الصحراويون لا يستطيعون إحراق ذواتهم ، لأنهم محروقين أصلا ، بسياسة إقصائية متلونة ، مقرونة بتعتيم إعلامي ، و في ظل صراع أجهزة طرحت في الآونة الأخيرة مسألة الجدوى من العملية الانتخابية والتسائل عن شرعية المنتخبين . بعد نزوح سكان العيون خارجها و بالضبط في منطقة «أكديم إيزيك»، وهو عبارة عن أرض خصبة تضم عددا من «لكراير» المقصود بها مناطق فلاحية ، و محاولة المدن الأخرى نصب خيامهم على غرا ر نزوح اكديم ازيك حيث يتجمع السكان بطريقة سلمية خارج الخيام يرفعون شعارات تنديدية بما آلت إليه أوضاعهم الاجتماعية على مستوى السكن والشغل،«نطالب بالشغل والسكن…» هذه كلها شعارات استهلكتها الاحتجاجات التي خاضتها مختلف شرائح ساكنة العيون في تلك الفترة بشتى أطيافها من معطلين ومطرودين أرامل و مطلقات شاركتهم فيها المدن المجاورة و في طليعتهم ساكنة مدينة طانطان ...بل وحتى بعض العائلات المتيسرة.. لكن السلطات توهم الرأي العام الدولي بأن العام زين بالصحراء بتنظيم المهرجانات والسهرات وجلب الفنانين العرب والأجانب وإهدار الملايين، في الوقت الذي تعيش شريحة مهمة من ساكنة العيون و الطنطان و أسا و و بوجدور في وضعية مزرية وأعداد المعطلين في تزايد مستمر. فهل العيب في السلطة الحالية التي فشلت في مصادرة حق الساكنة في الاحتجاج ليطفو على السطح المسكوت عنه؟ أم يكمن العيب في السلطات السابقة التي كانت ترسم وضعا ورديا لرؤسائها بالرباط؟ أم في الأعيان والبرلمانيين الذين اختاروا الاستقرار بقصورهم في المدن الشمالية؟ أم أن الأمر يتعلق بسياسة الاستثناء التي يركب عليها كل من أراد إسكات الأصوات الحرة واختلاس المال العام؟ أم المشكل في عدم حل النزاع في الصحراء كما ترى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ؟ الجواب عن تلك الإشكالات يكمن في طريقة استيعاب الدولة للمغزى من التظاهر و انتفاضة الشعوب و رفض كل أشكال الاستغلال والقمع؟ بعد كل أشكال التظاهر التي تشهدها المدن الصحراوية مند تفكيك مخيم " اكديم ازيك" فهل ستواجه السلطات هذه الأشكال الاحتجاجية بالقمع؟ أم ستحكم عقلها وتعيد النظر في سياسة الدولة المتبعة في الصحراء و التي تستفيد منها برجوازية الحرب ؟