/ إعداد: عبد الحميد العوني (الاسبوع) في جلسة مغلقة للقمة 28 للاتحاد الإفريقي، قال الرئيس، ورئيس الدورة ألفا كوندي: “الأغلبية التي دخلت بها -الجمهورية الصحراوية هي الأغلبية التي نحتكم إليها لدخول الاتحاد الإفريقي، لا أحد طرح التحفظات البارحة، فلماذا نطلبها اليوم؟ لدينا ضمانات بأن لا دولة ستغير ميثاق الاتحاد، إنها ضمانات شعوب وقعت عليه جميع برلماناتها وأدعو إلى التصويت، أريد موقفا واضحا بالرفض أو القبول”، ورد الوفد الجنوب إفريقي: “الدفاع عن الميثاق والدول الأعضاء خط أحمر، نتفق عليه جميعا، ونرفض التصويت إنها مسؤوليتنا في وحدة إفريقيا”. بهذه الجمل العاصفة دخلت المملكة المغربية بإجماع إلى الاتحاد الإفريقي، كما سيطالب الاتحاد بنفس الإجماع في حال محاولة اقتراح سحب أو تعليق عضو منه، وربحت 15 دولة استبعاد التحفظات التي اقترحها المغرب في وقت سابق تجاه “جمهورية” البوليساريو، مقابل استبعاد تحفظاتها أيضا. وخشي الاتحاد من انزلاق إضافي في موضوع المغرب، كما قال بول كاغامي، الرئيس الرواندي في القاعة وكرره في الإعلام، واستنزفت إفريقيا والجولات السبعة، لانتخاب بديل عن زوما، القارة قبل أن يتجاوز الجميع الخلاف حول المغرب، لأنه وقع بدون شروط ودخل بدون شروط إلى الاتحاد، وقالت نكوزانا دلاميني زوما قبل أن تسلم موقعها للتشادي موسى فكي: “دخلنا في قلاقل، البلد الذي أخذ شعوبنا كعبيد وتقصد أمريكا قرر منع اللاجئين من بعض بلداننا”، وأضافت في جملة مباشرة: “نريد المغرب لمخاطبة أمريكا، في إطار وحدة القارة وتضامنها، ويكون ترامب قد ساهم في إجماع الأفارقة حول انضمام المغرب إلى الاتحاد”، وهو نفس ما عبر عنه إبراهيم أماني، السكرتير العام لدول الساحل والصحراء، حين قال: “عودة المغرب من أجل إفريقيا واحدة وقوية”. وقرر الأفارقة صعوبة تعليق “جمهورية” البوليساريو لانتقال الوضع إلى “الإجماع”، وعززوا حالة التعايش “القانوني” بين المغرب و”دولة” البوليساريو في إطار الاتحاد، وسلم المغرب بالوضع القائم فأصبح تقرير المصير لا يعني بالضرورة الاستفتاء، بل الدولة، لأن الخلاف كما طرحته القاعة بين المغرب و”دولة” البوليساريو حدودي لا غير ، فالمسألة تتعلق بانسحاب من الأراضي لا غير، ويقترح المغرب أن يكون الحل عبر الأمم المتحدة، ولا تريد الرباط أي خطوة من الاتحاد أو مبعوثه الخاص للصحراء في هذا الباب، بما يضمن للمملكة اعترافا ضمنيا من الأفارقة لوضعه القائم في الصحراء، ويضمن للأفارقة والبوليساريو “الدولة” على 20 في المائة من الأراضي المتنازع عليها بين الدولتين في الاتحاد الإفريقي. 39 دولة التي قبلت المغرب في الاتحاد هي نفسها التي قبلت موسى فكي بديلا عن زوما على رأس المفوضية الإفريقية قال الرئيس الرواندي، بول غاكامي، “إن ما حدث خرج عن تقديراتنا”، بما يؤكد أن الكل عاش لحظات شك وعدم يقين، عن الوفد المغربي في “شيراتون” العاصمة أديس أبابا، قبل أن ينتخب الجميع بوتفليقة نائبا لرئيس الاتحاد الإفريقي ب”الإجماع” إيذانا برفع مستوى الثقة في الجانب الآخر من المعادلة، وقرر الرئيس بوتفليقة التصويت بالإجماع على المغرب، وهو الرابح لكون المغرب نسخ كل مطالبه الترابية ببشار والصحراء الشرقية تماما، وجلس إلى جانب “دولة” البوليساريو مع صعوبة تعليق عضو لانتقال الوضع إلى مسطرة “الإجماع”. ونزل الداعمون للمغرب من 42 دولة إلى 40 واستقر في 39 دولة كاتبت بالموافقة على دخول المملكة إلى الاتحاد. لم يعد ممكنا القول أن إفريقيا واحدة، وهي تنتخب خليفة زوما في 7 جولات، لكنها اتفقت لأهداف تكتيكية على انضمام المغرب، وحملت كينيا مسؤولية أي مساس ب”دولة” البوليساريو لغرب إفريقيا ثم لباقي الأفارقة، وقدم الرئيس السنغالي وقال بخصوصها: “قضية الصحراء تبقى مطروحة، كأسرة يمكن أن نبحث عن حلول، المهمة انتهت”. وقررت الأسرة الإفريقية “التعايش المفروض” على المغرب والبوليساريو(1)، وتساءلت “لوموند”، ماذا سيفعل المغرب حاليا بعد دخول الاتحاد؟(2) وهو السؤال المهم بعد أن أصبحت المملكة العضو 55 في الاتحاد الإفريقي بعد ما اختلف حول انتخاب رئيس مفوضيته وأجمع في مصير المغرب، ضمن النقط الثلاث التي ناقشتها الجلسة المغلقة، ولم تعرض زوما أي تفصيل بخصوص تطور ملف ترشيح المملكة على أنظار القادة، بل دفعت القضية للتصويت لتحويله إلى إجماع يعقد طلبا مستقبليا بتعليق عضوية “دولة” أخرى في المنتظم الإفريقي. وحدثت الصفقة التي اعتقد الجميع أنها لن تكون، “إجماع” حول انضمام دولة المغرب في مقابل إجماع آخر، إن حدث في المستقبل طلب تعليق “دولة” البوليساريو. وفاجأ هذا المستجد المتابعين بالمغرب والجزائر، وجاء باقتراح من بوتفليقة شخصيا وقبلته جنوب إفريقيا بصعوبة، وخرج بيان حزب المؤتمر الوطني الإفريقي تمييزا لموقفه عما ذهبت إليه بريتوريا، وانزاحت الكتلة التي دعمت المغرب لتكون نفسها وراء المرشح التشادي المدعوم من رئيس الدورة، الذي سلم زمام المبادرة إلى الرئيس الغيني، إنها صفقة أخرى بنفس الترتيب. وفي معادلة لم ينهزم أو ينتصر فيها أي طرف، ربح المغرب السيطرة على ما لديه من الصحراء باعتراف إفريقي، وربحت البوليساريو “الدولة” على 20 في المائة، إنها صفقة “التواطؤ” إلى الآن بين ضمانات 15 دولة وكتلة 39 دولة، منها من يؤمن بعضوية الدولتين في انتظار الوقت المناسب، بتعبير وزير الخارجية المغربي مزوار لقناة “فرانس 24″، وأضاف أن مشكل الصحراء متروك للأمم المتحدة. الملك في أديس أبابا بدون مستشاره الطيب الفاسي الفهري، المصدوم لتبنيه توقعات صديقه الرئيس بول كاغامي، وقد صرح الرئيس الرواندي أن القمة 28 خرجت عن كل التوقعات الإعلام الفرنسي قال بفريق الصدمة(3) والترويع الذي استخدمه الملك محمد السادس في دخول المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وأشارت إلى “المدافع” علي الهمة الأكثر تحررا في التنقلات، والمكلف بالشؤون السياسية والأمنية في الزيارات الملكية بإفريقيا، ثم وزير الخارجية مزوار وبوريطة، رجل الملفات، وهو صاحب الخط المتشدد في الصحراء، وكانت خرجته الإعلامية في “هسبريس” انزلاقا لتحديده الاعتراف، ب”أنه فعلا أحادي وتقديري تقوم الدولة من خلاله بالاعتراف بدولة أو وضعية صراحة أو ضمنيا..” بما يؤكد أن الاعتراف قد حصل، فالضمني مساو للصريح في تعريف الوزير، وثبت أن القدرة على ضبط القانون الدولي في مواجهة الحالة قد زادت من صعوبة المسؤولين المغاربة لقبول الواقع وقبول النتائج ضمن الإرادة السيادية، وإلا كان الوضع الآخر كما أراده الملك الحسن الثاني. ويركز الجميع على المقاربة الأمنية، ويتزعمها ياسين المنصوري “قيصر الأمن” في المملكة، حسب “ويكيليكس”، ويشرف حاليا على أمن رؤساء دول إفريقية مثل الغابون وغينيا الاستوائية، ولجهازه “لادجيد”، عمليات خاصة في منطقة الساحل. وإن كان المدافع هو علي الهمة، فإن “المهاجمة” في الفريق، هي السفيرة في إثيوبيا والاتحاد الإفريقي، نزهة علوي محمدي، الرقم الثاني في مصلحة إفريقيا بوزارة الخارجية بعد خروج رجل الحسن الثاني إلى التقاعد، عبد اللطيف بن دحان، وإرسال الرجل المؤثر، محمد أوعلي تاغما في نفس المديرية إلى نيجيريا. ومعضلة السفيرة نزهة، القريبة من المستشار الملكي الطيب الفاسي الفهري، أنهما كثيرا التفاؤل بهذه الخطوة، تقول “الكوريي أنترناسيونال”(4):”42 دولة الموافقة على التحاق المغرب بالاتحاد الإفريقي نزلت إلى 40 واستقرت في 39 دولة”، وإلى الآن، لا تزال “صدمة أديس أبابا” واضحة، لأنها لم تميز الذين يدعون إلى تعليق “دولة البوليساريو” ضمن اللائحة 39، فيما أخذت “دولة” البوليساريو موقف جنوب إفريقيا بشكل كامل، وانتقدت الجبهة الجزائر بشكل مبطن، ولأول مرة، لأنها ربحت الصحراء الشرقية، وأسقط المغرب بإجماع برلماني أي مطالب في بشار وغيرها من المدن التي شن لأجلها حربا في 1963. ولا جواب في “الكوريي أنترناسيونال” عن فائدة العودة إلى الاتحاد الإفريقي، لأن الكرسي الفارغ لم تكن له تكلفة بتعبير الصحافي الفرنسي، ييفيس بورديلون، ودخول المغرب للاتحاد لن يكون له فائدة، على الأقل بالشكل الذي تصوره البعض. فمهندسة هذه العودة، نزهة العلوي، نظرت لإدماج المغرب وإفريقيا في الفضاء الأطلسي من أجل سيادته، كما تقول “جون أفريك”(5) من خلال مداخلاتها في برنامج “مستقبل الأطلسي”، لكن الواقع أن مشروع “إفريقيا الأطلسية” بزعامة مغربية تجمد، ثم جاء الأنبوب النيجيري المغربي عبر الأطلسي، وانتقلت الأجندة إلى انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي والتوجه الأطلسي إلى اختراق “شرق إفريقيا”، وهو ما خلق صعوبة في توقعات المملكة، طرحت بخصوص أهدافها تساؤلات الجدوى داخل المملكة، وتساؤلات عن الأهداف الاستراتيجية في دول الجوار، وفعلا، شكل عدم حضور المستشار الفاسي الفهري إلى أديس أبابا طيا لعلاقة توترت مع جنوب إفريقيا. المواجهة المفتوحة للمغرب مع جنوب إفريقيا، و”الأسوشدبريس” تنقل جزءا من الصراع بين الدولتين، يكون فيه المغرب ورقة في يد ترامب، الذي بارك عودة الرباط إلى الاتحاد الإفريقي لتقليل نفوذ، بل ضرب دولة جنوب إفريقيا هناك من ينظر إلى أن الحدود هي الجدار الرملي في الصحراء، وهي النهاية التي أقرها الأفارقة جليا، ودعا وزير الخارجية التشادي، الذي أصبح رئيس المفوضية الإفريقية، إلى وضع التنمية والأمن على رأس الأولويات، وهو ما يتيح منع الحرب بين البوليساريو والجيش المغربي والتنمية في أراضي البوليساريو، فقد سقطت “المناطق العازلة” وأصبحت مناطق “دولة إفريقية” بشكل لا يقبل الطعن المغربي. تقول “بي. بي. سي” البريطانية: “إنها فرصة ثمينة وأمل للعمل من أجل الصحراء(6)، لكن هذه النظرة التي تقود المفوضية تخالف معطيات حرب الكواليس التي بدأت”، ويقول المفوض لحقوق الإنسان في المفوضية الإفريقية، سلومون ديرسو(7): “لا أحد يشكك في الأصول الإفريقية للمغرب، وتحركه للانضمام إلى الاتحاد الإفريقي، ليست حركة عاطفية، فلدى المغرب اهتماماته المشروعة، لأن عودته خطيرة، ويمكن أن يشكل فجوة أخرى تزيد من عثرات الوحدة القارية”. وجنوب إفريقيا، كمساند شفوي للبوليساريو، قد تنتقل إلى الدبلوماسية الهجومية بعد تأكيد مسؤول العلاقات الدولية، مايتي نكويانا ماشابان، على ما سماه في أوراقه الخاصة: “الالتزام غير المحدود لجنوب إفريقيا”. لقد أتى المغرب إلى الاتحاد الإفريقي لمواجهة جنوب إفريقيا، وهو الآن ورقة في يد دونالد ترامب، لضرب نفوذ الحزام الحيوي لهذا البلد، فيما رأت زوما، وهي تغادر مفوضية الاتحاد الإفريقي، أن المغرب دعم رؤية لوحدة القارة في مواجهة الإدارة الأمريكية، فماذا يختار المغرب، التوصل مع جنوب إفريقيا إلى تسوية انطلاقا من الصحراء، أم التحالف مع إدارة ترامب ضد بريتوريا؟ وتركت زوما (المفوضة السابقة للاتحاد الإفريقي) الباب مواربا أمام الرباط، في مواجهة هذين الاختيارين: “تعزيز وحدة إفريقيا لوقف سياسة ترامب ضد القارة السمراء”، أو “المواجهة المفتوحة بين الرباطوبريتوريا كما يطرحها مسؤول العلاقات الدولية في جنوب إفريقيا، مايتي ماشابان”. وفي تقرير كتبه، بيتر فابريكيوس، لصالح معهد الدراسات الأمنية بجنوب إفريقيا، ف”المسألة تبدأ من تأسيس العلاقات الثنائية المغربية الجنوب إفريقية لمواجهة تحدي ترامب في القارة السمراء”. وفي هذا الصدد، يعلق سيمون أليسون في “دايلي مافيريك”(8): “إن أحلام الاستقلال بالنسبة للبوليساريو أصبحت أكثر هشاشة بعودة المغرب إلى الاتحاد، وهذه الخطوة سيئة لجنوب إفريقيا، وسيدفع المغرب مالا للاتحاد، لأنه خامس ناتج داخلي خام على مستوى القارة”. وتريد إدارة دونالد ترامب، والمؤسسة الأمريكية، العودة إلى المفاوضات بين المملكة والبوليساريو فورا على أساس “الندية”، والضغط على جنوب إفريقيا من أجل تفاهمات لم توقعها مع إدارة أوباما في الغلاف الحيوي لجنوب إفريقيا. ويقترح المقال “الدبلوماسية السرية” مع ثامبو امبيكي، الذي يمكن أن يشكل اختراقا بين واشنطنوبريتوريا أو بريتورياوالرباط، أو ستتجمد حركة الاتحاد وتتأخر فعاليته، بما يفيد رسم الخارطة الجديدة، فاليوم “الحكم الذاتي” لم يعد قادرا على استيعاب طموح الأفارقة في الصحراء، وقد تكون “الدولة” غير مؤهلة أن تكون حلا للمشكل، لأن نصف الأفارقة غير معنيين بما يجري. ويبقى التفاهم بين المغرب والإدارة الأمريكية بقيادة ترامب وجنوب إفريقيا حجر الزاوية حاليا لحل الأزمات وتأسيس سياسة إفريقية. وفي هذا الصدد، علقت وكالة “الأسوشد بريس” الأمريكية، بأن 9 دول ضد دخول المغرب، وكلها في جنوب إفريقيا إلا دولة سويزيلاند، وقالت المصادر، إن التحفظ على الحدود بين الدولتين (البوليساريو والمغرب) تضمنه محضر للمستشار القانوني في الاتحاد، وقبل كل الأفارقة أن تكون ضمانتهم الوحيدة: “الاعتراف بالحدود الدولية للصحراء”، وقبل التصويت النهائي قال رئيس الدورة: “من المهم أن نتفق، لدينا كل الضمانات التي نطلبها” وصار الجميع إلى التصفيق، واعتمد القرار بالإجماع. وتجاوز قرار الجلسة المغلقة ما نشرته “ميدي1. تي. في” المغربية حول ما سمته “صراعا شديدا” نقلته إلى الإنجليزية “موروكو وورد نيوز”(9)، وكذب الرئيس كوندي هذا التوجه، ورأت جنوب إفريقيا أنها حرمت المغرب من الوصول إلى أي تسجيل أو اختراق للجلسة المغلقة. جنوب إفريقيا حرمت المخابرات المغربية “لادجيد” من الوصول إلى تفاصيل الجلسة المغلقة أفادت جنوب إفريقيا أن فوزها بالمعركة، بدأ من حرمان “لادجيد” المغربية أو المخابرات الخارجية المغربية من الوصول إلى ما وقع في “الجلسة المغلقة”، وطوقت المخابرات الجنوب إفريقية كل التسريبات، إلا ما تناقله أصدقاء المملكة من السياسيين للقيادة المغربية. وبتعبير بن كين في “الغارديان” البريطانية، فإن الأفارقة قد تجاوزوا مشكلة تعمير المناطق العازلة وتمويلها من الاتحاد الإفريقي، وعرف إبراهيم غالي أن عرقلة القوات المغربية في الكركرات ربح لمنفذ بحري، وهو ما تراجعت عنه موريتانيا مؤخرا وأرادت عرقلته. فرنسا تطلب 6 توضيحات نقلت باريس 6 توضيحات إلى الرئيس السنغالي، بعد تعذر وصولها إلى تقديرات دقيقة من الطاقم الملكي المصغر في أديس أبابا، وغياب “تقدير موقف” من طرف وزير الخارجية الفرنسي. وتساءلت “لوموند” وغيرها من الصحف الفرنسية عما سيقوم به المغرب، بعد تحوله إلى الدولة 55 في الاتحاد الإفريقي، والمسألة في نظر باريس معقدة إلى حد بعيد من واقع: 1 مستقبل الثروات بعد حكم المحكمة الأوروبية، وعدم تحفظ المملكة عن تمثيل الصحراويين من خلال “الدولة المعلنة من جانب واحد” في المخيمات. 2 قرار وصول “دولة” البوليساريو إلى المحيط الأطلسي، يغطيه القرار الإفريقي حاليا. 3 – الحائط الدفاعي “حدود مؤقتة” بين دولة وأخرى. 4 – مصير “اتفاق مدريد” في ترتيب الحلول. 5- مصير الشركات الفرنسية في الصحراء. 6 – حدود التعاون بين المغرب والإدارة الأمريكية بخصوص الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي. مراقبة حثيثة من فرنسا للتنسيق بين المغرب والولايات المتحدة وضد جنوب إفريقيا في الاتحاد الإفريقي خالط باريس شك كبير على مستويين: مستقبل علاقات المغرب والاتحاد الأوروبي بعد انضمام المملكة إلى الاتحاد الإفريقي، ومستوى التنسيق بين المغرب والولايات المتحدة ضد جنوب إفريقيا، داخل منظمة الاتحاد، وفي القارة. وعنونت “رويترز” مقالها بقلم، إيد كرويلي، من أديس أبابا: “لتراجع الاتحاد الأوروبي، ينضم المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، والمملكة إحدى الاقتصاديات المهمة في القارة، بناتج 110 مليار دولار وخامس شريك في الاستثمار والتجارة مع القارة(10)”. وشكلت هذه الفرصة الاقتصادية ارتباطا بين المغرب واقتصاديات إفريقية ذات نمو سريع، والتخلي عن اقتصاديات مستقرة في أوروبا، سؤال فرنسي يسود أوساط الأوروبيين، وقد يدفع إلى ضغط إضافي لإضعاف المغرب مستقبلا، من خلال نزاع الصحراء والمعاملات المستقبلية بين الإقليم والاتحاد الأوروبي، ومع المغرب، وفي إطار شراكة مع الاتحاد الإفريقي، يمكن أن تضاف خطوات أخرى. وفي هذا الخضم، نجد أن المسألة لا تعني فك الارتباط مع الاتحاد الأوروبي بقدر ما هي تشجيع أمريكي لوضع متقدم للمغرب في القارة السمراء، ولا ترغب باريس في هذا الصراع. وفي الواقع، هناك تغيير استراتيجي يقلب الخارطة، ويحول الاتحاد الأوروبي إلى راسم للحدود، فيما الاتحاد الإفريقي يؤهل “الدولة” في شخص “البوليساريو”، وأحرج التطور الأخير الاصطفاف بين الأفارقة، لأن الرباط تخرج عن الاتحاد الأوروبي وتسقط في الخانة الأمريكية بإفريقيا، فإلى جانب تحالف المملكة والسنغال التي تحتضن “أفريكوم”، هناك خلاف استراتيجي عميق بين الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا، ولا يمكن للمغرب حاليا في ظل اتفاق الاتحادين، الأوروبي والإفريقي، سوى اللجوء إلى المقاربة الأمريكية بحذافيرها في الصحراء من خلال “خطة جيمس بيكر الثانية” و”القرار 1495″، ومن المنتظر حسب ال”سي. آي. إي” أن يجد المغرب في الحكم الذاتي لعشر سنوات، فرصة للهروب من الضغوط الإفريقية والأوروبية على حد سواء. وأنهت المملكة “خطة الحسن الثاني” في الصحراء، وقد ناضل الفرنسيون في مجلس الأمن بعد اندلاع أزمة “الكركرات” من أجل استمرارها، وفشلوا، وتريد المملكة إدارة أهدافها بشكل مستقل. ورحبت الولايات المتحدة بقبول المغرب بمبادرتها في “خطة بيكر الثانية”، كما قالت ال”سي. آي. إي”: “لأنها الوحيدة التي بقيت على الأرض لإطلاق مفاوضات حول القرار 1495، وتنتهي بفترة للحكم الذاتي يستعيد فيها الصحراويون إدارتهم”، وتنتهي باستفتاء تنظمه السلطات المنتخبة في الإقليم في فترة من 5 إلى 7 سنوات، وهو نفس ما وقع في جنوب السودان. المغرب متأكد من ربح الصحراء بعد مرحلة انتقالية واستفتاء الصحراويين على نمط جنوب السودان، وإن خسرت الخرطوم جنوبها فلن تخسر الرباط أقاليمها الجنوبية أضحى واضحا، أن المغرب ليس له خيار سوى “خطة بيكر الثانية” المتفق عليها في قرار لمجلس الأمن “1495”، وأن المفاوضات ستدور حول الأجندة الزمنية للبداية في هذا المسلسل الذي سينتهي إلى حل عادل للمشكل، ولم ترغب الرباط في قبول تنزيل “القرار 1495″، أي مبادرة “خطة بيكر الثانية”، والمغرب خارج الاتحاد الإفريقي، لأن هذه الخطوة ستكون مدمرة، فيما ستعود بشكل إيجابي على مخططاته حال حضوره في المنتظم الإفريقي. وستنطلق الرباط نحو أفق عملي، تحاول فيه أن تبرر الحكم الذاتي الذي اقترحه العاهل الحالي، وبإجماع إفريقي من خلال دعم الاتحاد ل”خطة جيمس بيكر الثانية”، وفي نفس الوقت سيضع استثماراته التي وعد بها لإنجاح نتيجة الاستفتاء لصالحه، ويقفل ملفا ليس حدوديا، بل وجوديا. وصفقت الإدارة الأمريكية للخطوة المغربية التي تشكل مفتاح الحل، إما بالالتحاق بالمغرب أو إقرار “الدولة”، وستتحول البوليساريو في الحكم الذاتي من “جمهورية” إلى “حكومة”. وتفقد جبهة البوليساريو بحكم تطبيق الشرعية الدولية “دولتها”، وهو ما سيكرسه المغرب من داخل الاتحاد الإفريقي ، فور مصادقة البوليساريو على اتفاق زمني لتطبيق “القرار 1495”. وسيكون حل جبهة البوليساريو لإعلان سلطات صحراوية منتخبة حسب “القرار 1495″، وتأهيل المنطقة للاستفتاء، مرحلة لهضم الدولة المعلنة من جانب واحد وقتلها قانونيا، وبين السلطات المنتخبة والمغرب، ستدور حسابات أخرى تغلب الحكم الذاتي على الاستقلال. وقد تكون المفاوضات معركة حاسمة في المستقبل القريب. المناورة المغربية لتفكيك “دولة” البوليساريو وتثبيت “الحكم الذاتي” لحل مشكل الصحراء من خلال “خطة بيكر الثانية”، تمر عبر تجميد “الدولة” في الاتحاد الإفريقي، وتأجيلها إلى حين إجراء الاستفتاء، فيما قد يكون الجزء الغامض من الخطة، أن يتمسك الأفارقة بنقل الدولة المعلنة إلى العيون لإدارة السلطات المخولة حسب الاتفاقيات، ولذلك فالأمر معقد إلى حد بعيد جاءت رسالة جنوب إفريقيا بأن الدولة في الصحراء، لن تنحل إلا في حال فشل خيار الاستقلال ضمن استفتاء الساكنة، وكل المرحلة الانتقالية لا ترفع وضعا قانونيا أو تقترح آخر. ودخول مشكل الصحراء في مرحلة انتقالية ليس خيارا، بل ضرورة بعد وقف إطلاق النار، وتجميد الاستفتاء من طرف المغرب، وشمول هذه المرحلة لا يتأسس إلا عبر “مبادرة جيمس بيكر الثانية”، المصادق عليها من طرف مجلس الأمن، ورفضتها المملكة لأنها لم تكن لها عضوية في الاتحاد الإفريقي، بما يجعل الاتحاد دافعا وحافزا للاستقلال، أما حاليا، فإن تجميد هذا الدور يعد استراتيجيا بالنسبة للمغاربة. وفي 20 دقيقة التي استغرقها خطاب الملك أمام دول الاتحاد، تأكد أن مرحلة هامة بدأت، وحسب “رويترز”، فإن الملك ألقى ومضات عين على أزمة الصحراء، من خلال إثارة مسألة الاستعمار، وخاض المغرب حربا من 16 سنة ضد البوليساريو، وكادت الحرب أن تعود مرة أخرى انطلاقا من موقع “الكركرات”، وفي السنة الماضية، أجلت المملكة موظفين أمميين، وبعدها مسؤولة في البرلمان الإفريقي باسم “جمهورية” البوليساريو، وأكدت “نيوز ويك” في مقال لكونوغفاي(11): “أن سبب انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي تجاري، ومن داخله خلق مسارا داخليا لمسألة الصحراء”. ويقول لييسل لوفوندوران، المتخصص الجنوب إفريقي للمجلة: “تابعت الاتحاد الإفريقي ل 20 سنة، ولم أتصور ملكا مغربيا يسير ويلقي خطابا في مبناه، إنه حدث تاريخي، فلماذا إذن هذا البلد قرر أن ينضم للاتحاد؟”. يعود الجواب لسببين: توسيع التجارة مع اقتصاديات سريعة، وحل مشكل الصحراء. هذه النظرة الأمريكية تعرف أن الضغط “الأوروبي” عبر عدالته، لم يكن انتصارا لأمر قانوني فقط، بل ضغطا كي يوقف توجه المغرب إلى إفريقيا، وفي مسألة الصحراء، جاء المغرب ليؤكد أن هذه المسألة أممية، والدعوة لتجميدها أسلوب لتوسيع المناورة على أساس العزل. هامش الرباط في وضع الاتحاد الإفريقي تحت منظورين لقضية الصحراء، خطوة جدية في الوصول إلى شل الاتحاد الذي عين مبعوثا خاصا لقضية الصحراء، وأرسل بعثته إلى جانب قوات الأمم المتحدة أول تصفية سياسية حدثت فور قبول المغرب في الاتحاد الإفريقي، تجلت في إبعاد “منصب المبعوث الخاص” بمشكل الصحراء عن أي تداول في جلسات القمة 28، لاحتكار الملف من طرف الأمم المتحدة، وشله تماما من داخل أجهزة الاتحاد الإفريقي في الشهور الأربعة الأولى، ويمكن أن يزيد المغرب من عزل الاقتصاد لكل ما هو سياسي، لأنه في هذه الحالة، يحول الاتحاد الإفريقي إلى اتحاد اقتصادي ينسق بين الجهات الكبرى والتجمعات الإقليمية. إنه طابع تدريجي لعزل القضية الصحراوية نفسها، من خلال المقاربة الاقتصادية التي لا يستفيد منها اللاجئون، ويزداد التعاون بين دول الجوار وعلى صعيد الاتحاد. تحويل الاتحاد الإفريقي إلى “اتحاد اقتصادي” وقبول المغرب ب”خطة بيكر الثانية” لحل المشكل في الصحراء يقتلان خيار “دولة” البوليساريو في هذه الاستراتيجية إنه ذكاء تكتيكي، لإعادة تحويل قطع الدومينو في القارة، وخسرت البوليساريو الجزائر، أول وآخر موقع يدافع عن “الدولة” في الصحراء، إن لم تقبل بخيار التقسيم الذي اقترحه نائب رئيس الاتحاد الإفريقي (بوتفليقة)، أو تكون إلى جانب المغرب في تطبيق “خطة بيكر الثانية”، فالمعسكر انشطر بنيويا، وإن التأم في ظاهر الأمر، لأن المقاربتين في ميزان القوى بين 10 دول و39 دولة، منها من يتمسك بوجود الطرفين لإيجاد حل، وتتفق إفريقيا على وجودها وسط هذين الرأيين والتوترين، فالذين مع تعليق “جمهورية” البوليساريو لا يتجاوزون عشرة دول والذين مع “الجمهورية” وعدم دخول المغرب 10 دول أيضا، وهو ما يعطي للاتحاد مناعة قد تنتهي بتعزيز طابعه الاقتصادي، ونقل ملف الصحراء إلى مجلس الأمن. وسيجد الغربيون رغبتهم في الضغط الشديد على المغرب، للاستجابة للحل الموجود في المشروع الثاني لجيمس بيكر، المنتمي للحزب الجمهوري الذي يقود الإدارة الأمريكية. إنها فرصة ذهبية للجمهوريين لإحياء “الخطة الثانية لبيكر”، لقبولها من طرف البوليساريو والمجتمع الدولي، وهي خطة مواتية للمرحلة بعد قبول المغرب بمساكنة “دولة” البوليساريو في أجهزة الاتحاد الإفريقي. إسبانيا تقول بالعودة المظفرة للمغرب إلى الاتحاد الإفريقي، لأنها أفشلت فصل الاستفتاء عن مهمة البعثة الأممية في الصحراء كما أراد الأمريكيون، واختارت الرباط الجلوس إلى جانب “دولة” البوليساريو وهو ما يؤكد أن تقرير المصير حدث اعتبرت صحيفة “فانغوارديا” الإسبانية ما حدث، انتصارا للمغرب بعودته إلى الاتحاد الإفريقي، وأفشلت مدريد فصل الاستفتاء عن مهام البعثة الأممية في الصحراء، وحافظت أمريكا على الحكم الذاتي الموسع (ما تحت الدولة وما فوق الإدارة الذاتية) تحت الإدارة الأممية، فيما دافعت إسبانيا على الاستفتاء، ووازنت باريس موقفها بين المطلبين والعصبين المؤسسين والنهائيين ل”خطة بيكر الثانية”. وفشلت المفاوضات خارج هذه الخطة أو تم إفشالها للعودة إليها، وقرر المغرب أن يوازن الجزائر في الاتحاد الإفريقي(12)، كي ينتهي امتيازها. ويخدم هذا التوازن نظرة دونالد ترامب تجاه البلدين: الجزائر والمغرب، وستشجع الإدارة الأمريكية التوجه الجديد ببساطة، لأنه يخدم الإدارة الجمهورية من زاويتين، ووعد ترامب باستمرار التوازن بين البلدين المتنافسين (الجزائر والمغرب)، وتسويق أحد الخيارين: تقسيم الصحراء، لأن ما حدث في القمة الإفريقية الثامنة والعشرين، خطوة قوية نحو تبني هذا الحل، أو إطلاق المفاوضات حول “خطة بيكر الثانية”، وهذه الخطة جذابة لتعليق “الدولة” في الصحراء داخل الاتحاد الإفريقي، وتأجيل هذه الخطوة إلى ما بعد الفترة الانتقالية بما يسمح للصحراويين بحكم ذاتي، وبعدها تنظم الأمم المتحدة استفتاءها، الذي سينجح فيه المغرب لأنه ناجح اقتصاديا، وفي جنوب السودان فشلت الخرطوم اقتصاديا، ففشل خيار الاندماج، لكن الاقتصاد في نظرة النظام الحاكم في الرباط عامل حاسم. وبين تقسيم الصحراء و”خطة بيكر الثانية” فإن الحلين يضغط عليهما “التكتيك” إلى الآن، وتوصل مجلس الأمن بتقرير يوصي بأن عليه أن يعلن خطوة إلى الأمام بعد ما حدث في العاصمة أديس أبابا. هوامش 1_ «le Maroc retrouve sa place dans l'union africain» (l'express. 31 /1/2017). 2_ «que fera le Maroc maintenant qu'il est dans l'union Africain?» (le monde. 1/2/ 2017). 3_ «l'équipe de choc de Mohammed 6 qui obtenu la réintégration du Maroc dans l'union africaine» (le monde. 13/1/2017). 4_ «a quoi sert le retour au sein de l'union Africain?» (Courrier international. 31/1/2017). 5_ «qui est NEZHA Alaoui m'Hammedi, la représente du Maroc a l'union africain?» (Jeune Afrique. 31/1/2017). 6_ «Western Saharaa welcomes Morocco's African union membership» (B. B .C. 31/1/2017). 7_ «Solomon Dersso in daily maverick» (31/1/2017). 8_ «Morocco big African union win comes at the expense of western Sahara, Simon Allison», (daily maverick. 31/1/2017). 9_ «Morocco world news» (30/1/2017). 10_ «in tilt from Europe, Morocco rejoins union» (ed cropley, Reuters 1/2/2017). 11_ «why has Morocco rejoined African union after 33 years» (Conor Gaffey/ News week. 2/2/17). 12_ «why did the African union readmit Morocco after its 33 years in the cold» (Celeste hicks, African arguments. 2/2/2017).