توالي حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال والتي أصبحت تشهدها بعض المناطق بالمغرب ، يجعلنا مجبرين على دق ناقوس الخطر حول ظاهرة جديدة وغريبة عن مجتمعنا ، وهي ظاهرة الاستغلال الجنسي للطفل، ربما تكون لها جذور قديمة بحيث كانت تعرف بها مناطق دون الأخرى ، غير أن ذلك لم يكن يتعدى حالات متفرقة بين الفينة والأخرى، و ليس بالشكل الذي نراه الآن، وأصبحت أخبار الاعتداءات المتكررة على الأطفال تغزو الصفحات الأولى للجرائد المكتوبة منها أو المسموعة وخاصة الالكترونية، لتشكل بدورها مشكلا بدأ يؤرق بال المواطنين وهم يرون فلذات أكبادهم عرضة لاستغلال جنسي بشع ، و الذي لا يمكن تفسيره سوى بكونه يدخل في إطار السلوك المرضي لبعض الأفراد و الذي يصل ذروته في حالات الأصول كما هو الشأن بالنسبة لحالة الاعتداء الأخيرة التي عرفتها منطقة تارودانت والتي ذهب ضحيتها طفل اغتصب في شرفه و حياته من قبل من يفترض فيه حمايته من الآخرين. ما معنى أن يصادق المغرب على مختلف الاتفاقيات الدولية الرامية إلى حماية الأطفال، دون الاهتمام بمعالجة بعض الأمراض الغريبة التي تسكن بعض الأفراد المتجردين من كل انسانية، ذلك أن جريمة من هذا القبيل والتي تعد اغتصابا حقيقيا مادامت تشكل اعتداء على عرض الإنسان، والآثار النفسية الوخيمة على النمو الطبيعي للطفل، حيث تلازمه تلك الحوادث طوال عمره، حيث ينمو الضحية على الخوف و القلق و الكوابيس الليلية و الميل نحو الانطوائية والاكتئاب، هذا بالإضافة إلى توالد الشعور لديه بعدم الثقة في ذويه خاصة إذا كان الاعتداء من أقاربه أو من أصوله، والتفكير في الانتقام، مما تعرض له من اعتداء في طفولته، حيت يلجأ فيما بعد إلى ممارسة الانحراف الجنسي أو الدعارة بجميع أشكالها. هي ادن، انعكاسات سلبية لجريمة لم يغفلها التشريع المغربي، ذلك أن قراءة سريعة للتشريع المغربي، يجعلنا نكتشف، أن بلادنا تزخر ولله الحمد، بالعديد من النصوص القانونية المتعلقة بالأطفال، غير أن تفعيلها وتحيينها لتتلاءم مع المستجدات التشريعية هو لب ما نصبو إليه ، دون أن ننسى أهمية التأطير القانوني لمختلف المتدخلين في مجال الطفولة للوصول إلى تربية الطفل الذي ننشدها، والمرتكزة بالأساس على تمكينه من استيعاب الخدمات التي وفرها له المجتمع لأجل تحمله مسؤولية الحفاظ عليه، ذلك أن المجتمع كلما اعدد هؤلاء الأطفال إعدادا جيدا كانوا خير دعامة له. فلا يكفي فقط أن نحتفل بعيد عالمي سنوي للطفل، نرسخه لتقييم ما قدمناه للطفل في بلادنا كما هو الأمر بالنسبة للعديد من البلدان التي تعتبر الطفل رأسمالها الحقيقي وعمادها الحقيقي، أو الحديت عن خطة إستراتيجية اعتمدناها للتعبير نحن أيضا عن اهتمامنا بذلك الطفل، بقدر ما يجب استغلال تلك المناسبة لدق ناقوس الخطر حول تنامي ظواهر الاعتداء الجنسي على ذلك الطفل، والتفكير بشكل جدي في حمايته وتمكينه من استيعاب الخدمات التي وفرها له المجتمع لأجل تحمله هو الأخر مسؤولية الحفاظ عليه، ذلك أن المجتمع كلما أعد هؤلاء الأطفال إعدادا جيدا كانوا خير دعامة له فيما بعد.