ليس هناك أدنى شك من أن حكومة بنكيران التي ينتظرها السياسيون بشغف لن ترى النور قبل السنة الجديدة، ليدخل المغرب فترة فراغ دستوري وأزمة سياسية يمكن أن تكون لها انعكاسات وخيمة مستقبلا، ووفق مصادر متطابقة، فإن بنكيران فشل حتى الآن في الوصول إلى توليفة لحكومته المقبلة بسبب صراع المناصب، قبل أن تضيف المصادر ذاتها، أن بنكيران سيدخل المغرب في إشكال دستوري على اعتبار أن مهام حكومة عباس الفاسي ستنتهي يوم الأحد المقبل وهي المدة التي يمنحها القانون التنظيمي لمجلس النواب لمعالجة حالات التنافي بين النيابة في البرلمان وشغل منصب في الحكومة، وسيصبح الوزراء الذين حازوا على مقعد في البرلمان خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة بين أمرين، إما الاستقالة من الوزارة مما سيفرغ حكومة عباس الفاسي أو الاستقالة من مجلس النواب، كما أن القانون يلزم الحكومة المنتهية ولايتها بتسليم السلط بعد ثلاثين يوما من انتخاب مجلس النواب، وهو ما يعني أن يوم الإثنين المقبل سيكون فيه المغرب بدون حكومة. وأشارت المصادر، إلى أن تأخر عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المعين في تشكيل حكومته الجديدة أثار خلافات قانونية، ظهرت أولى معالمها خلال جلسة انتخاب كريم غلاب رئيسا جديدا للبرلمان، حيث أثار حزب الاتحاد الاشتراكي نقطة التنافي وهو ما عجل باستقالة غلاب من حكومة عباس في انتظار خروج باقي الوزراء، أكثر من ذلك فحكومة عباس انتهت عمليا وتحولت فقط إلى حكومة تصريف الأعمال، قبل أن تنتهي رسميا مهامها يوم الأحد المقبل. موضحة أن بنكيران وجد نفسه بين نارين، فإما أن يعلن عن حكومته في الوقت المحدد قانونا، أو يدخل المغرب في إشكال دستوري جديد، ويبدو مستحيلا تشكيل الحكومة المقبلة في ثلاثة أيام، خصوصا أن حزب العدالة والتنمية نفسه لم يحسم بعد في أسماء وزرائه، بالنظر إلى التعقيدات المسطرية، التي قد تتطلب أكثر من أسبوعين من أجل الحسم في الأسماء. ضيق الوقت أيضا يطرح، لكون الدستور يفرض تعيين الملك للحكومة بعد أن تنال ثقة البرلمان، لأن الثقة تحتاج إلى تقديم التصريح الحكومي ومناقشته والتصويت عليه وهي مدة زمنية لا يمكن أن تقل عن أسبوع. وأضافت المصادر، أن عملية الاستوزار داخل حزب العدالة والتنمية التي تخضع لمسطرة معقدة قد تزيد من متاعب بنكيران، وقالت إن الحزب سيقطع شوطا كبيرا قبل إعلان الأسماء المرشحة لتعود الكرة في النهاية لملعب بنكيران، كما أن الأسماء المقترحة يجب أن تحظى بالثقة الملكية، وفي حال وقع العكس فإن الحزب سيعود مرة أخرى إلى قواعده للتداول في اسم آخر، لنصبح أمام دوامة لا تنهي، المصادر أكدت أن الأمر ليس فيه أي شكل من أشكال الديمقراطية، مادام أن الأمر في نهاية المطاف سيعود إلى الأمين العام، مشددة على أن الحزب يسعى إلى أن يصبغ مروره بالحكومة بهالة كبيرة، لكنها فقط مقنعة، لكون الأسماء المرشحة تم اختيارها منذ زمن باتفاق مع الدائرة الضيقة لبنكيران نفسه، لذلك وصفت المصادر الأمر بالديمقراطية المقنعة التي تلعب على وتر القواعد، لإضفاء مزيد من المصداقية، وكأن الأسماء المقترحة نالت التزكية من أعضاء المجلس الوطني قبل أن تنالها من الملك كما ينص على ذلك الدستور. لكن المصادر عادت لتؤكد أن بنكيران أغفل نقطة أساسية، وهي أن الأمر يتعلق بالكفاءة بالدرجة الأولى، إذ لا يمكن اختيار اسم فقط لكونه مناضلا، فالمسألة تهم تدبير الشأن العام، لذلك تبدو مسطرة اختيار الأسماء المرشحة فاقدة للشرعية السياسية، ومردودة على أصحابها، كما أن هذه المسطرة استنزفت كثيرا من الجهد والوقت دون طائل. واستغربت المصادر ذاتها، طريقة تدبير المخاض السياسي الحالي، ورشحت خلال أسبوع واحد كثير من الأخبار حول استقبال الملك لبنكيران، وهي الأخبار التي يتم في كل مرة نفيها، مشيرة إلى وجود حالة من التخبط السياسي، تسبب فيها محيط بنكيران، الذي يطلق الخبر ونقيضه، ربما من أجل مزيد من الإثارة السياسية التي تعود عليها الحزب حتى وهو في المعارضة، ولا شك أن استقبال الملك لرئيس الحكومة هو من شروط تشكيل الحكومة المقبلة، حيث سيكون الاستقبال مقرونا بتقديم لائحة الحكومة الجديدة، ولأن بنكيران لم يتوصل بعد إلى تشكيل الحكومة العجيبة، فإنه لا معنى أساسا من استقباله، خاصة أن الملك منشغل هذه الأيام بتدشين كثير من المشاريع المتعلقة بالسكن الاجتماعي على مستوى جهة الدارالبيضاء، كما أن بنكيران نفسه لم ينته من تسريب ما راج في اجتماعه الأخير مع الملك، لدرجة أنه وصل به الأمر حد الحديث عن نكت حامضة كان على وشك أن يقولها للملك، ليظهر أن بنكيران، وفق المصادر ذاتها، واقع في إشكالات كبيرة ولابد أن يتخلص أولا من كل ذلك الكلام الزائد الذي لا يمل من ترديده ويتعلم كيف يصبح رجل دولة، يعرف متى يتكلم ومتى يصمت. وأضافت المصادر، أن المشهد السياسي المغربي تحول على عهد بنكيران إلى سوق مفتوح، ففي كل يوم تطلع علينا حكومة جديدة بأسماء جديدة، ويتم حذف أسماء أخرى إما بسبب رفض القصر، أو لأنها غير جديرة بالاستوزار، كما تم توزيع الحقائب حسب الأهواء، ووفق مصادر متطابقة فإن نشر أسماء بعض المرشحين له مبرران لا ثالث لهما، فإما أن تسريب تلك الأسماء يهدف إلى حرقها، وبالتالي إبعادها عن دائرة الاستوزار، أو أن تلك الأسماء هي نفسها من يسرب مثل تلك الأخبار، لكي تكون حاضرة في الصورة، وإن كانت المصادر تميل إلى الطرح الأول. وقالت، إن كثيرا من القياديين خاصة داخل حزب العدالة والتنمية لا مكان لهم في الحكومة المقبلة، حيث تم طرح اسمين ثم استبعاد فكرة ترشيحهما. الأول، هو مصطفى الرميد الذي دخل على خط المواجهة في كثير من الملفات خاصة المتعلقة بالسلفية الجهادية، والثاني، هو لحسن الداودي المتزوج من فرنسية، وبالتالي لن يغامر بنكيران في ترشيحه، حتى لا يكون سيفا مسلطا عليه مستقبلا.