أجمعت مصادر متطابقة على استحالة إجراء انتخابات مبكرة، وقالت المصادر ذاتها إن المغرب في حاجة إلى عشرة أشهر على الأقل، بعد الاستفتاء العام على الدستور الذي سينظم في شتنبر المقبل، من أجل إجراء الانتخابات التشريعية، وأكدت المصادر ذاتها أن المغرب يمر بمرحلة دقيقة، في تاريخه السياسي، خصوصا بعد خطاب 9 مارس التاريخي الذي أعلن فيه جلالة الملك عن إصلاحات جذرية في الدستور الحالي، مشيرة إلى أن طبيعة النقاش السياسي الدائر حاليا توحي بوجود مؤشرات على قرب حدوث انفراج سياسي، في ظل وجود نوع من التوافق حول طبيعة الإصلاحات التي سيأتي بها الدستور الجديد، وأضافت المصادر ذاتها أن الدعوة التي أطلقها البعض من أجل إجراء انتخابات مبكرة، وتنصيب مؤسسات يمكن أن تساير الوضع السياسي المقبل، لا ترتكز على أي أساس موضوعي، كونها لا تأخذ بعين الاعتبار الآليات الانتخابية التي تفرض مجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تحتاج لأكثر من ستة أشهر قبل أن تصبح نهائية. وكان تصريح سابق للوزير الأول عباس الفاسي أدلى به أمام أعضاء المجلس الوطني لحزب الاستقلال، ودعا من خلاله إلى إجراء انتخابات مبكرة، أثار جدلا سياسيا واسعا، بسبب طبيعة التصريح والتوقيت الذي اختاره الأمين العام لحزب الميزان من أجل الكشف عنه، وأشارت المصادر ذاتها إلى أن عباس الفاسي ارتكب خطأ استراتيجيا حين انتظر انعقاد المجلس الوطني لحزبه يومي 23 و24 أبريل الماضي لتفجير قنبلته، وقالت إنه كان عليه أن يناقش الأمر مع أغلبيته البرلمانية بصفته وزيرا أولا في حكومة تضم عددا من الأطياف السياسية، وأشارت المصادر إلى أن الكيفية التي أطلق بها الفاسي مقترحه بإجراء انتخابات مبكرة، أثارت حفيظة حلفائه السياسيين، بما فيهم أعضاء في حزب الاستقلال، مشددة على أن عباس الفاسي كان ملزما بفتح نقاش سياسي مع حلفائه من أجل تعميق النقاش حول حتمية إجراء انتخابات مبكرة. وأجمعت عدة أطراف سياسية وحزبية على ضرورة اتخاذ كافة الاحتياطات من أجل إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وأوضحت المصادر، أن المهم الآن هو القطع مع الممارسات السابقة، كما أنه ليس مشكلا أن تشرف الحكومة الحالية على الانتخابات المقبلة، شريطة التزامها بالإشراف النزيه عليها، وأشارت المصادر إلى أن الاستفتاء المقبل على الدستور سيفتح الباب على مصراعيه أمام نقاش سياسي معمق يمكن أن يفضي في نهاية المطاف إلى إجراء انتخابات نزيهة وفي موعدها المحدد أي شتنبر 2012، موضحة أنه لا مجال للحديث عن انتخابات مبكرة، كون البلاد لا تعيش أزمة سياسية، يمكن أن تسرع وثيرة الإجراءات الانتخابية، أو تلغي البرلمان الحالي بغرفتيه، وإقالة الحكومة الحالية. وأطلقت وزارة الداخلية حملة جديدة للتسجيل في اللوائح الانتخابية موجهة إلى الذين غيروا محلات سكناهم، أو الذين سيسجلون أنفسهم لأول مرة، وهي العملية التي ستنتهي يوم 21 ماي الجاري، وقالت المصادر إن هذه العملية هي المحطة الأولى من المسلسل الانتخابي الذي يحتاج إلى ما يقارب سنة لكي يصبح قابلا للتنفيذ. وطالبت المصادر بانتظار المصادقة على الدستور الجديد في شتنبر المقبل، من أجل تحديد مستقبل العمل السياسي في المغرب، وذهبت المصادر إلى حد التأكيد على أن الملك له وحده صلاحية اتخاذ القرار النهائي بشأن إجراء انتخابات مبكرة، مشددة على أنه في حال تقرر الاستمرار على نفس الوثيرة، فإن النقاش الوحيد الذي سيطرح، هو الجهة التي ستوكل لها عملية الإشراف على الانتخابات المقبلة، وإن اختلفت الرؤية بين الأطراف السياسية، حيث ذهبت بعض الجهات إلى التأكيد على استمرار الحكومة الحالية في الإشراف على العملية الانتخابية حتى النهاية، فيما جهات أخرى ترى ضرورة تعيين حكومة محايدة لتدبير المرحلة المقبلة، وترى هذه الجهة أن هناك مغامرة حقيقية للذهاب إلى الانتخابات بنفس الأفكار ونفس العقلية، مما يتطلب تعميق النقاش السياسي حول طبيعة المرحلة المقبلة. وذهبت المصادر إلى القول إن النخبة السياسية الحالية لا تملك بوصلة العمل، وأوضحت أنه حتى في حال اتخاذ قرار بإجراء انتخابات مبكرة فإنها لن تجري في سنة 2011، وعددت المصادر الأسباب وراء صعوبة تنظيمها، في ضيق الوقت الفاصل بين الاستفتاء على الدستور الجديد ونهاية السنة، إلى جانب التغييرات التي ستحدث على قانون الأحزاب، والقانون الانتخابي والإعداد لهذه الانتخابات من قبل الأحزاب السياسية، وهو ما يعني أن أي انتخابات مبكرة لا يمكن أن تجري قبل مارس المقبل، أي خمسة أشهر فقط عن التاريخ المحدد لإجراء الانتخابات التشريعية.