تثمينا للمجهودات المشتركة مع المؤسسات في حماية البيئة وحماية للتنوع النباتي والمحافظة على الرصيد الوطني الغابوي الجبلي من الاستنزاف والاستغلال العشوائي اللاقانوني المستعمل لأغراض تجارية وليس منزلية. قامت جمعية بييزاج للبيئة بزيارة تفقدية رفقة دليلين من قاطني الدوار( تسدرمت) لمنطقة غابوية بالأطلس الكبير التابعة لجماعة اقصري وقيادة تاغزوت التابعة للنفوذ الترابي لعمالة اكادير ادوتنان، المنطقة مسالكها الطرقية جد وعرة وبها منحدرات ومرتفعات شديدة الخطورة، لكنها تحتوي على ثروة غابوية جد مهمة في محيط اكادير ادوتنان ومناظر طبيعية جد خلابة وغاية في الجمال الطبيعي ويعد من وجهة نظرنا تراثا طبيعيا محليا ووطنيا وتنوعا نباتيا يستحق العناية والاستدامة والمحافظة عليه، يتكون من عديد أعشاب عطرية وأنواع من الأشجار أهمها الاركان الذي اصبح تراثا عالميا ثقافيا حسب اليونيسكو، والبلوط، والخروب، وكذلك اللوز بجانب الدور السكنية، الزيارة جاءت بعد زيارتين قامت بها المصلحة الجهوية للبيئة ومركز الدرك الملكي البيئي باكادير بناءا على تنسيق مسبق لنشطاء بيئيون توصلوا بمعلومات عن نشاط مكثف لمنتجي الفحم التقليدي خلال عيد الأضحى الماضي، وقطع همجي متواصل للأشجار بالمنحدرات الوعرة الغير مكشوفة، وخارج الضوابط القانونية والاعراف المنظمة حسب الدليلين، وأثناء معاينتنا صحبتهم بتاريخ 5 يناير 2015 على الساعة الثالثة زوالا عثرنا على كميات كبيرة من الخشب المقطوع للأشجار بأدوات يدوية حادة (معاول وسواطير) لأشجار لا تزال مثمرة، معدة للحرق لإنتاج الفحم الخشبي، وعلى ما يبدو من خلال الآثار التي عايناها فمكان وضع الخشب هو مكان تجميع علوي قديم لجمع الخشب المعد للحرق في أماكن اخرى متفرقة حيث تتوزع الأفران تبدو عليه بقايا آثار أشجار قديمة جدا مما يدل ان العملية طويلة الأمد ويتم قطع الأشجار في أسفل الجبل وبمنحدرات وبأماكن سرية جد وعرة يصعب إيجادها من دون معرفة جغرافية وتضاريس المنطقة، هذه المنحدرات يتم النزول إليها بواسطة الدواب لحمل كميات كبيرة من الأشجار بعد التخلص من أورقها بعين المكان، يتم حمل الخشب من الى أماكن أخرى قصية ووعرة حيث تتوزع الأفران التقليدية الصنع وحجمها مترين في العرض مبنية بواسطة الطين والقش تكون مغطاة بنباتات يابسة وبشكل سري للغاية لا يعرفه إلا من لديه علاقة بالمنطقة وخبر أسرارها، افران معدة لحرق مئات الكيلوغرامات وقد تبلغ أطنان من الفحم مبنية بالطين وتتوفر على فوهة ضيقة لإخراج الدخان، مزودة بأدوات ووسائل لإنتاج الفحم الخشبي، وكل هذه الطرق هي غير قانونية في قطع وإنتاج الفحم الخشبي المعد للبيع في السوق السوداء، من طرف مافيا تستغل ضيق حال سكان الدواوير المعزولة والتي تعاني مشاكل في التنمية. أن ما عاينه أعضاء الجمعية هو اعتداء سافر على الثروة الغابوية المحلية خارج الضوابط القانونية المنظمة لإنتاج الفحم وحماية الغابات، مما يعرضها لإخطار الحريق نتيجة هذه السلوكات والجرائم التي يعاقب عليها القانون ويمكن ان تصدر في حق مرتكبيها عقوبات ثقيلة وغرامات وذعائر مالية كبرى تصل ل 3000 درهم الشجرة الواحدة وكذلك عقوبات سجنية ثقيلة، لخرق قوانين حماية الغابة، وقد حذرت بييزاج فيما سبق من تفشي ظاهرة الأفران التقليدية لإنتاج الفحم والتي تكون سببا رئيسيا في اندلاع حرائق الغابات والتي تكلف الدولة أموالا طائلة وطارئة ومجهودات كبيرة يتعبئ لها الدرك والجيش الملكي في ظروف طبيعية وعملية جد خطيرة وفي مسالك ومنحدرات وادخنة قاتلة لحماية الطبيعة والأرواح كما تكبل مجهودات السلطات الحكومية والولائية وأصدقاء المغرب من الدول الصديقة والشقيقة والتي تتعقد بمناطق جد وعرة لا تسمح بمرور الشاحنات والصهاريج لإخماد النيران كما وقع مؤخرا بغابة أضمين امسكروض حيث أجهزت الحرائق على حوالي 1300 هكتار من الثروة الغابوية نتيجة أسباب بشرية لا قانونية كانتشار الأفران التقليدية المسببة لحرائق الغابات بعد التخلص من الرماد الساخن في المنحدرات والتي تحتفظ بالنار والحرارة في الأسفل مما يجعل القش اليابس قابل للاشتعال كما يصعب اخماذها لتعقد الظروف الطبيعية. بييزاج عاينت كذلك بالمنطقة انعدام التنمية ووعورة المسالك وانعدام الطرق المعبدة ما يجعل المناطق والدواوير النائية في عزلة كبيرة وفريسة مافيا الحطب وندعو بالمقابل الى تنظيم هذا القطاع في اطار قانوني وجمعوي او تعاونية وبقوانين محددة تحدد مكان الأفران بشكل علني ومراقب، وطبيعة وحالة الاشجار التي يجب قطعها والكميات المسموح بها وتكوين في مجال المراقبة والتدخل لإخماد الحريق في بدايته للساكنة القروية عوض العبث بالمكونات الطبيعية للبلاد. زيارة بييزاج جاءت بعد زيارتين متثاليتين للمصلحة الجهوية للبيئة للدرك الملكي باكادير للحد من هذه الانحرافات ومعاينة الأضرار ، في يومه الاثنين 29 دجنبر على الساعة الثانية زوالا قادت فرقة حماية البيئة التابعة للقيادة الجهوية للدرك الملكي باكادير حملة سرية برفقة منسق الجمعية بالمناطق الجبلية ومرشد لمعاينة وتحديد المناطق التي يتم فيها حرق الحطب للحصول على الفحم الخشبي في أفران تقليدية موزعة على مناطق مختلفة يتم بناءها بواسطة الطين وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدبري هذه الجرائم والخروقات القانونية، وقد أكد منسق الجمعية بالمنطقة الجبلية وجود فرنيين تقليديين قام الدرك بتدميرهما كما تمت معاينة أشجار مقطوعة.لكن شدة وعورة المسالك والانزلاق الذي كاد ان يودي برئيس فرقة رجال الدرك عند سقوطه في منحدر لولا تدخل منسقنا وهناك صعوبات للوصول الى كهوف ومغارات باماكن متعددة يتواجد بها عشرات الافران تصعب تدميرها مع ضعف الإمكانات ووعورة المسالك لوجودها في منحدرات وقمم خطيرة. 3-الاماكن التي عاينتها بييزاج مشتتة وتختلف بين مناطق القطع والحرق والجمع والتسليم قادنا المرشد في بداية البحث الى مكان يدعي (غابة مرزكال) على بعد 500 متر من الدوار يمينا بجانب الطريق الغير معبدة حيث عاينيا وجود خشب كبير، وسيقان كبيرة وأغصان كبرى، مقطوعة ومهيئة من نوع أشجار الخروب والبلوط تقدر كميتها بحوالي 300 كيلوغرام، بعد ان يتم إحضاره بالدواب من الأسفل وهو مكان الجمع قبل حمله الى أماكن الحرق، ومن خلال نزولنا لحوالي 200 متر أسفل الجبل بأماكن وعرة المسالك عثرنا على كميات كبيرة من شجر مقطوع وبشكل متفرق، حتى لا يفتضح أمر المجرمين ويتم تخليصه من الأوراق والسيقان الصغيرة وتبلغ كمية ما وجدنا في الأسفل في موضعين اثنين حوالي 400 كلغ والموضع الأخر 350 كيلوغرام تقريبا من خشب الاركان والخروب معا ولا يزال الشجر المقطوع للبلوط مثمرا ويتم تركه لمدة يومين او ثلاثة ليجف قليلا لحمله بواسطة الدواب الى الأعلى في شحنات متتالية لحملها لمكان آخر استعداد الحرق وإنتاج الفحم. عاينا بمنطقة أخرى تدعى ( تلعينت اوفلوس) وجود (كوشات) كثيرة وهي أماكن تستعمل للحرق المكشوف المباشر عند الغروب وفي جنح الليل لكميات كبيرة من خشب الأشجار المختلفة والمختلطة، (كوشات) موزعة بين أماكن مختلفة توجد بها بقايا الفحم يبدو انها استعملت في فترة بعيدة نوع ما ، كما عاينا فرنيين مهدمين من طرف المصلحة الجهوية الدرك الملكي سعة كل واحد منها طن من الخشب لإنتاج الفحم الخشبي بمنطقة (اكي ايغيل)، فيماعثرنا على فرن كبير المساحة وقمنا بتدميره بمكان يوجد في الطرف الثاني يفصلهم وادي بمكان سري مخبئ بعناية فائقة عن الأنظار، و تأكدنا من اجتثاث كميات كبيرة من شجر الأركان من الأسفل وبمناطق متفرقة بواسطة سواطير وأدوات حادة وتأكد كذلك وجود كميات كبيرة من شجر الخروب والبلوط المقطوع المعد والمهيئ للحرق كما ضبطنا بداخل الفرن أكياس بيضاء وأدوات معدة لعمليات الحرق وملابس خاصة بهذه العمليات اللاقانونية وبرميل اخضر سعته حوالي 30 لتر يرجح انه يستعمل للغاز لإشعال النار في الخشب او الماء لاطفاء الحريق. في اليوم الموالي بتاريخ 6يناير 2015 على الساعة الثانية عشر قام المرشد برفقة فرقة البيئة التابعة للدرك الملكي بفتح تحقيق جديد وبتمشيط للاماكن التي قمنا بتصويرها واكتشفوا اختفاء الحطب بكامله، مما يدل على عمل ليلي طويل لإخفاء معالم الجريمة التي سجلناها بعدساتنا ووثقنا أماكنها، والتي عاينتها وصورتها الفرقة عند عودتنا لتكتشف في اليوم الموالي اختفاء الخشب بشكل كامل. الساكنة بتحريض من جهات قامت بقطع الطريق أمام بيت احد مضيفينا وتهديدنا وحرماننا من الخروج بوضع متاريس وأحجار بعد استشعارهم خطورة وجودنا. بعد استشعارهم تحركنا البيئي بمناطق عديدة وعدم تقبلهم الأمر وتدمير الأفران وتصوير الخشب قامت الساكنة بتحريض مباشر من أشخاص بعين المكان، بشكل مفاجئ بمهاجمتنا وسط صياح وصراخ بوضع حواجز من الأحجار وحمل عصي وأحجار ومنعنا من المغادرة وحرماننا من حقنا القانوني والدستوري في حرية التنقل بعد قيام ما بواجبنا البيئي، فيما يشبه قانون الغاب والسيبا، ووضع أحجار كبيرة أمام السيارة والقيام بالسب والقذف، واتهامنا بأننا ننتحل صفة رجال الدرك بزي مدني مزيفين، وقمنا في حينها بالاتصال وبإبلاغ الدرك الملكي مصلحة البيئة عن خطورة الوضع الذي يهدد حياتنا وحياة المضيف حيث حظروا لعين المكان من اجل حمايتنا من بطش وهمجية بعض الأفراد المسعورين، ورغم محاولة الدرك تهدئة الأمر بادر بعض المحرضين الى نعتنا باللصوص ومنعونا من الخروج جميعا فيما يشبه العصيان المدني لرجال الدرك والقانون، ونحن نتفهم أسباب ثورتهم طالبنا النشطاء بضبط النفس والابتعاد والدخول الى بيت مضيفنا الى حين التحاق رجال الدرك لمنطقة ايموزار الذين حلوا بعين المكان مع رجل سلطة، وقد تم حجزنا ومنعنا وتهديدنا من التحرك منذ الساعة الخامسة والنصف الى حدود الحادية عشر ليلا، وبهذا العمل المواطن تكشف بييزاج ان حماية البيئة ليس بالأمر الهين حيث يعرض النشطاء وعملنا الميداني المواطن للخطر والتهديد، الذي لا يثنينا على مواصلة التصدي لمظاهر الانحراف البيئي وذلك خلال الزيارات المفاجئة للحصول على الإثباتات الميدانية وتقديمها للسلطات المختصة لما فيه مصلحة البلد التي تتناقض أحيانا كثيرة مع مصلحة أشخاص ألفوا العمل خارج القانون لدرجة أنهم يؤسسون قانون ودويلة صغيرة ضدا على قوانين وهيبة وشخص الدولة والمؤسسات وهو ما نرفضه جملة وتفصيلا. خلاصة مما خلصت إليه الجمعية ان المنطقة الحبلية تعاني اجتثاث متنامي للثروة الغابوية وللرصيد الوطني من أشجار الاركان والخروب والبلوط الذكر الذي اختفت منه كميات كبيرة، واختفي في أجزاء كثيرة بالمنحدرات السفلية، واجتتات أماكن وتحويل هذه الثروة الى فحم ليس معدا للاستعمال المنزلي او حطب التدفئة كما كنا نعتقد، بما انه يتواجد على بعد كبير من الدوار وبأماكن سرية ومناطق وعرة يصعب اكتشافها من دون وجود دليل له خبرة بالتضاريس والجغرافية المحلية، وهو شيء يصعب كذلك محاربته في غياب تكثيف إجراءات او تنظيم هذه الظاهرة الخطيرة بالقانون في إطار تعاونية تحترم معايير الحفاظ على الثروة الغابوية، المناطق الجبلية مناطق خارج التنمية وتعاني الهشاشة والإقصاء والفقر، ويبقى السبيل الوحيد لكسب العيش للساكنة الجبلية هو الاشتغال خارج القانون في إنتاج الفحم الخشبي او قطع النباتات الطبية كالزعتر بكميات كبيرة وإعادة بيعها وما يسببه ذلك من خطورة بيئية جد معقدة مع تدهور الغطاء النباتي وانجراف التربة واندلاع حرائق الغابات المهولة، كما ان اعتماد التنمية البشرية في هذه الدواوير في إطار منظم لتربية المعز او تربية النحل واستغلال الأعشاب العطرية الطبية واستغلال منتج البلوط والخروب والأركان هو السبيل الأمثل للقضاء على منتجي الفحم العشوائيين دون ان ننسى الإطار القانوني والزجر للحفاظ على هيبة الدولة ومؤسساتها وممتلكاتها من العبث والدمار البيئي الخطير، ولا يفوتنا في الأخير التنويه الكبير لروح المواطنة والمسؤولية ورابطة الجأش التي أبان عنها عناصر الدرك الملكي، في القيادة الحهوية باكادير، وبشكل خاص لدرك قيادة إيموزار ادوتنان، والفرقة البيئية الجهوية للدرك باكادير الذين هبوا لنجدتنا من هذا الاحتجاز القسري واللاقانوني، والعصيان المدني، بمناطق وعرة وفي ظروف خطيرة تفاديا لما لا يحمد عقباه دفاعا عن ثروتنا الغابوية من العبث والمخاطر، وحماية لرصيدها الطبيعي الفريد من مظاهر التخريب والدمار.