"ميتا" تعلن عن إنشاء نموذج ذكاء اصطناعي جديد    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    مهنيون يرممون نقص الثروات السمكية    مدرسة التكنولوجيا تستقبل طلبة بنصالح    جماعة طنجة تصادق على ميزانية 2025 بقيمة تفوق 1،16 مليار درهم    المغرب يعتبر نفسه غير معني بقرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري        إقليم تطوان .. حجز واتلاف أزيد من 1470 كلغ من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك خلال 4 أشهر    منتدى الصحراء للحوار والثقافات يشارك في الدورة الثانية من مناظرة الصناعات الثقافية والإبداعية    خطاب خامنئي.. مزايدات فارغة وتجاهل للواقع في مواجهة إسرائيل    التعادل ينصف مباراة المحمدية والسوالم    أساتذة كليات الطب: تقليص مدة التكوين لا يبرر المقاطعة و الطلبة مدعوون لمراجعة موقفهم    هكذا تفاعلت الحكومة الإسبانية مع قرار محكمة العدل الأوروبية    مغاربة يحيون ذكرى "طوفان الأقصى"    مصدرو الخضر والفواكه جنوب المملكة يعتزمون قصْدَ سوقي روسيا وبريطانيا    قرار محكمة العدل الأوروبية: فرنسا تجدد التأكيد على تشبثها الراسخ بشراكتها الاستثنائية مع المغرب    ثلاثة مستشفيات في لبنان تعلن تعليق خدماتها جراء الغارات الإسرائيلية    إعطاء انطلاقة خدمات مصالح حيوية بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني ودخول 30 مركزا صحيا حضريا وقرويا حيز الخدمة بجهة فاس مكناس    وزير خارجية إسبانيا يجدد دعم سيادة المغرب على صحرائه بعد قرار محكمة العدل الأوربية    ريدوان: رفضت التمثيل في هوليوود.. وفيلم "البطل" تجربة مليئة بالإيجابية    مسؤول فرنسي: الرئيس ماكرون يزور المغرب لتقوية دعامات العلاقات الثنائية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    امزورن.. سيارة ترسل تلميذاً إلى قسم المستعجلات    المحامون يقاطعون جلسات الجنايات وصناديق المحاكم لأسبوعين    مرصد الشمال لحقوق الإنسان يجمد أنشطته بعد رفض السلطات تمكينه من الوصولات القانونية    صرف معاشات ما يناهز 7000 من المتقاعدين الجدد في قطاع التربية والتعليم    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    بوريس جونسون: اكتشفنا جهاز تنصت بحمامي بعد استخدامه من قبل نتنياهو        باريس تفتتح أشغال "قمة الفرانكفونية" بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش    فيلا رئيس الكاف السابق واستدعاء آيت منا .. مرافعات ساخنة في محاكمة الناصري    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    الجماهير العسكرية تطالب إدارة النادي بإنهاء الخلاف مع الحاس بنعبيد وارجاعه للفريق الأول    إيقاعات ناس الغيوان والشاب خالد تلهب جمهور مهرجان "الفن" في الدار البيضاء    اختبار صعب للنادي القنيطري أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي    دعوة للمشاركة في دوري كرة القدم العمالية لفرق الإتحاد المغربي للشغل بإقليم الجديدة    لحليمي يكشف عن حصيلة المسروقات خلال إحصاء 2024    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    الاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة - سيدي بنور CGEM يخلق الحدث بمعرض الفرس    ارتفاع أسعار الدواجن يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    الفيفا يقترح فترة انتقالات ثالثة قبل مونديال الأندية    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    تقدير موقف: انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وفكرة طرد البوليساريو "مسارات جيوسياسية وتعقيدات قانونية"    عزيز غالي.. "بَلَحَة" المشهد الإعلامي المغربي    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدخل نظري من اجل فهم حقوق الإنسان (الجزء الاول)
نشر في صحراء بريس يوم 27 - 05 - 2013


تقديم
استمرارا لفلسفة الحداثة و التي لطالما دافعت عنها سوف اقدم في هذا الاطار ملمح آخر من ملامح هذه الفلسفة ألا وهو ملمح حقوق الانسان ؛ حيث سأحاول أن أعطي قراءة أكاديمية لهذا المفهوم المتداول بشدة في الخارطة السياسية الصحراوية و المغيب تماما في الخارطة الثقافية الصحراوية . ثم ان هذا المقال اتمنى ان يكون بمثابة استجابة عضوية لآمال وآلام الجماهير الصحراوية التي انتمي اليها خصوصا بعد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي تشهدها جميع المدن الصحراوية و التي بالمناسبة ادين هذه التجاوزات الخطيرة انتهاكات لا تنسجم مع الالتزامات الدولية للحكومة المغربية و لا تلتزم مع مبادئ الدستور المغربية الجديد ولا مع مبدائ الاعلان العالمي لحقوق الانسان . كما انتهز هذه الفرصة لتقديم الشكر للعاملين باللجنة الجهوية لحقوق الانسان و كل المدافعين الصحراويين عن حقوق الانسان و اتمنى ان يقدم هذا المقال النجاح المأمول
I_الخلفية الثقافية و الفلسفية لحقوق الانسان :
ان عمر مفهوم حقوق الإنسان بمعناه الاصطلاحي مفهوم حديث ؛ انه حديث النشأة ، حيث لم يصبح احد موضوعات الفلسفة إلا بعد أن احتل الإنسان مركز الصدارة في نظرته للعالم ، بعد ان كانت الطبيعة في القرون القديمة عند اليونان و الدين المسيحي يحتلان هذه المنزلة .و قد رافق هذا التغير في علاقة الإنسان بالعالم إلى اكتشاف الحرية باعتبارها جوهر الوجود الإنساني ، هذا الاكتشاف فتح الطريق نحو الحق . و هذا ما يفسر ان الفلسفة عند كبار فلاسفة حقوق الإنسان مثلا ككانط و هيجل كانت أساسا فلسفة للحرية (1) .
و حقوق الإنسان أصبحت كذلك علامة من علامات * الحداثة و يعود الفضل في تبوأ حقوق الإنسان هذه المكانة و النظرة التاريخية أولا إلى ممارسة تاريخية عملية ، هي الثورة الفرنسية ، و ما أفرزته من إعلان و دساتير و بخاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و المواطنة لسنة 1789 ، و ديباجة دستور 1791 ؛ و ثانية الى تلك الصياغة النظرية لحقوق الإنسان صياغة متعددة الاوجه و الحجج التي قام بها فلاسفة الالمان .
فعندما اقدم فلاسفة الازمنة الحديثة (سبينوزا و هوبز و جون لوك و مونتيسكيو ....) على التفكير في الحق الطبيعي في علاقته مع مفاهيم القانون الطبيعي و السيادة و العقد الاجتماعي و الارادة العامة و المجتمع و الدولة يكونون قد بلوروا مركبا فلسفيا جديدا من المفاهيم العلمية التي نقلت اشكالية حقوق الانسان من المعالجة الميتافيزيقية و الاخلاقية و الدينية الى المعالجة السياسية .
قلنا بأن مفهوم حقوق الانسان مفهوم حداثي اي ان القدامى لم يعرفوه بشكله الحديث المتعارف عليه اليوم و مثلا لا يحضر مفهوم المساواة عند اليونان القدامى حيث لا يفرق بين العبد و السيد و بين المرأة و الرجل و بين و المواطن و الاجنبي ، فالعبد عند اريسطو هو عبد بطبيعته اي انه مجرد آلة حية من طبيعتها تقديم فروض الطاعة لسيدها ) ، بين الرجل و المرأة (فالمرأة هي كالمادة و الانفعال بالنسبة الى الفعل و الصورة التي يمثلها الرجل ) وفي مجال السياسة كان افلاطون يرى انه ليس من حق الصناع و العمال البحارة و الفلاحين ممارستها لأن هذه الفئات تفتقد صفة المواطنة بسبب افتقارها للوقت الكافي للتفرغ للنشاط السياسي او القضائي بالرغم من ان المدينة تقتات من كدهم . اما الاجانب فقد كانو يعتبرون مجرد غرباء لا حق لهم في المدينة . سار على نفس المنوال كذلك بعض الفالسفة المسلمين كابن رشد بعد ان يبرهن على ان العقل هو حقيقة الانسان بالاطلاق ، لا يجد هو الاخر حرجا في التمييز بين الخاصة و الجمهور معتبرا اياهم غير قادرين للوصول الى الحقيقة البرهانية لانهم لا يملكون الا الخيال .(2)
و قد تبلور مفهوم الانسان في الغرب عبر مسارين كبيرين اولهام التجارب السياسية الغربية المتمثلة في الصراع الحكم المطلق من اجل الحد من صلاحياته الواسعة و الامثلة الكبرى واضحة لهذا المسار هو الصراع السياسي في انجلترا من اجل تحديد صلاحيات الكنيسة الحكم السياسي المطلق و انتزاع بعض الحقوق للأفراد و الجماعات كما صيغ ذلك في وثيقة * الماغناكارتا ، و كذا عملية تحرير الولايات المتحدة الامريكية و الوثيقة الصادرة عنها ثم الثورة الفرنسية و الثورة الروسية ..... الخ.
ان المعالم الكبرى للأرضية الثقافية الحديثة التي انبنت عليها حقوق الانسان هي ايلاء الانسان و الوعي الانساني مكانة سواء تعلق الامر بالانسان كعقل او كإرادة او رغبة . فالانسان هو الفاعل المركزي في المعرفة و الطبيعة و التاريخ . و بموازاة هذا التحول الاستراتيجي في مركز الانسان ووعيه و دوره حدث تحول تدريجي حاسم في المعرفة بتحولها من معرفة تأملية ذاتية و قيمية و أخلاقية الى معرفة علمية و اداتية و تقنية(3) .
ان العصور القديمة هي العصور التي شهدت مشروعية الرق بل حق الاسترقاق ، و التعصب الاثني و الديني و المذهبي و دونية المرأة و النظرة الاستصغارية للطفل ... الخ . يجمع جل مؤرخي الفكر الحقوقي على ان مفهوم حقوق الانسان قد تولد من مفهوم * القانون الطبيعي droit naturel ، او ان حقوق الانسان تجد اصلها في الحقوق الطبيعية .
الا انه قد يكون من الأدق الإشارة الى ان مفهوم حقوق الانسان قد انبثق في سياق فكر تصب فيه ثلاثة راوفد :
_فكرة الحرية او الحريات
_ فكرة العقد الاجتماعي
_ فكرة الحق الطبيعي .
و انطلاقا من كل هذا يمكن ان نربط بما سبق ذكره و نشير الى ان الاسس الفكرية الكبرى لحقوق الانسان هي الى حد كبير * فلسفة الانوار ، و ذلك من حيث ان حقوق الانسان قد انبثقت في القرن الثامن عشر ، عبر صراع الانوار ضد مطلقية و تعسفية السلطة . فالروح التي تسكن مفاهيم حقوق الانسان هي روح انوارية . ومن ثم فإن الاسس الفلسفية لحقوق الانسان هي : العقلانية ، و المشروعية التاريخية ، و النزعة الفردانية و الوضعانية القانونية . وهذه الاسس هي بمثابة الارضية الفكرية التي ازدهرت على بساطها مقولات الحق الطبيعي ن و العقد الاجتماعي و مبدأ المساواة ن و الحريات الاساسية للإنسان . فالاصول هنا تقوم على أرضية الأسس .
II _اصناف و اجيال حقوق الانسان :
هناك عدة مقاربات لتصنيف حقوق الانسان إما حسب الفئات المستهدفة بها ، او حسب الغايات المقصودة منها ، او حسب مضمونها بذاته لكن التقسيم وفق المضمون يعرف هو ذاته عدة صعوبات ، بالنظر الى التناسل المستمر لهذه الحقوق و تداخل بعضها مع بعض .
تقسم حقوق الانسان كلاسيكيا الى حقوق طبيعية و حقوق مدنية يتعلق الصنف الاول بالانسان على وجه العموم ، ومثاله الحق في الحياة الذي يعتبره العديد من الفلاسفة بمثابة القانون الطبيعي الاساسي . اما الصنف الثاني من الحقوق فيشير الى الحقوق المنصوص عليها في القوانين الوضعية .
و تتضمن الحقوق المدنية ، كما نص على ذلك دستور 1971 بفرنسا : الحق في الملكية –الحق في الامن الشخصي –حرية الاجتماع – حرية تأسيس الجمعيات – حرية العمل – حرية – حرية التعبير – حرية المعتقد.
لكن هناك تقسيم آخر ثلاثيا يضم الحقوق الطبيعية – الحقوق المدنية – الحقوق السياسية . وهذا التقسيم الثلاثي يميز الحقوق السياسية عن الحقوق المدنية باعتبار ان الحقوق المدنية هي الحقوق التي يعترف بها القانون لكل فرد يعش داخل مجتمع ما ، في حين ان الحقوق السياسية لا تتمتع بها الا فئة من المواطنين المساهمين في الحياة السياسية بينما يحرم منها الاطفال و الاجانب و النساء .
تورد ادبيات حقوق الانسان تقسيما آخر أوسع يستقي من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر سنة 1948، بقرار من الامم المتحدة ، و هذا التقسيم (4)هو كالتالي:
1_الحقوق العامة .
2_الحقوق القانونية
3_ الحقوق السياسية
4_ الحقوق الاجتماعية
5_ الحقوق الاقتصادية
6_الحقوق الفكرية
الا ان تطور مدلول حقوق الانسان ، وشمله لمجالات عديدة لم يفكر فيها من قبل (كالبيئة و المعلوميات و التكنولوجيا ...) يجعل هذا التقسيمات قاصرة عن استيعاب العديد من مجالات حقوق الانسان . لذا نقترح تصنيفا اوسع يشمل كافة الميادين التي تطالها اليوم هذه الحقوق ، دون ان ندعي تلافينا مسألة تداخل الحقوق او تكرارها لان هذه المهمة ستظل ملازمة لأي تصنيف مهما بلغ من الدقة . ولعل مثل هذا التصنيف التفصيلي سيمكننا من استيفاء كافة الحقوق و كذا من تلافي التداخل و التكرار قدر الامكان رغم ما قد يطالها من مظاهر التجزيء.
يتضمن التقسيم الذي نقترحه دزينة من الحقوق :
_الحقوق السياسية
_الحقوق الاقتصادية
_ الحقوق الاجتماعية
_الحقوق العائلية
_الحقوق الاعلامية و المعلوماتية
_الحقوق القضائية و الامنية
_الحقوق الثقافية
_الحقوق البيئية
_الحقوق العقدية و الميتافزيقية
_حقوق الاخرين

1)الحقوق السياسية : الانسان ككائن سياسي :
تعتبر الحقوق السياسية هي العمود الفقري لكل الحقوق الاخرى ، بل مفتاحها و الضامن لها ، لأن النظام السياسي و الارادة السياسية هما اللذان يضمنان كافة الحقوق . ومن ثمة الارتباط الصميمي و الشرطي بين الديموقراطية و حقوق الانسان . فإذا لم يكن النظام السياسي ديموقراطيا فإنه لا يكمن ان يراعي حقوق الانسان . و كلاهما اي الديموقراطية و حقوق الانسان يشكلان عنصرين رئيسيين في ارساء المشروعية السياسية على اساس حديث قوامه استمداد مشروعية الحكم من الشعب بواسطة الاقتراع الحر النزيه الذي يقود الى نشوء دولة الحق و القانون .
يمكن ان نجمل الحقوق السياسية في اربع اصناف :
حق الانتماء السياسي
حق المشاركة و الاختيار
حق التعبير
الحقوق السياسية للشعوب
أ‌) حقوق الانتماء السياسي :
اول هذه الحقوق هو حق الانتماء الى اي تنظيم او مؤسسة سياسية كيفما كانت الايديولوجيا التي تدين بها . و هذا الحق المطلق يتعرض لبعض التحديديات و التقليصات ، اذ تلجأ الدول اما بأساليب المشروعية السياسية او اساليب العنف –الى منع بعض التنظيمات ذات الاختيارات السياسية المتطرفة او غير المتلائمة مع أيديولوجية هذا الدولة او مع هوية شعبها .، او تهدد امن هذه الدولة .
وقد نص قانون تأسيس الجمعيات بالمغرب ، الصادر بظهير في 15 نونبر 1958 و المعدل في 10 ابريل 1973 على (جواز تأسيس جمعيات الاشخاص بكل حرية و بغير سابق اذن و لا تصريح شرط ان تراعي في ذلك مقتضيات *الفصل 5)
ب‌) حق المشاركة السياسية :
و تعني حرية المشاركة في التجمعات و التظاهرات السياسية ، و حرية التصويت و الترشيح و حق مراقبة كافة مراحل العملية الانتخابية . اذا كانت حقوق الانتماء و التأسيس حقوقا تمهدية فإن حق المشاركة بالترشيح و التصويت و المراقبة هو جوهر العملية السياسية القائمة على الانتخاب . ففي العملية الانتخابية يمارس المواطن حقوقه السياسية كاملة في هذه العملية التي هي لحظة اساسية في النظام الديموقراطي يتمكن المواطن من خلالها من تحويل حق نظري و مبدئي الى حق فعلي عبر ممارسته لحية الاختيار .
ج) حق التعبير :
يشمل حق التعبير كافة اشكال التعبير عن الرأي ابتداء من التعبير الشفوي بمختلف انواعه (النكتة ، الحكاية ، الصفير ، الخطابات الهتاف ) إن في التلفزيون او الاذاعة او التجمعات العامة الى التعبير بكل انواعه (المقالات الرموز و الكتب الصحفي المنشورة ، الملصقات و القصاصات ) الى التعبير الحركي بمختلف انواعه (التظاهر ، الرقص ، النقر ...)
لكن كل هذه التعبيرات تقع تحت طائلة التنظيم الاداري و القانوني الذي يحدد نوع وشكل وعدد و مدد التجمعات او التجمهرات العمومية و الخصوصية و الوسائل المحظور استعمالها ، كما يرسم حدود التعبير المتمثلة في انزلاقها الى القذف او التحريض او المس بالمقدسات او تهديد النظام العام او مؤسسات الدولة المدنية و العسكرية ن او مخالفة مظاهر الحشمة و الاخلاق و الدين .
و بالتوازي مع ذلك يحدد القانون (ظهير التجمعات العمومية و ظهير الصحافة ...) و اشكال ضبط حرية التعبير و الحد من غلوائها كحق الجواب و المتابعة القضائية او الضبط الاداري (الفصل 77 من ظهير حول قانون الصحافة بالمغرب ) 5 بحجز اعداد معينة او التوقيف المحدد زمنيا او المنع الكلي .

2) الحقوق الاقتصادية : الانسان ككائن ينتج و يسوق و يستهلك
أ) الحق في الملكية :
لقد شكل حق الملكية احد اهم حقوق الانسان ، بل ان الفيلسوف الانجليزي جون لوك، الذي تأثت به المواثيق الاولى لحقوق الانسان يعتبره اول و اهم الحقوق .
و الاعلان عن حقوق الانسان و المواطن سنة 1789 (في البند17) بصفة خاصة على انه حق مقدس و لا يقبل الانتهاك ، الا عند الضرورة المتمثلة في المصلحة العامة . وقد نص الدستور المغربي (في الفصل 15 ) الدستور القديم على ان حق الملك مضمون و لا يجوز المساس به الا لضرورة تتمثل في متطلبات النمو الاقتصادي و الاجتماعي او المنفعة العامة ، كم لا يجوز نزع الملكية الا وفق الاجراءات التي يحددها القانون المتعلق بنزع الملكية من اجل المنفعة العامة . (الاعلان عن المنفعة العمة ، وجود مقرر للتخلي ، تقديم التعويضات المستحقة ) (6) .
و من الجدير بالذكر هنا ان هذا الحق هو حق اساسي في المنظرو اللبرالي القائم على الملكية الفردية للخيرات و الممتلكات المختلفة و لوسائل الانتاج الاقتصادي . اما المنظور الاشتراكي فيجادل في حق الملكية الفردية و يتبنى مبدأ الحق الجماعي للتملك،وذلك انطلاقا من فكرة مؤداها ان الملكية الفردية هي اساس الانقسام الطبقي و الاستغلال الاقتصادي .
ب)الحق في العمل :
العمل هو احدى الضرورات الاساسية لتطورالمجتمع ، و هو بنفس الوقت ضرورة للفرد من حيث انه مورد رزق بالنسبة لفئات واسعة من السكان .
و العمل الفردي ، سواء كان عضليا او ذهنيا ، عبارة عن طاقة يبذلها الأجير ، سواء اكان مستخدم او عامل او موظفا ، و يتلقى بديلا عنها تعويضا ماليا تتفاوت قيمته حسب القطاع و مستوى العمل و مردوديته .
ان المواثيق الدولية تربط حق العمل بالأجر المناسب و المتعادل لنفس العمل ، فالاعلان العالمي يتحدث في المادة 24 عن حق الراحة في اطار العمل ، وفي المادة 26 عن ضرورة ان يحقق العمل لكل فرد مستوى معيشي يضمن للعامل و لأسرته الصحة و الرفاهية في المأكل و الملبس و المسكن و الخدمات الاجتماعية و العناية الصحية في كافة مراحل العمر.و تساند المنظمات غير الحكومية مطالب حملة الشهادات المعطلين عن العمل انطلاقا من ان الحق في الشغل حق ثابت و مشروع بحكم مقتضايات القوانين الدولية و الوطنية .(7)
ج) الحقوق النقابية :
هذا الحق مكمل للحق السابق ، ذلك انه اذا لم يكن الحق الاول حقا اتوماتيكيا بل بحث و عناء ، فإن الحصول عليه لا يعني الحصول على المكاسب المتعلقة به . فغالبا ما يحصل عدم توازي بين القدرة الشرائية للمأجور و تكاليف العيش . و رغم ان العديد من الدول تنص قوانينها على ضرورة احداث توازي بين الدخل و تكاليف العيش عبر ما يسمى بالسلم المتحرك للأجور (هو النظام الذي تم احداثه لاول مرة في المغرب بموجب ظهير 31 اكتوبر 1959 ) فإنه بعد مرور زمن يسير على الزيادة في الاجور تجد الشغيلة المأجورة نفسها عند عتبة المستوى المعيشي الادنى فتضطر من جديد للمطالبة بالزيادة في الاجور . و هكذا دواليك في كل فترة .
و اذا كان حق الاضراب ذا طابع اقتصادي بالدرجة الاولى فإنه يقوم على ارضية من الحقوق و الحريات السياسية حرية حق الانتماء او الانخراط النقابي ، حرية العمل النقابي و التنظيم الخ ....
ولعل هذه الارضية هي السبب الاساسي في الطابع السياسي الذي يكتسبه كل عمل نقابي . و هذه العلاقة بين النقابي و السياسي قائمة في دول العالم الثالث منذ نشوء النقابات في فترة الاستعمار و انخراطها في النضال من اجل الاستقلال (8).
3) الحقوق الاجتماعية : الانسان ككائن في علاقته مع الاخرين
الحقوق الاجتماعية هي مجموعة الحقوق التي يتضمنها القانون مبدئيا لكل أفراد المجتمع بحكم انتمائهم له ، و التي يتعين على كل نظام سياسي حمايتها على الاقل وهي :
أ)الحق في السكن :
و هذا الحق لا تنص عليه كل الدساتير و لا تضمنه كل القوانين المسنونة في العالم ، بإستثناء بعض القوانين التي تعتبره "حقا اساسيا" كما ورد في قانون 22 يونيو 1982 بفرنسا ولهذا القانون قيمية تأويلية وتوجيهية . فهو بمثابة نص يوجه النصوص المنظمة لعملية الاكتراء .
و اذا كانت بعض القوانين تنص على الحق في السكن اما عن طريق التمليك او عن طريق الاكتراء فهي لا تضمن للمواطن الحصول على هذا الحق . بل ان السلطات العمومية هي من تحمي حق المواطن في امتلاك سكن في حالة اقتداره و توفره على الامكانيات و القدرات المالية لذلك . فهو حق تحفظه عدة شروط
ب)الحق في الصحة :
تنص بعض الدساتير على الحق في الصحة كحق اساسي للمواطن تضمنه الدولة و ترعاه الا أن هناك التباس حول هذا الحق . فهل يقتصر على حق المواطن في تلقي العلاجات ام في كل العمليات و المصاريف الضامنة لصحته ؟ و هل الدولة تضمن هذه العلاجات مجانا ام تكتفي فقط بتوفير المستشفيات و الاطباء و الآلات على ان يؤدي المريض مصاريف علاجه ؟
فالاتفاقيات الاوروبية تشير في الفصل 11 الى الحق في الصحة. و قد تم التنصيص على ذلك بشكل اوسع في 22 شتنبر 1978 من طرف ممثلي 134 دولة مجتمعين في كازاخستان تحت رئاسة المنظمة العالمية للصحة o.m.s و المنظمة العالمية لرعاية الطفولة unicef .
لكن هذا التنصيص يغفل قصدا الاشارة الى من يتحمل مسؤولية تنفيذ هذا الحق ، و كأنه حق مطلق للإنسان و المواطن لكنه هو وحده المطالب بإنتزاع هذا الحق و التمتع به (9).
ج) الحق في الضمان الاجتماعي :
في البلدان المتقدمة نجد ان الدساتير تنص صراحة على هذا الحق الذي تتعهد الدولة بحمايته فديباجة الدستور الفرنسي لسنة 1946 تنص على ان الامة (تضمن للفرد و لأسرته الظروف الضرورية لنموه و تطوره ) (كما تضمن للجميع الحماية الصحية و الامن الصحي ) و خاصة بالنسبة للشيوخ و العجزة الذين يجدون انفسهم في وضعية صحية لا تمكنهم من العمل . و لذلك فإن لهم الحق في الحصول من الجماعة على وسائل العيش . و الوسيلة التي تلجأ اليها الدولة هي اصدار قوانين تنظيمية لمنظمات الضمان الاجتماعي و اخضاعها للمراقبة .
4)الحقوق العائلية : الانسان ككائن خاضع لعلاقات القرابة
الحقوق العائلية هي صنف من الحقوق الاجتماعية لكن بالمعنى الضيق للكلمة، اي من الحقوق المتعلقة بالمجتمع الصغير الجنيني للفرد وهو العائلة .
من بين الحقوق العائلية نذكر حق سرية الحياة الخاصة ، و الحق في علاقات حرة و جنسية محترمة ، وحق التساوي بين الزوجين ، وحق الطلاق ، وحق التعقيم و الاجهاض بالنسبة للمرأة .
أ)الحق في الزواج وفي احترام العلاقات العاطفية :
و يترتب عن الحق الاساسي للمرء في الزواج و تكوين الاسرة ، وهو حق شرعي دينا وقانونا ، (مجموعة حقوق غير قابلة للسلب ).
وهناك تشريعات اوروبية تحمي العلاقة العاطفية خارج اطار الزوجية ، و الاسلام او في جل الدول الاسلامية فإن هذا الامر غير موجود لأن اي علاقة خارج اطار الزواج تعتبر زنا بل ويجرم علها القانون . هذا عكس اوروبا كما اسلفنا ففرنسا مثلا تسمح منذ 1978 بالعشرة الحرة حيث يكون للعشير حق التمتع بالضمان الاجتماعي لعشيرها لكن لا تتمتع بحق الارث 10.
ب)الحق في تساوي الزوجين داخل الاسرة :
للرجل في معظم الثقافات حقوق تقليدية معترف بها ، ومكانة متميزة بالنسبة للمرأة. لكن مواثيق حقوق الانسان بدأت منذ ظهورها تعدل بالتدرج من هذه العلاقة غير المتعادلة بين الرجل و المرأة .
اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية على اشكال التمييز ضد المرأة سنة 1979 ، مؤكدة على الكرامة الانسانية للمرأة وما يستتبعها من حقوق مدنية تخص الاهلية القانونية التامة كحق اختيار الزوج ، وحق الاشتراك في الولاية و الوصاية على الأولاد ، و حتى التمتع و التملك بالاموال و تدبيرها و التصرف فيها ، وحق الارث .
فالمادة 16 من الاتفاقية المشار اليها سلفا تضمن تساوي الرجل و المرأة فيما يخص:
_نفس الحق في الزواج .
_نفس الحق في اختيار الزوج ، وفي عدم عقد الزواج الا برضاها
_ نفس الحقوق و المسؤوليات اثناء الزواج وعند فسخه
_نفس الحقوق فيما يختص القترة الفاصلة بين انجاب و آخر ، و عدد الاطفال .
_نفس الحقوق فيما يخص الولاية و القرابة و الوصاية على الاطفال وتبنيهم
_نفس الحقوق الشخصية للزوج فيما يخص اختيار الاسم و المهنة .
نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية و حيازة الممتلكات و الاشراف عليها وادراتها و التمتع بها و التصرف فيها 11
هناك ايضا :
ج) حق الطلاق :
د) حق التعقيم و الاجهاض
5) الحقوق الاعلامية و المعلوماتية : الانسان ككائن تواصلي :
يضمن المجتمع العصري لمواطنيه العديد من الحقوق الاعلامية :
وهي الحق في تلقي الاخبار و التزود بالاخبار عبر الشبكات الاعلامية الرسمية و الخاصة ، الحق في حرية المراسلة و التواصل مع الاخرين ، كما يضمن للفئات الاجتماعية التي تنذر نفسها لهذه المهمة حقوقا رسمية كحقوق الصحفي او الاعلامي بصفة عامة.لكن بما ان هذه الوسائط الاعلامية قد تتجاوز حدودها وتصبح قادرة على انتهاك الخصوصيات و الحرمات و الحميميات فقد بدأ التفكير جديا في حماية الانسان من سلبيات و مخاطر الاعلام ، ببضمان بعض الحقوق الحمائية .
ومن انواع الحقوق الاعلامية نجد :
أ)الحق في تلقي الاخبار و المعلومات :
ب)الحق في الوصول الى الحقيقة
ج)حقوق الفاعلين الاعلاميين


6) الحقوق القضائية و الامنية : الانسان ككائن ذي كرامة وقيمة
كان الفلسوف الانجليزي جون لوك قد اعتبر ان الحق الطبيعي الاساسي هو حق تملك الجسم و حرية المحافظة عليه ، اي الحق في الامن لأن الحياة ذاتها هبة مشتركة اعطاها لنا كائن اقوى و اسمى وهذه الهبة المشتركة ليس لأحد الحق في المساس بها او سلبها او السيطر عليها .
و الحق في الامن ذو اوجه ثلاثة :
_حق مدني (حق التملك)
_حق جنائي (مدون في القانون الجنائي )
_ عق عمومي (على الحاكم ان يحمي الحق في الامن )
وقد شرعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في تقديم اعلان صادر 9دجنبر 1975 حول حماية الأشخاص من التعرض للتعذيب ، وفي اتفاقية مناهضة التعذيب التي اعتمدتها الجمعية العامة 10/12/1987
تحدد المادة الاولى من اتقاقية التعذيب لسنة 1984 التعذيب بأنه "كل عمل ينتج عنه الم او عذاب شديد جسديا كان ام عقليا يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول منه او من شخص ثالث على معلومات او على اعتراف ، او معاقبته على عمل ارتكبه او يشتبه في انه ارتكبه هو او شخص ثالث او تخويفه او ارغامه هو او شخص ثالث ، او عندما يلحق مثل هذا الالم او العذاب لأي سبب من الاسباب يقوم على التمييز ايا كان نوعه ، او يحرص عليه او يوافق عليه او يسكت عنه موظف رسمي او شخص اخر يتصرف بصفته الرسمية "
ومن اشكال التعذيب نجد الحبس التعسفي و الجماعي ، الضرب المبرح ، الحرمان من النوم تعرية الجسد الاغتصاب ، الصعق بالكهرباء .....
لقد نص الاعلان العالمي لحقوق الانسان المصادق عليه في 1948 في مادته الخامسة على (ان لا يعرض اي انسان للتعذيب ولا للعقوبات او المعاملات القاسية او الوحشية .... فقبل كل محاكمة يعتبر كل شخص متهم بجريمة ما بريئا حتى تثبت ادانته قانونيا بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عن نفسه )
ثم تعود الامم المتحدة لتأكيد هذه الحقوق سنة 1986 في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسة " وفي المادة حيث ينص على انه لا يجوز اخضاع اي فرد للتعذيب او العقوبة او المعملة القاسية و الغير انسانية 12
7) الحقوق الثقافية للإنسان ككائن رمزي "
بالنظر الى تكاثر الحركة الثقافية و اتساع مداها فإننا نقترح التصنيف الذي يقسم هذه الحقوق الى خمسة مفاصل كبرى و في معرض الحديث عن الحقوق الثقافية سنتطرق الى هذه الحقوق الثقافية وهي :
أ)الحق في التربية و التعليم
ب)الحق في الهوية
ج)الحق في المشاركة الثقافية حقوق التأليف و الابداع
د)حقوق التأليف و الابداع
ه) الحق في الاختلاف
أ) الحق في التربية و التعليم :
ب) الحق في الهوية الثقافية :
اكتسبت مسألة الهوية الثقافية اهمية قصوى خاصة بعد عملية التثاقف بين ثقافتين غير متكافئتين التي شهدتها معظم بلدان العالم الثالث . فنتيجة التفكيك الذي تمارسه العولمة على ثقافة البلدان المتأخرة ، تنتفض هذه الاخيرة للدفاع عن نفسها وعن حقها في الوجود
و المقومات الاساسية للهوية الثقافية هي اللغة المحلية او الوطنية ، و العقيدة الدينية ، و التراث الاجتماعي و الروحي المشترك. و هذه المقومات المشكلة للهوية الوطنية تصبح بمثابة سمات اذا افتقدها شعب او مجموعة بشرية فإنه سيشعر بالاستلحاق و الاستلاب و الاغتراب اتجاه ذاته و اتجاه الاخر .
وفي سنة 1982 عقدت اليونيسكو ندوة بميكسيكو حول السياسات الثقافية ، وقد اصدرت الندوة بيانا فصلت فيه بوضوح موضوع الهوية الثقافية ، انطلاقا من لكل ثقافة الحق في الدفاع عن نفسها و حماية كيانها .
و يشير بيان ميكسيكو الى ان كل ثقافة تمثل مجموعة قيم متفردة وغير قابلة للإستبدال لأنها تمثل الطري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.