يحل الموسم الدراسي هذا العام في طنجة متزامنا مع قفة من الشعارات التى ترفعها وزارة التربية الوطنية من قبيل "مدرسة النجاح "ومدرسة الجودة " الشعارات وإن كانت في ظاهرها إيجابية إلا أن واقع التعليم خاصة في مدينة طنجة والمغرب عامة لا يبشر بالخير . أول الإكراهات التى تسجل في نعش التعليم في طنجة بشكل عام والتى وقفت على جزء منها هو مشكل الإكتظاظ الكبير الذي تعاني المدارس خاصة المدارس الإبتدائية حيث يصل فيها المعدل إلى اكثر من 50 تلميذا وتلميذة في القسم الواحد ولكم أن تتصوراالمشهد حين يصبح القسم أشبه بزنزانة مكتظة يستحيل معها على التلميذ آستعاب الدرس أو حتى مجرد فهمها مادام أن جل التلاميذ تحولوا إلى مجرد حمّالة يحملون الزعبولة أو المحفظة بتعبير كلاسيكي ويمكننا في هذا الصدد إعطاء الأمثلة من بعض المدارس الموجودة في الأحياء الشعبية الفقيرة جدا "كمدارس بيرشيفاء " ومدرسة أشناد " بالإضافة إلى عدد من الإعداديات والثانويات نذكر بالإسم مثالا لا حصرا " إعدادية إبن هيثم " " وإعدادية الفاربي " و"ثانوية الحسن الثاني " و"علال الفاسي " هذه المدارس بغض النظر عن مستوياتها التعليمية إلا أن السمة الجامعة والموحدة بينها هو قلة التجهيز وآنعدام الأمن ونقص الأطر التعليمية التى إماغادرت أسلاك التعليم من خلال ما سمي " بالمغادرة الطوعية " أو همشت في البودي والقرى النائية. الحقيقة أن الإنسان أحيانا يصادف أمورا تستحق التأمل والبحث والتقصي في سبب آستفحال التخلف التعليمي الذي نعاني منه بعد أن اصبح المغرب يحتل الرتب الأخيرة دوليا مصنفا مع دول فقير ة كالصومال وجيبوتي ،ففي الأسبوع الفارط لعبت معي الصدفة لعبتها حين ولجت المدرسة الأمريكية بالسواني فدهشت كثيرا وأنا أتحسر على واقع مدارسنا العمومية والتى كنا أول ضحاياها ، حاولت المقارنة لكني بدوت مع نفسي سخيفا لأنه لا مجال للمقارنة إطلاقا ...أستقبلتنا مديرة المدرسة بالإبتسامةوالتحية رغم أني لست طالبا ولا مدرّسا ولا حتى بوّابا بالمدرسة ... الأرضية كانت غاية في النظافة لدرجة أن جسد الإنسان ينعكس على الرخام من فرط اللمعان ...دخلت أحد الأقسام بحكم الفضول (ليتني كنت أحمل آلة تصوير لترو بأنفسكم الفرق بين مدارسنا ومدراسهم ) تفحصت إحدى الطاولات فلم أجد ولو أثرا واحدا لقلم حبر أو رصاص ...الأرضية غاية في النظافة والكتب مرتبة بعناية شديدة بالإضافة إلى الجداريا ت ورسومات أطفال تتغنى بحب الوطن والصداقة مكتوبة بلغة العم سام. طيلة تجوالي في المدرسة الأمريكية لم أجد ولو قطعة ورق مرمية على الأرض أو سمعت صراخا أو حتى مشهد أستاذ ينهر تلميذا قلت في نفسي عجبا " أنظروا كيف وأين يدرس أبنائهم وبأية لغة ؟ وكيف ندرس نحن وأين وبأية لغة ؟ في المساء مررت بإحدى المدارس العمومية المهمشة فوقعت عيني على لافتة كتب عيها بخط عريض " معا من اجل مدرسة النجاح " سخرت لهذه العبارة ولهذا الكذب المفضوح وانا ألقي بنظرات فاحصة على ركام من طاولات مكسورة نقشت عليها عبارات من قبيل " الحب غرام وليس حرام " و " ليلى + محمد = الحب الأبدي " علقت بسخرية ( هذا ما يتعلمه أبناءنا في المدارس العمومية الفاشلة ؟)وأضفت وأنا أحدث نفسي كالمجنون ترى في أي كوكب يكون المعلم حين يلجأ التلميذ إلى نقش مثل هذه العبارات السادجة ؟ الغريب في الأمر ان هذه العبارات مدونة في كل مكان علىا لجدران والأبواب، أما الأرضية فقد تحولت لمكب نفايات حققي بآختصار مدرسنا التى تربينا بين جدرانها الكئيبة لا تصلح إلا ان تكون عبارة عن إسطبلات . وزارة التعليم المغربية للأسف تناقض نفسها وشعارتها الرنانة والطنانة فهي تتحدث عن الجودة وفي نفس الوقت تلجأ لآتخاد قرارات وإجراءات خاطئة تجعل الإنسان البسيط يطرح الكثير من الإستفهامات فقد لجأت الوزارة إلى تقليص ساعات تدريس اللغات الأجنبية بأقسام الباكلوريا وحذفت ساعة كاملة من الحصة المقررة لمواد كالفرنسية التى يشكو أبناء الشمال من ضعفها والإنجليزية والإسبانية مع العلم ان الحصص المخصصة للغات الحية ضعيفة وغير كافية بتاتا فنجد مثلا أنه بالنسبة لشعبة العلمي كانت في السابق 4 ساعات لكن الوزارة حولتها ل 3 ساعات وشعبة الأدبي كانت 5 ساعات فحولت إلى 4 ساعات وعليه نحن نتساءل أهذه هي الجودة ياوزير التربية الوطنية ؟ كما أن بعض المواد تحولت إلى مجرد دروس نظرية ( نشير هنا إلى ان ثانوية الحسن الثاني بطنجة تشكو من نقص فظيع في تجهيزات المختبر الخاصة بمواد كالفيزياء والطبيعيات) هذا عن التعليم الأساسي أما واقع التعليم العالي فهو لا يقل عنه بؤسا وتخبطا في جملة من المشاكل العويصة أهمها ما تم تسجيله مؤخرا في جامعة بوخالف بطنجة من تعطيل لنظامها الإلكتروني الخاص بالنتائج والتنقيط مما ادى إلى حرمان الطلبة من الشواهد وكشف النقاط رغم أن الموسم الجامعي آبتدأ رسميا في 1 شتنبر بالإضافة إلى سيادة منطق الفوضى والمحسوبية في قضاء الأغراض والتسجيل في سلك الماستر وآرتفاع معدل الهدر الجامعي إذ كشفت بعض الإحصائيات أن 40 في المئة من الطلبة المسجلين يغادرون أسلاك التعليم العالي في السنة الأولى ،إنها مصيبة تعليم لا ينتج غير الكسالى والمعطلين . [email protected]