اعتقلت الشرطة الإسبانية ما يزيد عن مائة شخص اليوم في جميع أنحاء البلاد للمشاركة في أعمال شغب خلال الإضراب العام الذي تنظمه النقابات احتجاجا على إصلاح قانون العمل الذي أقرته حكومة خوسيه لويس رودريجث ثاباتيرو. ووقعت الاعتقالات في مدن مدريد وبرشلونة وبالنسيا واستورياس واقليمي جاليثيا والاندلس. واضطرت الشرطة في بلدة جيتافي بالعاصمة مدريد إلى إطلاق أعيرة نارية في الهواء عقب قيام مجموعة من المضربين بالتعدي على عامل في مصنع كان يحاول الدخول إليه. وإزاء ذلك الاعتداء، اضطرت الشرطة إلى التدخل وبعد الخروج من المصنع اكتشفوا أن اثنين من الشرطيين لا يزالان بداخل المصنع مغلق الأبواب. وتعرض الشرطيين للضرب واللكمات وسط إطلاق النار في الهواء من الخارج في محاولة لتخويف العمال الغاضبين. وأوضح مسئولو الحكومة في البلدة انه نجم عن الحادث إصابة ستة أشخاص : العامل وخمسة من أفراد الشرطة حاولوا فض الاشتباكات. وألقت الشرطة القبض على 38 شخصا على الأقل في مدريد خلال الساعات ال12 الأولى من الإضراب، حسبما قالت ممثلة الحكومة في إقليممدريد أمبارو بالكارسي. وشهدت مدينة برشلونة أعمال شغب خطيرة وأحداث عنف سببتها جماعات متشددة أسفرت عن اعتقال 43 شخصا، بينما اعتقل عشرة أشخاص في إقليم الأندلس بجنوب البلاد. فيما شهدت مدينة بالنسيا (شرق) اشتباكات عندما واجه ما يزيد عن مائة شخص الشرطة بالقرب من مكتب البريد، واعتقل في جاليثيا بشمال البلاد 12 من المضربين للمشاركة في أعمال عنف والاعتداء على القوات الأمنية بينما وقعت في استورياس اشتباكات وقطع للطرق. وشهدت الساعات الأولى من الإضراب العام اليوم قطع الطرق المؤدية للأسواق الرئيسية وتوقف مختلف الدرجات في بعض القطاعات الصناعية والخدمية. وأكدت الحكومة أن الساعات الأولى من الإضراب الذي بدأ منتصف الليلة الماضية مرت وسط مناخ قائم على الاحترام ودون وقوع حوادث تذكر. وقطعت مجموعات المضربين الطريق على شاحنات الأسواق الرئيسية في كبرى المدن الإسبانية ومنها مدريد وبرشلونة وإشبيلية وبالنسيا، طبقا لما أكدته ل(إفي) مصادر نقابية. وقامت مجموعة مكونة من 600 شخصا بمنع تحرك الشاحنات نحو (ميركامدريد)، وهو من أكبر أسواق التزود بالمنتجات في إسبانيا. كما شكلت مجموعات المضربين في برشلونة حواجز من الإطارات المشتعلة لمنع مرور شاحنات وسيارات النقل. وأبرزت النقابات أن نسبة المشاركة في الإضراب في المصانع الكبرى للحديد والصلب وأعمال البنية التحتية مرتفعة للغاية. وأكدت مصادر نقابية أن أغلبية العاملين في نوبة العمل الليلية بكبرى مصانع السيارات شاركوا في الإضراب العام، حيث توقفت الأنشطة بشكل كامل. وبالنسبة لقطاع النقل، أكدت الحكومة أن ثلاث حافلات تعرضت لإلقاء الحجارة بمدينة بالنسيا بشرق إسبانيا، في حين توقفت حركة رحلات القطارات الطويلة بمقاطعة ألميريا بجنوب البلاد. وأما لوسائل الإعلام والقنوات الإقليمية فإن قناة (تيلي مدريد) قطعت إرسالها بداية من منتصف الليل، في حين أن قنوات أخرى مثل (كتالونيا) و(كنال سور) و(تي في 3) عانت من انقطاعات متعددة في الإرسال. ولم يتم منع إصدار أي جريدة بسبب الإضراب، إلا أن كل الصحف خرجت بعدد صفحات أقل، عقب أن قامت الجرائد بتقديم موعد الإضراب إلى أمس الثلاثاء. وعانى توزيع الصحف من صعوبات أثناء الساعات الأولى من الإضراب العام، طبقا لما أكدته مصادر مطلعة. وكان وزير العمل الإسباني سيليستينو كورباتشو قد دافع عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة خلال الشهور الأخيرة لإصلاح المنظومة الوظيفية والخروج من الأزمة، وذلك قبل بدء الإضراب العام. وتوقع كورباتشو لقناة (كادينا سير) الثلاثاء أن يتم الإضراب دون مشاكل، مصرا على ضرورة احترام حق القيام بالإضراب أو عدم المشاركة به. وقال المسئول أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الإسبانية ضرورية لتدعيم الاقتصاد الإسباني وعودة البلاد لتوليد "الثروات الضائعة" وخلق فرص العمل المطلوبة. وصرح الوزير "الإجراءات تسعي للقضاء على ازدواجية سوق العمل والسعي لإيجاد عمل أكثر استقرارا وجودة". وكان اتحاد النقابات العمالية والاتحاد العام للعمال في إسبانيا قد وجها الدعوة لإضراب عام وشامل في مدريد، احتجاجا على خطة التقشف لحكومة ثاباتيرو والتي تشمل استقطاع نسبة من رواتب موظفي الحكومة كما طالت قطاع المعاشات، بهدف خفض العجز في ميزانية الدولة. ويعد هذا الإضراب الأول الذي يشهد مشاركة ملايين العاملين خلال حكومة ثاباتيرو، والسابع في تاريخ إسبانيا منذ إرساء قواعد الديمقراطية بها عام 1977.(إفي)