في كل مناسبة عيد اضحى يستحضر سكان كلميمة كيف تحولت فرحة العيد إلى عذاب و معاناة و ايام جحيم لن ينسى ، أكتوبر من سنة 1981 سيظل راسخا في أذهان كل من عايش الفترة التي كان "المخزن" عدو المغاربة الأحرار الأول بعد استقلالهم. سيتذكر المغاربة طويلا المرحوم إدريس البصري رجل الدولة القوي و الأمر الناهي في البلاد بعد المرحوم الحسن الثاني الذي فوض له أنذاك صلاحيات واسعة و الذي لم يسلم من بطش رجالاته تقريبا اي مغربي ، قبل 33 سنة من الأن و في مثل هذه المناسبة اصدر أوامره الصارمة لرجاله ليعيثوا فسادا في كلميمة الثائرة على قرارت "القصر" الذي أعلن إلغاء مراسيم عيد الأضحى بسبب موجة الجفاف التي اجتاحت المغرب حيث خاطب المغفور له الحسن الثاني شعبه بأنه سينوب عنهم في ذبح أضحية العيد. قبل اسابيع فتحت يومية المساء في شخص الزميل محمد أحداد ملف تعذيب الحسن الثاني للمغاربة الذين رفضوا الامثتال لقراره القاضي بعدم ذبح الأكباش في عيد الأضحى لأنه سينوب شخصيا عن كل المغاربة ، و أثار الملف زوبعة كبيرة خاصة أنه حمل مجموعة من الحقائق المثيرة التي عاشتها المنطقة في ظل بطش المخزن. أمر إذن القصر الملكي المغاربة بإلغاء كافة مراسيم الاحتفال بالعيد ، وحده الحسن الثاني قرر ذبح الأضحية نيابة عن شعبه و هو أمر لم يرق لسكان كلميمة كما عديد المغاربة ، و كرد فعل غاضب من سكان الأخيرة قاموا بذبح كلاب و علقوها على ابواب القصر الملكي ، و في غمرة ذلك، أصيب المخزن وسكان كلميمة على حد سواء بالذهول يوم عيد الأضحى سنة 1981 لما وجدوا كلابا مذبوحة علقت على أبواب قصرين في المدينة، فهم الأمر من لدن "المخزن القوي" أنه عصيان لأوامر أمير المؤمنين و تمرد صريح على السلطة المركزية، فيما لم يصدق السكان أن في بلدتهم الهادئة هدوء الواحات في الليل من يقدر على فعل ذلك ، فكان بديهيا أن يرد المخزن بطريقته على هذا التمرد و ينتقم من كل من سولت له نفسه عصيان الأوامر الملكية. قبل ذلك كان هناك استفتاء شعبي بالمغرب خاص بتمديد الولاية البرلمانية لتصبح 6 سنوات عوض 4 حيث قاطعت مدينة كلميمة هذا الاستفتاء بل الأذهى من هذا صوت أغلب سكانها ب "لا" على الاستفتاء ، ليس هذا وحده بل كانوا ضد استفتاء أخر تعلق بتخفيض سن ولي العهد و هو الأمر الذي لم يرق للقصر الذي وجد في قضية ذبح "الكلاب" و تعليقها على القصر فرصة لرد الصاع صاعين و "تهذيب" ساكنة المنطقة و تطويعها ، حيث و في رمشة عين اختفى فجأة نصف سكان المنطقة عن الأنظار ، اختطاف و اعتقال و تعذيب و تنكيل و عقاب جماعي على كل ما سبق. أمر البصري رجالاته الشداد الغلاظ بمختلف عتادهم الخفيف و الثقيل بالتوجه إلى كلميمة ليعيد الاعتبار لكلمة "القصر" التي يجب أن لا تعصى ، فرائحة التمرد بدأت تفوح من المنطقة و هو أمر يعشق القيام به الفقيه البصري المختص في مثل هكذا أمور فجاءت الأوامر سريعة من طرف كل أجهزة الدولة لتعذيب كل من حامت حوله الشكوك بالتورط في ذبح الكلاب و تعليقها و كتابة العبارات المسيئة للنظام ، كان "المخزن" إلى ذلك اليوم يحمل في ذهنه ذكريات سيئة عن سكان المدينة الذين وجهت إليهم أصابع الاتهام بكونهم كانوا يريدون قلب النظام خاصة أن الصناديق المخصصة للاستفتاء كل مرة تعود للرباط فارغة عن آخرها. شهادات صادمة و حقائق مؤلمة نقلها ملف المساء الساخن ، و مباشرة بعد نهاية الإعتقالات و عودة الأمور ليد "المخزن" بدأت محنة أخرى أبطالها مواطنون و دركيون و رجال أمن و بعض أصحاب النفوس الضيقة، فالتصقت بالمعتقلين عبارات من مثل "دباحة الكلاب" و "خرجتو على الشرع" و "مساخيط سيدنا" ، و هي العبارات التي حفرت عميقا في نفوسهم. أصبح يشار إلى سكان كلميمة بكونهم مارقون و خارجون عن القانون و متمردون على نظام الحسن الثاني بسبب اضحية عيد، و في كل سفرياتهم يحسبون ألف حساب للإفصاح عن المدينة التي ينحدرون منها ، لقد حدث مرات عديدة أن أوقفتهم حواجز الدرك و الشرطة و أهانتهم بعبارات مسيئة لشيء يقولون إنهم لم يفعلون، و إن الذي فعله لم يظهر إلى يومنا هذا ، أبناؤهم الذين نشؤوا في جو مشحون و حملوا مأساة أبنائهم بكل قسوتها و تولد لديهم حقد لا شعوري على السلطة ، كيف لا و هم يحدقون في أجساد آبائهم المعلولة و في كلامهم الدائم عن المحن التي عاشوها في مراكز الاعتقال. هي إذن ذكرى لا تنسى حدثت في مثل هاته المناسبة ، أكيد سيتذكرها المغاربة الذين عايشوا الفترة حينما ألغى الملك الحسن الثاني مراسيم عيد الاضحى ، ذكرى ستظل موشومة طويلا في ذاكرة من عايش النظام السابق في شخص المغفور له الحسن الثاني و المرحوم البصري و رجالات المخزن التي طالت أياديهم كل شيء