فيما أعربت الحكومة المغربية عن قلقها إزاء "تنامي النشاط الشيعي" في البلاد، منددة ب"قلة الاحترام" الإيراني، أعطت وزارة الداخلية المغربية تعليمات لمختلف مصالحها بالمدن والأقاليم بتنظيم حملات مراقبة على مختلف المكتبات العمومية ومصادرة الكتب التي لها علاقة بالفكر الشيعي أو بإيران وحزب الله اللبناني. وجاء ذلك على خلفية التوتر الذي تفجّر أخيراً بين المملكة المغربية وإيران التي وصلت إلى حدود قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وكشفت صحيفة "الجريدة الأولى" المغربية الإثنين 16-3-2009 أنه تم تشكيل لجان على صعيد الولايات والأقاليم لمحاربة جميع مصادر التغلغل الشيعي في المغرب والقيام بحملات مراقبة ومتابعة كل ما هو مرتبط بإيران. وأشارت الصحيفة إلى أنه ستتم زيارة كبريات المكتبات في مختلف المدن المغربية بقصد التفتيش والوقوف على حضور الكتاب الشيعي في الساحة الثقافية المغربية. جمعيات نشر التشيّع في المغرب في هذه الأثناء، أعرب المغرب عن قلقه إزاء "تنامي النشاط الشيعي" في البلاد، منددة ب"قلة الاحترام" الايراني التي حمّلها وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري المسؤولية الكاملة عن قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وفي مقابلة خص بها الوكالة الفرنسية الاثنين ندّد الوزير المغربي بالنشاطات الدعوية لبعض الجمعيات المغربية الساعية لنشر المذهب الشيعي في المغرب بدعم من ايران. وقال "ان المغرب لا يمكنه ان يقبل بالقيام بمثل هذه النشاطات (على أراضيه) وذلك بشكل مباشر او غير مباشر عبر ما يسمى بمنظمات غير حكومية". وانتقد "المساس بأسس" المملكة الشريفية المغربية وب"الرابط" المالكي، وهو المذهب الاسلامي السني المعتدل السائد في المغرب. وأضاف الوزير ان "المغرب ليس الوحيد الذي يشهد" هذا النشاط الشيعي "الذي اكتشف وجوده ايضاً في افريقيا جنوب الصحراء وفي بلدان اسلامية اخرى"، وحتى في اوروبا. وكان خالد الناصري المتحدث باسم الحكومة قال في الآونة الأخيرة إن قسماً من الجالية المغربية في بلجيكا تعرّض "لممارسات" ايرانية من النوع ذاته. جاءت تصريحات الفاسي الفهري إثر بيان شديد اللهجة لوزارته اعقب قطع العلاقات مع ايران في 6 مارس/آذار الحالي. ونددت الخارجية المغربية في بيانها ب"نشاطات ثابتة للسلطات الايرانية وبخاصة من طرف البعثة الدبلوماسية بالرباط تستهدف الاساءة للمقومات الدينية الجوهرية للمملكة والمسّ بالهوية الراسخة للشعب المغربي ووحدة عقيدته ومذهبه السني المالكي"، مضيفة ان "هذه الاعمال تعد تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للمملكة وتعارض قواعد وأخلاقيات العمل الدبلوماسي". غير ان الوزير المغربي رفض ربط قطع العلاقات الدبلوماسية مع ايران بأنشطة "الدعوة الشيعية" المنسوبة لإيران. وأوضح ان "الامور كانت قابلة للتحكم مع الابقاء على النشاط الدبلوماسي والعلاقات التجارية (بين البلدين) مع درجة معينة من اليقظة". ورسمياً، فإن قرار قطع العلاقات الدبلوماسية أتى إثر انتقادات اعتبرت "غير مناسبة" وجهتها ايران للدعم المغربي للبحرين. وكانت العلاقات بين ايران والبحرين توترت اثر تصريح العضو المهم في مجلس تشخيص مصلحة النظام، المسؤول في مكتب مرشد الثورة الايرانية، علي اكبر ناطق نوري، اعتبر فيه ان البحرين "المحافظة الايرانية رقم 14" كانت جزءاً من ايران. وأوضح الفهري "عندما استهدفت ايران المغرب والمغرب فقط، لم نفهم" لماذا تم ذلك. قبل قطع العلاقات كان المغرب استدعى في مرحلة اولى في نهاية فبراير/شباط للتشاور القائم بأعماله في طهران. وقال الوزير المغربي "لقد منحنا الفرصة والوقت (للايرانيين) لتفسير موقفهم، غير اننا لم نتلق اي رد. لقد شكل ذلك قلة احترام" للمغرب. ولم تكن العلاقات بين المغرب وإيران صافية على الدوام في الماضي، فقد قطعت العلاقات الدبلوماسية بينهما في 1979 اثر الاطاحة بالشاه وتولي آية الله الخميني السلطة. وأعيدت هذه العلاقات في 1991 وإيران هي اليوم احد اهم زبائن الفوسفات المغربي، وأحد ابرز مزودي المملكة المغربية بالنفط. وتبلغ قيمة المبادلات التجارية بين البلدين نحو مليار دولار.