مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الاعلام الإيطالي يواكب بقوة قرار بنما تعليق علاقاتها مع البوليساريو: انتصار للدبلوماسية المغربية    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز بوينغ 787-9 دريملاينر    مؤتمر الطب العام بطنجة: تعزيز دور الطبيب العام في إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    السلطات البلجيكية ترحل عشرات المهاجرين إلى المغرب    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    طنجة.. ندوة تناقش قضية الوحدة الترابية بعيون صحراوية    وفاة رجل أعمال بقطاع النسيج بطنجة في حادث مأساوي خلال رحلة صيد بإقليم شفشاون    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    دعوات لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين بالمدارس والجامعات والتصدي للتطبيع التربوي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



'منتدى 90 دقيقة للإقناع' يواكب النقاش العمومي حول تعديل الدستور

في إطار مواكبة النقاش العمومي حول الإصلاحات السياسية والدستورية، التي أعلن عنها جلالة الملك محمد السادس، في خطاب 9 مارس الماضي، وبعد استضافة ممثلين عن حركة 20 فبراير والمجتمع المدني، ثم الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، ونبيلة منيب، عضوة المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، ولحسن الداودي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، استقبل "منتدى "90 دقيقة للإقناع"، الذي تنظمه مجموعة ماروك سوار، الأسبوع الماضي، كلا من بثينة العراقي، عضوة المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، وعبد السلام العزيز، الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، ومصطفى المشهوري، عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية.
واستهلك ضيوف المنتدى أزيد من ساعتين، متجاوزين التسعين دقيقة، في الرد على أسئلة صحافيي المجموعة، التي دارت حول قراءة المشهد السياسي، وموقع الأحزاب في الإصلاحات، والخطوط العريضة للمقترحات المقدمة إلى اللجنة المكلفة بإعادة صياغة الدستور.
* في بداية هذا النقاش، ما هي قراءاتكم للوضع الراهن في المغرب؟
بثينة العراقي
ما يمكنني قوله انطلاقا من تجربتي السياسية القصيرة، التي لا تتجاوز حوالي أربع سنوات، والتي مكنتني مع ذلك من الاحتكاك بالمشهد السياسي وفهم الدينامية، التي تعرفها البلاد، إن الفترة، التي نعيشها اليوم، يمكن وصفها ب"التحول التاريخي" للمشهد السياسي ببلادنا، الذي له حوالي 50 سنة من التجربة السياسية الغنية، التي عرفت فترات مشرقة، وأخرى غير مشرقة، وأظن أن ما نعيشه اليوم، وخلال الأيام المقبلة، سيسجله التاريخ.
مصطفى المشهوري
أعتقد أن المغرب دخل عهد التغيير منذ بضعة شهور، دون أن ننسى الإصلاحات، التي انطلقت منذ عشرات السنين، غير أن ما وقع في العالم العربي عجل بإصلاحات جذرية على المستوى الوطني، بفعل صحوة الشبيبة المغربية، التي لعبت دورا، لم تقم به الأحزاب السياسية، وكل ما نفعله اليوم على مستوى الأحزاب السياسية، وكل ما تقوم به جمعيات المجتمع المدني، هو نتاج لدينامية تعرفها البلاد، دون أن أنسى الإشارة إلى أن عددا من الدول العربية تعاني اليوم، ارتباطا بما حدث في تونس مثلا أو في مصر.
بالمقابل، كان هناك تعامل واع مع اللحظة في المغرب، سواء من قبل الأحزاب السياسية أو جمعيات المجتمع المدني، وهناك وعي لدى الأحزاب بأنها لم تكن في الموعد، وأظن أن الدينامية، التي يعرفها المغرب اليوم، ستعطي نتائج إيجابية جدا في الشهور المقبلة.
عبد السلام العزيز
أعتقد أن العالم العربي، بشكل عام، يعيش حراكا سياسيا ومجتمعيا، وما يحدث اليوم، هو انتقال من الدولة التقليدانية نحو الدولة العصرية الديمقراطية، وأظن أن هذا التغيير سيشمل جل الدول العربية، سواء على المدى القريب أو المتوسط أو المدى البعيد، وأعتبر أن ما نعيشه اليوم لحظات تاريخية، ستسمح بأن تلج الدول العربية، كباقي دول العالم، إلى الديمقراطية.
بالنسبة لنا، كمؤتمر وطني اتحادي، وكتحالف لليسار الديمقراطي (يضم هذا التحالف أحزاب المؤتمر الوطني الاتحادي، والاشتراكي الموحد) أكدنا، منذ البداية، وحتى قبل حركة 20 فبراير بشكل واضح، أن المغرب، ككل الدول العربية، سيعرف تحولات عميقة على مستوى البنيات السياسية والمؤسساتية، مع الإشارة إلى أننا، كحزب، صاحبنا هذه الحركة (20 فبراير)، ونحن نعيش رفقة الشباب، إضافة إلى باقي إخواننا في تحالف اليسار الديمقراطي، هذه التجربة غنية في تاريخنا النضالي.
إن المغاربة خرجوا، اليوم، للتعبير بشكل سلمي وحضاري، وأعتقد أن هذا هو ما ينبغي أن نسميه ب"الاستثناء المغربي"، فالمواطنون، خاصة الشباب، نزلوا إلى الشارع، وحملوا شعارات مسؤولة، ولم يسيئوا إلى النظام العام، وطالبوا بالإصلاح على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وأعتقد أن المغرب يعيش لحظة تاريخية، وهو ما سيدفعنا، إذا أحسنا التعامل معها، إلى الأمام، من أجل تأسيس دولة ديمقراطية، وأعتقد أن الشعب المغربي يستحق الديمقراطية.
وكما لاحظنا جميعا، يتحدث المغاربة اليوم عن الدستور ويتناظرون سياسيا، ويجب ألا نعتقد أن عزوف المغاربة بحوالي نسبة 70 أو 80 في المائة عن الشأن السياسي يعني أن المغاربة غير مهتمين بالواقع السياسي، بل، على العكس، يجب توفير الجو الملائم، وآنذاك سنحصل على النتائج المرجوة.
* أين يكمن المشكل؟ لأننا اعتقدنا في وقت ما أن المغاربة، شبابا وشيوخا، لا يهتمون بالشأن السياسي؟
- العزيز: نعم، بالتأكيد...
- العراقي: (مقاطعة) أعتقد أن مسألة العزوف السياسي ليست فقط ظاهرة مغربية، وأضرب مثالا ببلد، كثيرا ما نقارن بلدنا به، هو فرنسا، فما هي نسبة المشاركة في الانتخابات الفرنسية؟ إنها نسبة ضعيفة جدا، مقارنة مع المشاركة في الانتخابات المغربية.
- العزيز: (مقاطعا) هذه القضية تخص الانتخابات المحلية في فرنسا فقط، وليس الرئاسية، التي يتجاوز عدد المشاركين فيها 70 في المائة.
- العراقي: ما ينبغي تسجيله اليوم، وهو ما يهمنا، هو تحديد موقعنا اليوم، وكيف سيكون مستقبلنا؟
إن المعطى الجديد، هو أننا نفكر مع الشباب، ومن خلال فكر الشباب، وعبر الإمكانات التواصلية للشباب، وأعتقد أن على الشباب التفكير في المستقبل، فهناك إجماع وطني على الإصلاحات الدستورية، التي أعلن عنها جلالة الملك في خطاب 9 مارس 2011، وما ينبغي التأكيد عليه، هو أن هذه المبادرة السياسية لا تعني، فقط، الأحزاب السياسية، بل حتى النقابات. وقرأت، من خلال عدد من الجرائد، أن هناك ندوات للاستماع ستعقد، وهذه ثقافة جديدة على الفكر المغربي. كما ستجري استشارة عدد من المكونات، التي لم تستشر سابقا، وهذا مهم في الساحة السياسية، لأن الكل مطالب بإبداء رأيه، وهذا شيء إيجابي في المرحلة الراهنة، لأنه سيجيب لنا عن مسألة العزوف، وسيعيد المواطنين إلى الاهتمام بالشأن العام، أي لا يكفي أن يحتجوا، أو أن يذهبوا للتصويت، بل عليهم المساهمة بأفكارهم واقتراحاتهم في تعديل الدستور.
- المشهوري: إن عدم تصويت المغاربة، وأساسا الشباب في الاستحقاقات الانتخابية، راجع إلى أن الوسائل المستعملة لم تكن جيدة، ف"الفايسبوك"، وغير ذلك من الوسائط المعلوماتية كشفت أن الأحزاب السياسية لم تكن في الموعد، ولم تستطع احتضان الشباب في سن الخامسة والعشرين، وأظن أننا، جميعا، فوجئنا بحركة 20 فبراير، ولما نقول جميعا، أعني الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني...
وجد هؤلاء الشباب اليوم وسائل جديدة للتعبير عن أنفسهم وعن همومهم، ولتمرير أفكارهم، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن المشاكل معروفة من قبل الجميع، لكن الوسائل المستخدمة، إلى حدود اليوم، من طرف الأحزاب السياسية، تبقى تقليدية وعتيقة جدا، ما لم يمكنها من التواصل مع هذه الشريحة، ولم تعط النتائج المرجوة.
إن الشباب عبروا عن أنفسهم بطريقة خاصة، ورفعوا مجموعة من القضايا والمشاكل، وأقول إن 90 في المائة من المغاربة، ومنهم الشباب، طرحوا مشاكل عدة، رغم أنهم لم يدخلوا في التفاصيل، واكتفوا برفع عدد من الشعارات، والأمر المهم، في نظري، هو أنه، بعد بضعة شهور، وقع الإنصات لهذه الحركة من طرف الجميع، وهناك أشياء إيجابية جدا جاؤوا بها، استأثرت بانتباه الرأي العام والأحزاب السياسية، كما أن هناك أشياء ليست من طبيعة المجتمع أو النظام السياسي المغربي، لكن هذا لا يمنع من أن المغرب شهد دينامية سياسية إيجابية جدا، وابتعدنا، ولله الحمد، عما تعيشه بعض الدول العربية من مشاكل معقدة جدا وصعبة.
وأؤكد أن جلالة الملك كان في الموعد، كما عودنا دائما، من خلال إنصاته وقربه من نبض الشارع، وأعتقد أن خطاب 9 مارس كان منتظرا، وما يحدث اليوم في المغرب، والعمل الذي نحن بصدد إنجازه على مستوى الأحزاب السياسية، وكذلك على مستوى المجتمع المدني والنقابات، أمر إيجابي جدا.
- العزيز: بالنسبة لسؤال العزوف، لا أعتقد أن المسألة راجعة فقط إلى قضية الإمكانات، أو الحديث عن أن الناس، سنة 2007، لم يتمكنوا من التنقل من أجل التصويت. أعتقد أن هناك مشكلا سياسيا، ونحن كنا نقول دائما إن هناك أزمة مصداقية في مؤسساتنا، وفي البرلمان، ووسائل الإعلام. هذه المؤسسات تبدو كأنها ليست لديها مصداقية، وكذلك المواطنون، لم تعد لهم ثقة في أي شيء، وهذا هو السبب وراء عدم ذهاب المواطنين إلى مكاتب التصويت، فعدم انتقال المواطنين لم يأت لأنهم لا يعرفون التعامل مع الإنترنت أو الفايسبوك، بل لأنهم لا يرون جدوى وراء تصويتهم، وإذا قمنا بملاحظة بسيطة حول من هي الشريحة، التي لم تصوت، نجد أنها الطبقة الوسطى، والشباب أساسا، لأن القوانين الانتخابية ولأن الخطاب السياسي المهيمن، من بين العوامل التي تدفع الناس إلى فقدان الثقة.
وأتمنى أن نسير، بفضل هذه الدينامية الجديدة، إلى الأمام، وأن نعيد الأمل للشباب وللطبقة الوسطى لإقناعهم، بأن التصويت لا يعني فئة معينة من المواطنين دون غيرها، وأعتقد أن ما ينبغي فعله بعد الاستفتاء على الدستور، هو إعادة الثقة للمواطنين في العمل السياسي.
العراقي: هناك مسألة تقنية مرتبطة بالعزوف، يجب التركيز عليها، وهي أن عملا تقنيا ينتظرنا، من خلال ضرورة منح إمكانية التصويت عن طريق الوكالة أو التفويض، فالطلبة، الذين يدرسون بالرباط، وبطاقتهم الوطنية تحمل عناوينهم بمدينة طانطان مثلا، يحرمون من حقهم في التصويت، وهناك عدد من الشكايات في هذا الشأن، استمعت لها في هذا المجال من خلال عدد من الإذاعات، وأعتقد أن هناك عددا كبيرا من الشباب لم يتمكنوا من التنقل من أجل التصويت، وهذه مسألة تقنية، لكنها أساسية. إن اللوائح الانتخابية لاستحقاقات 2012، يجب أن تكون مفتوحة، فلماذا يجب انتظار سنة 2012 لفتحها؟ وأعتقد أن هناك مسائل عدة تقنية، وتفاصيل أخرى بهذا الخصوص.
- العزيز: (مقاطعا) طالما طالبنا بلجنة مستقلة لإدارة الانتخابات، لأنه ليست لدينا حقيقة الثقة في وزارة الداخلية للإشراف على الانتخابات، ويجب، كما هو معمول به في باقي الدول، تعيين لجنة وطنية، تضم رجالا وطنيين ونزهاء، ليسهروا على العملية الانتخابية، بدءا من القوانين الانتخابية، وصولا إلى إعلان النتائج.
المشهوري: من خلال تجربتي في الحملات الانتخابية، أعتقد أنه، لتحفيز الناخبين على التصويت، يجب أن يكون هناك عمل تعبوي ومصداقية، وأتفق أنه إذا لم يكن المرشح نزيها، فإن المشكل يظل قائما، ذلك أن المسألة لا ترتبط بالحزب السياسي أو ببرنامجه، بقدر ما ترتبط بالأشخاص، لأن الناس لا يؤمنون بالأحزاب وبرامجها، ويثقون ويراهنون على الأشخاص، وإذا كان الشخص صريحا وواضحا ونزيها، سيقبل الناس على صناديق الاقتراع، ولن أتحدث عن تجربتي الشخصية، لأنني حصلت، في سنة 2007، على أعلى معدل على الصعيد الوطني، بنسبة 67 في المائة من المشاركة.
إذن، يجب أن يكون المرشح نزيها وذا مصداقية وشريفا وجديا، يهتم بخدمة المواطن، سواء على المستوى المحلي أو الوطني (من خلال البرلمان)، وهناك بعض الهفوات، إذ اتصلت شخصيا بجمعية "دابا 2007"، التي أشرفت على عملية تحسيس المواطنين من أجل التصويت في انتخابات 2007 التشريعية، لأخبرهم أن ما حاولوا إيصاله، وأن طريقة تعبئة المغاربة للمشاركة في استحقاقات 2007، كانت عكس الانتظارات.
- العزيز: اسمحوا لي، عندما نتحدث عن المصداقية، لا نتحدث بالضرورة عن الأشخاص، بل عن الأحزاب السياسية، ونتحدث، كذلك، عن المصداقية المؤسساتية، لأن ما نعيشه اليوم، هو، في نهاية الأمر، نتيجة لضعف الأحزاب، ونحن نريد، اليوم، النهوض بالأحزاب وبالبرامج، لأن المواطنين يصوتون من أجل برنامج معين.
* بشأن التفاعل مع ما طرحته حول الخطاب الموجه، هل بلغت الأحزاب السياسية أقصى حدودها، من خلال المقترحات، التي تقدمت بها الخاصة بالتعديلات الدستورية، كما أراد جلالة الملك في خطابه، الذي طالب الأحزاب بالتحلي بالجرأة والشجاعة في مقترحاتها؟
العراقي: مقترحاتنا في التعديلات الدستورية، في حزب التجمع الوطني للأحرار، تضمنت نقطا، اقتنعنا جيدا بها داخل الحزب، ونعتبرها أساسية، ولم تكن هناك أي نقطة أردنا إدراجها في التعديلات ولم ندرجها، ونحن مقتنعون جدا بما اقترحناه، ولم نتحدث، مثلا، في كل ما له علاقة بالملكية، لأنها محط إجماع داخل حزب التجمع الوطني للأحرار، المرتاح اليوم في هذا الموقع، واقترحنا مجموعة من التعديلات، التي أمددنا بها اللجنة، ولم نكن محصورين أو مقيدين في مقترحات التعديلات، كما نقرأ في بعض الجرائد، التي تقول، مثلا "بغض النظر عن الحزب الفلاني الذي اقترح كذا وكذا، فالحزب الفلاني الآخر بقي مقيدا ومحتشما في مقترحاته".
هذا كلام غير مقبول، فما الذي تطالبنا به وسائل الإعلام؟ أن نقدم مقترحات خارقة من أجل أن تعتبرنا أبطالا؟ نحن واعون جيدا، وعلى معرفة تامة بالمواطنين وببلدنا، ونحن أناس مسؤولون، ولا نقوم بالبهرجة أو الفلكلور، ونعرف جيدا نوع الملابس، التي تلائمنا كحزب، وأيضا ما يلزمنا من اختيارات مناسبة.
- العزيز: اسمحوا لي أن أشير إلى أن جميع الأحزاب السياسية المغربية تعاني مجموعة من الأعطاب، فعندما نتحدث عن أن أحزاب الأغلبية، أو التي تفوز في الانتخابات، لا نطرح السؤال "بأي طريقة"؟ ليس هذا موضوعنا، لكن المشكل يكمن في أن ما نسميه ب"الأحزاب الكبرى" ليست جريئة ولا تطرح المشاكل الحقيقية للمغرب، في المقابل، نجد أحزابا سياسية جادة محرومة، ويمارس عليها تعتيم بسبب مواقفها الجريئة.
في ما يخص الفصل 19 من الدستور، هناك حقيقة إشكال، وإذا أردتم التأكد منه، ما عليكم إلا العودة إلى ما كتبه محمد المعتصم في كتب عدة سابقا، وما قاله رئيس اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، عبد اللطيف المانوني، بشأنه.
بالنسبة لنا، الملك أمير المؤمنين، يجب أن تبقى الكلمة مقصورة على الحقل الديني، فقط، وما تبقى من صلاحيات، يجب أن تنسجم مع ما سيأتي في الدستور، نحن نريد أن نجعل الملك، الذي يحبه كل المغاربة، فوق الصراع السياسي، من خلال تحويل الملكية من ملكية تنفيذية إلى ملكية ضامنة للمؤسسات، وضامنة للحرية وضامنة للاستقلال.
المشهوري: أريد التعقيب على هذه النقطة، أعتقد، من خلال قراءتي لليوميات المغربية، أن النقاش السياسي داخل الأحزاب السياسية متقدم جدا، بل فوجئنا باتخاذ قرارات جريئة لبعض الأحزاب السياسية على صفحات الجرائد، وأعتقد أن النقاش تجاوز حتى بعض الخطوط الحمراء. وكنقطة ثانية، كل الأحزاب السياسية، عموما، احترمت، في المقترحات التي قدمتها إلى اللجنة الخطاب الملكي ليوم 9 مارس 2011، الذي كان بمثابة خارطة طريق.
عموما، احترمنا هذه الخارطة، لكن، مع ذلك لم نأخذ فكرة واضحة عن تصورات باقي التيارات، باستثناء ما ورد في بعض الجرائد، ومازالت الصورة غير واضحة، والمهم، أن جميع المقترحات وضعت أمام الرأي العام، ثم إن هذا المستوى دعانا إلى وضع خارطة طريق عامة، ولم ندخل في التفاصيل، وبغض النظر عن الفصل 19 والفصول المتعلقة بالهوية الوطنية والأمازيغية، أعتقد أن ما تبقى من المقترحات ورد في خطاب 9 مارس.
* بعد الخطاب الملكي التاريخي، الذي وضع خارطة طريق واضحة للإصلاحات الدستورية، ولم يرسم حدودا معينة، ودعانا إلى الاجتهاد، نشأت مباشرة بعده مجموعة من الحركات الشبابية الجديدة بشكل كبير، وعوض الانكباب على مضامين الخطاب والاشتغال في مجال التعديلات الدستورية، جاءت هذه الحركات، فما رأيكم في هذه الظاهرة؟
- العزيز: بالنسبة لنا، حركة 20 فبراير إيجابية، وقدمت أشياء عدة للمغرب، وحركت الدينامية المجتمعية، واليوم هناك احتمالان، فإما أن نسمح بخروج حركات شبابية أخرى، وهو ما سيكون اختيارا خاطئا سياسيا وقاتلا، على اعتبار أن الناس، الذين يخرجون هم مع الإصلاح، فإذا خرج أناس آخرون، ماذا سيقولون؟ نحن مع الفساد؟
إذن، هذه مسألة غير منطقية، وهو ما يعطي انطباعا وكأن المغاربة منقسمون حول الملكية وهذا أمر غير صحيح، وينبغي الحذر منه، فقبل خطوة 20 فبراير، توصلنا، رفقة رفاقنا في تحالف اليسار الديمقراطي، برسالة من والي الرباط، يحملنا فيها المسؤولية عن كل ما يمكن أن يحدث يوم 20 فبراير، واستقبلنا وزير الداخلية في ما بعد، ليحذرنا من هذه الخطوة ويحملنا المسؤولية.
أعتقد أن هذه الحركة الجديدة ستحرف النقاش، وسنصبح في وضع آخر، لسنا في حاجة إليه، فنحن نريد أن يحدث انتقال ديمقراطي في المغرب بطريقة سلمية وسلسة، ودون أضرار، خصوصا أن هناك إرادة سياسية للإصلاح، فلماذا نؤسس مثل هذه الحركات؟
إن الأمر الأساسي أن هؤلاء الشباب، وأخص بالذكر حركة 20 فبراير، تضم شبابا من تنظيمات يسارية، وشبابا من تنظيمات سياسية أخرى، إضافة إلى شباب مبادر، وهو شباب غير مسيس، أو مسيس وغير منتم، ويجتمع هذا الشباب حوالي 3 مرات في الأسبوع، وفتحنا لهم مقراتنا كما، فعل إخواننا الآخرون لعقد اجتماعاتهم ومناقشة أشكالهم النضالية. ونحن، مثلا، في حزب المؤتمر الوطني الاتحادي، قررنا منح الشباب استقلالهم الذاتي، وتسيير شؤونهم بأنفسهم، ولم نرد احتواءهم ونظهر وكأننا نحن من يحرك ذلك كأحزاب، أردنا منح هذه الحركة نوعا من الاستقلالية، وقد يكون هناك من يريد احتواءها، ونحن ضد الاحتواء.
المشهوري: حركة 20 فبراير كانت حركة واحدة، إلى حدود 20 مارس، ثم أصبحت هناك حركة كل يوم أحد، وكانت هناك بعض الانزلاقات، لكن المغرب تمكن من ضبطها واحتوائها. وبعد 20 مارس، أصبحت هناك حركات أخرى، وفي مدن أخرى، متوسطة أو صغرى، حيث يخرج الشباب حاملين مطالب أخرى، لم تحملها حركة 20 فبراير. وهناك بعض الأحزاب السياسية وبعض الجماعات، كجماعة "العدل والإحسان"، استغلت الحركة لأغراضها، وتبين، بعد 20 مارس، أنه أصبحت هناك مطالب أخرى، يمكن أن أسميها جرأة جديدة لهذه الحركات في مطالبها، إذ بدأنا نشاهد بعض الصور تحمل أسماء أشخاص بعينهم... وهذا ما لم تأت حركة 20 فبراير من أجله.
- العزيز: (مقاطعا)، لا، بل إن حركة 20 فبراير هي صاحبة هذه الفكرة، وفي تنسيقية الرباط للحركة، مثلا، حملت صور عدة لأشخاص وأسماء من رموز الفساد.
- المشهوري: أنا أتحدث عن الصور، التي صنعت بكيفية معينة، وأشير إلى نقطة أخرى، هي أن هذه الصور أصبح فيها نوع من تصفية الحسابات، كما أن هناك جهات دخلت على الخط، في محاولة لتشويه سمعة عدد من الشخصيات، وهناك أسماء وصور لا علاقة لها بالمشكل المطروح على الصعيد الوطني، هذه شخصية فلانية في مدينة معينة، يجب تشويه سمعتها! أنا ضد مثل هذه التصرفات، و20 فبراير، أو 20 مارس، يجب أن تتحدث عن الوضعية الوطنية، وليس عن وضعية الأشخاص. إذا كانت بعض الأسماء متورطة، فهناك طرق أخرى لطرح قضاياها. لقد كان هناك نوع من الجرأة، وأنا، شخصيا، خرجت في 20 فبراير و20 مارس و3 أبريل، ولاحظت أنه كان هناك تصاعد تدريجي في المطالب، وعندما أزور مواقع الجرائد الإلكترونية، ألاحظ، مثلا من خلال الصور، التي حملها المتظاهرون خاصة في المدينة، التي أنتمي إليها، أي بني ملال، أن الأمور، التي جاءت في ما بعد لا علاقة لها ب 20 فبراير.
الأمر المهم بالنسبة لي، أنه بعد 20 فبراير، وبعد تلك المنزلقات، جميع المسيرات كانت منضبطة في أوقاتها، ومرت في جو سلمي وحضاري، وهذا ما يشجع الناس على الخروج، لأنه لم تظهر أي منزلقات، وحتى الأحزاب والحركات والأمن، نجحت في مهمتها.
العراقي: أريد فقط أن أطلعكم على بعض الأرقام، ففي سنة 2009، بلغ عدد الاحتجاجات 100 مسيرة، وفي سنة 2010، حوالي 1600 مسيرة، ولا نتوفر على أرقام سنة 2011، أوردت هذه الأرقام كي أوضح أن هناك شكلا جديدا من الاحتجاج في المغرب، فمع مجيء حركة 20 فبراير، كان الكل متخوفا، واستحضر الكل التجربتين التونسية والمصرية، أمام 10 سنوات من بناء نظام اقتصادي، واجتماعي طموح جدا. الكل كان متخوفا من الحركة، إذ حضرت في وعينا وفي تاريخنا لحظات دامية وثورات، كانت تعني القتل والتكسير، كانتفاضة سنة 1981 في الدارالبيضاء، لكن الجديد اليوم، هو أن هناك تاريخا مغربيا جديدا.
أذكر أن يهوديا برازيليا كان في مدينة الرباط، أخيرا، من أجل زيارة عائلته، وعند زيارته ساحة البرلمان ورؤيته للاحتجاجات، أصيب بالذعر، فأخبره أحد أفراد عائلته أن هؤلاء يحضرون منذ مدة للاحتجاج، دون أن يكسروا ولو مجرد زجاجة، فقال: عندنا، في أمريكا اللاتينية، إذا كان مثل هذا النوع من الاحتجاجات، يكسر ويحرق عدد من السيارات.
إذن، يمكن القول إن المغاربة ناضجون اليوم أكثر مما كنا نتوقع، وتعلموا الاحتجاج بشكل سلمي وحضاري.
هناك حركات كانت ميتة قبل 20 فبراير، واليوم، استعادت الحياة. يجب منح الحرية والاستقلالية لهؤلاء الشباب، لأن ما حدث، جعل أحزابنا السياسية تطرح أسئلة عميقة.
هل ستعيد هذه الحركة الأحزاب الصغرى للواجهة؟ لأن الشباب فقدوا الثقة في الأحزاب الكبرى، وستطرح أسئلة حول وجودها ودورها. هل هذه الحركة ليست بمثابة هدية ستستغلها الأحزاب الصغرى؟
- العزيز: نحن، كتحالف اليسار الديمقراطي (أحزاب المؤتمر الوطني الاتحادي، والطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والاشتراكي الموحد) عبرنا عن دعمنا للحركة انطلاقا من أول اجتماع تنسيقي لها، في 13 فبراير 2010، ولا أعتقد أن لدينا رغبة في الركوب على هذه الحركة واحتوائها، لأنها تتمتع باستقلالية تامة، فلهؤلاء الشباب مطالب واضحة، قررنا دعمها، كالديمقراطية، وفضح الفساد والرشوة، والعدالة والاجتماعية.
* لماذا لا تجتمعون من أجل تشكيل قوة سياسية معينة؟
- العزيز: لم لا؟ ولا أستبعد ذلك.
المشهوري: أعتقد أن النظام السياسي المغربي تغير منذ 10 سنوات، وهو ما دفع الأحزاب السياسية إلى تحمل مسؤوليتها، سواء كأغلبية، وكأحزاب وطنية، وما حدث داخل الحركة الشعبية وحزب الأحرار أعتقد أنه يدخل في هذا الإطار، وفي التغيير السياسي، الذي يشهده المغرب، ومنذ نهاية فبراير قررنا، في حزبنا، في إطار سياسة القرب، الإنصات للمواطنين، وكما قال العزيز، من الصعب احتواء هؤلاء الشباب، وهو أمر صعب، وحاولنا، كأحزاب الحركة الشعبية، والأحرار، والاتحاد الدستوري، والاتحاد الاشتراكي، فتح قنوات التواصل مع هؤلاء الشباب، لكننا لم ننجح، لأن شبيبة 20 فبراير، أو "الفايسبوك"، لم تعد لها ثقة في النظام الكلاسيكي للأحزاب.
يقول هؤلاء الشباب: نحن اليوم هنا، نخرج للتظاهر في الشارع، ولسنا في حاجة إلى أحزاب لتستغل حركتنا. لكن، للأسف، لا يمكن لهؤلاء الشباب الاشتغال بشكل منظم وصحيح، إلا داخل الأحزاب السياسية، وإذا كانت الأحزاب السياسية بهذا الشكل، فهذه مسؤوليتها كي تنخرط وتحاول إحداث التغيير.
* سأحاول الرجوع بكم قليلا إلى الوراء، قلتم إن الشباب لعبوا دورا لم تستطع الأحزاب السياسية أداءه، فلماذا لم تلعب الأحزاب السياسية هذا الدور؟
المشهوري: عندما نتتبع المشهد السياسي المغربي، نفهم عددا من الأشياء، وسبق أن راسلنا جلالة الملك في شأن بعض الإصلاحات، لكننا اعتمدنا، شيئا ما، على وسائل وعلى قنوات كلاسيكية، من خلال مراسلة ديوان جلالة الملك. إذن، هناك قنوات تقليدية، يلجأ إليها كل حزب لتمرير مجموعة من الرسائل، وهذا حدث منذ دستور 1996.
المعطى الجديد اليوم، هو مجيء حركة 20 فبراير. والإصلاحات والشعارات، التي رفعتها، حركت الجميع.
- العراقي: أنا أتكلم بالأرقام والمعطيات، هل كنا نتوقع حدوث ارتفاع وتطور في العديد من المجالات؟ في المغرب، لا يوجد عندنا بترول، وبالمقابل، يسير المغرب بخطى سليمة، واستطاع أن ينخرط في سياسات جريئة، منها مشروع الطاقة المتجددة، كما انخرط منذ سنوات، في سياسة الإصلاح، فالتعليم لا يمكن إصلاحه في مدة وجيزة، بعد التراكمات السلبية، التي واكبت السياسات الوزارية الخاصة بالتعليم خلال السنوات الماضية.
نحن شعب بلغ معدلات محترمة في التنمية، دون توفره على مصادر الطاقة، التي توجد بالعديد من دول الجوار.
ويجب، أيضا، استحضار وجود أزمة مالية عالمية، سيصعب معها بلوغ معدلات التنمية المرجوة، خاصة تلك التي رفعت خلال مسيرات ووقفات حركة 20 فبراير.
لقد انخرط المغرب، منذ 10 سنوات، في الأوراش الكبرى، التي يقودها صاحب الجلالة، والحكومة تقول إننا ننخرط في هذه الأوراش ، التي لا يمكن نفي أنها نجحت، وهذا ما نعاينه اليوم من إصلاحات كبرى.
وهناك مواطنون متخوفون، بعد المصادقة على الدستور الجديد، الذي سيقوي صلاحيات الوزير الأول والحكومة والبرلمان، مقابل تقلص هامش المؤسسة الملكية. فهل سيكون للمغرب، في الفترة المقبلة، الدينامية نفسها كما في العقد الماضي؟ وما هي الإجابات والضمانات، التي يمكن تقديمها للمواطن المغربي؟
- المشهوري: عندما نتكلم عن السياسة الاقتصادية، هذا يبين أن هناك صلة تربط السياسة بالاقتصاد، واليوم، إذ وصلنا إلى درجة تقدم في السياسة، يجب استحضار أن الاقتصاد هو الذي منحها هذه النجاعة. وبفضل التقدم الاقتصادي، حقق المغرب مجموعة من النجاحات في مجالات عديدة.
ويجب استحضار أن تقدم المغرب وانخراطه الناجح في سياسات الأوراش الكبرى، جرى التحضير له منذ حكومة التناوب التوافقي، سنة 1998، إذ وضع الملك الراحل الحسن الثاني، الاستراتيجيات الكبرى لوضع جلالة الملك محمد السادس على الطريق الصحيح.
والاستمرارية نفسها، حافظ عليها الوزير الأول السابق، إدريس جطو، الذي اشتغلت بجانبه من سنة 2002 إلى 2007، ولاحظت التركيز الكبير، المعمول به طيلة خمس سنوات على المجال الاقتصادي.
أود التأكيد أن الاعتماد على الاقتصاد لوحده لن يحد من باقي العوائق ،التي تواجه المغرب.
بخصوص حركة 20 فبراير، التي أحترمها وأقدر الحركية التي أحدثتها في المغرب، أعتقد أنهم غير واعين بما فيه الكفاية بمضمون اللعبة السياسية في جوهرها، فعلى سبيل المثال، طالبوا بحل الحكومة والبرلمان، ويوم 20 مارس، قابلت بعض الشباب، وسألتهم عن الفصل 19 من الدستور، وإمارة المؤمنين، والفرق بين الملكية الدستورية والملكية البرلمانية، ومن خلال كل الإجابات، التي أدلوا بها في هذا السياق، قلت لهم إن مقترحاتكم تتماشى في جوهرها، مع الملكية الدستورية.
- العزيز: صحيح أن صاحب الجلالة انخرط في ورش للإصلاح، قوامه بالأساس الأوراش الكبرى المعمول بها حاليا، وهيئة الإنصاف والمصالحة... ولا أحد يمكنه المناقشة في هذه المواضيع.
لكن، منذ أربع أو خمس سنوات، لاحظ معظم المتتبعين حدوث تراجع في حصيلة المكتسبات، التي راكمها المغرب في الفترة الأخيرة، فالمغرب لا يمكنه أن يعتمد، فقط، على الأوراش الكبرى، وعلى العقار والسياحة، والإيرادات المالية للجالية المغربية المقيمة بالخارج. مقابل ذلك، هناك تراجعات مهولة في الصحة والتعليم، وتفشي مظاهر الفقر. أعتبر أن الحكومة مسؤولة عن هذه التراجعات، ولم تأت بحلول جذرية لمعالجة هذه الإشكالات، رغم المجهودات المبذولة.
هل يتماشى التقدم مع السياسة، أو مع السياسة السلطوية؟ في نظري، الديمقراطية هي التي ستسمح لنا بإحقاق مظاهر التقدم.
* كأحزاب، ما هي مضامين المذكرات السياسية، التي انكببتم على إعدادها منذ خطاب 9 مارس؟
المشهوري: بالنسبة لحزب الحركة الشعبية، لم يكن لنا الوقت الكافي لإعداد المذكرة الدستورية الخاصة بالحزب، بين الخطاب الملكي لتاسع مارس الماضي، والموعد الذي حددته لنا اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور. لقد حرصنا على إعداد وثيقة دستورية غنية بالأفكار، شارك فيها مجموعة من أعضاء وخبراء حزب الحركة الشعبية، وقدمناها في الوقت المحدد.
وتضمنت الوثيقة الدستورية الخاصة بالحزب ثلاثة محاور رئيسية، أولا، مبادئ الدين والحوزة الترابية، والنظام الملكي، وهذا مهم. ثانيا، تطرقنا لموضوع اللغة الأمازيغية لإقرارها في الدستور كلغة رسمية.
* اشرح لنا آلية إقرار الأمازيغية لغة رسمية؟
المشهوري: أنا مواطن مغربي، أتقن العربية والأمازيغية والفرنسية والانجليزية والإسبانية. أنا لست أمازيغي، أنا مواطن مغربي.
وبالنسبة لنا في الحزب، منذ خطاب أجدير، سنة 2001، وإقرار حرف تيفيناغ، وتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أصبحت الأمازيغية لغة رسمية. وفي خطاب 9 مارس، تطرق صاحب الجلالة إلى إقرار الأمازيغية كمكون للثقافة المغربية.
وفي النقطة الثالثة، نحن متفقون حول مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا. وتضمنت المذكرة الدستورية أفكارا مفصلة حول الجهوية الموسعة وآليات تدبيرها، وإعطاء صلاحيات أوسع لمؤسسة الوزير الأول والحكومة والبرلمان، فضلا عن توسيع مساحة اشتغال المجلس الحكومي. وبجانب ذلك، شددنا على ضرورة احتفاظ صاحب الجلالة بسلطات رمزية، منها تعيين السفراء، والولاة والعمال، والقوات المسلحة الملكية.
* ما هي مقترحات التجمع الوطني للأحرار في اجتماعه مع لجنة مراجعة الدستور؟
- العراقي: دعا حزب التجمع الوطني للأحرار في المذكرة الدستورية إلى تخفيض عدد أعضاء الحكومة إلى عشرين وزيرا، في إطار عقلنة المناصب الوزارية، موازاة مع تحقيق الفعالية والنجاعة في الأداء. كما طالبنا، في المذكرة، التي عرضناها أمام اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور، بالتنصيص على أن الوزير الأول يعين من طرف جلالة الملك، من الحزب الفائز بالرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، مؤكدين على ضرورة وضع مسطرة دستورية، تحدد المدة الزمنية لإجراء المشاورات، وتشكيل الحكومة من طرف الوزير الأول المعين، كما اعتبرنا أنه، في حال عدم توفق الوزير الأول في تشكيل الحكومة، يعين الملك وزيرا أول جديدا على أساس نتائج الاقتراع.
وجديد المذكرة الدستورية الخاصة بحزب التجمع الوطني للأحرار، أنها تطالب بتضمين الدستور الجديد المرتقب بندا ينص على حصر نسبة العجز المالي السنوي في حدود 3 في المائة. كما تضمنت مذكرتنا المطالبة بمنح الأجانب المقيمين بالمغرب، بصفة قانونية، الحق في المشاركة في الانتخابات الجماعية، شرط أن يجري ذلك وفق اتفاقيات ثنائية، تضمن المعاملة بالمثل لصالح مغاربة المهجر، مع العمل على التكريس الدستوري للمجلس الأعلى للجالية.
وأكد الحزب ضرورة مراجعة تشكيلة مجلس المستشارين، لتضم أعضاء يمثلون المجالس الجهوية والجماعية، وأعضاء يمثلون الجالية المغربية المقيمة بالخارج. ودعا إلى إحالة مشاريع القوانين على مجلس النواب، واقترح أن يضطلع مجلس النواب بمهمته التشريعية في كل مجالات القانون، فيما يشرع مجلس المستشارين في مجالات محددة، بناء على القاعدة الترابية، دون أن يعني ذلك أنه لا توجد مجالات مشتركة بين المجلسين، مع التسجيل أننا دعونا إلى منح مجلس المستشارين الحق في تقديم ملتمس الرقابة، دون الحق في إسقاط الحكومة.
وشدد التجمع الوطني للأحرار على تخصيص جلسات على رأس كل شهر خلال دورتي البرلمان لتوجيه أسئلة استجوابية للوزير الأول وأعضاء الحكومة، وتلقي الأجوبة في ما يخص السياسات العمومية الوطنية والقضايا ذات الصبغة الوطنية. ودعونا إلى تحديد النصاب الواجب لتشكيل لجن تقصي الحقائق في ربع أعضاء مجلس النواب، مشددين على ضرورة التنصيص على أن الحصانة البرلمانية لا تسري على قضايا الحق العام، والتنصيص على الحق في الوصول إلى المعلومة، كما جددنا التأكيد على التكريس الدستوري لمبدأ عدم الإفلات من العقاب، وتجريم التعذيب، بجميع أشكاله.
وتقترح وثيقة الأحرار أن يترأس الملك المجلس الوزاري مرة كل ثلاثة أشهر، على الأقل، كما طالبنا بمنع تأسيس الحزب على أساس عرقي أو ديني أو جهوي، مع التنصيص على مبدأ التعددية الحزبية.
وفي إطار حرص الحزب على محاربة الترحال السياسي، طالبنا بالتنصيص على فقدان صفة منتخب، في حالة تغيير الانتماء السياسي أثناء الولاية الانتدابية. ودعا الحزب إلى ضرورة دسترة مبدأ سمو المواثيق الدولية والقانون الدولي الإنساني، بعد مصادقة البرلمان.
* وماذا عن الوثيقة الدستورية الخاصة بحزب المؤتمر الوطني الاتحادي؟
العزيز: نصت المذكرة الدستورية الأولى الخاصة بحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، على تضمين الدستور المنشود المبادئ والأسس والمرتكزات التالية:
إن المملكة المغربية دولة مدنية ديمقراطية، دينها الإسلام. والهوية المغربية ثلاثية الأبعاد، أي إسلامية، وعربية، وأمازيغية. والأمازيغية لغة وطنية. وعندما سنقول لغة رسمية، ستظهر إشكالية كيفية تطبيقها، فجميع الوثائق والمستندات يجب أن تحرر بالحرف الأمازيغي (تيفيناغ). وشخصيا، أنا عربي، وزوجتي ريفية، لكن لا يطرح بيننا أي مشكل. يمكن إقرار الأمازيغية لغة رسمية في المرحلة المقبلة.
ونصت مذكرة المؤتمر الوطني الاتحادي على التأكيد على الانتماء المغاربي الكبير والمتعدد، دون وصف أحادي، والتأكيد على التزام المغرب بحقوق الإنسان، كما هو متعارف عليها عالميا، وجعل مواثيقها مرجعا للتشريع، والتأكيد على سمو التشريعات الدولية على القوانين الوطنية، وهو ما يوجب دسترة كل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.
وفي الأحكام العامة، التنصيص على أن النظام السياسي المغربي هو نظام ملكي، برلماني ديمقراطي واجتماعي، إضافة إلى عدد من المقترحات المنشورة على الفايسبوك، ونشرت في عدد من وسائل الإعلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.