عرت أكثر الحلقة الأخيرة من برنامج "الخيط الأبيض" الذي تقدمه الصحفية المقتدرة نسيمة الحر على القناة المغربية الثانية عن وضعية غير انسانية تعيشها فئة من المواطنين بمدينة طنجة ،والتي لا نجد لها وللأسف الشديد صدى كافي في الاعلام المحلي الاكتروني والورقي على السواء. الحلقة تناولت مشكلة" حي الجامع" الذي يدخل في النطاق الترابي" لمقاطعة بني مكادة" ،حيث معاناة 43 أسرة رفضت السلطات أن تضمها الى الفئة التي استفادت من مشروع " الخير السكني" لدواعي واهية وغير مقنعة ،ولا يمكن قبولها بتاتا على اعتبار أن الحق في السكن ثابث بنص الدستور ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال ترك مواطنين عرضة للمهانة والذل والضياع. مرة أخرى تأتي هذه الحلقة لتؤكد أن مشكلة" الأكواخ" أو" السكن الصفيحي" مشكلة عميقة ، وتحتاج الى ارادة سياسية حقيقية بعيدة عن الشعارات الرنانة ، للوفاء بالالتزام الذي قطعته الدولة على نفسها ،لكن ليس على حساب المواطن المقهور والمغلوب على أمره ، وأنا أتابع حلقة الاثنين الماضي من برنامج الخيط الأبيض عالى القناة الثانية باهتمام كبير سجلت جملة من الملاحظات: أولى الملاحظات تتعلق بالأستاذ محمد منصور الذي حضر بصفته رئيسا لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين التي تتابع الملف منذ مدة، حيث تألق مرة أخرى من وجهين، الوجه الأول استطاع لما يتوفر عليه من قدرات من تبسيط المشكل واخراجه من تعقيداته بما يكفي حتى يفهمه المشاهد العادي، أما الوجه الثاني وهو الأهم فقد دافع بشراسة وباستماتة كبيرة عن هاته العائلات التي حرمت من حقها في السكن ، والتي يبدوا أن مستواها التعليمي لا يؤهلها للقيام بهذه المهمة على أحسن ما يرام. ثاني الملاحظات تتمثل في الظلم الكبير وعدم الانصاف الذي تحس به العائلات المعنية وظهر هذا جليا من خلال نبرات أصوات المتدخلين بل ان احدى المداخلات كادت أن تنفجر من البكاء. ثالث ملاحظة تتجلى في أزمة الثقة التي أصبحت تميز علاقة الادارة بالمواطن وهذا ناتج طبعا عن عقود من التسلط كما أشار الى ذلك الباحث حركات في ذات البرنامج ، ورغم الوعود المقدمة حتى الان إلا أن الجهات المتضررة رفضتها بالمطلق ، وهذا من حقها لأن التجربة علمتهم أن السلطات لا تفي بوعودها. رابع ملاحظة كشف عنها البرنامج -وان كان المهتم يعرفها -وهي أن هاته الفئة فبالاضافة الى حرمانها من السكن ،فهي محرومة كذلك من الوثائق التي لا يمكن لأي مواطن أن يحي بدونها، كبطاقة التعريف الوطنية، شهادة السكنى ... وغيرها ، تصوروا معي أن مغاربة القرن21 لا يتوفرون على وثائف تكفل لهم حقوق المواطنة ، انه العبث بعينه، ونقول لهؤلاء الذين يأتون في كل مرة بمناسبة وبدونها ليلقنوننا دروس المواطنة الصالحة ، ما موقع هؤلاء من الاعراب؟ خامس ملاحظة تتعلق بمحمد الحمامي رئيس مقاطعة بني مكادة بصفته طرف أساسي في القضية، الذي ظل طيلة الوقت يردد نفس الأسطوانة دون أن يقدم ولو على خطوة جادة ممكن أن تعيد ولو جزء من الثقة ، لدرجة أنه تحدث في بعض الأحيان بلغة الاستعلاء، ونسي أو تناسى أنه يمثل المواطنين ، وكان عليه أن يدافع عنهم وبقوة عوض الاستعانة بلغة الخشب. سادس ملاحظة وهي ان كانت السلطات جادة فعلا كما حاول محمد الحمامي رئيس مقاطعة بني مكادة أن يؤكد، في حل هذا المشكل منذ سنة 1992، فلماذا تأخرت كل هذه المدة الطويلة، من سنة 1993 تاريخ الاحصاء الأول ، ثم سنة2003 تاريخ الاحصاء الثاني، ثم الى الان، وكلما تأخر الوقت كلما تضاعفت المشاكل وتجدرت، والملاحظ أن تاريخ الاحصاءات المعلنة تزامنت كلها مع فترة الاستحقاقات الانتخابية مما يتضح معه الاستغلال "الدنيء" لهذا الملف من طرف تجار الانتخابات. للأسف انتهى البرنامج دون أن تستطيع نسيمة الحر من نزع حلول عملية وعاجلة لهذا الملف الشائك اللهم بعض الوعود التي تعودوا على سماعها منذ سنة 1992، ولا يترددون في رفضها بالمطلق ، وهذا من حقهم على كل حال مادام أن السلطات لم تقدم ولو على خطوة واحدة نوعية قد تعيد اليهم قليل من الثقة، الحلقة المفقودة في الملف. [email protected]