أحدتث جماعة تيكليت بموجب التقسيم الجماعي لسنة 1992 لتصبح بذلك جماعة قروية إدارية بعدما كانت مجرد دائرة انتخابية تابعة للنفوذ الترابي لجماعة فاصك. هكذا حدد مرسوم إحداثها على أنها جماعة قروية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي.وهي تنتمي لجهة كليميم وادنون حسب التقسيم الجهوي الجديد كما أنها تبعد عن مدينة كليميم حوالي 75 كلم،وتوجد خمسة مسالك طرقية تؤدي إليها منها ما هو معبدة والأخرى يمكن تصنيفها شبه ذلك: ( اثنان معبدة، الأولى تمر بجماعة عوينة أيغمان، والثانية عبر طريق المؤدية إلى أسا بالمرور على بلدتي تيدالت والبرج) و الغير المعبدة (الأولى تمر بجماعة القروية افركط تسمى بطريق بولجير والثانية يطلق عليها اسم سركس نسبة إلى واد سركس وهي طريق صعبة التضاريس والثالثة تنطلق من مدينة طانطان بمرور على منطقة زيني ....) تشكل دراسة الانتخابات بتيكليت احد المواضيع الأكثر تعقيدا،فمند تشكيل أول مجلس جماعي بها سنة 1992 .إلى أخر مجلس سنة 2009.لازالت تصنف على أنها انتخابات غير تنافسية وذلك راجع إلى طريقة اختيار المرشحين والسلوكيات الغير أخلاقية المتبعة في هذا المجال والحضور القوي للنعراث القبلية،والطريقة الفريدة في تشكيل المجلس . والواقع أن التفكير في دراسة موضوع الانتخابات بتيكليت،يبقى موضوعيا محكوما بمجموعة من الاكراهات،التي تؤطر الواقع الانتخابي بسياج من الخصوصية المحلية. غير أن هذا الاستحضار لا يلغي شرعية التساؤل حول علاقة التحولات التي تطال السياسة الانتخابية العامة للدولة بالتحولات التي تطال الواقع الموجود بتيكليت؟وكيف واكبت هذه الانتخابات تطورات الحياة اليومية بتيكليت؟. وسنقوم بدراسة هذا الموضوع من خلال محورين: المحور الأول:السلوكيات والأساليب المتبعة في هذه العملية الانتخابية: المحور الثاني:انعكاسات هذه الانتخابات على الواقع : المحور الأول:السلوكيات والأساليب المتبعة في هذه العملية الانتخابية: إن السلوك الانتخابي هومجموعة من التصرفات والأفعال الانتخابية التي تتحدد بناء على مختلف عوامل البيئة الداخلية والمتعلقة اساسا ب: -العوامل المتعلقة بالبيئة السياسية والتي ترتكز على التوجه العام للأفراد تجاه النظام السياسي. -العوامل المتعلقة بالبيئة التنظيمية والقانونية للعملية الانتخابية:طبيعة النظام الانتخابي،الإدارة الانتخابية. -العوامل المتعلقة بالجانب السوسيو اقتصادي،والمتمثلة أساسا في النزعة القبلية والنظام التعليمي،إضافة إلى المستوى المعيشي للأفراد على المستوى العام. فالسلوك الانتخابي عمليا،ليس سلوك عقلانيا بالضرورة.لكن هشاشة التقاليد الحزبية وتخلف البنيات المجتمعية وتدني الوعي المدني وانحصار فضاءات المواطنة وضغط الدوائر العائلية والقبلية والزبونية على القرار الفردي المستقل. كل هذه المعطيات أدت إلى تكريس أساليب معينة في صنع نخب محلية غير قادرة على مواكبة التطور الذي تعرفه الدولة ولا تستطيع النهوض بالأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية للمنطقة.ومن أهم هذه الوسائل نجد: -تقسيم الدوائر الانتخابية بناءا على التقسيم المعتمد في القبيلة ( الاثلات والاعراش). -اختيار المرشح يكون على أساس مكانته الاجتماعية ووضعه المادي . -التحضير للانتخاباب يخالف الأعراف الديمقراطية جملة وتفصيلا (غياب الحملات الانتخابية،....)ويقتصر فقط على حضور الولائم التي يتم إعدادها لهذا الغرض من اجل استمالة الناخبين والتأتير فيهم بأفكار رجعية قبلية. -مخافة هذه التقاليد(حضور الولائم) من طرف بعض المرشحين أو الإعراض عن المشاركة في مثل هذه الطقوس يقابله استنكار وفضحه بالخيانة. -الدافع الذي يجر الناخب في تيكليت إلى التصويت هو القرابة والانتماء القبلي. -المتحكم في العملية الانتخابية هم أشخاص يتخذون من النزعة القبلية طريقة للإشغال وفنا للوصول إلى الهدف المبتغى، وعددهم يعد على رؤوس الأصابع . - صنع وفبركة بعض النزاعات المتعلقة بالأرض وذلك من اجل التفرقة بين أفراد العائلات والأسر واستغلالها في العملية الانتخابية. -خلق صناديق وهمية لجمع الأموال تحت غطاء المحافظة على تقليد (ترزيفة).لكن يتم خرق هذا العرف بتوظيف تلك الصناديق للمسائل السياسية. أما بالنسبة للأساليب المتبعة في ذلك فتتمثل في: -عند الإعلان عن فوز المرشحين تقوم جهات منظمة باختطاف المرشحين واعتقالهم ووضعهم في أماكن بعيدة عن أنظار السكان وخارج تيكليت إلى يوم تشكيل المجلس :فمثلا سأعرض هنا ما حدث في انتخابات 1992 تم اختطاف 4 مرشحين ونقلهم إلى مدينة افني وتم إغرائهم بمجموعة من الوعود كما تم تقديم لهم الهدايا،وعند تشكيل المجلس في فاصك تم إحضارهم بطريقة لا أريد ذكرها احتراما للمشاعر الإنسانية. ونفس الطريقة تم تكرارها عند تشكيل مجلس 2009 لكن هذه تختلف نسبيا عن الأولى من حيث المدينة (اسا) وأيضا لم يتم استكمال العدد القانوني للأعضاء منذ البداية مما استدعت الضرورة إلى احتجاز عضو وتهريبه إلى مدينة طانطان ومن المفارقات العجيبة أن أبوه لم يسلم من هذه العادة السيئة . المحور الثاني:انعكاسات هذه الانتخابات على الواقع : فمن خلال تفحص القوانين المنظمة للجماعت الترابية وإخضاعها لمنطق التكييف على ارض الواقع نجد ان هناك مفاقارت وتباين كبير بينهما،ويظهر هذا من خلال بعض الممارسات مثلا نجد المادة 20 من الميثاق الجماعي تنص( كل عضو من المجلس الجماعي لم يلب الاستدعاء لحضور ثلاث دورات مثتالية دون سبب يقبله المجلس او امتنع دون عذر مقبول عن القيام بإحدى المهام المنوطة به.بموجب النصوص المعمول بها يمكن ان يعلن بعد السماح له بتقديم إيضاحات.............ويوجه رئيس المجلس الجماعي أو السلطة الإدارية المحلية الطلب الرامي إلى الإعلان عن إقالة المعني بالأمر مشفوعا برأي معلل للمجلس المذكور وحسب الحالة برأي رئيس المجلس او السلطة الإدارية المحلية الى الوالي اوالعامل لاتخاذ قرار في شأنه أو لإحالته على وزير الداخلية تحت طائلة العزل.....). أما انعكاساتها على مستوى التنمية المحلية (ولإشارة كان لي مقال سابق وضحت فيه بعض الجوانب المتعلقة بواقع التنمية بتكليت). إن من شروط وضع البرامج والمخخططات هو: وجود نخب مثقفة وملمة بكيفية تدبير قضايا الشأن العام؛فغيابها في تيكليت لازال ينتج عنها: -تكرار النمط التقليدي في برمجة المشاريع(بناء مطفية.حفر بئر ...). -يقتصر دور بعض الأعضاء في رفع الأيادي وحضور الجلسات؛بدون استفسار ولا استجواب. -غياب المعارضة شكلا و مضمونا. -اغلب أعضاء المجلس (حوالي 70 في المائة )لا تربطهم بتيكليت إلا يوم حضور عقد الجلسات وبعض المناسبات أو لقاءات معينة. -الاستهتار بالمال العام ويتبين ذلك من خلا إنشاء بعض المشاريع الثانوية (بناء دار للشباب ....). هذا من جهة أما من جهة ثانية غياب بعض الخدمات الضرورية كالماء الصالح للشرب والإنارة العمومية، على الرغم من وجود اعتمادات مرصودة لهذا الغرض،فمثلا استحضر هنا حديث اجريته مع احد المنتخبين (فريق الأغلبية) فسألت عن غياب الماء الصالح للشرب والإنارة فكان جوابه كالأتي ( راه المواطنين هما لي كيهرس لقوادص و كيخسرو المكانة ديال الكهراباء ...وحنا معنا ما نديرولهم ....). إذن من هنا يظهر على أن تدبير الشأن العام أصبح مرتبط بسلوكيات المواطنين وليس بالقانون . فتيكليت لا تزال منطقة نائية حيث لم يشملها بعد البرنامج الوطني للتأهيل العالم القروي فعند مقارنتها بعوينة ايغمان والتي لاتبعد عنها إلا بحوالي 18 كلم أو بعوينة لهنا نجد فرق كبير في البنيات التحتية و الخدمات العمومية،فهنا يجب أن أوضح على أن البعض سيقول بان تيكليت غير تابعة لإقليم أسا الزاك، أو قلة الكثافة السكانية سأجيبه بالقول قم بزيارة إلى كل فاصك و تيغمرت فستعرف التباين الموجود بينهما ولإشارة فساكنة تيكليت كما هي مسجلة في اللوائح الانتخابية تقدر ب حوالي 1010 فرد. صفوة الحديث،يمكن القول بأننا أردنا من خلال هذه الورقة المتواضعة تسليط الضوء على بعض وقائع العملية الانتخابية بجماعة تيكليت القروية، وإبراز بعض نتائجها على ارض الواقع .كما تم الاستنتاج بان الانتخابات لها دوركبير في تحريك عجلة التنمية المحلية.ويكمن هذا الدور في إفراز نخب مثقفة تتحلى بنكران الذات وخدمة الصالح العام.