إن ما حصل أمس بتونس و اليوم بمصر و من يدري غدا أين ستصل موجة الإحتجاجات الشعبية هاته الناتجة عن فقدان و سحب الثقة بإسقاط الشرعية عن ممثلي الأنظمة العربية. لعل أحداث العيون الأخيرة ليست ببعيدة عن ما يجري في هاته الأقطار بل أكثر من دلك قد تكون هي الشرارة الأولى لها و بمثابة الحلقة الأولى في مسلسل التغيير الدي سيكون عنوانه الأبرز نحو إختيار الممثل الشرعي للشعوب . لقد بدء في الأونة الأخيرة الحديث عن إشكالية تمثيل الشعب الصحراوي , بمعنى أخر هل جبهة البوليساريو هي الممثل الشرعي والوصي الوحيد على قضية الصحراء ؟ لكن في المقابل وجب طرح السؤال الأهم : من يمثل الساكنة الصحراوية في الأقاليم الجنوبية؟ لقد دأبت الدولة المغربية ممثلة في وزارة الخارجية على تمرير خطاب مفاده أن جبهة البوليساريو لا تمثل كافة الشعب الصحراوي وإستندت في دلك على أن صحراوي الداخل أكثر ممن يوجد في مخيمات تندوف, فهدا يبقى نسبي على إعتبار أنه لم تصدر حتى الساعة إحصائيات رسمية دقيقة لساكنته و حتى إن سلمنا بدلك فإن هناك نسبة لا يستهان بها من إنفصالي الداخل و لا يمكن حتى إحصائها وبإعتراف من طرف الدولة وهدا ما زاد طينة بلة . المهم هناك جبهة تفاوض بإسمهم و للسنوات كممثل علني والمعترف به من طرف المجتمع الدولي على الأقل و المغرب أيضا بقبوله الجلوس على طاولة واحدة للمفاوضات إعترف ضمنيا بشرعية البوليساريو كممثل للصحراويين , أما في الداخل لا توجد حتى يتم بعد الطعن فيها, وإن سلمنا بأن المغرب هو المفاوض بالنسبة للصحراويين الداخل فهدا أمر يبقى محتوم لأن الدولة المغربية لم تقم بإستشارتهم في البداية هل تدخل في مفاوضات أم لا, إدن حتى الدولة المغربية يبقى موقفها ضعيف. ولعل تأسيس المجلس الإستشاري للشؤون الصحراوية هو محاولة للخلق تمثيلية وإضفاء عليه صبغة الشرعية رغم أن أعضاءه و رئيسه تم تعينه بشكل مباشر مما أضعف قوته التمثيلية نظرا للعدم إنتخابهم من طرف الساكنة . وخير دليل هو فشله في لعب دوره ولو كوسيط في أحداث مخيم أكديم إيزيك وثبث بلملموس أنهم لا يمثلون إلا مصالحهم الضيقة , الشئ الدي أدى إلى إضعاف موقف المغرب التفاوضي بإرتكابه خطأ تكتيكي بعدم إشراك صحراوي الداخل في المفاوضات وحتى إن كان هناك فإنه يتم على حساب أخرين ولايحملون من الصفة التمثيلية إلاكونهم صحراويين فقط . هده المقاربة أبانت عن فشله أيضا في المؤتمر العالمي للشباب المنضم ببروتوريا جنوب إفريقيا , فالوفد المغربي المفترض فيه الدفاع عن الوحدة الترابية لا يفقهون في ملف الصحراء إلا أبجديات تاريخية وشعارات أكل الدهر عليه وشرب و لا يمتلكون وسائل الإقناع و لا حتى الإتصال و الحجج الدامغة لأنهم يمارسون هده الوضيفة بشكل موسمي . فبعد ما كان المغرب يطعن في تمثيلية الأخر , هو أيضا أصبح في موقف حرج وهدا ما يفسرتصريحات وزير الخارجية فاسي الفهري عقب مفاوضات منهاست الأخيرة بإقدام المغرب على تقديم مقترح بتدعيم الوفد المفاوض المغربي بممثلين للصحراويين المعنيين بالدرجة الأولى بقضية وحدتهم الترابية ; لكن السؤال المطروح هو كيف سيتم هدا التطعيم ؟ هل سيكون إعادة لنفس السيناريو و لكن بصيغة أخرى و هدا ما أكد عليه خطاب الملك ودلك بتجديد للمكونات المجلس الإستشاري للشؤون الصحراية بفسيفساء من مكونات المجتمع المدني و الحقوقي والنخب الأكاديمية..... أم أن النخب التقليدية والتي راكمت ثروة على حساب هدر المال العام سيكون لها رأي أخر, و دلك بالإنتقال من التسيير المحلي إلى العمل في إطار مدني في محاولة منهم لإضفاء نوع من المصداقية بما يمكن أن يصطلح عليه بالشرعية المدنية و إقصاء لكل التطلعات الشبابية بعدما تبيين فشل هده الأجهزة المنتخبة في معالجة واقع إجتماعي, ليتم الإنتقال إلى مقاربة تعتمد على الإنخراط في شكل جمعيات, و هو ما أصبحنا نلمسه مؤخرا كتأسيس جمعية منتخبي الصحراء و برلماني الصحراء التي لن تخدم القضية الوطنية بقدر ما تخدم مصالحه الإنتخابية لتبقى الأيام هي وحدها كفيلة بتبيان مدى نجاعة هده الأخيرة مع العلم أنه فشلت مسبقا في العمل على الدفاع عن القضية الوطنية داخل البرلمان كإطار عام والكوركاس كإطار خاص ,اللهم إذا أمكننا القول بأن هده التحركات تشكل تمهيدا للبرلمان جهوي في إطار مبادرة الحكم الداتي.