أجمع ممثلو 6 أحزاب مغربية، على خطورة الظرف السياسي الذي يمر منه المغرب، وذلك بتوقف عجلة الانتقال الديمقراطي، وانعكاسه على الصورة السلبية للمغرب في الخارج، مسجلين انزعاجهم من تدبير الحكومة والبرلمان لأحداث العيون، مرجعين السبب في ذلك إلى تدخل الإدارة وتهميش الأحزاب السياسية بل والتحكم فيها، داعين إلى القطع مع الوصاية على الأحزاب، وبدء الإصلاحات السياسية، ومحذرين من تداعيات هذا الأمر على المستقبل، ومؤكدين على أهمية بناء أقطاب حزبية حقيقية بعيدا عن تدخل الإدارة. جاء ذلك في ندوة سياسية نظمها طلبة المدرسة العليا للتدبير مساء الثلاثاء الماضي بمدينة الرباط تحت عنوان ''ماذا أضافت الأحزاب الجديدة إلى الديمقراطية بالمغرب؟''. غصت القاعة بالحضور، طلبة وأساتذة ومدعويين، الجميع أخذوا أماكنهم استعدادا للقاء، وتحت تصفيق الحضور دخل على التوالي، نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الحبيب المالكي عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، نبيلة منيب عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، محمد أوجار عضو المكتب التنفيذي لحزب التجمع الوطني للأحرار، ونجيب بلكوش عضو المكتب الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، ثم تناولت الكلمة مسيرة الندوة التي عرفت بالضيوف المؤطرين، معتذرة عن اعتذار صلاح الدين رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار الذي عوضه محمد أوجار لانشغاله في البرلمان، وعن تأخر الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، ملمحة إلى احتمال غيابه لسبب طارئ. وأثناء بسطها وزملاءها في المعهد أرضية الموضوع، بلغة فرنسية رصينة كانت هي لغة الندوة، موضحة السياق الذي يتم فيه، وأنه جزء من البرنامج التعليمي لطلبة السنة الثالثة بالمؤسسة، دخل عبد الإله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة و التنمية. فضل الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بدأ كلمته بالقول ''نحن الحزب الفائز في الانتخابات الجماعية الأخيرة داخل المدن''، وتحدث عما جرى في انتخاب عمدة طنجة الأخيرة، وكيف تم تجاوز القانون حتى تبقى الأغلبية الحالية مسيرة لمجلس مدينة طنجة، وقال بن كيران ، موضحا تحالفات حزبه بعد الانتخابات الجماعية الأخيرة '' بحثنا عن الرجال ''المعقولين'' حتى يسيروا مدننا''. وبخصوص الحالة السياسية الراهنة قال بنكيران ''هناك أطراف تحاول القضاء على الديمقراطية في المغرب''، و محذرا من هذا المسار الذي يسير'' في اتجاه الديكتاتورية المغلفة، وهذا الأمر خطير على المجتمع والأحزاب ومستقبل المغرب''، وعن الحالة الحزبية، عبر الرجل الأول في حزب المصباح، عن استيائه من الوضع، مستدلا بحالة البرلمان الحالي الذي غاب فيه السياسيون مقابل اكتساح ''الباحثين عن المال''. حزب الأصالة والمعاصرة لم يكن غائبا عن خطاب الأمين العام لحزب العدالة التنمية، الذي قال مستشهدا بما تناقلته وسائل الإعلام '' حزب الأصالة والمعاصرة مدعوم من طرف الإدارة، وهذا الدعم أوصلنا إلى أحداث العيون''، وأضاف واصفا حجم الإلتحاقات بحزب ''البام'' بأنها تجاوزت ظاهرة الترحال السياسي وأصبحت تمثل ''نزوحا جماعيا''. توجه نبيل بنعبد الله الأمين العام التقدم والاشتراكية في مداخلته إلى الذين يضخمون من حزب العدالة والتنمية ويعتبرون أن الأحزاب التقليدية قد فشلت في التصدي له، فيلجئون إلى صناعة حزب آخر لمقاومة صعود الإسلاميين بالقول'' الرجوع لله حزب العدالة والتنمية حزب عادي كجميع الأحزاب ولا يخيفنا''، و قال إن المغرب قد'' أخفق في تحقيق الانتقال الديمقراطي'' وتساءل في معرض نقاشه للحالة السياسية '' لمصلحة من يتم تهميش الأحزاب السياسية مقابل دعم حزب آخر بلا تاريخ و لا نضال ولا مشروع مجتمعي؟''. بنعبد الله شدد على ضرورة ''رفع اليد عن الأحزاب'' وتركها حرة حتى تمارس العمل السياسي حسب أدبياتها، معتبرا أن المخرج من هذه الحالة يتم عن طريق القيام '' بإصلاحات سياسية أساسية''، موضحا أن '' تأسيس الأقطاب السياسية على أساس برنامجي'' أحد المخارج الممكنة للانسداد الحاصل، مشيرا إلى أن حزب التجمع الوطني للأحرار هو الحزب الأقرب الذي يفضل التنسيق معه بهذا الشأن. قال محمد أوجار عضو اللجنة التنفيذية لحزب التجمع الوطني للأحرارفي مداخلته أثناء الندوة '' لا مشكل لدينا إذا فاز الإسلاميون في الانتخابات''، معتبرا أن نقطة الأقطاب السياسية تعد مدخلا لابد منه لإنقاذ الانتقال الديمقراطي في المغرب من ''حالة العطب''التي يعيشها، مشددا على أن هذه الحالة تأذت منها مصلحة المغرب في قضية وحدته الترابية، وتحديدا من خلال نتائج مسيرة البيضاء المليونية والتي كان ''صداها صفرا'' في الخارج، وأرجع أوجار أسباب العطب الذي يعانيه الانتقال الديمقراطي في المغرب إلى محاولة البعض ''اصطناع قواعد ديمقراطية غير موجودة في العالم''، مشددا على ضرورة العودة إلى '' القواعد الديمقراطية''، مضيفا بخصوص الأقطاب '' لقد بدأنا نحن والاتحاد الاشتراكي مشاوراتنا بشأن بناء تحالف سياسي قبل الانتخابات''. من جهته اعتبر الحبيب المالكي عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، أن حالة الفراغ التي يعيشها المغرب نتيجة منطقية للتراجع عن '' المنهجية الديمقراطية''، مؤكدا أن أي عملية إصلاحية يمكن أن يكتب لها النجاح دون '' شراكة''، داعيا إلى ''توسيع'' الكتلة الديمقراطية في أفق ''بناء قطب يساري كبير''. نبيلة منديب عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، سجلت في كلمتها أن المغرب أخفق منذ ''تراجع'' عن إقرار دستور ديمقراطي في 1996 وبالتالي فالعمل يكون بإقرار ''تعديل دستوري وسياسي'' يقر فصلا واضحا للسلط، قبل أن تضيف التنصيص فيه على ''علمانية الدولة''. كلمة الحبيب بلكوش العضو المؤسس لحزب الأصالة و المعاصرة، ركزت على الحق الدستوري في حرية تأسيس الأحزاب، مذكرا بسياق وظروف ولادة الحركة لكل الديمقراطيين ثم الحزب و''الدينامية التي أحدثها''. وشدد الحضور على أهمية الندوة ودرجة الصراحة والجرأة فيها، مؤكدين أن أمثال هذه الأجواء الديمقراطية والنقاش الحر هي تعيد الثقة إلى العملية الديمقراطية في البلاد.