قالت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها اليوم الخميس إنها قدمت رأيها في مشروع المسطرة الجنائية وضمنته توصيات تهدف إلى تطويق الفساد، لكن الحكومة لم تأخذ بهذه التوصيات. وأضافت الهيئة في كلمة ألقاها رشيد المدور نائب الرئيس في يوم دراسي حول مشروع المسطرة الجنائية بمجلس النواب إنها أبدت الرأي في المشروع بمبادرة منها، لكون المسطرة الجنائية أداة أساسية تساهم في تطويق أفعال الفساد ومكافحة إفلات مرتكبيها من العقاب، وضمان مقاضاتهم وفق ضمانات المحاكمة العادلة.
وأوضح المتحدث أن الهيئة أبدت رأيها في المسودة الأولى لهذا المشروع، وهو الرأي الذي رفعته إلى الجهات المعنية بتزامن مع نشر تقريرها السنوي برسم 2021. وبعد مصادقة المجلس الحكومي المنعقد بتاريخ 29 غشت 2024 على الصيغة الجديدة لمشروع القانون، وجَّهَت الهيئة بمبادرة منها دائماً جهودَها نحو قراءة تفصيلية لهذه الصيغة، فتبيَّن لها تجاوبها مع توصية وحيدة للهيئة، وبالمقابل تأكَّد لها عدم خضوع باقي المواد التي شكلت موضوع ملاحظاتها وتوصياتها في تقريرها الموضوعاتي لأي تغيير. وفي المقابل، رصدت الهيئة ثلاثة مقتضيات تم إدراجها في الصيغة الجديدة للمشروع، تثير لديها مجموعة من الملاحظات والتوصيات. وقد استقر قرار مجلس الهيئة المنعقد يوم 15 أكتوبر 2024 على اعتماد تقرير محيَّن يتضمن بالإضافة إلى الملاحظات والتوصيات المضمنة بالتقرير الموضوعاتي لسنة 2021، ملاحظاتِ وتوصيات الهيئة بخصوص المواد الثلاثة الجديدة التي تضمنتها هذه الصيغة، يضيف الراشدي. وأبرزت هيئة النزاهة أن توصيات الهيئة التي لم تتفاعل الحكومة سوى مع واحدة منها استهدفت إرساء المقومات الضامنة للنهوض بالتبليغ والكشف عن جرائم الفساد في إطار تحصين الضمانات، وتعزيز التعاون المؤسساتي وتكامل جهود أعمال البحث والتحري، وإذكاء الدينامية في ملاحقة جرائم الفساد ومتابعتها، وتحقيق التوازن بين ضمانات الأشخاص ونجاعة أعمال البحث والتحري في إطار التقنيات الحديثة، وتيسير بلوغ جرائم الفساد إلى القضاء، وضمان الشفافية والنجاعة القضائية. كما أن الرأي، تضيف الهيئة، جاء من أجل إرساء إطار قانوني يوفر المقومات الإجرائية الضامنة لاحترام حقوق الأفراد وصون الحريات وتحصين براءة الأشخاص وتثبيت توازن الأطراف من جهة، والحفاظ على المصلحة العامة والنظام العام وحق المجتمع في معاقبة مرتكبي الجرائم من جهة ثانية، ويوفر مستلزمات النجاعة والفعالية في إقرار العدل والإنصاف وإعادة الحقوق إلى أصحابها وإلى نصابها الحقيقي من جهة أخيرة. وأبرز المتحدث أن رأي الهيئة يهدف أيضاً إلى إدراج مراجعة هذا القانون في منظور وسقف المشرع الدستوري الذي أبرز أهمية ومحورية مطلب تخليق الحياة العامة والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد بمختلف تمظهراته، إلى جانب التجاوب مع الالتزامات الدولية للمغرب، فضلاً عن الانفتاح على توجهات التشريعات الجنائية الحديثة التي اقتنعت بضرورة النهوض بآليات مسطرية متطورة في التبليغ والبحث والتحري والتحقيق والتعاون الوطني والدولي في جرائم الفساد.