اضطرت اسبانيا على ما يبدو لطلب مساعدة اوروبية لمصارفها السبت, ما سيحل ربما اكبر مشاكلها لكن يبقى لديها مسائل مهمة اخرى يتوجب تسويتها مثل تقليص عجزها كما يحذر خبراء الاقتصاد. فقبل عشرة ايام فقط رفض رئيس الحكومة ماريانو راخوي بشكل قاطع في احدى مداخلاته العامة النادرة اي مساعدة خارجية وقال "لن يكون هناك اي انقاذ" خارجي للقطاع المصرفي. لكن الامور تسارعت بشكل مفاجىء في الساعات الاخيرة تحت ضغط الاسواق واوروبا التي تريد على ما يبدو حل المسألة قبل الانتخابات في اليونان في 17 حزيران/يونيو تخوفا من عدوى انتقال الازمة. وقال رافايل بامبيون برفسور الاقتصاد في مدرية الاعمال (بيزنس سكول) في مدريد "ان على اسبانيا ان تسمح بانقاذها ان كان بقية شركائها الاوروبيين يريدون ذلك". وبالفعل قررت اسبانيا القوة الاقتصادية الرابعة في اوروبا في نهاية المطاف السبت طلب مساعدة اوروبية لمصارفها بعد ان ترددت طويلا في اتخاذ قرار كهذا اصبح ضروريا بعد تفاقم ازمة الدين. وخطة المساعدة هذه هي الرابعة لبلد في منطقة اليورو منذ بدء الازمة المالية في نهاية العام ,2009 بعد اليونان وايرلندا والبرتغال. والمطلوب في اسبانيا تعويم القطاع المصرفي الذي تاثر كثيرا بازمة العقارات, على ان يصل هذا التعويم الى نحو مئة مليار يورو بحسب مجموعة يوروغروب. وكان وزير الاقتصاد الاسباني لويس دي غيندوس صرح السبت ان اسبانيا ستطلب "مساعدة مالية اوروبية" لدعم قطاعها المصرفي, وذلك اثر اجتماع عبر الهاتف لوزراء مالية دول منطقة اليورو ال17. وقال في مؤتمر صحافي ان "هذا الدعم المالي سيكون تحت ادارة صندوق الدعم الاسباني الرسمي الذي سيوزع المال على المصارف التي تطلبه", رافضا تحديد قيمة هذه المساعدة ومعلنا انه لن يكون هناك بالمقابل اي شرط حول اصلاحات اقتصادية "خارج اطار القطاع المالي". واضاف ان "الشروط ستفرض على المصارف وليس على المجتمع الاسباني". من جهتها, اعلنت منطقة اليورو مساء السبت اثر اجتماع لمجموعة يوروغروب انها مستعدة "للرد ايجابا على طلب مساعدة" اسبانيا لدعم قطاعها المصرفي واقراضها حتى مئة مليار يورو. ورحبت فرنسا وكذلك اليابان بالاتفاق الذي تم التوصل اليه ضمن منطقة اليورو لمساعدة اسبانيا على اعادة رسملة مصارفها والذي يشكل "مؤشرا قويا على التضامن", كما صرح وزير المالية بيار موسكوفيسي لوكالة فرانس برس. وقال الوزير الفرنسي انه "شدد على ان تنحصر الشروط بالقطاع المصرفي" الاسباني ولا تتضمن اي "سياسات تقشفية". واضاف "رأينا ان اسبانيا اجرت اصلاحات هيكلية ستعطي ثمارها وان هناك قسما كبيرا من القطاع المصرفي الاسباني سليم", موضحا "ان اسبانيا اعتبرت ان المشكلة محصورة, وهذا التحليل يتشاطره الجميع بما في ذلك صندوق النقد الدولي". وراى الوزير الفرنسي ان "المبلغ المطروح... اهم من التقديرات التي اعلنت خصوصا من قبل صندوق النقد الدولي". وكان تقرير صندوق النقد الدولي حول المصارف الاسبانية والذي نشر مساء الجمعة قدر احتياجاتها بما لا يقل عن اربعين مليار يورو. واكد موسكوفيسي بعد ذلك في بيان ان فرنسا "ساهمت بشكل فعال" في هذا "الاتفاق المبدئي" الذي سيجري تنفيذه "في الاسابيع المقبلة". واعتبر انه من خلال "السماح بازالة الشكوك المرتبطة بوضع القطاع المصرفي الاسباني واعادة الثقة, يسهم هذا الاتفاق بتشجيع عودة النمو في اوروبا". واكد وزير المالية الياباني جون ازومي من جهته الاحد ان الاتفاق "خطوة مهمة" نحو استقرار الاقتصاد الاوروبي والعالمي. ودعا ازومي القادة الاوروبيين لمواصلة ابداء المرونة في معالجة المشكلات المالية في منطقتهم التي تؤثر على صحة الاقتصاد العالمي ودفعت الين العملة الملجأ الى الارتفاع بمستويات قياسية مقابل الدولار الاميركي او اليورو مما يضر بالصادرات اليابانية. وقال الوزير الياباني للصحافيين "ان تأكيد وضع خطة مساعدة بقيمة 10 الاف مليار ين (100 مليار يورو او 125 مليار دولار) ستساهم بشكل كبير في الاستقرار", مشيرا الى الوضع الاقتصادي العالمي او النظام المصرفي الاسباني الهش. واضاف "أمل ان تتخذ مبادرات اخرى من النوع نفسه بمرونة وسرعة. ومن هذا المنظور اعتقد انها اول خطوة مهمة". وكتب مدير صحيفة ال ايكونوميستا امادور ايورا في مقال افتتاحي "ان لم تجد اسبانيا المال لمصارفها, فلن يكوني لديها الخيار في الخريف وستكون موضع تدخل" خارجي. وراى انه لانقاذ الاقتصاد الرابع في منطقة اليورو "المشكلة هي ان المبلغ لن يكون 60 او 80 مليارا بل حوالى 500 مليار". وقال رافايل بامبيون بقلق "الان يجب رؤية ما هي الشروط (لهذه المساعدة), فان قالوا لنا ارفعوا سن التقاعد واجروا اصلاحا اعمق للعمل وخفضوا رواتب الموظفين.. فانهم ربما سيستفيدون من ذلك". ولفت خوسي كارلوس دييز الى "ان التفاصيل ستأتي لاحقا, والشيطان يكمن في التفاصيل", مضيفا "لا داعي لكي تكون خطة (الانقاذ) مماثلة للبرتغال او ايرلندا". والشرط الوحيد الذي تفرضه مدريد هو تصحيح القطاع المالي بحسب مصدر حكومي اوروبي ما يرضي راخوي الذي يتجنب بذلك اي خطة تقشف. لكن اسبانيا لديها ورشة اخرى لا بد من التصدي لها. فبعد ازمة موازنة خطيرة في 2011 وعدت بخفض عجزها العام من 8,9% الى 5,3% هذا العام. وهي مهمة تبدو معقدة في حين تعتبر مناطقها ال17 التي تتمتع بالحكم الذاتي في نظر المستثمرين مرادفا لنقص السياسة المالية الصارمة. واشار رافايل بامبيون من جهته الى مشكلتين اخريين ما زالت تهدد اقتصاد البلاد, "اختلال توازن سوق السكن مع كثير من المنازل المعروضة للبيع وقليل من الطلب" في بلد يعاني من نتائج الطفرة العقارية في 2008. والمشكلة الاخرى هي سوق "العمل الذي سيحتاج ايضا لوقت طويل لمعاودة الانطلاق" في حين تسجل اسبانيا اكبر نسبة بطالة في العالم الصناعي (24,44%). ولفت رالف سولفين المحلل في كومرتس بنك في مذكرة الى ان المساعدة الاوروبية "ستزيد بسرعة المضاربة ان اضطرت اسبانيا لطلب خطة انقاذ ايضا لماليتها العامة". وقال خوسي كارلوس دييز محذرا ان هدف الانقاذ يجب ان يكون تفادي خطة ثانية بعد ذلك. اسبانيا في ارقام وقائع وارقام متعلقة باسبانيا, احدى الدول ال17 الاعضاء في منطقة اليورو الاكثر تأثرا بالازمة والتي طلبت مساعدة اوروبية لقطاعها المصرفي يمكن ان تصل الى نحو مئة مليار يورو. — تاريخ انضمامها الى منطقة اليورو : اسبانيا هي من اول الدول في الاتحاد الاقتصادي والنقدي الذي رأي النور في 1999 حتى وان لم يبدأ التداول باليورو الا في الاول من كانون الثاني/يناير 2002. — اجمالي الناتج الداخلي : 1073 مليار يورو في 2011 (يوروستات). النمو بلغ 0,7 بالمئة في ,2011 -1,8 بالمئة متوقع في 2012 و-0,3 بالمئة في 2013 (المفوضية الاوروبية). — الدين العام : 734,961 مليار يورو, اي 68,5 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي في 2011 مقابل فقط 40,2 بالمئة اواخر العام 2008 (يوروستات). ويتوقع ان يبلغ 80,9 بالمئة في 2012 ثم 87 بالمئة في 2013. — الدين الخاص : في 2010 كان اجمالي ديون الاسر الاسبانية مساويا ل90 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي, وديون الشركات 205 بالمئة (صندوق النقد الدولي). — العجز العام : 8,9 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي في ,2011 اكثر بكثير من ال6 بالمئة التي وعدت بها بروكسل بحسب الحكومة. وتعول المفوضية الاوروبية على 6,4 بالمئة في 2012 و6,3 بالمئة في ,2013 لكن مدريد تعهدت بان يبلغ 5,3 بالمئة في 2012 ثم 3 بالمئة في 2013. — البطالة : اكبر نسبة بطالة في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية مع 24,3 بالمئة في اواخر نيسان/ابريل (يوروستات). وتشير التوقعات الى 24,4 بالمئة في 2012 و25,1 بالمئة في 2013 (المفوضية الاوروبية), فيما تعول الحكومة من جهتها على 24,3 بالمئة في 2012 و24,2 بالمئة في 2013. — التضخم : 3,1 بالمئة في ,2011 فيما يتوقع ان يسجل 1,9 بالمئة في ,2012 و1,1 بالمئة في 2013 (المفوضية الاوروبية). — متوسط الراتب الشهري : 1632,65 يورو في الفصل الرابع من 2011 (المعهد الوطني للاحصاء). والحد الادنى للراتب الشهري هو 6,441 يورو (القانون المالي 2011). — التعداد السكاني : 47 مليون و190 الف و493 نسمة (2011). وهي البلد الخامس من حيث عدد السكان في الاتحاد الاوروبي. العاصمة مدريد وتعد 3265 مليون نسمة (2011). — اللغة : الاسبانية هي اللغة الرسمية الوطنية, واللغات الرسمية في الاقاليم هي الباسكية والكاتالونية والغاليسية. — الديانة : يشكل اتباع الكنيسة المسيحية الكاثوليكية 75 بالمئة والديانات الاخرى 2,5 بالمئة. — الاقتصاد : اسبانيا هي الاقتصاد الرابع في منطقة اليورو ويهيمن عليه قطاع الخدمات اذ تشكل السياحة النشاط الاقتصادي الاول في البلاد. وتبقى الصناعة بالرغم من تراجعها من ركائز الاقتصاد الاسباني مع قطاعات الزراعة الغذائية والبناء والسيارات. — التصنيف الائتماني : خفضت وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى "ستاندارد اند بورز" و"موديز" و"فيتش" مرات عدة في السنوات الاخيرة التصنيف السيادي لاسبانيا خصوصا بسبب العجز الهائل المسجل في الاقاليم. — المؤسسات السياسية : قيام نظام ملكي دستوري منذ 1975 بعد 36 عاما من الدكتاتورية. الملك هو رئيس الدولة والجيوش. وهو الذي يعين رئيس الحكومة بعد موافقة البرلمان المؤلف من مجلسين : مجلس النواب ومجلس الشيوخ. الانتخابات الاخيرة جرت في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 وفاز فيها الحزب الشعبي (محافظ). رئيس الحكومة هو ماريانو راخوي الذي تسلم مهامه في 21 كانون الاول/ديسمبر. ازمة الدين في منطقة اليورو منذ نهاية 2009 (تسلسل زمني) المحطات الاساسية لازمة الدين في منطقة اليورو منذ عامين ونصف العام, بينما اعلنت اسبانيا انها ستطلب "مساعدة مالية اوروبية" لاصلاح قطاعها المصرفي. — 2009 كانون الاول/ديسمبر : اليونان : استنفار في الاتحاد الاوروبي حول المال العام اليوناني بعد زيادة تقديرات العجز (12,7 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي). خفض تصنيف الدين لهذا البلد. — 2010 كانون الثاني/يناير : اسبانيا : خطة تقشفية لخفض العجز العام (11,2 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي), تلتها اجراءات جديدة في ايار/مايو. ايار/مايو : اليونان : لم يعد هذا البلد قادرا على الاقتراض نظرا لارتفاع معدلات الفائدة. تقرر برنامج اول للقروض العاجلة من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي بقيمة 110 مليارات يورو, مقابل خطة تقشف. انشىء الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي لمساعدة الدول الهشة في منطقة اليورو. تموز/يوليو : ايطاليا : خطة تقشف في ايطاليا التي تعاني من مديونية هي واحدة من الاعلى في العالم (1900 مليار يورو). تشرين الثاني/نوفمبر : ايرلندا : ازمة مصرفية وطفرة عقارية. خطة انقاذ من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي بقيمة 85 مليار يورو. — 2011 ايار/مايو : البرتغال : مساعدة من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي بقيمة 78 مليار يورو مقابل اصلاحات وبرنامج تقشفي. آب/اغسطس : ايطاليا واسبانيا تتعرضان لهجمات من اسواق المال. فرنسا تهتز للمرة الاولى وتتبنى خطة تقشفية اولى تلتها خطة ثانية في تشرين الثاني/نوفمبر. تشرين الاول/اكتوبر : اليونان : اتفاق لمنطقة اليورو على خطة جديدة تقضي بمنح قروض بقيمة 130 مليون يورو واعادة هيكلة الدين, مقابل فرض شبه وصاية على البلاد. مطلع تشرين الثاني/نوفمبر : اليونان : استقالة رئيس الوزراء جورج باباندريو بعد اعلانه عن مشروع استفتاء حول الاتفاق الاوروبي, ثم تراجعه عن ذلك. تولى رئاسة الحكومة خلفا له لوكاس باباديموس. منتصف تشرين الثاني/نوفمبر : ايطاليا : استقالة رئيس الوزراء سيلفيو برلوسكوني. حل محله المفوض الاوروبي السابق ماريو مونتي. 21 كانون الاول/ديسمبر : قروض بقيمة لا سابق لها من البنك المركزي الاوروبي الى مصارف منطقة اليورو. — 2012 كانون الثاني/يناير : خفض تصنيف تسع دول في منطقة اليورو وفرنسا والنمسا تفقدان الدرجة الممتازة (ايه ايه ايه). في ,30 عقدت القمة الاوروبية حول المعاهدة الجيدة لضبط الميزانية وبدأ تطبيق الآلية الاوروبية للاستقرار. 09 آذار/مارس : اليونان : وافقت غالبية من الجهات الدائنة في القطاع الخاص على شطب 105 مليارات يورو من دين اثينا. 06 ايار/مايو : اليونان : هزيمة حزبين كبيرين وافقا على خطة التقشف في الانتخابات التشريعية. وفي غياب اتفاق على تشكيل حكومة ائتلاف, ستنظم انتخابات جديدة في 17 حزيران/يونيو. 15 ايار/مايو : فرنسا : فور فوزه في الانتخابات, الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يتوجه الى برلين. تفاهم فرنسي الماني بشأن بقاء اليونان في منطقة اليورو ولكن بدرجة اقل بشأن "الاجراءات الفورية" لانعاش النمو التي تريدها باريس. 25 ايار/مايو : اسبانيا : رابع مصارف اسبانية بانكيا يطلب مساعدة قياسية تبلغ قيمتها 19 مليار يورو من الدولة. 05 حزيران/يونيو : اسبانيا : نظرا للانتقادات التي واجهتها من الاسواق, اسبانيا تطلب من اوروبا "دعمها" عبر آلية لاعادة تمويل مصارفها. 07 حزيران/يونيو : خفض تصنيف الدين الاسباني (68,5 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي) ثلاث نقاط.09 حزيران/يونيو : اسبانيا : قررت هذه القوة الاقتصادية الرابعة في اوروبا طلب مساعدة اوروبية يمكن ان تصل الى مئة مليار يورو.