أكد المتدخلون في ندوة نظمت، أمس الثلاثاء بالرباط، أن تكريس ثقافة الحوار الأسري وتشجيع الأطفال على البوح والحديث عما يتعرضون له،كفيلان بالتصدي المبكر والناجع لظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال والقاصرين. وأضاف المتدخلون في هذه الندوة، التي نظمها الائتلاف ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال، حول موضوع "الاستغلال الجنسي للأطفال والنساء، والانعكاسات السلبية على الضحايا"، إن "ثقافة الحشومة" التي تسود العديد من شرائح المجتمع تساعد على تغذية الجهل بخطورة تداعيات الاعتداءات الجنسية على الأطفال، كما تجعلهم فريسة سهلة المنال لأشخاص عادة ما يكونون على علاقة قرابة أو جوار مع ضحاياهم. واعتبروا أن المواكبة النفسية والاجتماعية لضحايا هذه الاعتداءات تكتسي أهمية بالغة ضمن الجهود المبذولة لمساعدتهم على تجاوز المعاناة الجسدية والنفسية التي ترافقهم طيلة حياتهم جراء اعتداء جنسي يطالهم في سن مبكرة. ودعا المتدخلون في هذا اللقاء، الذي عرف حضور ثلة من الفعاليات الجمعوية الناشطة في مجال حقوق الإنسان، إلى تشديد العقوبات التي تقضي بها العدالة في القضايا المتعلقة بالاعتداءات الجنسية لجعلها ملائمة لخطورة هذه الجرائم وتأثيرها الكبير على الحياة الأسرية والاجتماعية للطفل المعتدى عليه. وفي هذا الإطار، قالت الناشطة في مجال مناهضة الاعتداءات الجنسية على الأطفال ببلجيكا السيدة بيتي باتول، في معرض تقديمها لآخر إصداراتها حول الاستغلال الجنسي للأطفال والنساء، إن تعرض الطفل لاعتداء جنسي في عمر الزهور، الذي يعد مرحلة حاسمة في بناء شخصية قوية ومتوازنة، تترتب عنه تداعيات نفسية صعبة التقويم والعلاج، مما يؤدي إلى إنتاج فرد منعزل عن مجتمعه. وأوضحت السيدة باتول، البلجيكية من أصل مغربي، التي تحدثت عن معاناتها جراء اعتداء جنسي تعرضت له خلال صغرها، أن هذه الظاهرة باتت مستشرية في جميع المجتمعات، بغض النظر عن مدى التقدم والانفتاح الديمقراطي الذي تتمتع به، مشيرة إلى أن وسائل الاتصال والوسائط المعلوماتية تيسر وقوع الأطفال والقاصرين في شباك مرتكبي هذه الجرائم. من جهتها، أكدت السيدة نجية أديب، رئيسة جمعية (ماتقيش أولادي)، أن حالات الاعتداء الجنسي التي بات يتعرض لها الأطفال في المغرب تدق ناقوس الخطر، كما تستوجب تجند كافة الفعاليات والقوى الحية بمعية الجهازين الأمني والقضائي بغية العمل بشكل موحد على استئصال بذور هذا السلوك الشاذ قبل ظهور مخلفاته المؤلمة. وأضافت السيدة أديب أن متابعة الآباء الحازمة والدقيقة لسلوكات أبنائهم في البيت والشارع والمدرسة، كفيلة برصد بوادر أي تحرش قد يتعرضون له. ومن جانبها، أبرزت السيدة نادية الغريسي نائبة رئيس مركز حقوق الناس، التقدم الكبير الذي أحرزه المغرب في مجال حماية حقوق الأطفال، من خلال إحداث مجموعة من المؤسسات التي تعنى بهذا المجال، وفي مقدمتها المرصد الوطني لحقوق الطفل. وأبرزت السيدة الغريسي خطورة استمرار تفشي ظاهرة الأطفال المتخلى عنهم وتشغيل الفتيات الصغيرات كخادمات في البيوت، معتبرة أن هاتين الإشكاليتين تشكلان رافدين يساهمان في تغذية ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال. يشار إلى أن هذه الندوة تميزت بتقديم مجموعة من الشهادات الحية لحالات أطفال تعرضوا لاعتداءات جنسية، كان لها أثر كبير على تغيير مسار حياتهم.