعد المدير العام بعدة حوافز تعريفة تتمثل في تخفيض بعض الرسوم إلى حدود 50 في المائة لمختلف الرحلات الدولية الجديدة المتجهة نحو أكادير ومركش خلال الثلاث سنوات الأولى . مع إعفاء رسوم مرآب الطائرات. هذا فضلا عن أن المكتب أعفى جميع الرحلات الجوية الداخلية من وإلى المدن المغربية من أداء التعريفات المطارية وتعريفات التحليق الجوي وذلك تشجيعا للتنمية السياحية الداخلية. يذكر أن المكتب الوطني للمطارات عبأ حوالي 360 مليون يورو في عام 2015، لاستثمار الكثير منها لأشغال تحديث مطار محمد الخامس بالدار البيضاء وتعزيز وسائل المراقبة الجوية. كما سيتم تخصيص 43.5٪ من هذا المبلغ للمزيد من تنمية قدرات المطارات المغربية. في حين ستخصص 60 مليون أورو لسلامة وأمن المطارات. و60 مليون أورو لبناء مركز للمراقبة الجهوية بأكادير. ويشار أن ملتقى أكادير عرف مشاركة وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، ووزير السياحة لحسن حداد، ورئيس المجلس الجهوي لسوس ماسة درعة إبراهيم الحافيظي، ورئيس المجلس الجماعي لأكادير طارق القباج، ورئيس المجلس الجهوي للسياحة بأكادير صلاح الدين بنحمان، ومدير المكتب الوطني للمطارات زوهير محمد العوفير، والمدير العام لصندوق الضمان المركزي هشام الزناتي السرغيني، إلى جانب عدد من الفاعلين والمتدخلين في القطاع السياحي. وفي ختام الملتقى صاغ المشاركون توصيات ومقترحات تستجيب لتطلعات مهنيي القطاع وانتظاراتهم .