باعتباره ملجأ لاستقطاب الإرهابيين وفي نفس الوقت عضوا هاما في التحالف الدولي لمكافحة "داعش" هل أصبح المغرب هدفا مميزا لهذا التنظيم الإرهابي الخطير.. ثلاثة أيام فقط بعد الضربة الإرهابية الخطيرة التي هزت العاصمة الفرنسية باريس في الثالث عشر من نونبر الأخير، رفعت السلطات الأمنية المغربية من درجة التأهب الأمني إلى الدرجة القصوى لمواجهة الخطر المحدق. لقد تم تعزيز الأمن في كل مدن وأقاليم المملكة مع حراسة أمنية مشددة وغير مسبوقة بالأحياء التي تتمركز بها، بالخصوص، الجاليات اليهودية والأماكن السياحية والقنصليات الأجنبية والأماكن العمومية االتي تستأثر بالاهتمام الكبير والرواج الشعبي على غرار ساحة جامع الفنا بمراكش و"مروكو مول" بالدار البيضاء، والفضاء التجاري العملاق المصنف في الرتبة العشرين عالميا ضمن الفضاءات التجارية العملاقة. المراقبة المشددة تم ضربها كذلك على الحدود وبالخصوص في المطارات وكذلك في الموانئ وفي نقط العبور على سبتة ومليلية المحتلتين.. إنها وضعية لم يسبق للمغرب أن عاشها.. إنها، باختصار، الخوف الذي تخلقه "داعش" كما كتبت "لو كوريي أنترناسيونال". * سلفيون مغاربة بقناع "التوبة" يمجدون القاعدة وداعش منذ الضربات الإرهابية التي هزت الدار البيضاء في السادس عشر من ماي 2003 على شكل عمليات انتحارية لإرهابيين، راح ضحيتها 43 شخصا وجرح مائة آخرون عرف الإسلام المتطرف و" شقيقه" الإرهاب وتهديداته ارتفاعا وغلوا. وذلك على الرغم من الدور الأمني الذي رافق هذه الأحداث وكان وراء الآلاف من الاعتقالات في الأوساط المتطرفة. غير أن الزعماء السلفيين من قبيل حسن الكتاني وعمر الحدوشي ومحمد الفيزازي الذين تمت متابعتهم بأحكام سجنية ثقيلة بُعيد هذه الأحداث تم العفو عنهم تزامنا مع "الربيع العربي" في 2011. اليوم وعلى الرغم من أنهم يمجدون الجهاد، لم يعودوا بالشكل الذي كانوا عليه في ما قبل، كما أن العديد من أتباعهم تم إعادة إدماجهم في المجتمع بل في الحقل السياسي، وذلك بفضل إعادة التأهيل الذي فرضته الدولة، والدليل في ذلك هو موجة التحاق العديد من السلفيين بالحركة الديمقراطية والاجتماعية لمحمد عرشان لخلق جناح ديني على غرار حركة التوحيد والإصلاح الجناح الدعوي للعدالة والتنمية. في "خلوتهم" لم تتوان العقول المفكرة للسلفية المغربية في حبك علاقات متينة مع تنظيم الدولة الإسلامية في تسميتها الجديدة أو مع داعش حتى، وذلك بالقدر الذي لم تخف هذه العقول تأثراتها وتعلقها، في الماضي، بتنظيم القاعدة حيث إن "الشيخ" عمر الحدوشي كان قاب قوسين أو أدنى من أن يصبح "مفتي" هذا التنظيم داخل المغرب، بعد أن رفض العرض الذي تقدم به إليه "مريده" تركي بن علي الذي قدم البيعة إلى الخليفة البغدادي غداة تأسيس داعش، إلا أن الحدوشي، ومنذئذ ظل يعتبر الدولة الإسلامية خلافة من الورق المقوى "الكرطون" مفضلا عنها جبهة النصرة وهي الجماعة السلفية الجهادية التابعة للقاعدة وباقي الجماعات التي تكافح ضد نظام بشار الأسد. *نجاح السلطات المغربية في مواجهة "القاعدة في المغرب الإسلامي" ومع مرور السنوات انضاف تهديد تنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي" الذي تأسس على أنقاض الجماعة الجزائرية المسلحة في الجزائر، وهو التنظيم الذي تطور نشاطه في الوسط الهش للصحراء، خصوصا عند الحدود في مالي والنيجر وتشاد بداية من 2008، وقد سلم المغرب من سلسلة الهجمات والاختطافات التي ظلت تتهدد هذه المنطقة وذلك بفضل نجاعة البرنامج العسكري والأمني الذي تفرضه المملكة في الصحراء وبفضل مجهودات المراقبة التي يفرضها على حدوده مع الجزائر، إلا أن اندلاع الحرب في مالي في 2012 وما لحقها من تدخل عسكري لفرنسا هناك بداية سنة 2013 يمكن اعتباره آلية غيرت الوضع، إذ بعد ذلك وفي شتنبر 2013 عمدت القاعدة في المغرب الإسلامي وفي إطار "البروباغاندا" على بث فيديو كاذب تنعت فيه المغرب ب"مملكة الفساد والاستبداد" وتستهدف فيه مباشرة المؤسسة الملكية وتحرض المغاربة على الجهاد داخل المملكة، وهو ما استغله علي أنوزلا مدير موقع "لكم" الذي أصبح في ما بعد "لكم 2" لينشر رابطا إلكترونيا يحيل على مقال يحتوي على هذا الفيديو، وكان من نتائج ذلك توقيف علي أنوزلا بسب تمجيده الإرهاب ليستمر ملفه القضائي قيد البحث والتحري. مع التوسع الكبير للدولة الإسلامية في سوريا انطلاقا من 2013 والضغط العسكري في مالي تراجع تأثير ونشاط القاعدة في المغرب الإسلامي في المنطقة. و إذا كان هذا التنظيم عارض إعلان الخلافة من طرف البغدادي في يونيو2014فإنه لم يستطع مع ذلك منع العديد من المسؤولين والجماعات الجهادية النشيطة في القارة الإفريقية من مبايعة داعش وخليفتها. اليوم بالمغرب غالبية أشهر السلفيين باستثناء "التائبين" منهم و لّوا وجهتهم تجاه الدولة الإسلامية. هذا محمد مصباح المختص في الإسلام المتطرف و صاحب دراسة حديثة حول المقاتلين المغاربة في داعش، و هي الدراسة التي عمد على نشرها المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن في أكتوبر الأخير يوضح: " حسب معهد الدراسات الحربية فإن الاستراتيجية الراهنة لداعش تقوم على ثلاثة محاور، أولها الدفاع عن حوزة ترابها حيث تسيطر على مجال واسع من الأراضي بين سوريا و العراق ، أي المجال الداخلي، وثانيها توطيد و جودها في العالم العربي الإسلامي، اي المجال الخارجي و ثالثها "تدويل " الجهاد بالدول المعادية للتنظيم في باقي المعمور، وهو ما يعني المجال الدولي البعيد." من جانبها الرسالة الخاصة ل "أنتيليجانس أون لاين" أكدت أن داعش قررت في يونيو 2015تبني منهاج جديد يعتمد على تنفيذ عمليات في المغرب بواسطة أعضاء مقاتلين يوجدون مباشرة تحت و صاية أطر كبيرة تابعة للتنظيم و ذلك لكي لا تترك المجموعات المعزولة في مبادراتها لهجمات منفردة و محتشمة كما كان الأمر في السابق. فهارليم غامبير المحلل المختص في مكافحة الإرهاب في " معهد الدراسات الحربية" يوضح في الرابع عشر من نونبر الأخير (أي بُعيد الضربات الإرهابية التي استهدفت باريس في 13 نونبر) ان العملية الإرهابية للواحد و الثلاثين من أكتوبر الأخير و التي استهدفت طائرة الركاب الروسية في سيناء متبوعة بالهجمات على باريس في سبع عمليات متزامنة في العاصمة الفرنسية تعني أن الدولة الإسلامية أصبح من أولوياتها ضرب أهداف في الخارج و هي الأهداف التي تعتبر بمثابة أعداء مميزين. *المغرب مُجمّع للمرشحين للهجرة إلى داعش في عدد لنشرة معهد الدراسات الحربية صادرة في ماي 2015، حول جميع أنشطة داعش، قدر هارليم غامبيي ان التنظيم وسع من تأثيره ،عبر شبكاته للاستقطاب في المغرب و ذلك بهدف تقديم الدعم إلى الخلايا الإرهابية الموجهة إلى زعزعة الاستقرار في دول إفريقيا الشمالية و بهدف القيام بعمليات إرهابية في المغرب. فالمغرب إلى جانب تونس يعتبر واحدا من المراكز الإفريقية المختصة في استقطاب الجهاديين إلى الدولة الإسلامية في العراق و بلاد الشام، اذ أن المقاتلين المغاربة في هذا التنظيم ينحدرون في غالبيتهم من شمال المملكة و من المناطق الفقيرة لمدن تطوان و الفنيدق دون نسيان أولئك الذين ينحدرون من ضواحي مدينة فاس و سلا أو الدارالبيضاء وأحيائها المهمشة حيث تمتزج الإيديولوجية الجهادية و التطرف السلفي بالهشاشة الاجتماعية و التهميش التنموي. موجة الذهاب إلى سوريا بدأت في 2012، حيث كان الهدف المزعوم هو إسقاط نظام بشار الأسد. و لعل عبد العزيز مهدالي باسمه المستعار ابو أسامة المغربي يشكل وجها بارزا من وجوه هذه الهجرة الحربية، حيث يعتبر من أول الشبان الذين التحقوا بجبهة القتال في سوريا. وقد أصبح هذا البائع المتجول المنحدر من حي لوطا في الفنيدق رمزا لدى شبان المنطقة المتشبعين بإيديولوجية الجهاد المقدس الذي تدعو إليه داعش، حيث بادر العديد من هؤلاء الشبان إلى تقليد ه في مساره الدموي . لقد كان هذا الشاب مراهقا خجولا و منغلقا على نفسه قبل ان يتطرف تدريجيا بداية من 2006 لكن من دون أن تبدو عليه آثار لهذا التطرف، كما أكد أحد أقربائه الذي شدد على انه شارك بمعيته في احتجاجات حركة 20 فبراير التي تكونت في 2011 تزامنا مع أحداث الربيع العربي.فالأعمال الوحشية التي قام بها مهدالي في سوريا نزلت علينا مثل حمام ثلج يضيف رفيقه في النضال رفقة 20 فبراير. لقد تم استقطابه بداية الأمر من طرف جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة قبل الالتحاق بداعش التي كلفته بسرعة، بمهمة قيادية عسكرية في أدلب التي كون فيها شخصيته الدموية و أسس سمعته القبيحة، منفّذا التعاليم السلبية للشريعة بحذافيرها . يقول محمد مصباح " لقد استطاع بأعماله الشنيعة أن يؤثر في العديد من أقرانه و أصدقائه من مدينة الفنيدق" لقد أصبح قدوة لهؤلاء بل بطلا وطنيا للعديد من شبان الفنيدق بمن فيهم أولئك الذين لا قناعة لهم و لا اقتناع بالأفكار السلفية، وفي ذلك أكبر من دلالة على العدد الهائل من شبّان الفنيدق و نواحيها في الذهاب إلى سوريا لخوض الحرب إلى جانب داعش". غير أن نهاية مهدالي أو أبو أسامة المغربي كانت في يناير من 2014 حينما سقط صريعا بنيران صديقة من طرف عناصر من جماعة النصرة التي كانت آوته في أول مساره الدموي بسوريا". وجه ثان من الوجوه المغربية التي انضمت إلى ساحة القتال رفقة داعش ، ولم يتوان الإعلام الداعشي في بث صوره على الأنترنيت في إطار" بروباغاندا" هذا التنظيم ، و يتعلق الأمر بمحمد حمدوش المعروف ب "كيكيتو" و ب"قاطع الرؤوس" المنحدر بدوره من مدينة الفنيدق ورافق مهدالي في صولاته و جولاته القتالية و بوحشية غير مسبوقة في الحرب السورية. و لعل الصورة التي يحمل فيها بذراعه الضخمة خمسة رؤوس آدمية مفصولة عن أجسادها و بثها الإعلام الداعشي ووقف عليها العالم بمشاهدتها على الانترنيت تجسد الوحشية التي ارتكبها الجهاديون المغاربة في هذه الحرب. "إنها رؤوس المنافقين الذين مولتهم الولاياتالمتحدةالأمريكية و دول الخليج و بعض دول أوروبا التي تريد مواجهة توسع دولة الخلافة" ،يقول محمد حمدوش في تصريح صحفي . لقد فارق الحياة في أكتوبر 2015 في مواجهات مع جيش النظام السوري في أدلب. *دور صغير للجهاديين المغاربة في داعش إذا كان بعض الجهاديين المغاربة اشتهروا ببسالتهم في ساحة القتال في سورياوالعراق عن طريق تمرسهم باستعمال الأسلحة و و حشية أفعالهم تجاه أعدائهم، فإنهم لم يستطيعوا في أي وقت من الأوقات بلوغ قمة التسيير في ترا تبية و تنظيم داعش، حيث على العكس من العراقيين الذين تناط بهم المهام الجسام، فإن " المهاجرين" المغاربة لا يتم تكليفهم إلا بالمهام الصغرى. ولماما ما تجدهم يتحملون مسؤوليات غاية في الأهمية، كتكليفهم بالإمداد أو الاشتغال على البروباغاندا بهدف استمالة مواطنيهم الشغوفين بمغامرات الجهادية و الجهاد. يقول هشام الهاشمي، وهو عراقي مختص في البروباغاندا: "لا يحضر أي مغربي للمجلس العسكري أو مجلس الشورى أو المجلس المكلف بالمسائل العقائدية أو القيادية" .في أحسن الأحوال يتم تعيين الجهاديين المغاربة " أمراء" صغار في هيئة عسكرية أو في هيئة للأحكام ومع ذلك يكون هذا التعيين جد محدود و في مجال ضيق جدا، يضيف الهاشمي. *جهاديو المغرب يمثلون %5.6 من إجمالي مقاتلي داعش في مارس 2015 حدد عبد الحق الخيام مدير المكتب المركزي للتحقيقات القضائية 1355 مقاتلا مغربيا توجهوا إلى سوريا و العراق منهم 500 في صفوف داعش و لقوا حتفهم في سوريا مقابل 40 آخرين ماتوا في العراق.بدوره " فلاش بوان إنتيل، "الهيئة الأمريكية المختصة في رصد الأنشطة الجهادية، قدرت ان المغاربة يشكلون نسبة 5.6 في المائة من إجمالي المقاتلين الأجانب الذين توفوا في العراق خلال الأشهر الستة الأخيرة من 2015. و على الرغم من شدة المراقبة التي تضربها السلطات فإن الهجرة إلى العراق و بلاد الشام متواصلة كما هو الحال بالنسبة لمحمد و لد عمر،الذي تمكن بعد ستة أشهر فقط من خروجه من السجن ،حيث قضى سنتين حبسا بين سنتي2012 و2014 لإدانته بتهمة مساعدة شبان على الهجرة إلى الجهاد، (تمكن) من الالتحاق بداعش رفقة 18 شابا آخرين ينحدرون كلهم من شمال المملكة في الأشهر الأربعة الأخيرة حسب إفادة محمد بنعيسى رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان. "نتوقع هجرة العشرات من شبان آخرين في الأيام القليلة المقبلة، فالكثير منهم ينتظرون الفرصة المواتية للانفلات من قبضة السلطات" ،يؤكد بنعيسى قبل أن يشدد على أن المقاربة الأمنية في منع الهجرة تبقى غير كافية لوقف النزيف. *الهجرة إلى داعش متواصلة رغم تشديد المراقبة أهو تسامح أم عجز أم هي إباحية من طرف السلطات؟ سؤال يفرض نفسه بقوة، لأن أعدادا كبيرة من هؤلاء يُعتبرون سلفيين ذائعي الصيت ونشيطين على المواقع الاجتماعية ومرصودين من طرف مصالح الاستخبارات. إنهم كثر، ومنهم مراد دردري، أستاذ العلوم الطبيعية في تطوان الذي حط الرحال هناك بسوريا و العراق، في غشت الأخير، وحاتم حلاوة لاعب كرة القدم داخل القاعة والمنحدر هو الآخر من تطوان حيث" اقتفى أثر" مراد دردري، وعلى صفحيتهما للفايسبوك أبديا دعمهما علانية لبروباغاندا البغدادي ودافعا عن دولة الخلافة وانتقدا جماعة النصرة،وجماعات أخرى موجودة في سوريا، لكنها لم تبايع الخليفة البغدادي ولا دولة الخلافة. بإلقاء نظرة خاطفة على حساب فايسبوك لمراد دردري يمكن أن نرصد غوصه في التطرف. فكتاباته كلها تتجه ضد الإخوان المسلمين وضد حماس ولا تستثني حتى العدالة والتنمية المغربية الذي تخرج منه رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، وهي كتابات أخذت منحى آخر ، حيث لا يتردد في عرض بروباغاندا التنظيم بتناوب.. وتلك كلها كانت إشارات توحي باعتناق الجهادية لكنها على ما يبدو لم تلفت أنظار السلطات. وإلى حدود 2013 كان عدم ردة فعل السلطات بمثابة تكتيك، رجح كفة سيطرة المقاتلين الأجانب المغاربة في داعش. لقد سهّل هذا الموقف للجهاديين هجرتهم إلى سورياوالعراق ومكن السلطات الأمنية من مواكبة الامتلاء الحاصل بمقرات السجون و مراقبتها، كما هو الحال بالنسبة ل"سجن سلا2"، كما مكنها من احتواء التأثير الشاسع لسلفيين في المجتمع. وفيما كانت هذه الآلية ناجعة كانت المعارضة الإسلامية لنظام بشار الأسد قد نجحت في تنظيم اللقاء الرابع لأصدقاء سوريا في مراكش في دجنبر 2012 لإعطاء كامل الشرعية لنفسها(المعارضة الإسلامية) ولأنشطتها في ساحة الوغى. كان عدد الذين عادوا من سورياوالعراق لا يقل عن 156 مقاتلا ، أقبلوا من أدلب ودير الزهور واللاذقية في اتجاه الدار البيضاء حسب الإحصائيات التي تم تقديمها حديثا من طرف الداخلية. وحسب مصادر في "ديسك" الأمريكي، ومقربة من الأوساط السلفية، فإن غالبية المقاتلين المغاربة في صفوف داعش يتمنون العودة إلى أرض الوطن، علما أن عددا كبيرا منهم قد فر من صفوف جيش الدولة الإسلامية متخلصا من النفوذ و المراقبة المضروبين من طرف التنظيم ، في اتجاه الحدود بين سوريا وتركيا ،حيث يؤكد الصحافي السوري" يمين شواف" أن "المغاربة لم يتحملوا ظروف العيش هناك. إنهم يعيشون تهميشا مقارنة بالجهاديين المحليين كما أنهم محرومون من كل شيء: مركز المسؤولية والامتيازات المخصصة للمقاتلين..". * تائبون يتمنّون ضمانات من الدولة بهدف العودة من جحيم داعش غالبا ما تصطدم رغبة العودة في إطار "توبة" بالخوف مما يمكن ملاقاته من معاناة في المغرب بالنظر إلى شدة المراقبة والإجراءات الأمنية المرتبطة بالعقوبات المشددة في قانون مكافحة الإرهاب. لذلك يتمنى "التائبون" ضمانات من الدولة بهدف عودة من دون اعتقال وسجن. كما تصطدم رغبة هؤلاء بالخوف الشديد من انتقام مفترض لداعش التي تعتبر الخروج عن صفوفها كبيرة من الكبائر وتحكم بالإعدام الفوري على كل من فر من جيوشها"."هناك أيضا حالات لجهاديين تم سجنهم من طرف الجيش السوري أوالجيش العراقي والذين يمنون النفس بترحيلهم إلى المغرب"، يؤكد الصحافي السوري ،مثيرا حالة سعيد التيفاني المنحدر من مدينة بوجنيبة، الذي التقى في زنازن السجن أفرادا من الميلشيات الكردية.. "لقد عاش سعيد صدمة كبرى بسبب التصرفات المشينة من طرف داعش تجاهه، حيث أن أمراءه بعثوا به إلى جبهة القتال في العراق في الوقت الذي رحّلوا زوجته إلى مخيم مخصص لزوجات المقاتلين. وعند عودته كانت معاناته كبرى حين وجد زوجته قد تم زواجها مجددا من جهادي آخر، بعد أن أخبروها بأن زوجها سعيد قضى نحبه في ساحة القتال.."،غدر قاتل جعل سعيد التيفاني يقتنع بأن دولة الخلافة ما هي إلا خدعة،وأنه لم يعد يتحمل البقاء هناك وان رغبته الوحيدة هي العودة إلى أرض الوطن . *خلايا نائمة مستعدة لعمليات إرهابية ألا يمكن لهذه التجربة القاسية لهؤلاء الشبان المحاربين المغرر بهم من طرف بروباغاندا داعش أن يتحولو إلى مشروع إرهابيين خطيرين عند عودتهم إلى المغرب؟ هل لا يرفع تأثيرهم المخدوم عن طريق إعلام موجه من درجة المخاطر الإرهابية المحدقة بالمملكة بمرور هؤلاء من الجهاد النظري إلى التطبيق الإجرامي والتنفيذ الإرهابي؟ فمحمد حصاد وزير الداخلية له اقتناع بذلك حيث أكد أمام نواب الأمة في يوليوز 2014 على أن" تهديدا إرهابيا حقيقيا يحدق بالبلاد" ،وبعد ذلك بأسابيع أعلنت وزارته عن تفكيك عدد من الخلايا التي كانت مستعدة لتنفيذ عمليات إرهابية داخل المملكة مستعملة أسلحة نارية ومتفجرات، وتلك كانت شبكات ينشط أفرادها بتطوان والفنيدق وفاس وسبتة المحتلة. في مارس 2015 أعلن المكتب المركزي للتحقيقات القضائية عن "تفكيك خلية أخرى كانت تستعد لتنفيذ عمليات إرهابية بالرباط مستهدفة شخصيات في المجتمع المدني وسياسيين ومسؤولين في الجيش" وكان ضمن المستهدفين أحمد عصيد، باحث ومناضل أمازيغي اشتهر بمواقفه لفائدة العلمانية . ""إن طرق التصفية لدى أفراد هذه الخلية مستلهمة من داعش وتتضمن الاختطاف والذبح وتصوير مشاهده" يؤكد عبد الحق الخيام مدير هذا المكتب المركزي.. فقبيل وفاته بقليل من الأيام في أدلب السورية كان محمد حمدوش "قاطع الرؤوس"قد هدد في نص رسالة مكتوبة بالعودة إلى المغرب بهدف تنظيفه من" الدم الملوث". لقد أكد مصدر من المخابرات حينها على أن العائدين من داعش "ينعمون عند عودتهم بحرية تطبيقا لقانون مكافحة الإرهاب.." وإلى حد الآن فإن العائدين إلى المغرب ليسوا سوى عناصر استقطاب جهاديين جدد أو جهاديين عابرين إلى أوروبا بهدف تنفيذ عمليات إرهابية هناك، كما هو الحال بالنسبة لجهادي عائد من داعش تم اعتقاله بمطار الدار البيضاء وهو على أهبة تنفيذ عملية إرهابية ضد كنيسة في سبتة المحتلة حسب مصدر من وزارة الداخلية. * البيعة للخليفة البغدادي والولاء لدولة الخلافة إن استقرار المغرب وتأمين حدوده وقوة مؤسساته ومنها مؤسسة الجيش ومؤسسة الأمن تمنع اختراقه من طرف أي حركة مرتبطة بداعش. فهذا التنظيم الإرهابي ينمو ويتطور بالخصوص في البلدان التي تتميز فيها مؤسسة الدولة بالهشاشة أو الانهيار. ولهذه الأسباب لم تستطع داعش أن تعلن في المغرب أي "محافظة " تابعة لها بالمملكة كما لم تتبن أي اتجاه أومذهب لها أو تنجح في تعيين قيادة خاصة بها داخل التراب المغربي. يقول هشام الهاشمي المختص في "البروباغاندا " لا بد وأن توجد بالمغرب خلايا نائمة ،بايعت الخليفة البغدادي وأعلنت ولاءها إلى دولة الخلافة وهي قاب قوسين أو أدنى من المرور إلى مرحلة تنفيذ عمليات إرهابية ،مُستغلة اضطرابات أو احتجاجات محتملة.." .. أما محمد مصباح فيؤكد على أن " مبايعة ابو بكر البغدادي الخليفة المزعوم فقد تم رصدها في العديد من المناسبات ، ولعل في ذلك أكبر الانعكاسات.." إن خصوصية الخلايا النائمة تكمن في أن أعضاءها لا يعرفون بعضهم البعض وأن كل خلية تتحرك وفق طريقتها و منهاجها الخاصين. في المغرب ، وحينما تشتغل الخلايا مع بعضها فإنما تفعل ذلك بهدف صرامة "الفعل الجهادي" المتوخى منه المساعدة الكبرى لتنقل الجهاديين إلى الخارج.فالقليل من الجماعات التي لها نزوة النشاط على التراب المغربي كان لها حثما مصادر مالية و أماكن للتداريب كما كانت مراقبة عن قرب من طرف السلطات..لكن ذلك لا يمنع استبعاد فرضية اختراق هذه الخلايا من طرف رجال مهمات من الأجانب الذين ترتكز عليهم داعش بهدف تكوين الوافدين الجدد و المحليين على تقنيات الحرب و الاقتتال.. *الذئاب المتفردة معضلة أخرى حسب سلفي " تائب" انخرط في صفوف الحركة الديمقراطية و الاجتماعية لمحمد عرشان فإن الخطر الذي يتهدد البلاد هو " الذئاب المتفردة" الذين يخضعون بشكل انفرادي و أعمى لتأثيرات داعش و تعاليمها من دون الحاجة إلى إطار أو قائد في هرمية هذه الدولة لتلقي أوامره و تنفيذها. إنهم قادرون على تنفيذ عملياتهم الإرهابية بمحض إرادتهم وعن طيب خاطر، الأكثر من هذا فإنهم قد ينقلبون ثائرين على شيوخهم ..إنهم فئة قليلة لكنها موجودة على ارض الواقع. في الثامن من يوليوز الأخير أعلن المكتب المركزي للتحقيقات القضائية في بلاغ له أنه قام بنسف "مشروع جهادي فردي".و ذكّر هذا المخطط بعمليات القاعدة التي نفذت عبر انتحاريين تابعين لها هجمات الدار البيضاء في 2003 و 2007وربما عملية أركانة في مراكش سنة 2011. *المغرب و تحالفه مع الغرب مؤشر جديد لمخاطر الإرهاب على المملكة من المهم التذكير بالأحداث التي دفعت بالمغرب إلى المشاركة مع التحالف الدولي في مكافحة داعش لمعرفة توجس المملكة من مخاطر إرهابية محدقة داخل الاراضي المغربية، ذلك أنه إذعانا للعبة الائتلاف الاستراتيجي مع الولاياتالمتحدةالأمريكية و دول الخليج كان لزاما على الرباط إن تدخل على خط هذه الحرب. فحينما أعلنت مديرية الدولة الأمريكية في التاسع عشر من شتنبر 2014 لائحة دول الائتلاف المشاركة في الحرب ضد داعش ،كان المغرب ضمن هذه اللائحة هو البلد الوحيد من دول المغرب العربي.. و قد تم انتظار الفاتح من أكتوبر ليعلن صلاح الدين مزوار وزير الشؤون الخارجية على قناة العربية ما معناه "ان المشاركة المغربية في هذه الحرب تتحدد في جانب المعلومات ". لكنه عاد في الثامن و العشرين من نفس الشهر ليعلن في بلاغ أن الرباط ستقدم دعما إلى الإمارات العربية المتحدة في مواجهتها للإرهاب و للحفاظ على السلم و الاستقرار الجهوي والدولي ".."هذا (القرار) ياتي ليتمم باقي الإجراءات المتخذة على التراب الوطني ضد التهديد الإرهابي الدولي " يضيف الوزير. بعد ذلك ، صلاح الدين مزوار وزير الشؤون الخارجية و محمد حصاد و زير الداخلية ومصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة أكدوا في ندوة صحفية بان الدعم العسكري يتم تحت المراقبة الإماراتية و ليس تحت الائتلاف الدولي. *خطة " حذر" جهاز الإنذار تزامنا مع هذه الإجراءات أعلنت و زارة الداخلية عن إطلاق خطة حذر بهدف تقوية الأمن داخل المملكة و تغطية مختلف المواقع الحساسة في الخريطة الوطنية. العامل المكلف بالشؤون العامة في ولاية الأمن بالدار البيضاء الكبرى فسر حينها للصحافيين "أن هذا الجهاز الأمني جاء تبعا لمعلومات دقيقة بموجبها أصبح المغرب هدفا لهجمات إرهابية"كما نقلت ذلك يومية لوماتان.في نفس الوقت كانت حاملات لصواريخ مضادة للسلاح الجوي تم نشرها في جانب من سواحل الدار البيضاء و بالقرب من بعض المطارات الاستراتيجية من قبيل مطار مراكش المنارة. قلّت المعلومات حول المشاركة العسكرية للقوات المغربية في الحرب على داعش، وتم انتظار شهر دجنبر 2014 لتؤكد الدولة ما تناولته بعض المنابر الإعلامية الأمريكية بالتأكيد على أن المغرب يشارك في الضربات العسكرية الموجهة إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق و بلاد الشام بسرب من طائرات إيف 16.. لقد كانت الضربات المغربية الأولى في دجنبر نفسه. وفي فبراير 2015كانت داعش قد اعتقلت طيارا أردنيا على قيد الحياة قبل أن تبث مشهدا له في قفص أقدمت على إحراقه فيه حيا.كان من نتائج ذلك أن علقت الإمارات العربية مشاركتها فيما كان على المغرب أن يقتفي أثرها لكن أدنى تأكيد لذلك قد تم الإعلان عنه من طرف السلطات المغربية، إلا انه في مارس 2015 و بينما قادت السعودية قوات دول التحالف في ضربات جوية في اليمن ضد الحوثيين فقد المغرب، الذي كان مشاركا في هذه الضربات، طائرة حربية وربانها.