عند الحديث عن أشعة الشمس وفصل الصيف والأطفال، تشير المصادر الطبية إلى أن نحو 70% من المدة الزمنية ..عند الحديث عن أشعة الشمس وفصل الصيف والأطفال، تشير المصادر الطبية إلى أن نحو 70% من المدة الزمنية التي يتعرض فيها جسم أحدنا لأشعة الشمس إنما تحصل في سن ما قبل بلوغ الثامنة عشرة من العمر. ومع هذه الحقيقة العلمية، وتبعاتها الصحية، هناك آباء وأمهات لا يلقون بالا البتة، لأهمية حماية جلد الطفل من التأثيرات السلبية للتعرض لأشعة الشمس. والأسوأ من هذا، اعتقاد بعض الأمهات والآباء أن استخدام «كريمات» الحماية من أشعة الشمس إنما هو خاص بالكبار وبالذين يبحثون عن الزينة والجمال باكتساب جلدهم اللون «البرونزي»! بل واعتقاد بعضهم أن ارتداء النظارات الشمسية «موضة» و«زينة» خاصة بالكبار، ولا علاقة لها بحماية أعين الأطفال!. * صحيح أن تعرض البالغين لأشعة الشمس سبب في الإصابة بسرطان الجلد، إلا أن الصحيح أيضا أن تعرض الأطفال لهذه الأشعة من دون حماية منها سبب في كل من الإصابة بسرعة وتيرة شيخوخة الجلد في مراحل مبكرة من فترة الشباب لاحقا، كما أن ذلك سبب أيضا في إصابتهم بسرطان الجلد. ومع تأكيد المصادر الطبية في أميركا وأوروبا وأستراليا وغيرها من بقاع الأرض على ملاحظة ارتفاع عدد الإصابات بسرطان الجلد، تتأكد الحاجة إلى الاهتمام بحماية الجلد من أشعة الشمس. وبمزيد من الدقة في العبارة، تشير دراسات المسح الإحصائي الحديثة بالولايات المتحدة إلى أن نسبة الإصابة بسرطان الجلد لا تزال في تصاعد مستمر، وتبلغ الزيادة السنوية نحو 3% لمئات الآلاف من تلك النوعية من السرطان. وكانت منظمة الصحة العالمية قد نشرت في تقاريرها الحديثة أن التعرض المباشر لأشعة الشمس كان السبب في وفاة أكثر من 60 ألف شخص سنويا نتيجة لسرطان الجلد. * الأشعة فوق البنفسجية * وما هو ثابت اليوم أن نوع «الأشعة فوق البنفسجية» ultraviolet UV هو السبب وراء أكثر من 90% من حالات الإصابة بسرطان الجلد. بمعنى أن الدور السلبي لأشعة الشمس من جهة التسبب في سرطان الجلد إنما هو نتيجة للأشعة فوق البنفسجية. والأشعة فوق البنفسجية هي نوع من أشعة الضوء التي لا ترى، لأنها ذات طول موجي قصير جدا. وهي أعلى ما تكون في أشعة الشمس خلال الفترة ما بين العاشرة صباحا والرابعة من بعد الظهر. وللتقريب، يستخدم أحدنا «قاعدة الظل» (shadow rule)، أي حينما يكون ظل أحدنا أقصر من الطول الفعلي، تكون الأشعة فوق البنفسجية عالية في أشعة الشمس. وهنا نقطة تحتاج إلى توضيح، وهي أن الأشعة فوق البنفسجية، القادمة مع حزمة ضوء أشعة الشمس، مكونة من ثلاثة أنواع. وهي إيه (A) وبي (B) وسي (C). وما يعتقده العلماء هو أن نوع سي (UVC) أشدها خطورة على الإنسان. والناس محظوظون، حتى الآن، لأن طبقة الأوزون الموجودة في الغلاف الجوي تحجب هذا النوع من الأشعة وتمنع اختراقه للغلاف الجوي، وبالتالي تقي ساكني الأرض من أذاه. وهذه الفائدة أحد دواعي العمل على حفظ طبقة الأوزون. وعند تعرض الجلد لكميات معتدلة من أشعة الشمس، تصل إلى الجلد كميات معتدلة من الأشعة فوق البنفسجية، بنوعي إيه (A) وبي (B). وهنا تتمكن صبغات ميلانين melanin، الموجودة في خلايا الجلد melanocytes، من العمل على امتصاص هذه الأشعة. وبالتالي حماية الجسم منها. أما عند تعريض الجلد لكميات كبيرة منها، مثل التعرض لشمس الصيف ولساعات وفي أوقات الذروة في نسبتها، ستنتج خلايا الجلد كميات أكبر من صبغة ميلانين، ويزيد انتشارها في الخلية. وهذا ما يعطي الجلد لونا برونزيا بنيّا خفيفا، أو «صن تان» suntan. أي إن ال«صن تان» هو وسيلة يحاول الجلد بها حماية نفسه ما أمكن من أضرار الأشعة فوق البنفسجية. ولكن هذا لن يكفي وحده لمنع تغلغل الأشعة فوق البنفسجية في الجلد، وصولا إلى نواة خلاياه. وهنا تعمل تلك الأشعة على إحداث تغييرات في الحمض النووي DNA لتلك الخلايا، مما يؤدي إلى نشوء الخلايا السرطانية في طبقة الجلد. وعلينا ملاحظة أن الغيوم في السماء لا تحجب عنا الأشعة فوق البنفسجية، بل يتمكن ثلثاها من اختراق الغيوم وصولا إلى سطح الأرض. وأنه لا علاقة للون الجلد بالأمر، ولذا فإن ذوي اللون الغامق أو اللون الفاتح عرضة لأضرار أشعة الشمس، ما لم تتخذ وسيلة للحماية. * مستحضرات «صن سكرين» * الأمر المهم الآخر هو أن مستحضرات الحماية من أشعة الشمس، أو ما يسمى «صن سكرين» sunscreen، لديها القدرة المبدئية على الوقاية من تأثيرات نوع بي (B) من الأشعة فوق البنفسجية. أما نوع إيه (A) فلا قدرة للأنواع العادية من ال«صن سكرين» على حمايتنا منه. وهناك عامل مهم في تحديد مدى قدرة تلك الأنواع من «صن سكرين» على الوقاية، وهو «عامل الوقاية من الشمس» (sun protection factor)، أو ما يعرف ب«إس بي إف» «SPF». ونقرأ رقم ال«SPF» على عبوات الكريمات تلك. وحينما يكون رقم ال«SPF» هو «15» مثلا، فإن معنى ذلك أن التعرض لأشعة الشمس لمدة 15 دقيقة بعد وضع الكريم بطريقة صحيحة على الجلد يجعله يتلقى فقط كمية الأشعة التي يتعرض لها عادة خلال دقيقة واحدة عند عدم وضع كريم ال«صن سكرين». ولكن ضعف هذا الرقم، أي 30، لا يعني أن بإمكان الشخص البقاء لمدة نصف ساعة تحت الأشعة من دون أن يتأثر. ويشير الباحثون من «مايو كلينك» إلى أن الكريم ذا الرقم 10 يحجب 90% من نوع بي (B) للأشعة فوق البنفسجية، وأن الكريم ذا الرقم 15 يحجب 93% من تلك النوعية للأشعة، والكريم ذا الرقم 30، يحجب 97% منها. كما أنهم يشيرون إلى أنه لا يوجد حتى اليوم مؤشر يدل على قدرة أي من تلك الكريمات على حجب نوع إيه (A) من الأشعة فوق البنفسجية. وينصح جميع البالغين الذين يتعرضون لأشعة الشمس، لظروف العمل أو خلال الاستجمام على الشواطئ، بوضع هذه المستحضرات. ووفق ما تقوله الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال في إرشاداتها الحديثة، فإن الأطفال بحاجة إلى استخدام تلك الكريمات، كما أنهم بحاجة للوقاية أصلا من التعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة، لأن جلدهم أكثر عرضة للإصابة بحروق الشمس sunburns. أما الأطفال ما دون سن ستة أشهر، فيجب عدم تعريضهم بالأصل لأشعة الشمس الحارقة لأي وقت مهما كان قصره، أي فيما بين العاشرة صباحا إلى الرابعة من بعد الظهر. ويُلجأ عند الضرورة فقط إلى وضع كميات قليلة من تلك المستحضرات، على المناطق المكشوفة من جلد الطفل الرضيع، مثل الأذنين والأيدي والأرجل. * إضعاف مفعول «صن سكرين» لا يجب الاعتماد كليا على كريم «صن سكرين» لحماية الجلد من تأثيرات أشعة الشمس، بل يظل الجلد هو الذي سيخبرنا بمدى تعرضه لكميات عالية منها. وذلك عبر ظهور علامات الحروق أو الاحمرار المؤلم. هذا مع ملاحظة أن آثار حروق الشمس تحتاج إلى ما لا يقل عن 24 ساعة للظهور بشكل كامل. ولذا قد لا يبدو على الجلد شيء في الساعات القليلة التي تلي التعرض لأشعة الشمس لفترة طويلة، ولكن بعد يوم يتضح مدى الضرر الذي أصاب الجلد. وهناك عدة عوامل مؤثرة في الكمية التي يتعرض لها الجلد من الأشعة فوق البنفسجية القادمة مع أشعة الشمس، منها طول المدة، والوقت خلال ساعات النهار، وما إذا تم وضع كريم «صن سكرين» أم لا.. وهناك أيضا ارتفاع نسبة رطوبة الهواء، وزيادة إفراز الجسم للعرق خلال التعرض لأشعة الشمس، وتكرار تجفيف الجلد بالمنشفة، وتكرار السباحة في الماء أو الاستحمام بال«دُش» للتبريد أثناء قضاء الوقت على الشواطئ أو المسابح، وغيرها من العوامل التي تُؤدي إلى زيادة إزالة كريم «صن سكرين» عن الجلد، وبالتالي تعريته عن حماية ذلك الكريم. ويذكر الباحثون من «مايو كلينك» أن أكثر الناس يستخدمون كريم «صن سكرين» ببخل واقتصاد شديد! وهذه هي الحقيقة، لأن الكثيرين يظنون أن الأمر هو دهن الجلد بطبقة غير مرئية من الكريم، وأن هذا هو المطلوب فقط لنيل فائدته. والمطلوب هو وضع طبقة واضحة، أي وضع كمية تقارب 30 مليلترا على المناطق الجلدية التي يراد تعريضها لأشعة الشمس، وقبل نصف ساعة من التعرض لها. أي إن عبوة بحجم 120 مليلترا تكفي فقط أربعة أشخاص بالغين، ولمرة واحدة. ويجب تكرار وضع الكريم بُعيد السباحة، أو بعيد مسح الجلد، أو غيرهما من الأسباب التي تؤدي إلى زوال الطبقة الحامية التي تم وضعها. أو كل ساعتين من البقاء على الشاطئ .