توصل موقع إيلاف إلى خلاصة مفادها أن المغرب يهدد خلافة أبو بكر البغدادي، وذلك بفضل تعاطيه الجدي مع موضوع السلفية الجهادية، حيث قام من جهة بتغيير نظرة شيوخ التطرف إلى الجهاد والعنف، نحو المزيد من الاعتدال والإيمان بالعمل المدني السلمي، ومن جهة أخرى يقوم بتفكيك الخلايا الإرهابية التي تعتبر قاعدة خلفية للدولة الإسلامية، التي أعلنها البغدادي من الموصل العراقية، وبذلك يكون المغرب العدو رقم واحد لخلافة لبغدادي. وقال إسماعيل دبارة، في مقال له تحت عنوان "خفايا تحريض دولة البغدادي ضد النظام المغربي"، إنه رغم بُعد المغرب عن مناطق نفوذ "دولة الخلافة الإسلامية" التي أقامها أبو بكر البغدادي في مساحات واسعة في كل من العراقوسوريا، إلا أن شدة تحريض شيوخ "الدولة" ضد النظام المغربي باتت مدعاة للتساؤل.
وتُطرح استفسارات كثيرة عن اهتمام تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرّف بما يجري في المغرب، وعدم إخفائه لنواياه في نقل المعارك إلى المملكة. وهو ما فسره الخبراء بضربات "تحت الحزام" وجهها النظام المغربي للجماعات المتشددة على امتداد المنطقة العربية.
وينقل الكاتب التونسي، عن الباحثة في (معهد واشنطن) فيش سكثيفيل التي قضت سنوات في المملكة، قولها أنه أصبح واضحاً أنّ تجربة المغرب في احتواء المتطرفين وفق سياسة تجمع بين الحلول الأمنية والقضائية والثقافية والسياسية، جعلت المتطرفين يخشون توسّع النموذج المغربي، إلى الحدّ الذي يهدد الجماعات المتطرفة التي تحتاج دوماً العنصر البشري المقاتل والفتاوى المتعصّبة، ولذلك كانت حملتهم على النموذج المغربي.
وتساءل الكاتب عن أهمية المغرب بالنسبة للجهاديين، حيث تحظى الجنسية المغربية باهتمام فائق بالنسبة للجماعات الجهادية الموالية لتنظيم القاعدة (قاعدة المغرب الإسلامي) أو المنشقة عنه (داعش)، وذلك عائد إلى أسباب كثيرة لعل أبرزها اعتبار المتطرّفين للمملكة بمثابة (الخزان الجهادي) الذي لا ينضب من جهة توفير الشباب التائق إلى القتال في المناطق الساخنة، إضافة إلى السمعة الطيبة ل"شيوخ الجهاد" في المغرب لدى التنظيمات المتطرفة وتعويل تلك التنظيمات كثيراً على فتاوى هؤلاء الشيوخ من أجل حضّ الشباب المسلم على الالتحاق بساحات النزاع.
وينقل الكاتب عن تقارير أمنية وإعلامية أنّ أعداداً كبيرة من الشباب المغربي ومن قدامى سجناء غوانتنامو وبعض المفرج عنهم من السجون المغربية، سافروا إلى سوريا للمشاركة في القتال ضد نظام بشار الأسد. ولا يُعرف العدد الحقيقي للجهاديين حملة الجنسية المغربية في سورياوالعراق، لكن التقديرات تشير إلى الآلاف.
ويضيف الكاتب أن المغاربة كالتونسيين والجزائريين يقبلون على الالتحاق في سوريا بممثلي التنظيمات الإرهابية التابعة ل"القاعدة"، خاصة "حركة شام الإسلام"، و"جبهة النصرة"، و"الدولة الإسلامية بالعراق والشام – داعش" التي غيّرت اسمها إلى (الدولة الإسلامية) مؤخراً.
وتشكل "حركة شام الإسلام"، المتمركزة في ريف اللاذقية على الساحل الغربي لسوريا، أكبر تجمع للجهاديين المغاربة في سوريا. بينما اختار مغاربة آخرون التطوع في صفوف "الدولة الإسلامية"، مثل الشاب إلياس المجاطي، وهو ابن عبد الكريم المجاطي، القيادي المغربي في تنظيم القاعدة، الذي قتل في الرس (السعودية) عام 2005. والتحق آخرون ب"جبهة النصرة" وتنظيمات أخرى.
وشدد الكاتب على أن من بين الأسباب التي تجعل دولة البغدادي الإسلامية تحرّض ضد المملكة المغربية عبر المنتديات وشبكات التواصل الاجتماعي، نجاح الرباط في ثني الكثير من الشخصيات الإسلامية التي تحترمها الجماعات الجهادية، عن إطلاق فتاوى تكفيرية، ناهيك عن تغيير نظرتها لنمط الحكم في المغرب بل والدعاية لشرعيته في أحيان كثيرة.
يفرد تحليل الباحثة في (معهد واشنطن)، فيش سكثيفيل، حيزاً كبيرًا لحادثة استهداف جهاديي البغدادي لواحدة من أبرز الشخصيات الجهادية في المغرب وهو عمر الحدوشي، الذي خصص له التنظيم حملة شتم متكاملة الأركان، نتيجة تخلّيه عن الكثير من قناعاته السابقة في ما يخص التشدد.
ونشر تنظيم الدولة الإسلامية شريطًا يحمل عنوان "حقيقة مخالفي الدولة الإسلامية... الحدوشي نموذجاً"، انتقد فيه موقف الشيخ المغربي من الجهاد، بالقول "لا بارك الله فيك لا أنت جاهدت ولا تركت الناس تجاهد ولا خلفتهم في أهليهم خيراً". ويقول المتشددون في الفيديو: "رأينا كيف يصور الحدوشي الهجرة لنصرة الإسلام والمسلمين على أنها جهاد للطلب، ملبسًا بذلك على الناس دينهم، في المقابل يدعو إلى نصرة الإخوان الديمقراطيين وإعانتهم على باطلهم"، في إشارة إلى حركة النهضة بتونس، التي سبق للحدوشي أن دعا إلى نصرتها "حتى ولو أخطأت لأنها مأجورة على ذلك أيضًا".
واستند تنظيم الدولة الإسلامية في الهجوم على الحدوشي، على تغريدات له يردّ فيها على تصورات داعش، منها قوله: "أصول خلافنا مع الدولة خمسة أمور؛ التكفير بغير حق، والقتل بغير حق، والكذب والجهل وعدم مراعاة السياسة الشرعية في العمل الجهادي... ابتلينا بأناس يكفرون بالجملة يتركون النصيرية ويذبحون الموحدين، والسبب جهلهم المكعب والمركب الجهل الكثيف، هؤلاء أفسدوا الجهاد مع مسلمي الثورة... عدم الرجوع إلى الحق والاعتراف بالخطأ أفضل من تأسيس إمامة صغرى... ما هكذا يكون الإتباع والانقياد للشرع".
يخلص تقرير (معهد واشنطن) إلى أنّ عين جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية باتت مركزة على المغرب، وهو ما يكشف عنه تشنّجهم المفرط لما يجري في المملكة من احتواء للجهاديين البارزين، واستعمال المغاربة لتعبير "أمير المؤمنين" عند حديثهم عن الملك محمد السادس، وهو ما يغضب "الخليفة" البغدادي كثيرًا، إضافة إلى وصول الإسلاميين المعتدلين إلى الحكم في المغرب بقيادة حزب العدالة والتنمية.