عندما تحدث بوليف عن النموذج اليوناني في تخفيض الأجور كان يوحي بتخفيض الأجور في المغرب، وظن البعض أن من استنتج ذلك من المغرضين أو المتواطئين ضد العدالة والتنمية، لكن هناك بناء يحكم هذا الحزب منذ تولى أمينه العام رئاسة الحكومة وهو نفس البناء الذي يحكمه في تدبير الشأن العام، تدبير يعتمد على الهواية وليس الاحتراف وبالتالي فهو مجرد تدبير لا يراعي منطق الدورة الاقتصادية، هذا البناء هو الذي دفعنا للحكم على أن الحكومة التي لمحت إلى تخفيض الأجور ستفعلها لا محالة للخروج من ورطتها وفك مشاكلها التي لم تجد لها حلا سوى الزيادة في أسعار المحروقات. فالحكومة الحالية لم تتمكن من إيجاد مخرج للأزمة وبالتالي فإن المشاكل تتراكم وكلما تراكمت المشاكل كلما لجأت الحكومة إلى الحلول القيصرية، التي رغم أنها تؤدي إلى الولادة فإنها مؤلمة ومخلفاتها مدمرة. وإذا كانت الحكومة قد لجأت إلى الزيادة في المحروقات لحل جزء بسيط من المشاكل وباعتبار أن المشاكل كثيرة وفي تزايد مستمر لأنها لا تجد لها الحلول المناسبة، واعتمادا على أن الحكومة تلجأ إلى الحلول البسيطة والمدمرة في آن واحد، فإن الحل لدى حكومة العدالة والتنمية بعد اللجوء إلى الزيادة في أسعار المحروقات والتي ستليها زيادات أخرى ستلجأ لا محالة إلى تخفيض أجور الموظفين أو تلجأ إلى حيلة الرفع المهول من الأسعار مقابل تجميد الأجور، مما يعني أن المعادلة واحدة ألا وهي تخفيض الأجور. ولقد اكتشفنا أن هذه الحكومة صادقة في شيء واحد بعد أن أخلفت كل وعودها، صادقة في تنفيذ عكس ما تعد به. لقد وعد بنكيران ووزراؤه بعدم الزيادة في المواد الاستهلاكية وعدم الزيادة في المحروقات وها هو قد زاد في المحروقات، فلما تقل الحكومة إنها لن تخفض الأجور فكونوا متيقنين من أنها ستخفضها في يوم من الأيام وقد يكون قريبا وإن كانت ستتحايل على طبيعة التخفيض بطريقة ذر الرماد في العيون. ولقد وعدت الحكومة بالرفع من الحد الأدنى للأجور إلى ثلاثة آلاف دراهم ولم تفعل ووعدت برفع الحد الأدنى للتقاعد إلى ألف وخمسمائة درهم ولم تفعل، ووعدت بنِسب هنا وهناك ولم تفعل، وجاءت إلى منصب المسؤولية في ظل دستور يمنحها صلاحيات واسعة وموسعة ولم تفعل شيئا. رؤية الحكومة تتجه نحو تخفيض الأجور أو رفع مهول في الأسعار بما يعني أن الموضوع هو هو في كلا الحالتين، وقد بدأت في التمهيد لذلك، وهنا نفهم لماذا انزعج بنكيران من خروج النقابات إلى الشارع في مناسبات متعددة سواء في مسيرة الكرامة أو مسيرة الغضب، ووصفهم بنعوت قدحية في محاولة لثنيهم عن مواصلة الخروج حتى يخلو له الجو ليستفرد بالمواطن الذي لا ينخرط في النقابة أو الحزب ويواصل مسلسل تدمير القدرة الشرائية. احذروا الحكومة إنها مقدمة على تخفيض الأجور.