انخفض السعر الدولي للبترول في آخر التداولات إلى أقل من أربعين دولارا في الوقت الذي مازال المستهلك المغربي يحصل على اللتر الواحد من المحروقات بثمن يفوق 9 دراهم في معادلة يصعب حلها أمام القرار الحكومي القاضي بتحرير أسعار المحروقات، بداية من فاتح دجنبر الحالي، في ظرف غير مناسب، خصوصا أنه في الوقت الذي كان السعر الدولي لبرميل النفط يصل إلى 120 دولارا كان المواطن المغربي أيضا يستهلك اللتر الواحد من المحروقات بما يقارب 9 دراهم، بما يعني أن انخفاض الأسعار الدولية للنفط تستدعي أن يكون السعر الحقيقي للتر الواحد من المحروقات المغربية، في الوقت الراهن بثلاثة دراهم أي بقيمة الثلث أي ثلاثة دراهم ارتباطا بما يوجد عليه سعر البرميل في التداولات الدولية الراهنة. وما فتئت أسعار البترول تتهاوى لتسجل انخفاضا كبيرا يوم الثلاثاء الأخير حيث استقر سعر برميل النفط تحت الأربعين دولارا للبرميل في سابقة له، منذ أكثر من ست سنوات، إذ لم يصل هذا الانخفاض منذ فبراير 2009، أي منذ تأثيرات تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية التي كانت في بدايتها آنذاك. ويأتي هذا الانخفاض بعد ما قررت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) عدم خفض مستويات إنتاجها، فيما ينتظر المتعاملون في البورصات نتائج الاجتماع الذي سيعقده الاحتياطي الأمريكي "البنك المركزي" الأسبوع المقبل. وفيما سجل سعر غرب تكساس تسليم يناير انخفاضا ب33 سنتا ليصل سعر البرميل إلى 39,64 دولارا، انخفض سعر نفط برنت تسليم شهر يناير 22 سنتا ليصل إلى 42,78 دولارا للبرميل وذلك في الوقت الذي كانت أوبك رفضت في اجتماع في فيينا الجمعة الأخير خفض إنتاجها الذي من شأنه أن يؤدي إلى رفع أسعار النفط، وهو قرار يؤشر على استمرار انخفاض الأسعار الدولية للبترول، خصوصا أن المتعاملين في السوق يترقبون قرار الاحتياطي الفدرالي الأمريكي حول رفع أسعار الفائدة هذا الشهر، إذ في حال رفع البنك الفائدة، سيؤدي ذلك إلى تقوية الدولار الأمريكي، مما يدفع بسعر النفط إلى ارتفاع بالنسبة للعملات الأضعف الشيء الذي سيقلل الطلب ويؤدي كذلك إلى استمرار انخفاض الأسعار.. ويعاني المستهلك المغربي من ارتفاع أثمان المحروقات بمحطات التوزيع بشكل غير مناسب للمنحى التنازلي الذي تسير فيه الأسعار الدولية لبرميل البترول بشكل غير مسبوق. ويجد المغاربة أنفسهم ضحايا قرار ظالم للحكومة القاضي بتحرير أسعار المحروقات في وقت غير مناسب والظرفية الاقتصادية والسياسية العالمية التي تعرف العديد من الاضطرابات وتداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية المهيمنة منذ 2008، ناهيك عن الأزمة التي يعيشها قطاع المحروقات محليا بسبب أزمة "سامير" التي أوقفت مصفاتها بمدينة المحمدية لأسباب مالية، حيث تشير العديد من المصادر إلى أن قرار التحرير يخدم مصالح طبقة معينة تتمثل في الموزعين والفاعلين في القطاع من دون أن تخدم مصالح المواطنين الذين يأتون في آخر مفكرة أعضاء حكومة بنكيران. ولن يستفيد المستهلك المغربي من موجة انخفاض الأسعار الدولية للبترول في الوقت الذي كانت حكومة بنكيران حسمت في أمر أثمان المحروقات بتحريرها من الدعم المخصص لها من المقاصة فاتحة الباب على مصراعيه لأسعار محررة يتنافس فيها مجموعة من أرباب الشركات الموزعة للمحروقات، بمعنى آخر أن الهبوط الاضطراري للسعر الدولي لبرميل البترول لن يستفيد منه المواطن أكثر مما سيستفيد فيه الفاعلون و المضاربون والمستوردون لمنتوجات هذا القطاع. ويواجه المغاربة منذ فاتح دجنبر الحالي أسعارا محررة ومتفاوتة للمحروقات لدى محطات التوزيع، في سابقة أولى لتاريخ استهلاك المحروقات لمغرب ما بعد الاستقلال، وذلك على إيقاع أزمة مرتقبة قبل مرور أقل من ثلاثة أشهر من اليوم، حيث وضع قرار تحرير القطاع احتياطي المخزون الوطني الكافي من المحروقات على كف عفريت، خصوصا مع توقف مصفاة "لاسامير" عن الضخ بسبب أزمة الديون التي تعيشها منذ أشهر وكانت سببا في توقفها، وهي (سامير) التي كانت تساهم في إجمالي الاحتياطي الوطني للمحروقات بما قدره ثلاثون يوما من الاحتياط بمعنى نصف المخزون الاستراتيجي لهذه المنتوجات التي تشكل دعامة الاقتصاد الوطني ومحرك عجلته اليومية، حيث إن احتياطي المخزون الوطني مهدد بالنفاد قبل أقل من ثلاثة أشهر من الآن، علما أن شركة "لاسامير"، قبل توقفها عن الإنتاج، كانت تساهم لوحدها في الحجم الوطني للمحروقات بما يفوق 500 ألف متر مكعب، وهو رقم يقارب نصف إجمالي المخزون الوطني فيما تساهم باقي الشركات الوطنية الأخرى مجتمعة بأقل من هذا الرقم، علما أن المخزون الاستراتيجي للمحروقات الوطنية الذي من المفروض أن يغطي 60 يوما من الاستهلاك، كانت تساهم فيه "لاسامير" بحاجيات ثلاثين يوما في الوقت الذي تساهم فيه كل الشركات المتبقية إضافة إلى الواردات بتغطية ما بين 25 إلى ثلاثين يوما المتبقية.