عرفت مدينة طنجة، في الفترة من 1990 إلى 2008، نموا ديموغرافيا متسارعا، فاقت معدلاته كل التوقعات المرسومة. ولأن هذا النمو لم يرافقه اتساع عمراني، فقد أدى إلى لجوء 45 ألف أسرة إلى السكن العشوائي الحاط بالكرامة الإنسانية، كما أدت هذه الكثافة السكانية إلى ماسجله تقرير لمديرية إعداد التراب الوطني، من أن متطلبات مدينة طنجة، خلال الفترة من 2003 إلى 2012، تقدر بأزيد من 62 ألف وحدة سكنية. وللوفاء بهذه المتطلبات، يتوجب توفير رصيد عقاري مقداره لا يقل عن 1600 هكتار، وذلك شبه مستحيل، بالنظر إلى العوامل السائدة التالية: . إندفاع مافيا العقار المتزايد نحو الإجهاز على المناطق الخضراء، والتهام الأرصدة العقارية بأبخس الأثمان، بفعل التواطؤات. . مراكمة الانتهاكات والمخالفات السافرة للقوانين المنظمة لقطاع البناء والتعمير. . العشوائية الحاصلة في تسليم رخص البناء، هذا قبل دخول (الشباك الوحيد) حيز التطبيق. . الانكماش الهائل في الأرصدة العقارية بمختلف مناطق ومواقع المدينة. الأقطاب الحضرية الجديدة: انطلاقا من هذه الوقائع، وفي إطار مواكبة المستجدات التي غدت تعرفها مدينة طنجة، ونقصد المشاريع البنيوية المبرمجة، من قبيل مشروع ميناء طنجة المتوسطي، والمرافق الصناعية والاقتصادية التابعة له، سعت وزارة الإسكان، وباقي شركائها المحيين، إلى اقتناء بعض المناطق القابلة لإحداث أقطاب جديدة بها. عملية التحديد تمت بناء على المعطيات والمميزات العقارية والطبيعة، وكذا مراعاة ارتباط المنطقة بمحيطها، وطبيعة المشاريع المهيكلة والتجهيزات الأساسية، إضافة إلى تحول المدينة إلى قاطرة حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة. أسفر هذا التخطيط عن اقتراح ثلاثة مواقع لاستقبال الأقطاب الجديدة، وهي: . القطب الحضري «اجزناية الجديدة» بالجماعة القروية لبوخالف. . القطب الحضري «القصر الصغير قصر المجاز» بالجماعة القروية القصر الصغير. . القطب الحضري «ملوسة اجوامعة» بالجماعة القروية ملوسة اجوامعة. ومباشرة بعد تزكية الاقتراح الذي تقدمت به الوكالة الحضرية لطنجة، بشأن هذه البلدات الجديدة، عملت الوكالة على مواصلة تفعيل هذا البرنامج، بدءا من إخراج وثائق التعمير المتعلقة بهذه المناطق الحضرية إلى حيز الوجود، سواء التي أعطيت انطلاقة دراستها، سنة 2007 (تصميم تهيئة اجزناية الجديدة، والقصر الصغير)، أو التي تمت برمجتها برسم نفس السنة (تصميم تهيئة ملوسة). وفي أفق تحقيق أرضية فعلية للشروع في تنفيد مضامين البرنامج المذكور، جرى إعداد وثائق التعمير، التي تمثل السند القانوني لتنظيم هذه المجالات، وتشجيع المقاولين الخواص، والمؤسسات العمومية الخاضعة لوصاية الوزارة المكلفة بالإسكان والتعمير، على خلق مشاريع استثمارية بها. كما عملت الوكالة الحضرية على تحقيق رهان تعبئة العقارات العمومية من أجل إنجاز برامج الإسكان، وقطعت العديد من الأشواط في البحث عن عقارات قابلة لاحتضان بلدات جديدة، من حيث الموقع والمساحة، التي يجب أن تناهز ألف (1000) هكتار. وكانت الوكالة الحضرية رصدت، بتنسيق مع والي جهة طنجة تطوان، محمد حصاد، الذي قدم دعما كبيرا لهذا المشروع، مدارا مساحته 740 هكتارا، يتكون من وعاء عقاري مهم، يقع جنوب مدينة طنجة، على بعد كيلومترين من مطار ابن بطوطة الدولي. إعادة الاعتبار لمنطقة الفحص أنجرة: يندرج برنامج أإحداث مراكز حضرية (بلدات صغيرة) بطنجة، في إطار البرنامج الوطني لإحداث المدن الجديدة، الذي تشرف على أجرأته وتنفيذه وزارة الإسكان، وفق تصور عام لمقاربة المشروع الحضري لتأهيل المدن (2006 2009)، الذي يروم امتصاص الضغط المتزايد على المدن، والاستجابة الفعلية للحاجيات السكنية للمواطنين. ويشمل البرنامج الوطني لإحداث المدن الجديدة، خلق أقطاب حضرية في مجموعة من الجهات، ومن ضمنها مدن جهة طنجة تطوان، حيث يتوقع حسب مصادر من وزارة الإسكان والتجهيز أن تستفيد أقاليم الشمال، وخاصة الأقاليم التي تعرف نموا ديموغرافيا، وتناميا في الحاجة إلى السكن، من إحداث مجموعة من البلدات الجديدة بها بعد استفادة مدينة طنجة، من ثلاثة أقطاب حضرية مهمة. كان عامل إقليمالفحص أنجرة السابق، بادر منذ سنتين، إلى تنظيم مباراة لتهيئة القطب الحضري القصر الصغير، كخطوة تمهيدية قبل إعطاء الانطلاقة لإنجاز دراسة تصميم التهيئة، وفق التصور المتفق عليه، بين الوزارة الوصية وشركائها المحليين. وقد تم، في الفترة مابين 2006 و2007، إعداد دراسة شمولية للوضعية العقارية لإقليمالفحص أنجرة، معززة باقتراح عدة حلول، يمكن أن تساهم فعليا في تحقيق هدفين رئيسيين: . الهدف الأول: إعادة الاعتبار لهذه المنطقة الهامة (القصر الصغير)، الغنية بالمؤهلات الطبيعية والسياحية، وذات الموقع المحوري والاستراتيجي داخل إقليمالفحص أنجرة. . الهدف الثاني: تشجيع الاستثمار فيها، عبر مختلف المجالات والقطاعات، خاصة، وأنها تتوفر على بنيات تحتية مهمة، إلى جانب قربها من مشروع طنجة العملاق، الميناء المتوسطي. دعم مسلسل التنمية الجهوية: مايضفي (الأهمية الشديدة) على برنامج تأهيل المدن وإحداث مراكز حضرية جديدة، في مختلف أقاليم الشمال، أنه يأتي في ظل ظرفية مقلقة بالنسبة لقطاع الإسكان والتعمير في جهة طنجة تطوان، القطاع الذي آل إلى جملة من الاختلالات الهيكلية، أعاقت لفترة تزيد عن عشرين سنة، مسلسل التنمية الجهوية، وأثرت سلبا على كبريات الأوراش المفتوحة في الجهة والشمال عموما. إن إحلال برنامج إحداث مراكز حضرية (بلدات) جديدة، على رأس أولويات تدخل السلطات العمومية، لن يكون له المردود الهام والمنتظر من قبل عموم الساكنة، والمقاولات الصغرى والكبرى، والمؤسسات العاملة في مجال الإسكان والتعمير، إذا لم تتم المراهنة على تحقيق الأولويات التالية: . اعتماد سياسة القرب بطريقة واضحة الخطوات والأهداف. . تسطير جدولة زمنية دقيقة لا تترك مجالا للتهاون أو الارتجال، حتى لا يتم تكرار تعثرات مشاريع التأهيل الحضري (2006 2009). . تبسيط المساطر والمسالك. . تقليص آجال تنفيذ المهام، وفي مقدمة ذلك احترام شروط الالتزام، والتعهد بدفتر التحملات، وتنفيذ الالتزامات بحذافيرها وكلية مضمينها. . فتح باب الاجتهاد أمام ذوي الاختصاص، وإشراكهم في مضامين برنامج إحداث مدن جديدة. . تحقيق اندماج فاعل ومنتج في المحيط الاقتصادي والاجتماعي، محليا وجهويا. . استبعاد العناصر المتورطة في الخروقات العمرانية، من الإسهام في تنفيذ البرنامج.