في الصورة الإعلامية نسيمة الحر - أرشيف تقدم الإعلامية المقتدرة نسيمة الحر برامج اجتماعية تحظى بالتجاوب والقبول، بالنظر إلى حمولتها التربوية والتوجيهية المفيدة لعلاج بعض الآفات الاجتماعية التي يتضرر منها المجتمع. كان هذا دأبها في برنامج "وتستمر الحياة" و"بصراحة"، وهي اليوم كذلك مع برنامج "الخيط الأبيض". برنامج الخيط الأبيض، كما تشي بذلك دلالة الاسم في الثقافة المغربية الأصيلة، مجهود محترم يقوم على السعي النبيل من أجل الانتصاب جسرا وواسطة خير بين أفراد الأسرة أو العائلة الواحدة الذين انتهى بهم الخلاف إلى الاختلاف ثم القطيعة والهجران، مع ما يعنيه ذلك بالتبع من ضياع للحقوق ونشوء أوضاع نفسية واجتماعية مكلفة وذات عواقب سيئة تطال الجميع. ولذلك، عندما يتمكن طاقم البرنامج من تحقيق هدف الجمع بين مكونات الأسرة الواحدة المتنافرة وإدارة الحوار بينها، وتحقيق معاني التسامح والتوبة والاعتراف للآخر بالحقوق المهضومة يكون البرنامج ناجحا من حيث إشاعته لمعاني ثقافية وتربوية ذات حمولة تحسيسية ووقائية لكل من يتابع البرنامج، وهو إسهام معتبر في خدمة الاستقرار الأسري وتعزيز للروابط العائلية. غير أن الجمهور السياسي فوجئ في الحلقة الأخيرة بتحول غير طبيعي في سير البرنامج بسبب دخول البرنامج في المعترك السياسي واستحضاره من طنجة، وما أدراك ما طنجة.. ومن يتحمل مسؤولية تسيير طنجة!!، مشاكل المنتخبين مع بعض الشرائح المهنية. ونحن نعتقد أن هذا الانحراف بالبرنامج عن أصل فكرته، التي استحسنها الجمهور، مؤشر مقلق وغير سار بالنسبة لمقدمة البرنامج كما لطاقمه ورسالته النبيلة، وذلك للاعتبارات الآتية: · إن مدينة طنجة كما لا يخفى "مغتصبة" من مغتصبات العملية الانتخابية، والتي تم تسليم تدبيرها للشاب اليافع سمير عبد المولى المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، ضدا على نتائج صناديق الاقتراع ومنطق التحالفات الطبيعية التي تم كسرها كما لا يخفى على كل متابع حصيف. · إن إفساح المجال لعمدة فاشل حتى في جمع أغلبيته المصطنعة وتمرير الميزانية السنوية لسنته الأولى في التدبير، تؤكد أن عملية "تبييض" هذا الفشل من خلال برنامج الخيط البيض ليست عملا اعتباطيا، بل سلوكا مندرجا ضمن خطة مدروسة ترمي إلى ترميم صورة هذه التجربة البئيسة في الديمقراطية المحلية، والتي أنتجت هذا النوع من المسيرين الفاشلين. ·إن ما حصل لا يمكن أن يكون مقبولا إلا إذا كان برنامج الخيط البيض قد وسع بوعي وحسن نية مجال اشتغاله ليضم إليه صراع المنتخبين مع مختلف الشرائح الاجتماعية والمهنية والتي تمتد على طول البلاد وعرضها وهي ملازمة لطبيعة تدبير الشأن المحلي ومن صميمه ولا ينشأ عنها لا قطيعة ولا هم يحزنون بل تدافع وحوار وتعثر ونجاح وهكذا دواليك. ·إذا ما سلمنا جدلا بأن البرنامج المعني واع بطبيعة الضيوف السياسيين الذين حلوا عليه، أو استدعي هو إليهم.. الله أعلم!، فإن معنى ذلك أن كل الأحزاب ستستفيد لاحقا من "حصة للدعم الإعلامي" سيخصصها برنامج الخيط لبيض حسب الترتيب المعتمد في تصنيف الأحزاب، على أن يقدم كل حزب طلبا لإدارة البرنامج مع اقتراح اسم رئيس فاشل من بين رؤسائه ، وفي حاجة إلى وساطة إعلامية مركزية حتى يتصالح مع مجموعة من التجار الغاضبين أو سكان حي منتفض ضد روائح الواد الحار الكريهة أو باعة متجولين متذمرين... الخ. إن السيدة نسيمة الحر مطالبة، بعد الخرجة الإعلامية لعمدة طنجة ضمن فعاليات برنامجها التلفزي، أن توضح للرأي العام سبب هذا الخروج وعلاقته بطبيعة ورسالة البرنامج، واندراجه ضمن فلسفته ورسالته إذا كانت حريصة على مصداقيتها وتحترم جمهورها، وغير جاهزة لأن تكون ألعوبة في يد من يريد أن يغتال بعض الومضات القليلة والخجولة في إعلامنا العمومي. إنا نؤكد أن برنامج الخيط البيض لن تنفعه قناة كاملة بيضاء لمصالحته مع جمهور واسع وعريض، لو أقحم نفسه وتورط في صراع السياسة، وانحرف عن وظيفته الاجتماعية المحددة سياقا وموضوعا ورسالة وهدفا وغاية. لقد أكدنا دائما أن القناة الثانية قناة مملوكة للنفوذ، وليست للشعب الذي يؤدي من ضرائبه فواتيرها الباهظة ويئس على هزالها وخوائها وهرائها الكثير. لأجل ذلك، ننصح إعلاميينا النزهاء ببعض الممانعة حتى لا يكتمل قرص القبح وتذبل بعض النظارة التي تطل بين الفينة والأخرى من شاشتهم التي يقولون إنها لنا. نعم.. لقد صدقوا.. هي لنا لأننا نؤدي.. لكنها لهم لأنها تخدمهم وتبيض سواد صحائفهم، ولو تطلب الأمر أن تتجاوز كل الحدود وتملك الجرأة على إقحام برنامج اجتماعي نظيف في أوحال سياسة غير نظيفة. نتمنى أن يظل الخيط الأبيض أبيضا..! *مدير نشر جريدة المصباح