من حق مقدمة البرامج الفنية السابقة، فاطمة الإفريقي، أن تسير وراء رفيقها، ظالما كان أو مظلوما؛ ومن حق صاحب جريدة "أخبار اليوم"، توفيق بوعشرين، أن يركب، كعادته، على موضوع استدعاء زميله صاحب موقع "لكم"، ويعطي قراءته الخاصة للاستدعاء والتحقيق مع أنوزلا، في محاولة لتحويل وتحوير موضوع النازلة، علما أنه وسائر الزملاء يعلمون علم اليقين المحبرة التي يكتب منها صاحب الموقع المذكور مقالاته. ومن حق أي كان أن يقول ما كان وما لم يكن في زمن تشابه واختلاط الأقلام علينا. كل يغرف مما شاء من دون أن يعرف ماذا في قعر "الخابية". إنه زمن تحول الحرية إلى "تخربيق". فاللهم خفف ما نزل. لا يجادل أحد في حرية التعبير وإبداء الرأي؛ كما لا يجادل أحد في أن هامش هذه الحرية في بلادنا ازداد رحابة واتساعا من ذي قبل، ولا ينكر هذا إلا جاحد أو من لم يعش فترات الرقابة وإحصاء الأنفاس، خاصة الجيل الجديد الوافد على مهنة المتاعب الذي ليس على اطلاع تام بالأجواء والظروف التي كان يشتغل فيها زملاء الأمس الذين منهم من قضى ومنهم من مازال يواصل نضاله المستميت في هذه المهنة. لكن لا يجادل أحد أيضا في الفرق الشاسع بين حرية التعبير وإبداء الرأي وبين استغلال هذه الحرية للتحامل على الوطن، والإصرار فقط على النظر إلى النصف الفارغ من الكأس. ألا يستحق وطننا شيئا آخر سوى الجلد والسلخ الذي يمارسه يوميا بعض الزملاء؟ أليس هذا وطننا جميعا، يفرض علينا واجب الانتماء إليه وحمل هويته وثقافته وحضارته و"ريحته"، أن نكون في مقدمة المدافعين عنه ورد كيد الكائدين له – وما أكثرهم في محيطنا -؟ إن الحرية سلاح ذو حدين كما تعلمنا ذلك منذ الصغر. يمكن أن تفيدك، ويمكن أن ترتد عليك. ولاشك أن فاطمة الإفريقي التي نراها تلهث وراء البحث عن بطولة زائفة، وتوفيق بوعشرين المهووس بالبحث عن السبق الصحافي ولو كان في جهنم، وغيرهم ممن يتعاطون للكتابة (وليس الخواطر والارتسامات) من دون إعطائها ما تستحق وما تفرض من توقير واحترام وطهر وقدسية... يدركون تمام الإدراك أن الكتابة جمرة يحملها صاحبها بين كفيه ولا يفتأ ينفخ عليها، بين الحين والآخر، من أجل التلطيف من حدة لهيبها، تجنبا للاحتراق. أما من لا يعرف هذا، فدعه في غيه قابعا بينما القطار انطلق على المحطة القادمة من دون أن يشعر به. فرق بين أن نقول "اللهم خفف ما نزل" وبين أن نتعمد تعقيد الأمور ولا نراعي إِلاًّولا ذِمَّةً إزاء الوطن والمواطنين.