السقوط من الطابق الثالث ينهي حياة أم بطنجة    أمن البيضاء يحقق مع جزائريين وماليين على خلفية دهس بين 7 أشخاص بسيارات رباعية    ميناء طنجة المتوسط يقوي قدراته اللوجستية باستثمار 4 مليارات درهم    الدرهم يتراجع بنسبة 1,18 في المائة مقابل الدولار الأمريكي بين شهري شتنبر وأكتوبر (بنك المغرب)    وقفات تضامنية مع غزة ولبنان بعدد من مدن المملكة        عدد وفيات مغاربة فالنسيا بسبب الفيضانات بلغ 5 ضحايا و10 مفقودين    الدريوش يتلقى استدعاء لتمثيل هولندا    بواسطة برلمانية.. وهبي يلتقي جمعية هيئات المحامين بالمغرب غدا السبت    فعاليات الملتقى الجهوي الثالث للتحسيس بمرض الهيموفيليا المنعقد بتطوان    مدافع الوداد جمال حركاس: تمثيل "أسود الأطلس" حلم تحقق        أكديطال تتجه لتشييد مصحة حديثة بالحسيمة لتقريب الرعاية الصحية    منظمات أمازيغية تراسل رئيس الجمهورية الفرنسية حول استثناء تعليم اللغة الأمازيغية    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    الوسيط يعلن نجاح الوساطة في حل أزمة طلبة الطب والصيدلة    سانت لوسيا تشيد بالمبادرات الملكية بشأن الساحل والمحيط الأطلسي    ابنة أردوغان: تمنيت أن أكون مغربية لأشارك من أسود الأطلس الدفاع عن فلسطين    حجوي: 2024 عرفت المصادقة على 216 نصا قانونيا    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا    "جبهة نقابية" ترفض المس بالحق الدستوري في الإضراب وتستعد للاحتجاج    المغرب وفرنسا… إضاءة التاريخ لتحوّل جذري في الحاضر والمستقبل    الطفرة الصناعية في طنجة تجلعها ثاني أكبر مدينة في المغرب من حيث السكان    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    وسيط المملكة يعلن عن نجاح تسوية طلبة الطب ويدعو لمواصلة الحوار الهادئ    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان        إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بصمات في الذاكرة : إحتفاء بذكرى رحيل الفقيهة الجليلة للا العزيزة الأزرق رحمها الله

تاريخ القصر الكبير حافل بالأمجاد والبطولات، مليء بالعطاءات المتميزة في شتى المجالات لدرجة أنك لاتكاد تفتح موضوعا في ميدان من ميادين الحياة، حتى تفاجئك القصر الكبير بأسماء رجالات ونساء أبلوا البلاء الحسن وتركوا سمعة طيبة وصدى رائعا يثلج الصدور .
" بصمات في الذاكرة" يفتح ملفا حول الفتاة القصرية عبر التاريخ، يحتفي بالذكرى السابعة والثلاثين لرحيل والدة أستاذ الأجيال عمر الديوري– حفظه الله ورعاه- ويستضيفه – أطال الله في عمره- ليحكي قصة امرأة فاضلة تعد من رائدات العمل التعليمي والتربوي في فترة عز فيها أن تتعلم المرأة وتكون معلمة وفقيهة، امرأة تركت بصمات يقف أمامها الجميع بإجلال وخشوع لإيجابية عطائها على مستقبل مجتمعنا المغربي، إنها السيدة الفقيهة للا العزيزة الأزرق – تغمدها الله بواسع رحمته- وإذ نتشرف بمجالسة نجلها الفاضل عمر الديوري ليكشف لنا عن تاريخ عريق أرخ للسيدة القصرية وحمل الخير للإنسانية . اليكم الحوار :
– أجمل عبارات الود والاحترام لك أستاذ عمر، شكرا لحضورك بيننا، وسؤالي الأول: من هي الفقيهة للا العزيزة الأزرق ؟ أين نشأت وتربت ؟
الفقيهة الجليلة المرحومة العزيزة الأزرق ازدادت بمدينة فاس حوالي سنة 1910، والدها هو الفقيه المرحوم العربي الأزرق حافظ لكتاب الله، ووالدتها هي الشريفة الوقورة للا أمينة الكنوني التي عمرت أزيد من 100 سنة في تقوى من الله والقيام بتعليم فتيات مدينة فاس منذ ما يزيد عن نصف قرن .
فقد كانت – الشريفة للا أمينة الكنوني- مديرة لمدرسة حرة هناك، تقع بزقاق الحجر بالطالعة الصغرى إسمها (مدرسة الرشاد للفتيات)، تخرج على يديها عدد غير قليل من فتيات العائلات الفاسية، حيث كانت تعلمهن القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، ثم كن يأخذن دروسا في المواد والعلوم الرئيسية وفق برنامج التعليم الحر الذي لعب دورا أساسيا في الحركة الوطنية في عهد الحماية، إضافة الى ذلك فقد كانت تعلم تلميذاتها بعض المتون والعادات الأصلية في جو يتسم بالتعلق بالمبادئ الأساسية للدين الإسلامي الحنيف، من حيث المعاملات والفرائض والعلاقات الإنسانية والوطنية التي كانت تطبع المتعلمات عندها، واللائي كان يتزايد عددهن سنة بعد أخرى، كل ذلك كان يتم في مسجد خاص بجانب سكناها التي حولتها إلى مدرسة عصرية يتعلم فيها الفتيات كل الدروس المقررة على يد ثلة من طلبة السنوات العليا من جامعة القرويين، نذكر منهم على سبيل المثال:
الأستاذ أحمد السراج (مدير المعهد العالي للقضاء سابقا) والأستاذ محمد يوسفي مالكي (مدير مركز تكوين المفتشين بالرباط قبل إحالته على التقاعد)، والأستاذ عبد الحي عمور (مفتش عام بوزارة التربية الوطنية سابقا)، والأستاذ محمد برادة (من علماء القرويين سابقا)، والأستاذ أحمد أكومي (مدير بإحدى المؤسسات التعليمية سابقا)، والأستاذ عمر الديوري (مدير مدرسة ابتدائية بالقصر الكبير سابقا) وغيرهم من الأساتذة الذين يختلفون حسب المواد التي كانوا يدرسونها، ونظرا للسمعة الطيبة التي كانت تتمتع بها المؤسسة والنتائج الحميدة التي كانت تحققها، فقد كان الإقبال متزايدا على مدرسة الرشاد الحرة للفتيات، حيث كانت مديرتها تحيي ليالي الأمداح والذكر بالمناسبات الدينية والعائلية، يتم فيها سرد سيرة الرسول الأكرم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مع التجويد الحي لآيات بينات من الذكر الحكيم، وإنشادات جماعية من مختلف فنون المديح والذكر .
في هذا الجو الروحاني والتعليمي الصرف، نشأت فقيهتنا السيدة العزيزة الأزرق، حيث تعلمت على يد أمها الشريفة للا أمينة ورضعت من فيض تفقهها مبادئ الدين الإسلامي الحنيف والسيرة النبوية النيرة، وحفظت القرآن الكريم – عن ظهر قلب – حفظا وتجويدا وكتابة عثمانية، بالإضافة الى جملة من المتون التي كانت تعزز التعليم الديني الصرف في تلك الفترة، ومن خلال معاملة أمها لمتعلماتها باللين والمساواة وحب الخير، تشبعت الفتاة بالأخلاق الفاضلة والنفس الأبية والإيثار، فأضحت شابة تساعد أمها فيما أقدمت عليه .
- متى كان استقرار الفقيهة للا العزيزة الأزرق بمدينة القصر الكبير؟ وما هي دواعي رحيلها عن مدينة فاس ؟
رحلت فقيهتنا إلى مدينة القصر الكبير حوالي سنة 1934 بدافع الزواج، حيث سافرت رفقة زوجها المرحوم بكرم الله الحاج عبد العزيز الديوري الذي كان يمتهن التجارة بين مدينة فاس ومدينة طنجة، وقد كان يتخذ من مدينة القصر الكبير مركزا لاستراحته وتخزين سلعه، وعندما أكثر من المقام في القصر الكبير بني له مسكنا به بقرب (حمام الخليفة بحي الشريعة) وراء مصلحة البريد حاليا . وعند استقرار فقيهتنا وزوجها بالقصر الكبير، ربطت علاقات طيبة مع ثلة من سيدات المدينة وذلك من خلال زيارتهن أو حضورها لمناسباتهن أو حضورهن لكل مناسبة كانت تقيمها كازدياد أبنائها أو ختان أحدهم أوغير ذلك، وبالمباشرة اليومية لسيدات المدينة على اختلاف مشاربهم وأوساطهم، تقوت هذه الرابطة فأضحت لا تمر مناسبة دون حضورها بها، حيث كانت تحدثهن تارة، أو تقدم أمداحا وإنشادات تارة أخرى. وعندما تقوت هذه العلاقات الطيبة بين الفقيهة وساكنات المدينة، طلبت منها بعض السيدات الفاضلات قاطنات القصر الكبير أن تتولى تعليم بناتهن مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم وبعض المتون في السيرة النبوية الشريفة، رغبة منهن في أن يتحقق لبناتهن مالم يعشنه هن، وذلك لعمري ناتج عن وعي منهن ومنها لما لتعليم الفتاة من إيجابية على مستقبل المرأة وبالتالي على مستقبل المجتمع المغربي بصفة عامة .
- حدثنا عن بداية تعليم فتيات القصر الكبير ؟
كانت البداية في سكناها الأول بجوار (حمام الخليفة) كما سلف الذكر، حيث وفد عليها زمرة من خيرة فتيات القصرالكبير، تحقق ذلك حوالي سنة 1937 .
كانت تجمعهن في صالة خاصة، وفي بداية الأمر، كن يتعلمن مبادئ القراءة والكتابة بواسطة الألواح على الطريقة التقليدية، ثم أخذن في حفظ القرآن الكريم، كل حسب قدرته، وقد توافدت بنات العائلات القصرية بشكل مكثف من مختلف الأوساط والأعمار ليتعلمن في جو من الرغبة والتطلع، هدف عائلتهن إخراجهن من عالم الظلمة الى عالم النور والمعرفة، حيث اعتبر ذلك خطوة جريئة وفريدة من نوعها في مدينة القصر الكبير وذلك بتأسيس أول خلية لتعليم الفتيات بعدما كان ذلك مقتصرا على الذكور فقط وبشكل يكاد لا يذكر .
... توافدت العائلات على منزل الفقيهة للمزيد من الإستفادة الروحية والمعرفية، وتنافست الفتيات في التحصيل والمعرفة، فهذه قد أتمت نصف (السلكة) والأخرى قد حفظت (السلكة) كلها، وكانت كل مناسبة من هاته أو تلك يقام لها احتفال خاص تشعر به المتعلمة بنشوة ما بعدها من نشوة، حيث الفرحة تعم الأهل والأحباب ببلوغ فتاتهن ما وصلت إليه في جو يطبعه الإنشراح والرغبة في التفقه وحفظ كتاب الله، وليس وراء ذلك من غاية أخرى .
وعندما تقوت العلاقات وازدادت معرفة الفقيهة بسكان المدينة فقد أضحت لا تمر مناسبة أفراح أوأقراح إلا وكانت الفقيهة من بين المدعوات، وهي بدورها لم تكن تبخل على محبيها من سيدات المدينة بما وهبها الله من حفظ لكتابه العزيز أو إتقانها لبعض الأمداح والمتون، فكانت تغتنم كل مناسبة دينية أو وطنية إلا وتحييها بما يليق بها من وقار ...
– مثال لهذه المناسبات ؟
سيدات القصر الكبير من أمهاتنا وجداتنا الباقيات على قيد الحياة – أطال الله في عمرهن- يتذكرن جيدا إحياء الفقيهة للا العزيزة لذكرى الليلة المباركة للمولود النبوي الشريف، التي كانت الفقيهة الجليلة تحييها بانتظام كل سنة في ليلة الثاني عشر من شهر ربيع الأول، وقد كانت تختار لها أكبر المنازل بالمدينة لتتسع لكل المدعوات المؤمنات اللائي كن يقبلن على حضور (ليلة المولد) بشغف وحب لصاحب الذكرى سيدنا محمد صلوات الله عليه وسلم، حيث كانت الليالي تمر في جو من البهجة والحبور عشقا لسيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، ولن يغيب على أية واحدة ممن حضرن ليالي المولد النبوي الشريف خروج الفقيهة للا العزيزة بلباسها وردائها الأبيض في توقيت يقترب من آذان الفجر وسط حشود الحاضرات، لتقرأ في جو من الإجلال والإكبار بمعية جميع المشاركات نفحات من مولد الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم، حيث الزغاريد تملأ المكان وروائح العود وماء الزهر في كل الأرجاء.
وفي جو رباني تقشعر منه الأبدان، تتقدم الفقيهة ومعها وصيفاتها من بناتها وتلميذاتها لتجسد تلك اللوحة الربانية التعبدية الخالدة إحياء لذكرى عزيزة على كل مسلم ومسلمة، خاصة الوقفة الروحانية ساعة ذكر مولد الرسول عليه الصلاة والتسليم حيث كانت تنشد مع جميع الحاضرات:
وقوفا على الأقدام في حق سيدي تعظمه الأملاك والجن والإنس.
– ماذا عن ميلاد مدرسة التقدم الحرة للبنات ؟
جمع بين سيدات المدينة وفقيهتنا الجليلة ترابط روحي، فقررت توسيع مكان تدريسها لفتيات القصر الكبير وحولت مشروعها إلى مدرسة تعليمية عصرية إسمها : (مدرسة التقدم الحرة للبنات) التي تحول مقرها من سكنى أسرتها إلى منزل الشيخ بنسليمان بدرب السطل، حيث علقت يافطة كتب عليها إسم المدرسة وفي هذه البناية الجديدة تحول نظام التعليم بالمؤسسة .
بالإضافة إلى حفظ القرآن الكريم للمتعلمات، أخذت التلميذات تتلقى الدروس في مختلف فنون المعرفة وفقا للمنهاج الدراسي المقرر من طرف وزارة المعارف التي كانت بعاصمة تطوان في عهد الحماية، وعندما اكتملت التنظيمات الإدارية للمدرسة الجديدة، تمت مراسلة صاحب السمو الخليفة السلطاني الأمير مولاي الحسن بن المهدي الذي بارك العملية وزكاها من خلال مراسلات متعددة بين سموه وبين إدارة المدرسة، ولدعم التدريس بالطرق العصرية، تم اختيار مجموعة من شباب المدينة للقيام بعملية التدريس التي واكبت حفظ كتاب الله عز وجل وهكذا كان الأستاذ محمد العياشي الحمدوني من المساعدين الأقربين لمديرة المدرسة ثم الأساتذة السادة: عبد السلام بنمسعود، محمد العلمي الوراغلي، محمد العمراني، عبد الرحمان الروسي، أحمد البجنوني ( أبو الوفاء) رحمه الله، عبد القادر وية (رحمه الله)، عبد السلام الوزاني، محمد بن يحيى، ومحمد الديوري( رحمه الله) وغيرهم ...
وقد وزعت الحصص الدراسية حسب التخصصات حيث أخذت المتعلمات في تلقي الدروس بشغف ورغبة، تمارين، امتحانات، نتائج ... الخ.
وفي هذه الأثناء، وبينما المدرسة سائرة في تحقيق هدفها المتمثل في تعليم الفتاة القصرية وتمكينها من سلاح المعرفة والعرفان وإخراجها من ظلمات الجهل والتخلف، إذ بالمراقب المدني للسلطات الحاكمة الإسبانية بالمدينة، يستدعي زوج الفقيهة ( الحاج عبد العزيز الديوري) ليخبره أن تعليمات وردت عليه من المقيم العام الإسباني بالمنطقة، تخبره أن تتخلى زوجته الفقيهة عما أقدمت عليه، ومقابل ذلك يقترح عليه توظيفها مع حكومته مديرة في نفس المهنة إن هي رغبت في ذلك، لكنه بعد استشارة فقيهتنا من طرف زوجها رحمهما الله، رفضت رفضا باتا قاطعا هذا العرض مؤكدة له مع زوجها أنها لا يمكنها مغادرة منزلها، وبالتالي فإن سيدات المدينة هن اللائي رغبن في تعليم بناتهن وبالطريقة التي هن عليها .
- أول شهادة إبتدائية في تاريخ الفتاة القصرية كانت من نصيب من ؟
تقدمت تلميذات مدرسة التقدم الحرة للبنات لخوض غمار نيل الشهادة الإبتدائية، والتي كانت أول شهادة إبتدائية تحرز عليها فتاة من مدينة القصر الكبير، فتقدمت من هذه المدرسة الحرة تلميذتين في نهاية الموسم الدراسي 1946 – 1947 هما السيدتان: ثريا الديوري وماريا الخليفي، حيث اجتازتا الإمتحان بنجاح في أول دورة لهما، وقد أقيم لهما احتفال خاص لكونهما مثلتا طفرة نوعية نحو الطموح والتألق، وبذلك سجلت هذه المدرسة أول خطوة إيجابية في تاريخ الفتاة القصرية على يد فقيهتنا الجليلة، بعد ذلك نالت هذا الشرف مجموعة أخرى من الفتيات، نذكر منهن – على سبيل المثال لا الحصر- السيدات الفاضلات: الحسنية الرميقي، ربيعة بنكيران، ربيعة الديوري رحمها الله، مليكة بنيس، أنيسة الديوري، لطيفة الديوري، الزهرة جعنين، أمينة عدة ...الخ .
وموازاة مع ذلك فقد عرفت المدرسة توافد بنات جل عائلات القصر الكبير في ذلك الوقت، نذكر من بنات العائلات على سبيل المثال كريمات وفتيات الأسر التالية: سليمان، الجباري، الحلو، بنكيران، بنيس، الطريبق، الهواري، القنطري، الغرابلي، الفشتالي، الدكالي، مومن، العسري، الوافي، البقالي، عمور، شقور، الريسوني، بنونة، الرميقي، الحليمي، بناني، السفريوي، المرابط، اللبادي، الوزاني، العبراق، التكموثي، عدة، الغزاوي، الفاسي، الحمدوني، الغافقي، الجزار، الحلوفي، جعنين، الشقيفي، السوسي الرويفي، الزفري، العلمي الورياغلي، الطرنباطي، الشتوكي، الطود، الديوري، ابن جلون، المثني، الحراق، بنمسعود، الرحموني، الشرقاوي، المصباحي، البريطال، الضحاك، الرحالي، الهراسي، والمعذرة إذا وقع سهو لبعض بنات العائلات اللائي كن يتوافدن ولم تذكر أسماؤهن مع من ذكر .
- هل لك أن تذكر لنا بعض الأنشطة الوطنية التي ميزت مسيرة مدرسة التقدم الحرة للبنات ؟
من الأنشطة الوطنية التي ميزت مسيرة مدرسة التقدم الحرة للبنات:
حضور تلميذاتها بمحطة القطار بالقصر الكبير يوم مرور ملك المغرب المفدى السلطان مولاي محمد الخامس قدس الله روحه في شهر أبريل من سنة 1947 لتحيته والتملي بطلعته البهية وهو يخرق شمال المغرب بجنوبه في رحلة الوحدة إلى مدينة طنجة، وهن يرددن أناشيد وطنية بديعة كنشيد:
للمعالي والأماني مليك عرشنا جاء يحذونا ويذكي عزمنا
بعدما وقفن بزيهن المدرسي المتميز يرضعن أول الدروس الوطنية في حب المغرب والتعلق بمقدساته، وكان ذلك بحق اعتزاز للفتاة القصرية وهي تعانق رمز البلاد نحو تحقيق الإستقلال ووحدة الوطن .
بالإضافة الى ذلك فقد اهتمت فقيدتنا قبل استقلال المغرب بالفعل السياسي وذلك من خلال عملها في خلايا حزب الإصلاح الوطني، التي أطرت بعض تجمعاته السياسية بفعالية وتبصر .
وبعد الإستقلال سعت إلى تأسيس تنظيم بناتي خاص بالكشاف المغربي، هكذا صارت مدرسة التقدم الحرة للبنات بإدارة فقيهتنا الجليلة تؤدي دورها التعليمي والتربوي في إطار من التوجه الديني والروحاني، إلى أن تحقق للمغرب استقلاله بعد كفاح العرش والشعب، هذا الكفاح الذي لعبت فيه المرأة دورا فعالا يذكره التاريخ كلما ذكر تحرير البلاد من قبضة الإستعمار .
وبذلك تكون قد أسهمت في خلق تقليد تربوي وتعليمي بأن دفعت بالفتاة القصرية إلى ولوج معاهد العلم والعرفان التي توفرت – والحمد لله- بعد الإستقلال ...
وإذا تمعنت في بنات أو حفيدات من تتلمذن أو تعرفن أو أعجبن بما قامت به فقيهتنا، فإنك لاشك ستجد الأستاذة الجامعية والطبيبة والصيدلية والمحامية والقاضية والمهندسة والأستاذة والمعلمة والموظفة وربة بيت صالحة تسعى ليتحقق ذلك في أبنائها وبناتها ...
وعندما تكاثرت المدارس الرسمية بالقصر الكبير وازداد عددها، وقع تجميع (المدارس الحرة المتواجدة بالمدينة) في مدرسة واحدة، أطلق عليها في بداية الأمر مدرسة الثقافة الإسلامية التي كان مقرها أولا بحي سكرينيا (حي الأندلس) حيث كان يرعى شؤونها المادية المرحوم عبد القادر السدراوي، فقام بعد ذلك بتشييد بناية خاصة بالمدرسة (بطريق الرباط) حي سيدي الكامل، حيث تحولت مدرسة الثقافة الإسلامية الآنفة الذكر إلى البناية الجديدة، بعدها مباشرة تسلمتها وزارة التربية الوطنية بناية وأطرا ومتعلمين، وأطلقت عليها إسم مدرسة المرحوم السدراوي.
– بعد ابتعادها عن الميدان التعليمي هل ظل ذلك الترابط الروحي بين الفقيهة للا العزيزة الأزرق وسيدات القصر الكبير ؟
رغم ابتعاد فقيهتنا عن الميدان التعليمي، بقيت صلاتها حميمة مع معارفها ومريداتها وساكنات المدينة وسيداتها، بقيت المودة الروحية والإحترام المتبادل والعلاقات الإجتماعية سائدة، بينما تحضر مناسباتهن ويحضرن مناسباتها، وكلهن تقدير واحترام للدور الذي قامت به هذه السيدة في أحلك الظروف وأصعب الأوقات، وبقيت فقيهتنا تتمتع بالسمعة الطيبة والعلاقات الحسنة حتى أصيبت- والمؤمن مصاب- بكسر قوي في وركها الأيمن أقعدها مدة غير قصيرة فصارعت المرض أزيد من سنتين، وفي صباح يوم الأحد 26 يونيو من سنة 1976 فاضت روحها الطاهرة إلى باريها، وقد شيعت جنازتها في محفل رهيب حيث وري جثمانها بمقبرة الزاوية البدوية بالقصر الكبير مخلفة وراءها من الأبناء 4 رجال هم السادة: محمد ( رحمه الله)، عبد الله ، عبد الغني ( رحمه الله )، عمر، و3 نسوة هن : ثريا، لطيفة، نجاة، وقد تركت في الحقيقة مجموعة من بناتها ومحباتها هن الآن سيدات المجتمع، أمهات، وجدات أطال الله عمرهن، والكل يذكرها بذماتة أخلاقها وحسن تواضعها ومعاملاتها وعطفها على المحتاج والفقير، وتقديرها للعامل والمجد بنفس عالية ومودة ملموسة وتربية إسلامية متميزة .
– ماهي كلمتك الختامية ؟
رحم الله فقيهتنا للا العزيزة الأزرق وأطال الله عمر تلميذاتها وأبنائها ليتمموا إنارة المشعل الذي أضاءته أمامهم، والرسالة النبيلة التي وضعت أسسها في أصعب اللحظات وأحلك الأوقات، ورحم الله رائداتنا، وأطال الله في عمر الباقي، شكرا لمدونة أسماء التمالح على هذه الإستضافة الجميلة، تحيتي الصادقة إلى صاحبتها، وكل مناسبة وأنتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.