النص الكامل للنداء الذي وجهه السبت , المجلس العلمي الأعلى حول الوحدة الترابية للمملكة, عقب اختتام أشغال دورته العادية التاسعة بالدارالبيضاء : "نحن علماء المغرب المجتمعين في مدينة الدارالبيضاء بمناسبة انعقاد الدورة التاسعة للمجلس العلمي الأعلى (بتاريخ 25_26 ذي القعدة 1430موافق 13-14 نونبر 2009), انطلاقا من إيماننا الراسخ بالاعتصام بحبل الله المتين وبواجب التعاون بين المسلمين, وامتثالا لما فرضه الله على ورثة الأنبياء من وجوب طاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر مصداقا لقوله عز وجل : 'يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم' وقياما بما أوجب الله علينا من النصح الذي هو أس الدين.. نتوجه بخطابنا هذا أولا : إلى أهل بلدنا الحبيب لنؤكد ونذكر أمتنا بمقتضيات البيعة الشرعية التي تربط العرش بالشعب في حماية وحدة الوطن والذود عن حرمته ومقدساته, وبالإجماع الذي حسم في تلكم الوحدة شرعا وتاريخا وواقعا, لا يستثنى من ذلك إلا مارق من الجماعة خائن يدعم أطماعا خارجية ضد وحدة بلده, محققا بذلك مشروع الاستعمار في التجزئة الذي دحره المغاربة بجهادهم وتضحياتهم الجسيمة. ونتوجه ثانيا إلى إخواننا وأشقائنا في الجزائر وعلى رأسهم علماء هذا البلد وهم اليوم ورثة تلك الثلة الأولى من علماء الجزائر التي كانت مع بلاد المغرب من مؤسسي حركة تحرير الفكر والأرض والإنسان, هؤلاء العلماء الذين كانوا جبين الجزائر المشرق, وإلى كل القوى الحية والشريفة مذكرين إياهم بمقتضيات الأخوة الإسلامية والجوار الشرعي الذي دل عليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم : 'ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه', وبما يستلزمه من احترام لحقوق الجوار, بدل خلق أجواء من التوتر والفتنة احترازا من الوقوع فيما حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : 'والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن, قيل من يا رسول الله ? قال من لا يأمن جاره بوائقه". وهل في البوائق أعظم من مساندة حركة الانفصال التي لا تستند إلى مبرر شرعي أو تاريخي يدعمها, ولا إلى مصادر الجغرافيا البشرية المحلية, ولا إلى الوثائق الإقليمية والدولية ! وإنما برزت فجأة متزامنة مع ارتحال الاستعمار عن المنطقة لتكون وريثته تنفذ ما تبقى من مشروعه في التجزئة, وهو المشروع الذي يفوت مصالح البناء المشترك ومشاريع التنمية والنهضة التي لا يمكن إنجازها إلا في ظروف آمنة مستقرة, ويعلم الله ويشهد المومنون كم نفوت بالتخاصم والاختلاف من أسباب العزة على أهلنا وعلى أبنائنا في هذا العصر المعقد. ونتوجه ثالثا إلى الأمة الإسلامية الحبيبة مخصصين بالخطاب منها علماءها الذين كانوا عبر مراحل التاريخ وفي اللحظات التي تشرئب فيها دعوات الانفصال والاستفراد بجزء من أرض الإسلام يتمسكون بخيار الوحدة فيوالون الشرعية السياسية الضامنة لاجتماع الكلمة, ويرفعون في وجه الانفصاليين كل النصوص الشرعية الحاضة على اجتماع الكلمة, من مثل قوله تعالى : 'وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون'. فلذلك لا تستخفهم نزوات ودعوات التجزئة, ولا ينخدعون ببريقها ولا يؤمنون بمبرراتها. لأن الموقف الوحدوي في اعتقادهم هو الأصل, لاستناده إلى نصوص الكتاب والسنة وأحكام الشريعة. ولأجل ذلك ندعوهم إلى ترك الحياد والصمت في شأن تمزيق الأمة وتقطيع أوصالها مشرقا ومغربا, خوفا من الوقوع في محذور خيانة الأمانة التي نهى الله تعالى عنها في قوله عز وجل : 'ياأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون". كما نتوجه بالخطاب أخيرا, إلى القائمين على مراكز الاحتجاز, المتسلطين على أجساد المأسورين, المتحكمين في حرياتهم, ندعوهم إلى التوبة مما يقترفون من جرائم وآثام في حق إخوانهم بغية تشكيل تجمعات استجداء المنظمات الحقوقية واستعطافها, وخصوصا تلك التي تستجيب بصورة انتقائية ومشبوهة تكيل بمكاييل متعددة لا تأبه فيها لقضايا الأمة الإسلامية ووحدة أقطارها.إن علماء المغرب, وهم يوجهون خطابهم إلى من سبق باسم أمتهم, يؤكدون تعبئتهم الكاملة وراء ولي أمرهم أمير المومنين حفظه الله, ويرونها جزءا من مقتضيات البيعة, وواجبا من واجبات النصح حماية لأمن البلد وطمأنينته واستقراره ووحدته. وصدق الله تعالى إذ يقول : 'وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله, هو الذي أيدك بنصره وبالمومنين ', وقوله سبحانه : 'وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم" .