توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار الإقليمي    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    لقاء بوزنيقة الأخير أثبت نجاحه.. الإرادة الليبية أقوى من كل العراقيل    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    التوافق المغربي الموريتاني ضربة مُعلمَين في مسار الشراكة الإقليمية    من الرباط... رئيس الوزراء الإسباني يدعو للاعتراف بفلسطين وإنهاء الاحتلال    مسؤولو الأممية الاشتراكية يدعون إلى التعاون لمكافحة التطرف وانعدام الأمن    المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة تقدم توصياتها    توقع لتساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800 م وهبات رياح قوية    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    ألمانيا تفتح التحقيق مع "مسلم سابق"    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    الحوثيون يفضحون منظومة الدفاع الإسرائيلية ويقصفون تل أبيب    أميركا تلغي مكافأة اعتقال الجولاني    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    "فيفا" يعلن حصول "نتفليكس" على حقوق بث كأس العالم 2027 و2031 للسيدات        مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري    دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة        اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    الطّريق إلى "تيزي نتاست"…جراح زلزال 8 شتنبر لم تندمل بعد (صور)    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في المذكرة الترافعية للوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان .. المطالبة بتأهيل المنظومة المؤسسية لمكافحة الفساد
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 06 - 01 - 2015

ما هي حصيلة حكومة بنكيران في محاربة الفساد ومطاردة الرشوة ...هل أفلح الحزب الأغلبي في الوفاء لشعاره الانتخابي « محاربة الفساد والاستبداد « ؟.. وهل ترجم ضمن أجندة برنامجه الحكومي إجراءات عملية وملموسة لتطويق الانحرافات التي تهدد اقتصاد البلاد وتضعف التماسك المجتمعي وتحاصر طغمة المنتفعين ومقتنصي الفرص ...؟؟ من منا لا يقدر حجم طموح الشعب المغربي وقواه الحية في استئصال الفساد الذي ينخر البلاد في سياق حقوقي وزمن دستوري يجعل التفاؤل مشروعا..
لقد ركزت شعارات الحراك المجتعمي لسنة 2011 على النقص الجوهري الذي يشوب سياسة مناهضة الفساد عبر مطلب التصدي للإفلات من المتابعة والعقاب مع الانخراط الجدي في محاربة الفساد والمفسدين ، والقطع مع كل مظاهر الاحتكار والمحسوبية والامتيازات واتساع دائرة الشطط ومجالات اقتصاد الريع واسترجاع الأموال المنهوبة وحماية المال العام من التبديد ..
واليوم من حقنا أن نتساءل : ما هي الحصيلة بعد السنة الرابعة لولاية حكومة بنكيران ؟؟؟...أجوبة لن نتلقاها على لسان الأحزاب والفرق البرلمانية المعارضة ومنها الاتحاد الاشتراكي الذي دق غير ما مرة ناقوس الخطر، ولكن سننصت من خلالها لأصوات « محايدة « من الحقل الحقوقي والمدني بل والمؤسسي ..وذلك مساهمة منا في إغناء النقاش العمومي حول الآليات الدستورية والقانونية لتطويق الفساد المستشري ومحاربة آفة الرشوة التي تنخر المجتمع عموديا وأفقيا ..
للتذكير فقط ، ورد في تقرير البنك الدولي الأخير أن قطاع الصحة بالمغرب يتبوأ الصدارة في سلم الفساد بالمغرب ..وأن فقراء بلادنا يضطرون لتقديم رشاوي من أجل الاستفادة من الخدمات الصحية ..وغير بعيد عن أعين البك الدولي ، فجر الاتحاد الأوربي في منتصف الشهر الماضي فضيحة كبرى زعزعت صورة بلادنا لدى المنتظم الدولي ، بعد أن أثار التقرير الأولي لمجلس أوربا حول التجارة الخارجية المغربية ظاهرة الفساد المستشري في الاقتصاد الوطني والذي يضعف تنافسيته تجاه باقي الاقتصاديات الصاعدة ، وأكد التقرير على عدم قدرة الحكومة على القيام بإصلاحات ناجعة تخرج البلاد من هذا الوضع الكارثي ...!!!
I. السياق حقوقي...
لقد أدى تزايد الوعي بمخاطر الفساد وتداعياته في تقويض الديمقراطية وسيادة القانون وانتهاك حقوق الإنسان وانتشار الممارسات المضرة باقتصاد السوق ، إلى انبثاق إجماع دولي على ضرورة مواجهة الظاهرة بمقاربة كونية توحد مختلف الجهود الوطنية والإقليمية، تغذيها الحاجة الموضوعية إلى إطار مرجعي دولي، وتحركها دينامية الانخراط الإرادي في المنظومة الدولية لمكافحة الفساد.
وفي سياق هذا التوجه، برزت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ، كتتويج لمجموعة من الصكوك الإقليمية المتعددة الأطراف ، ولمسلسل من المشاورات الرسمية بإشراف تقني للأجهزة الأممية المعنية ؛ كوثيقة مرجعية مندمجة تتكامل فيها مهام الوقاية مع مهام الزجر بقنوات مفتوحة على التعاون الدولي وتقديم المساعدة التقنية وتبادل المعلومات.
وعليه، أصبحت محاربة الفساد التزاما دوليا تحكمه مجموعة من الضوابط القانونية والمؤسسية والأخلاقية، وتؤطره منهجية عمل شاملة تجعل من مختلف السلطات الوطنية وفعاليات المجتمع المدني والقطاع الخاص شركاء أساسيين في النهوض بالنزاهة وترسيخ متطلبات التخليق الشامل.
ولم يكن ممكنا للمغرب أن يبقى خارج هذا التطور النوعي في سياسات مكافحة الفساد، ومواصلة تفاعله مع الدينامية الدولية من خلال توقيعه على الاتفاقية الأممية بتاريخ 31 أكتوبر 2003 ومصادقته عليها بتاريخ 09 ماي 2007، ليفتح بذلك سلسلة من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية تفاعلا منه مع التزاماته الدولية.
ومواكبة من «الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان»، لمشروع القانون رقم 113.12 بشأن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ومساهمة منه في إثراء المقتضيات ذات الصلة من منطلق التفعيل الديمقراطي للدستور الذي يستدعي الحرص على تأطير عمل هيئات الحكامة الجيدة بكامل الاستقلالية في اتخاذ القرار وتمكينها من الموارد المادية والبشرية اللازمة لتصريف مهامها الدستورية.
من هذا المنطلق، أعد الوسيط مذكرة تتمحور حول مشروع القانون رقم 113.12 المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها..وذلك بعد تقييمه للتحديات التي واجهت عمل الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ..
II. طبيعة التحديات ذات الصلة بأداء الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة
على ضوء الطبيعة القانونية التي أطرت مرسوم 2.05.122 المحدث للهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، يلاحظ بأن الهيئة لم تتمكن من الاضطلاع بجميع المهام المنوطة بها، ليس فقط بالنظر إلى الاختلالات المرتبطة بالإطار القانوني والمؤسسي العام، بل وأيضا نتيجة مجموعة من الإكراهات تم تلخيصها في ما يلي:
أولا: على المستوى القانوني:
* غموض التوصيف القانوني للهيئة المركزية للوقاية من الرشوة الذي لا يوفر لها مقومات الشخصية المعنوية والاستقلال المالي، ويحد بشكل ملحوظ من استقلاليتها على مستوى التدبير ا?داري والمالي؛
* عدم توضيح وتدقيق المهام الأفقية من تنسيق وإشراف وتتبع وتقييم، والتي تم التنصيص عليها دون تحديد الإجراءات العملية لتفعيلها، مما يفتح الباب لتنازع الاختصاصات مع السلطات الإدارية أو القضائية؛
* هشاشة موقع الهيئة في مسار تنفيذ منجزها والتوصيات المتعلقة بمكافحة الرشوة؛
* غياب آليات إلزامية تجبر القطاعات على طلب استشارة الهيئة في المشاريع التي لها صلة باختصاصاتها قبل تفعيلها أو عرضها على مسطرة المصادقة؛
* غياب تدابير واضحة تمكن الهيئة من الحصول على الوثائق والمعلومات التي تمكنها من القيام بمهامها.
ثانيا: على المستوى العملي:
* صعوبة الاضطلاع الفعلي بمهام التنسيق والإشراف والتعاون وتتبع تنفيذ سياسات الوقاية من الفساد المخولة لها التي تصطدم عمليا بضعف استعداد مختلف الفاعلين لتملك متطلبات العمل الجماعي، وسيادة ممارسات تدبيرية غير مساعدة على تفعيل مهامها (كالتمسك بالسر المهني وغياب الشفافية والمساءلة وتقديم الحساب ...)؛
* محدودية الانخراط ا?رادي للإدارات والهيئات المعنية في المقاربة التشاركية بما تستدعيه من ترجمة نتائج التشخيص إلى توجهات استراتيجيات ومخططات قطاعية مدعومة بجدولة زمنية محددة وآليات للتنسيق ومراقبة وتتبع الإنجاز؛
* التقيد بمساطر بطيئة وبمراقبة قبلية غير ذات جدوى تنعكس سلبا على التدبير المالي والإداري، وتشكل إحدى العقبات أمام تمكن من توظيف الكفاءات النوعية وتوفير المتطلبات اللازمة، خاصة في ما يرتبط بمجال إطلاق الحملات التواصلية والتحسيسية، وتعميم المقاربة التشاركية على جميع القطاعات والهيئات المرشحة للتحالف الموضوعي لمكافحة الفساد؛
* صعوبة النهوض بالدور الاستشاري والاقتراحي لغياب آليات إلزامية تجبر القطاعات على طلب استشارة الهيئة في المشاريع ذات الصلة باختصاصاتها، ولهشاشة التموقع القانوني للهيئة في مسار تنفيذ المشاريع والتوصيات المتعلقة بمكافحة الرشوة؛
* محدودية مجال التدخل المقتصر على أفعال الرشوة والغدر والاختلاس واستغلال النفوذ كما هي منصوص عليها في القانون الجنائي؛
* غياب بعد مكافحة الرشوة لعدم توفر الهيئة على صلاحية القيام بالتحقيقات والتحريات اللازمة حول الأفعال والمعلومات التي تصل إلى علمها والتي من شأنها أن تشكل أفعال فساد؛
* ضعف تأثير الهيئة على مستوى تحريك المتابعات في حق مرتكبي أفعال الفساد، لعدم اعتبار سلطات إنفاذ القانون توصياتِها ومقترحاتِها مبررا كافيا لتحريك المتابعات، إضافة إلى عدم التفاعل الإيجابي مع الشكايات المحالة عليها من طرف الهيئة؛
* الضعف النسبي لعدد الشكايات المتلقاة من طرف الهيئة على خلفية صعوبة الإثبات وقصور مقتضيات حماية المبلغين ومحدودية تفاعل سلطات الإحالة1.
وبناء عليه فإن تجربة الهيئة المركزية ما تزال دون بلوغ الأهداف المسطرة لها بالنظر إلى مستلزمات الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد التي أوصت بضرورة توفير الاستقلالية والموارد المادية والبشرية للهيئات الوطنية، لأن الدروس المستخلصة من التجارب الدولية الفضلى تأكد بأن عوامل نجاح هيئات مكافحة الفساد تظل رهينة بوضوح المهام واستقلالية التدبير والانفتاح المتواصل على الجمهور واعتماد حكامة مترسخة.
وهو ما يتطلب تأهيل المنظومة المؤسسية لمكافحة الفساد وتطوير فعالية مختلف مكوناتها بما يشكل مدخل لضمان تحقيق أهداف التخليق الشامل والحكامة الجيدة، وهو ما يعكسه انخراط المغرب دستوريا بالانتقال من مؤسسات استشارية اقتراحية إلى هيئات للحكامة ذات أدوار فاعلة.
III. ملاحظات الوسيط بخصوص مشروع قانون 113.12 ذي الصلة بالهيئة الوطنية
للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها:
* مشروع القانون تبنى المقاربة الجنائية الصرفة في تعريفه للفساد دون أن يراعي الارتقاء الدستوري بالهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ومحاربتها
باستقراء مقتضيات مشروع القانون رقم 113.12 المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، يتبين تكريس مجموعة من الضمانات القانونية الكفيلة بتعزيز دور الهيئة في الفعل العمومي لمكافحة الفساد عبر توسيع اختصاصاتها لتشمل النزاهة والوقاية والمحاربة وتدقيقها على ضوء مراعاة الصلاحيات الموكولة لباقي السلطات أو الهيئات الأخرى، والتجاوب مع مطلب الاستقلالية في تصريف مهامها بمرتكزات حكامة التدبير الجماعي المسؤول.
لكن بالمقابل، تبقى صيغة مشروع القانون المطروحة للنقاش البرلماني، تطرح مجموعة من الملاحظات التي يتعين أخذها بعين الاعتبار قبل المصادقة التشريعية، كاستجابة من المشرع لمبادئ الدستور المكرسة لدور جمعيات المجتمع المدني في إعداد السياسات العمومية. وهي الملاحظات التي نجملها في ما يلي:
1. مهام الهيئة
* ضبط صلاحيات الهيئة وفق تراتبية لم تحترم مضامين التسمية التي تبدأ بالنزاهة ثم الوقاية فالمحاربة؛
* إغفال الجماعات الترابية والسلطة القضائية من بعض صلاحيات الهيئة المتصلة بالوقاية؛
* عدم تصريف مهام النهوض بالنزاهة والاقتصار فقط على الوقاية من الفساد ومحاربته؛
* حصر التقرير السنوي بشأن حصيلة الهيئة في التدابير المتخذة للوقاية من الفساد ومحاربته والتطور الحاصل بشأنها، دون تضمينه نتائج المهام المرتبطة بالتشخيص والتقييم وتقديم المقترحات ومفعول التوصيات الواردة في تقاريرها السابقة؛
* اختزال صلاحيات التنسيق فقط في إعداد برامج الوقاية من جرائم الفساد والإسهام في تخليق الحياة العامة، دون أن تمتد هذه المهمة لتشمل تنسيق سياسات النهوض بالنزاهة والوقاية من الفساد عموما ومحاربته؛
* إغفال التصريف القانوني لمهام الإشراف وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد؛
* حصر صلاحية المبادرة في مجالات محددة ، مع اشتراط طلب الحكومة للهيئة إبداء رأيها بخصوص برنامج أو إجراء أو مشروع أو مبادرة ترمي إلى الوقاية من الفساد أو مكافحته، أو بطلب من مجلسي البرلمان بشأن مشاريع ومقترحات القوانين ومشاريع النصوص التنظيمية ذات الصلة بمجال الوقاية من الفساد ومكافحته كل في ما يخصه؛
* إغفال بعض المهام الأفقية المتعلقة ب:
* تتبع وتقييم فعالية السياسات العمومية والآليات المؤسسية ونظم التبليغ والاتفاقيات الدولية والتقارير الصادرة عن الهيئات الوطنية أو الدولية ذات الصلة بالوقاية من الفساد ومكافحته؛
* تتبع مفعول مقترحات وآراء الهيئة.
* عدم الاستجابة لمنطوق الفصل 167 من الدستور، لاسيما ما يتعلق بجمع ونشر وتبادل المعلومات المرتبطة بظاهرة الفساد؛
* إخضاع آليات التدبير الإداري للهيئة لمصادقة السلطة التنفيذية، بما يتعارض مع مبدأ الاستقلالية ومنطوق الفصل 171 من الدستور الذي يجعل القانون هو القناة الدستورية لتأطير مقتضيات الهيئة.
2. تعريف مفهوم الفساد
تم تحديد مفهوم الفساد في جرائم الرشوة واستغلال نفوذ والاختلاس والغدر المنصوص عليها في مجموعة القانون الجنائي، وفق نفس مجال تدخل الهيئة المركزية الحالية المعتمد في مرسوم 13 مارس 2007 مع الانتقال من الرشوة إلى الفساد.
وبهذا التحديد، يكون مشروع القانون قد تبنى المقاربة الجنائية الصرفة في تعريفه للفساد دون أن يراعي في ذلك الاعتبارات التالية:
* الارتقاء الدستوري بالهيئة المركزية للوقاية من الرشوة إلى هيئة وطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بمواصفات معينة وبصلاحيات أوسع تستجيب لمتطلبات التخليق الشامل بما يؤسس للانتقال من مفهوم محاربة الرشوة إلى مفهوم محاربة الفساد، وفق منظور جديد يتجاوز المقاربة الجنائية إلى المقاربة الشاملة؛
* اعتماد المادة 36 من الدستور لمجموعة من الأفعال بما ينسجم والمفهوم الشامل للفساد، مع التنصيص بإحداث الهيئة الوطنية مباشرة بعد حصر هذه الأفعال في:
* حالات تنازع المصالح واستغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه والمخالفات المالية، والشطط في استغلال مواقع النفوذ والامتياز، ووضعيات الاحتكار والهيمنة، وباقي الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة في العلاقات الاقتصادية؛
* كل أشكال الانحراف المرتبطة بنشاط الإدارات والهيئات العمومية، وباستعمال الأموال الموجودة تحت تصرفها، وبإبرام الصفقات العمومية وتدبيرها.
* المفهوم المستفاد من مضامين الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد الذي يأخذ بعين الاعتبار التدابير الوقائية لتمنيع القطاع العام والقطاع الخاص من ممارسات الفساد المرتبطة ب»استغلال لوضعية الثقة المخولة، سواء في القطاع العام أو الخاص، لتحقيق منافع شخصية كانت مادية أو معنوية، يأخذ عدة أشكال خصوصا الرشوة، اختلاس أو تبديد أو تسريب الممتلكات، المتاجرة بالنفوذ، إساءة استغلال الوظائف، الإثراء غير المشروع، غسل العائدات الإجرامية وإعاقة سير العدالة»؛
* التوجيهات الملكية الواردة في خطابي 20 غشت و10 أكتوبر 2008 التي اعتمدت المنحى الشمولي لمفهوم الفساد من خلال:
* التأكيد على أن تخليق الحياة العامة منهج متكامل لا يقتصر على المظاهر الإدارية أو السياسية وإنما يمتد إلى سلامة وشفافية المعاملات الاقتصادية «لضمان التنافسية المفتوحة وصيانة حرية السوق من كل أشكال الاحتكار المفروض ومراكز الريع والوقاية من كل الممارسات الشائنة» ،
* استنهاض هيئات المراقبة والمحاسبة وسلطات المتابعة وإنفاذ القانون لمكافحة جميع أشكال الفساد بما فيها «المضاربات واستغلال اقتصاد الريع والامتيازات الزبونية ونهب المال العام والاختلاس والارتشاء واستغلال النفوذ والغش الضريبي» ؛
* التشريعات المقارنة التي تبنت مفهوما واسعا للفساد يشمل مختلف الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة العمومية، والجرائم المخلة بالثقة العامة، والجرائم الاقتصادية، وجرائم غسل الأموال، ومختلف تمظهرات الفساد السياسي، وجميع الأفعال الواردة في الاتفاقيات الدولية التي تعنى بمكافحة الفساد المصادق عليها طبقا للنظام القانوني الوطني للبلد.
3. مرصد الرشوة
بالإضافة إلى المهام المحددة في المادة 17، يقترح المشروع تعزيز دور المرصد في تحليل السياسات العمومية ذات الصلة بالنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها من خلال:
* تتبع ودراسة المؤشرات الدولية المرتبطة بملامسة الفساد؛
* إنجاز استطلاعات رأي وطنية حول إدراك الفساد؛
* الانفتاح على توظيف آليات البحث العلمي في إنجاز استبيانات حول التحقيقات الذاتية وتحقيقات الضحايا وحول الشعور بمخاطر الفساد؛
* تحديد خارطة مخاطر الفساد في القطاع العام والقطاع الخاص والحياة السياسية؛
* إجراء دراسات قطاعية حول قيمة وكلفة النهوض بالنزاهة والوقاية من الفساد مقارنة مع قيمة وكلفة محاربته.
4. تلقي التبليغات والشكايات
يلاحظ عل مشروع القانون ذي بالصلة بالهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ما يلي:
* اقتصار التبليغ عن أفعال الفساد على رؤساء الإدارات دون الموظفين، مما يتعارض مع منطوق الفصل 42 من قانون المسطرة الجنائية التي تلزم صراحة كل «موظف بلغ إلى علمه أثناء ممارسته لمهامه ارتكاب جريمة، أن يخبر بذلك فوراً وكيل الملك أو الوكيل العام للملك وأن يوجه إليه جميع ما يتعلق بالجريمة من معلومات ومحاضر ووثائق»؛
* بالنسبة للشروط الشكلية المتطلبة لقبول الشكاية تبقى مقبولة من الناحية المسطرية بالنسبة للمشتكي المتضرر من فعل الفساد، ومنسجمة غاية الانسجام مع أحكام القواعد العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية. لكن تقييد المبلغ بهذه الشروط ، تحت طائلة عدم القبول، وإن كانت ستضع حدا للوشايات الكيدية، فإنها مع ذلك لا:
* تشجع المواطنين على الإقدام على عمليات التبليغ أمام الإحجام النسبي الذي سجلته الهيئة المركزية في الممارسة العملية لاعتبارات متعددة أهمها ضعف فعالية التدابير الحمائية المنصوص عليها في القانون رقم 37.10 المتعلق بحماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين فيما يخص جرائم الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ وغيرها؛
* تلزم المبلغ بالتبليغ عن أفعال الفساد التي لا تكتسي صبغة جرمية لعدم التنصيص على عقوبات، باستثناء مقتضيات الفصل 299 من مجموعة القانون الجنائي التي تعاقب الشخص الذي علم بوقوع جناية أو الشروع في ارتكابها ولم يشعر بها السلطات فورا.
5. إجراءات البحث والتحري
إذا كان مشروع القانون قد ضمن للهيئة مهمة جديدة في مجال البحث والتحري حول أفعال الفساد بالمفهوم المعتمد، بما يراعي الاختصاصات المخولة لسلطات وهيئات أخرى، فإن تصريف هذه المهمة من خلال الصلاحيات الموكلة إلى المقررين يبقى غير ذي فعالية للاعتبارات التالية:
* التدخل الفوري للمقرر لمعاينة حالة من حالات الفساد دون التصريح بالصلاحيات والوسائل التي يتوفر عليها لإنجاز المهمة، يجعل هذه المعاينة بدون مضمون في غياب ضمانات قانونية تمكنه من الإثبات المادي للفعل والتعرف على هوية المشتكى به والحدود الزمانية والمكانية لإجراء هذه المعاينة؛
* نطاق المعاينة موضوعيا يرتبط بجريمة فساد منصوص عليها وعلى عقوبتها في مجموعة القانون الجنائي والتي يعهد بها، حسب منطوق قانون المسطرة الجنائية، إلى الشرطة القضائية للتثبت من وقوعها وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها (المادة 18 من قانون المسطرة الجنائية)؛
* المعاينة الفورية لفعل الفساد وفق مفهوم مشروع هذا القانون، هي من اختصاص الشرطة القضائية في إطار التحقق من حالة التلبس من جناية وجنحة المنصوص عليها في المادة 56 من قانون المسطرة الجنائية وما يليه؛
* إغفال مشروع القانون للضمانات الحمائية لمقرري الهيئة أثناء مزاولة مهامهم المرتبطة بالبحث والتحري، ضدا على المعايير الدولية ومقتضيات التشريعات المقارنة وأحكام القوانين الوطنية التي توفر الحماية لبعض الموظفين المنتدبين للقيام بأعمال مماثلة؛
* عدم إلزام السلطات الإدارية والقضائية بموافاة الهيئة بمآل الإحالات المتعلقة بالشكايات والتبليغات.
6. الامتداد الترابي
* يشكل إغفال مشروع القانون للتمثيلية الترابية للهيئة تراجعا على مكتسبات مرسوم 13 مارس 2007 المحدث للهيئة المركزية للوقاية من الرشوة الذي كان ينص على إحداث لجن جهوية، تعارضا مع التوزيع الجهوي المعتمد لبعض المؤسسات الدستورية الوطنية (المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مؤسسة الوسيط)؛ وتناقضا مع الالتزام الحر السيادي للدولة المغربية في الخيار الاستراتيجي لمشروع الجهوية المتقدمة، تكون مدخلا لإصلاح عميق لهياكل الدولة على درب اللامركزية واللاتمركز، والديمقراطية التشاركية والحكامة الجيدة.
* بتصرف
ترانسبرانسي المغرب
مؤشرات إدراك الرشوة
الفساد مزمن و معمم ..!
أصدرت منظمة تراسبرانسي الدولية بتاريخ 3 دجنبر 2014 مؤشر إدراك الرشوة برسم سنة 2014 . و قد حصل المغرب على نقطة 39 على 100 و احتل المرتبة 80 على 175 و قد تم تقييمه من طرف ست وكالات . و كان المغرب قد احتل سنة 2013 المرتبة 91 من ضمن 177 دولة بتنقيط 37 على 100 .
و تدعو الجمعية إلى تجنب استنتاج خلاصات متسرعة لنتائج هذه السنة ، فبلادنا لازالت تقبع في فساد مزمن و معمم . و تتقدمها في هذا الترتيب 13 دولة إفريقية و 8 دول من منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا . و يلتقي هذا الترتيب المتدني للمغرب مع المؤشرات الأخرى المتعلقة بالحكامة و مناخ الأعمال و التنمية البشرية.
ثم إن غياب سياسة فعالة في هذا المجال و التراجعات المسجلة خلال الشهور الأخيرة لا توحي بآفاق مشجعة لمحاربة الفساد من طرف الجهات الرسمية ، و لعل مشروعي القانون حول الحق في الحصول على المعلومة و الهيئة الوطنية للنزاهة و الوقاية من الرشوة و محاربتها يؤكدان هذا المنحى .
ترانسبرانسي المغرب جددت نداءها للسلطات العمومية للعمل على سن سياسة حقيقية لمحاربة الرشوة بعيدا عن أي مزايدة سياسية ، و تحيي العمل الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني المنخرطة في عملية محاربة الرشوة . كما جددت مساندتها الكلية للجمعيات التي تتعرض لإجراءات المنع غير القانونية .
من مطالب الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب ..
استرداد الأموال المنهوبة
دون إفلات من العقاب ..
أكد المؤتمر الوطني الثاني للهيئة الوطنية لحماية المال العام المنظم خلال شهر مارس الماضي على أن الأبعاد التي وصلها نهب المال العام ببلادنا باتت تشكل مصدر قلق عميق لكل التعبيرات الغيورة على الوطن ، مما جعل الهيئة تتفاعل بقوة و دينامية مع ملفات الفساد ، و سجل المؤتمر ضعف النجاعة القضائية في معالجة ملفات الفساد المعروضة عليه ، لغياب آليات فعالة للرصد و المتابعة .. و أوصى المؤتمر ب :
1- بلورة إطار سياسي و تشريعي و قضائي متقدم قادر على ردع المفسدين دحر الفساد المستشري في المؤسسات العمومية و أجهزة الدولة .
2- إعادة هيكلة المجلس الأعلى للحسابات و إعطائه الصلاحيات اللازمة للقيام بدوره بما يتلاءم و دولة الحق و القانون .
3- إدراج مفهوم التربية على حماية المال العام في المناهج الدراسية .
4- استقلالية القضاء و نزاهته ، ليضطلع بدوره المحوري لمحاربة الفساد ، المساهمة في بلورة شروط التنمية المستدامة .
5- تفعيل الاتفاقية الأممية لاسترداد الأموال المنهوبة و المهربة ، و المصادقة على كل المواثيق الدولية ذات العلاقة بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية الثقافية .
6- الفصل بين الثروة و السلطة ، و ربط المسؤولية بالمحاسبة ، و عدم الإفلات من العقاب.
7- إصدار قوانين تضمن حماية الشهود و المبلغين عن جرائم المال العام .
8- اعتبار جميع الجرائم المرتبطة بتدبير المال العام من الجرائم غير القابلة للتقادم و العفو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.