ألكاتراز، أوشوايا، بورت آرثر.. سجون قديمة كانت تشتهر يوما بقسوتها إلا أنها لا تزال حتى الآن تداعب فضول مئات السائحين سنويا والذين يحصلون على تجربة فريدة بحق في التعرف على شكل حياة السجناء، بل أن البعض يذهب أبعد من ذلك حيث يروق له تناول وجبة ما أو النزول في فندق "يتبع أحد السجون". — - يحرص كل من يزور مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية على أن يرى سجن "ألكاتراز" الغامض والشهير الذي تقول الأسطورة إن أحدا لم يتمكن من الفرار منه مطلقا. — - يمكن لأي شخص الاستماع إلى الروايات المليئة بأحداث الموت والتعذيب والسجناء الخطرين وتأمل بعض الصور في سجن "أوشوايا" بالأرجنتين الذي شيده أول 23 سجينا به. — - في سجن "بورت آرثر" بجزيرة تسمانيا الأسترالية يمكن للزائر فور دخول المكان رؤية الحارس وهو يقرأ القواعد الداخلية وقوانين السجن مثلما كان يحدث عند وصول أي سجين جديد. — - وصل الهوس بسياحة السجون إلى حد وجود مطعم يحمل اسم "ألكاتراز" في العاصمة اليابانية طوكيو حيث يتم تقديم الطعام إلى النزلاء من "خلف الأسوار". كثيرون منا يشعرون بأنهم أسرى روتين الحياة اليومية ويرغبون في تجربة جديدة ومثيرة تكسر حدة هذا الروتين..البعض يفكر في إجازة على أحد الشواطىء الشهيرة، وآخرون قد يتوجون إلى الريف، ووصل البعض بآخرين أن يبادروا بحجز دورهم في رحلة للفضاء..ولكن هل فكرت أن يوما ان تهرب من قيود الروتين اليومي لتجد نفسك خلف قضبان واحد من السجون التاريخية الضخمة بأنظمتها الأمنية المشددة وذكرياتها المرعبة؟ إذا كنت بالفعل تمتلك الجرأة لخوض هذه التجربة التي تتنازل فيها بمحض إرادتك عن حريتك لبضع ساعات، فالأمر ليس صعبا على الإطلاق، حيث أصبح قضاء العطلات في زيارة السجون القديمة ذات السمعة العالمية والأنظمة الأمنية الصارمة نوعا شائعا من السياحة في الدول التي تحتفظ على أراضيها بمثل هذا النوع من السجون. فكل من يزور مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية مثلا يحرص على أن يرى سجن "ألكاتراز" الغامض والشهير الذي تقول الأسطورة إن أحدا لم يتمكن من الفرار منه مطلقا، ويعرف عن السجن الشهير صرامة النظام الداخلي وخطورة السجناء فيه وقد أغلق أبوابه عام 1963 بعد هروب أحد السجناء منه، إلا أنه يعتقد أن قرار إغلاقه تم توقيعه منذ فترة قبلها نظرا لارتفاع تكاليف إبقائه مفتوحا. ولكن السجن عاد قبل 10 أعوام لفتح أبوابه من جديد ولكن ليس لاستقبال سجناء هذه المرة بل كمزار سياحي يفد إليه آلاف الزائرين سنويا لكي يشبعوا فضولهم بالتعرف على كيف كانت الحياة في ذلك السجن الرهيب في السابق. ومن "ألكاتراز" بالولايات المتحدة إلى الأرجنتين وتحديدا في منطقة بتاجونيا على بعد أمتار قليلة من "قناة بيجلي"، يقع بناء من الحجارة كان قديما سجن "أوشوايا" الذي شيده أول 23 نزيلا في السجن والذي كان أقصى عدد للسجناء به هو 800 شخص، وقد تم إغلاقه باعتبار أنه كان يسيء إلى صورة المدينة. ويمكن لأي شخص زيارة السجن والاستماع إلى الروايات المليئة بأحداث الموت والتعذيب والسجناء الخطرين وتأمل بعض الصور الخاصة بتلك الفترة. أما سجن "بورت آرثر" في جزيرة تسمانيا الأسترالية والشهير بالأساليب القذرة، فيعتبر ضمن السجون الرائدة في تطبيق التعذيب النفسي حيث تم إنشاء مبنى تابع له يحمل اسم "سيبيريت بريزون"عام 1850 حيث كان يتم فصل السجناء عن طريق جدران من الحجارة. ولا يزال السجن يحتفظ بكافة تفاصيله الجمالية حيث يمكن للزائر فور دخول المكان رؤية الحارس وهو يقرأ القواعد الداخلية وقوانين السجن مثلما كان يحدث عند وصول أي سجين جديد، لذا فإن السائحين يحظون بتجربة نادرة عند زيارتهم لهذا السجن القديم الذي يعرض أيضا زيارات ليلية خاصة لمن يملكون قلوبا صحيحة إلى الأماكن، التي وفقا لروايات سكان المنطقة، لازالت تسكنها أرواح السجناء الذي ماتوا من التعذيب. ولكن ماذا عن السجون المخصصة لاستقبال المشاهير؟ فقد تحولت إلى ما يشبه الفنادق شديدة الفخامة وتم تزويدها بأحدث وسائل الرفاهية والمتعة. ولعل أبرز السجون السياحية رفاهية هو ذلك الذي يحمل اسم "ليبرتي هوتيل" ويقع في ولاية بوسطن الأمريكية وهو مركز تاريخي يطل على أحد الأنهار وتم إنشاؤه عام 1851 وتتمتع غرفه بكافة وسائل التسلية. وفي العاصمة السلوفينية ليوبليانا تم بناء سجنا عسكريا عام 1883 في عهد الإمبراطورية المجرية، وقد تحول هذا السجن بعد انفصال سلوفينيا عن اتحاد الجمهوريات اليوغوسلافية عام 1991، إلى نزل ومزار باسم "هوستل سيليكا" وتم تزيين زنزاناته ال20 بديكورات متباينة التصميمات فضلا عن إقامة معرض فني في الطابق السفلي حيث تجرى أنشطة ثقافية متعددة. ولكن يبدو أن السجون التي كان يقبع فيها عتاة الإجرام لم تعد وحدها مصدر جذب للسائحين، فقد وصل الهوس بسياحة السجون إلى حد وجود مطعم يحمل اسم "ألكاتراز" في العاصمة اليابانية طوكيو حيث يتم تقديم الطعام إلى النزلاء من "خلف الأسوار". فالمطعم يمتاز بالديكور المعتم والمليء بالرسومات وجو يوحي للعملاء كما لو كانوا سجناء محكوم عليهم بالإعدام وفي انتظار وجبتهم الأخيرة قبل إعدامهم. كما يوجد في بريطانيا مطعما ملحقا بسجن "سوري" ويحمل اسم "ذا كلينك" وهو يبدو مطعما عاديا خاصة وأنه يمكن لعملائه الاستمتاع بتناول وجبتهم التي يقدمها لهم "السجناء"، وذلك في إطار برنامج لإعادة تأهيل السجناء.وسواء كان السجن تاريخيا أو ما زال يعمل، فإن سياحة السجون تعطي فكرة عامة عن شكل الحياة بين أربعة جدران.