في شهر اكتوبر من سنة 1981 ن وبينما كان المغاربة يهمون بالغحتفال بعيد الاضحى ن كانت مأساة حقيقية تحلق فوق رؤوس أهل كلميمة وتنغص عليهم عيشهم وتفسد أجواء الفرح بالعيد . اجتمعت كل المتناقضات يومها عند أهل الكلميمة ، ففي عز الفرح عاشوا اليأس وسحقتهم ماكينة البصري التي لم ينجى منها أحد ، كل مافي الامر ان الملك الراحل الحسن الثاني اعلن قبل حلول عيد الاضحى لسنة 1981 أنه اعتبارا لحلة الجفاف التي اجتاحت المغرب ن لن يقدر المغاربة على ذبح الأضاحي حفاظا على الثروة الحيوانية المغربية وسيكتفي ، كامير المؤمنين بذبح كبشين إحياءا للسنة الإبراهيمية . يوم العيد استفاقت مدينة تحاصرها الجبال من كل اتجاه على وقع الخبر التالي ، " مجهولون يذبحون كلبين ويعلقانهما علة قصرين بالمدينة ". فجاءت الاوامر سريعة من طرف كل أجهزةالدولة لتعذيب كل من حامت حوله الشكوك بالتورط في ذبح الكلاب وتعليقعا وكتابة العبارات المسيئة للنظام .كان " المخزن" إلى ذلك اليوم يحمل في ذهنه ذكريات سيئة عن سكان المدينة ، الذين وجهت إليهم أصابع الإتهام بكونهم كانوا يريدون قلب النظام ن بل لان الصناديق المخصصة للإستفتاء على تمديد الولاية البرلمانية لتصبح ست سنوات بدل أربع سنوات عام 1980 ن عادت فارغة عن أخرها . وكذلك حملة الإعتقالات التي دشنتها عناصر الدرك الملكي ، في الساعة الواحدة ظهرا كما تقول الشهادات لم تستثن أحدا ، إذ تحولت كلميمة إلى سجن كبير الكل مدان حتى تثبت برائته والبراءة بكل تأكيد لن تثبت حتى مرور عشرة أو عشرين يوما من الإعتقال والتعذيب المهين. بدات القصة باعتقال الجزار الذي كان يعمل ب"فم القصر" بتهمة محاولة محو أثار التعليقات التي نحتت على الجدار ، والحال أنالشيخ هو الذي أوعز له بفعل ذلك " درءا للفضيحة" .تقول زوجة الجزار "بنحساين هدة" ،" الذنب الوحيد الذي اقترفه الجزار هو أنه قام بمسح تلك العبارات بطريقة تلقائية ، لأنه كان أميا ولايعرف أي شئ عن مضامين ماكتب على الحائط . اقتادوه ب"وحشية" إلى مركز الدرك الملكي ، وبقي هناك عشرة أيام تعرض خلالها للصعق الكهربائي. بعد الجزار حان دور اعتقال الشبان الصغار لا تتجاوز أعمارهم في تلك الفترة 18 ربيعا ، قدم أعوان السلطة المنتشرون في كل مكان تقريرا مفصلا عن الشباب الذي يجتمعون في الليل وعن نوعية الأنشطة التي يزاولونها ، وحدد بشكل دقيق أماكن تواجدهم وحتى نوعية " الجوانات" والكحول التي يشربونها خلسة حينما تأوي البلدة إلى الصمت. في غمرة ذلك استدعي كل الشباب إلى التحقيق ومورس ضدهم التعذيب لإنتزاع الإعترافات والإقرار بدورهم في تعليق الكلاب ، إذ انصبت كل أسئلة التحقيق على الأنشطة التي يزاولونها في الليل وعن نوعية النقاشات الدائرة بينهم ، في التصريحات التي أدلى بها هؤلاء الشباب في محاضر صرحوا [ان لاصلة بينهم وبين ماكتب وهناك من اعترف تحت الضغط الرهيب أن أعضاء حزب التقدم والإشتراكية كانت تصرفاتهم مشبوهة وتثير الكثير من الشكوك. تواصلت "العصا الغليظة" مع السكان مدينة كلميمة والتحقت أفواج جديدة بمكتب التحقيق وحاصرت أسئلة المحققين مرفوقة بوابل من السباب والشتم والضرب والركل سكان الكمنطة والكل في زحمة هذا النقع الكثيف صار متهما قمة الغرابة ظهرت عندما شرعت قوات الدرك الملكي بالبحث عن أطول سكان مدينة كلميمة ، نظرا لأن الكتابات الحائطية كانت في مستوى عال من القصرين الإثنين.في المرحلة التالية طلب من أعوان السلطة أن ياتوا بلائحة الطلبة لذين يدرسون خارج المدينة ، إذ كان يسود الإعتقاد لدى " المخزن أن هؤلاء الطلبة الحاملين للفكر الثوري من الممكن أن يقوموا بتعليق الكلاب وتوجيه رسائل سياسية " لمن يهمه الأمر" . والذي لم يفهمه " المخزن أن العبارات المنحوتة بالصباغة صيغت بجمل ركيكة وب×طأ لغوي فادح يجمع بين المثنى والجمع بمعنى أنه إذا كان الطلبة حقا وراء الكتابة فليس بمستطاعهم أن يسقطوا في خطأ مثل هذا ، اللهم إذا كانت هناك حيلة للتمويه خشية بطش السلطة. وحسب تصريحات الضحايا فإن تعليق الكلاب على القصرين ،كان فعلا مدبرا من طرف الأجهزة السرية نفسهاوهو الطرح الذي يدافع عنه الشرويطي المرغادي.(ملف الأسبوع 22-23مارس ).