من مبادئ النضال الأولى التي تعلمنا في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب أن الشعار يختزل موقفا، فالموقف بناء وليس لأزمة أغنية يرددها مخبولون، والموقف تتم صناعته في الزمان والمكان وعلى أرضية سياسية ومطلبية ووفق الإمكانات الذاتية، وكان الحساب عسيرا لهذا كان الشعار محبوكا بشكل دقيق ليختزل الموقف الذي يبني حركة. فوجئنا في اليومين الأخيرين بسياسيين وحقوقيين يجتمعون أمام سجن الزاكي بسلا للمطالبة بإطلاق سراح معتقلي السلفية الجهادية ورفعوا شعار "الشعب يريد إسقاط قانون الإرهاب"، لو كان الذين نظموا الوقفة مواطنون عاديون من أهالي السجناء لتفهمنا الموضوع الناتج عن عاطفة الارتباط الدموي ولكن أن يقودها حقوقيون يفهمون مغزى الشعار ومعناه فتلك الطامة الكبرى. فمن حق هؤلاء الحقوقيين أن يحتجوا أمام بوابة السجن أو أمام المندوبية العامة للسجون للمطالبة بتحسين ظروف الاعتقال والحوار مع المعتقلين حول قضايا تهم شروط الاعتقال وظروفه، لكن أن يرفع الحقوقيون، يا حسرة، شعارات إطلاق السراح فهذا خبال وتعبير عن تدني مستوى القادة الجدد، لماذا؟ لأن إطلاق السراح شأن تبث فيه المحكمة ويمكن للحقوقيين المذكورين وعلى رأسهم محامي معروف أن يعتصموا أمام وزارة العدل لتتخذ قرارا في الموضوع كما يمكن أن يكون السراح موضوع عفو يعرف هؤلاء مساطيره ولهم الحق في المطالبة بتغييرها. ولنا وقفتان مع شعار "الشعب يريد إسقاط قانون الإرهاب"، الأولى تتعلق بالمكان والثانية تتعلق بالتمثيلية. فمكان المطالبة خاطئ لأن هذا موضوع تشريعي ومكان المطالبة بتعديله هو الحكومة أو البرلمان. أما الثانية فإن المطالبين بإسقاط قانون الإرهاب طالبوا بذلك بإسم الشعب، فهل استشاروا الشعب؟ هناك على الأقل أصحاب الدم الذين يرفضون ذلك وهم أسر وأقرباء ضحايا أحداث 16 ماي الإرهابية ومجموعات كثيرة تطالب بإعادة النظر فيه وليس إلغاءه. فإذا كانت لدينا ملاحظات على تنفيذ قانون ما أو أسيء استعماله لا يعني أنه غير صالح خصوصا وأن المغرب اكتوى بنار الإرهاب. وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن شعار "الشعب يريد..." تحتاج إلى إعادة النظر فلا يمكن لمجموعة صغيرة أن ترفع هذا الشعار لأنه قد يكون هناك تجمع بشري يفوقها عددا يريد أشياء أخرى، ونرى أن الصواب هو أن يتم رفع شعارات تنتسب للمجموعات وهي شعارات لها كل المعقولية ما دامت تعبر عن وجهة نظر، لكن لما نرفع شعارا بإسم الشعب فإنه يتم تخوين كل شعار معارض له وهذا ضرب لأسس الديمقراطية والتغيير التي نهض الكل الآن ليطالب بها ومن أسسها الرئيسية القبول بالاختلاف ومنه هو أيضا الاختلاف في النظر إلى موضوع التغيير وأساليبه. وإذا من حق الجميع التظاهر والاحتجاج ورفع الشعارات فالمطلوب فقط أن يكون شعارا مختزلا لموقف المجموعة التي ترفعه، ولا أحد مخول للحديث بإسم الشعب لأن من بينه مجموعات لها مطالب أخرى ومنها مجموعات وضعت برنامجا راديكاليا للتغيير لكنها تختلف عن غيرها من المجموعات.