أصدر المركز المغربي لحقوق الانسان فرع طانطان تقريرا تقييميا بخصوص الموسم السنوي بطانطان في نسخته الاخيرة (12) 2016 ..ننشره كما توصلنا به : تابع فرع المركز المغربي لحقوق الانسان بطانطان، أطوار فعاليات موسم طانطان السنوي في نسخته الأخيرة، والتي امتدت من 13 إلى 18 ماي 2016، وانسجاما مع أدواره المجتمع-مدنية، التي يتوخى المركز المغربي لحقوق الإنسان الاضطلاع بها بمسؤولية، فقد سجل هذا الأخير بارتياح كبير استمرارية التظاهرة الثقافية، وانفتاحها وطنيا وإقليميا ودوليا، بما يشكله ذلك من زخم سوسيو ثقافي، يساعد على حفظ ونشر وتلاقح الثقافات والتراث، وتشجيع ساكنة المنطقة على ربط جسور التواصل الثقافي والهوياتي، وتثمين الموروث الحضاري باعتباره ثروة لامادية حيوية للشعوب، ومكسبا ثقافيا للمنطقة وللوطن عموما. وف بمقابل ذلك، وانطلاقا من المسؤولية الملقاة على عاتقه، كان لابد على المركز المغربي لحقوق الانسان أن يطلع الرأي العام على انطباعاته وتقييمه لأطوار وأشغال الموسم الثقافي بطانطان، من أجل الوقوف على مكامن الاختلال المحتمل، وإبراز مدى نجاح القائمين على تسيير هذا المهرجان في حماية وتثمين الجيل الثالث من الحقوق "الاجتماعية والثقافية"، خاصة بعد كثرة اللغط، الذي أشيع خلال وبعد انتهاء فعاليات الموسم. ومن خلال مراقباتنا لفقرات الموسم والأحداث التي اكتنفت فعالياته، فقد سجلنا في المركز المغربي لحقوق الإنسان ما يلي : - طغيان طابع العشوائية والتخبط في مضمون برنامج المهرجان، خاصة وأن الموسم من تنظيم هيئة مكلفة به "جمعية أموكار" إضافة إلى بعض الشركاء من أشقاءنا في الخليج العربي"هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث" وغيرها. - الاستهتار الواضح بالموروث الشعبي المحلي إقليمطانطان، والذي حرصت هذه الجمعية بمعية السلطات المحلية على تغريبه عن محيطه الحساني، من خلال إلغاء فقرات غاية في الأهمية، تشكل في الواقع جزء من فسيفساء التراث الصحراوي الغني، كما يشكل أبرز مكون للتراث الشفهي اللامادي، والذي على أساسه تم تصنيف هذا الموسم كتظاهرة عالمية معترف بها من طرف اليونيسكو، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر، فقد ألغت اللجنة المنظمة فقرة "سباق الهجن"، رغم أن الإبل والاحتفاء بها، والسباق فيما بين مروضيها ومربيها يعد أكثر ما يتفاخر به "البيظان" فيما بينهم. - لم تعرف الفقرات الموسيقية الحسانية الطبعة المُميِّزة، التي من شأنها تثمين هذا العنصر الفولكلوري المميز للمنطقة، بقدر ما تم حشر الوصلات الغنائية بعضها ببعض على شكل سهرات مائعة وعشوائية، لم تخدم الذوق الموسيقي، وبعيدة كل البعد عن أهداف الموسم الثقافي، الذي من المفترض أن يكون التراث هو حجر الزاوية فيه، بدل أن يكون التراث ضيف شرف لا أكثر. وحرصا منا على تقييم مستوى اعتناء هذا الموسم بالجيل الثالث من الحقوق، فقد سجلنا كذلك تدبيرا غير معقلن للموارد البشرية والمادية، ما جعلها تنصب في اتجاه معين، على حساب المسارات الحقيقية والموضوعية، التي من شأنها أن تؤمن أداء متميزا، وبجودة عالية في هذه النسخة، ونذكر من نماذج ذلك، الإفراط في المخصصات الموجهة للفنانين القادمين لإحياء السهرات الصاخبة، على حساب فقرات الخيل، والسباق الهجن، والمحظرة "تعليم الصغار"، وكذا الخيم الموضوعاتية، التي تبرز غنى هذا التراث الحساني الأصيل، زد على ذلك، فقد عرف أهم عنصر من عناصر التراث الشفهي اللامادي "الشعر الحساني "، إسفافا سافرا على مستوى التنظيم والمكانة والتسيير، حيث كانت خيمة الشعر متواضعة للغاية، يطغى عليها الكثير من الارتجال والعشوائية، كما حشر الشعراء المشاركين في زاوية ضيقة ولم تتح لهم الفرصة لا للإلقاء ولا للتجاوب مع الفرقة الموسيقية "إيكاون"، ولم تكن الجلسة الشعرية تعكس فقرة "أزوان" الشهيرة في التراث الحساني، وعموما، فإن المركز المغربي لحقوق الإنسان يعبر عن أسفه على مستوى تسيير وتنظيم مهرجان طانطان الثقافي، كما أن الأجواء العامة طبعها الكثير من التخبط والارتجالية والللغط، ما يطرح أكثر من فرضية حول أسباب هذه الهزالة المتعمدة، في تقديم فقرات الموسم بهذا المستوى. وعليه، فإن المركز المغربي لحقوق الإنسان يتساءل ما إذا كان الموسم السنوي بطانطان قد تحول من ملتقى ثقافي للاحتفاء بالتراث المحلي للمنطقة، إلى مهرجان لترويج ثقافة الميوعة والتسطيح الممنهج للقيم وضرب مبادئ وعناصر الأصالة في الثقافة المحلية، وتهجين ما لا يمكن تهجينه أصلا، حيث تبقى الخصوصية الثقافية حقا من حقوق أي مجتمع، من أجل الحفاظ على مكنوناته ومميزاته التاريخية والانتروبولوجية، حيث أن عملية تدويل الموسم المحلي لو تواكبها ترتيبات قواعد اللازمة للعناية بالأدبيات التي تؤطر التراث، حيث عمت مظاهر التسيب، مما ساعد على انتشار الدعارة والميوعة بكل أشكالها، إلى جانب جملة من الآفات الاجتماعية التي كانت المنطقة في غنى عنها. وانطلاقا من مبدأ التواصل والتزاما بروح المسؤولية، فإننا في المركز المغربي لحقوق الانسان نعلن للرأي العام المحلي والوطني والدولي : • قلقنا الشديد إزاء استمرار التراجع الذي يطبع أداء الموسم، في تثمين التراث المحلي والحفاظ على الثقافة الشعبية للمنطقة، وطغيان سياسة انفتاح ارتجالية وعشوائية. • إدانتنا لإيلاء مهمة الإشراف على الموسم السنوي بطانطان إلى عناصر غير مؤهلة، لا صلة لها بالتراث المحلي للمسؤولية ولاستهتارها بالعناصر التراثية، قلبا وقالبا. • دعوتنا إلى كل الغيورين من أبناء الإقليم والفاعلين في المجال الثقافي والاجتماعي والحقوقي إلى المشاركة في مشروع النقد البناء والمراقبة، والمساهمة في تصحيح الوضع، بما يمكن من إعادة الملتقى السنوي بطانطان إلى سكته الصحيحة. عن المركز المغربي لحقوق الإنسان بطانطان، وبمصادقة كافة أعضاء مكتب الفرع. إمضاء الرئيس : عبد الله بوبريك