ينتقل فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب بخفة البرق بين مستويات الاشتغال والانشغال بالهم التشريعي إلى تلقي الموعظة من "شيوخ" التوحيد والإصلاح. الأسئلة التي كان لزاما أن يطرحها الفريق النيابي ليست هي سؤال الاستقامة والأخلاق باعتبارها لا تتجسد إلا بالتجربة الاجتماعية والممارسة اليومية. ولكن كان على الفريق أن يتساءل دينيا ما هو موقف الشرع من الكذب وخصوصا لما يكون كذبا علنيا؟ وما حكم الشرع في إخلاف الوعد؟ هل الذي وعد شعبا بأكمله بالمفاجأة السارة ولم تكن سوى الزيادة في أسعار المحروقات تجسيدا لها صادق أم كاذب؟ وهل الذي وعد برفع الحد الأدنى للأجور إلى ثلاثة آلاف درهم وتراجع عنه صادق أم كاذب؟ هل من الاستقامة في شيء استغلال الشعور الديني للناخب من أجل الحصول على صوته الذي أصبح فيما بعد أداة للتفاوض السياسي على المواقع والمقاعد والمناصب؟ عن أي استقامة يتحدث أولاد العدالة والتنمية وقد أداروا ظهرهم للشعب الذي منحهم الرتبة الأولى؟ وهل من الاستقامة أن يخرج وزير، فشل في إدارة بلدية متواضعة، ليقول إنه كانت لنا الجرأة على اتخاذ قرارات غير شعبية؟ هل من الاستقامة التباكي مع العاطلين أيام كان الحزب في المعارضة وجلدهم يوم أصبح الحزب في الحكومة؟ هل من الاستقامة في شيء دغدغة عواطف الأرامل والفقراء بأنهم سيتلقون مخصصات شهرية مع استحالة هذا الموضوع؟ وهل من الاستقامة أن يفي بنكيران بوعده في موضوع المخصصات لكن على ألا تكفي لشراء بوطاغاز؟ وجاء الشرع الحكيم مشددا على من يخلف وعده. والوفاء بالعهد أحد مظاهر تجسيد الاستقامة على أرض الواقع. وما كنا لندخل مع أبناء العدالة والتنمية في حديث من هذا النوع لولا ذهابهم جماعة كفريق برلماني نيابي كضيوف لدى التوحيد والإصلاح. وطبعا ليس ضيفا من كان في داره الأصلية. ولما جلس بوانو جنب الحمداوي والريسوني في مقر التوحيد والإصلاح فهل كان ضيفا؟ لقد نزل بمنزله وهو ابن الدار وابن الحركة التي جاءها من رابطة المستقبل الإسلامي والفعاليات الطلابية؟ فهو ابن الدار التي جاءها قبل أن يكون الحزب أو قبل قرصنة حزب الخطيب وتحويله إلى حزب العدالة والتنمية. ويتضايق المرء إذا تم الترحيب به في داره. لكن لماذا العودة إلى الدار الأصلية في زيارة تشبه زيارة المواسم وقبور الأولياء؟ سيكون معقولا أن يلتقي فريق العدالة والتنمية بجمعيات للاقتصاديين والحقوقيين والمهندسين وغيرها من التخصصات العلمية والتقنية التي تفيد الفريق في عمله التشريعي والرقابي. لكن ما الجدوى من لقاء فقهاء تقنوقراط؟ هل هو استعداد لتشريع من نوع خاص؟ وهل البرلمان مطروحة عليه قضايا دينية عليه أن يحسم فيها؟ الحقيقة التي ما فتئنا نؤكد عليها تتجسد عمليا. إن التوحيد والإصلاح الوهابية هي الأصل وما تبقى أدوات وظيفية بما في ذلك حزب العدالة والتنمية.