جمعية منتدى أوبيدوم للإعلام والتواصل وبتنسيق مع بوابة القصر الكبير تقدم سلسلة نساء قصريات ، بحث في ذاكرة المرأة القصرية ، الصانعات الأوائل داخل مدينة القصر الكبير في مختلف مجالات الحياة. من أجل أهداف نبيلة ،وغيرة على ذكريات المرأة الأوبيدومية الغالية وحفاظا وتكريما لها. أ نساء ساهمو ا بعطاء وافر من صمودهن ونضالهن ووفائهن لهذا الوطن . و مع ضيفتنا الأولى من هذه السلسلة :الحاجة للا عائشة العياشي العسري. بعفوية وحنان، و ابتسامة رائعة، استقبلتنا الحاجة للا عائشة العياشي العسري وهي من مواليد 1927 ميلادية ، ببيتها المزين بلمساتها العزيزة وسط أبنائها وأحفادها المحظوظين بوجودها ، مرحبة بأجمل العبارات و كيف وهي التي تنحدر من أصول عتيقة مثقفة تؤمن بالإنفتاح والتحرر. فقد كان أباها السيد العياشي العسري يشتغل بالقضاء ،كما أنه كان يؤمن بالتوعية والإصلاح ،هذا ما فتح أمامها المجال للتعلم ،فكان يرسلها إلى الكتاب مع أخوها محمد العسري وهي في الثالثة من عمرها. حيث كانت هناك سيدة تدعى (الحاجة الصحراوية) تعلمهم حفظ القرآن عن طريق السمع ، وأمام إصرار الأب ونباهة الإبنة صمم على أن يدخلها آنذاك إلى المدرسة الخاصة بالبنات لتتعلم فيها كتابة اللغة العربية و الإسبانية ،إضافة إلى بعض المواد الأولية. وكان ذلك في سنة 1934 م ، هذه الفترة التي ستساهم بشكل كبير في تكوين شخصيتها ، وقد عرفت مرحلة الطفولة التواصل مع مجموعة من الصديقات اللواتي بصمن بصمات واعدة داخل المشهد السياسي والتربوي ، مثل : زينب بركة عثمانة وهي من أصل تركي .وقد شاء القدر أن يكون المسرحي والمناضل عبد الصمد الكنفاوي من الأشخاص اللذين سيساهمون في تطوير هذه الشخصية ،حيث كانت للا عائشة هي وصديقتها يلتفون حوله وهن صغيرات يحملن الشموع ، ويرددن الأشعار وينشدون الأناشيد الوطنية المطالبة بالحرية والعدالة والمساواة ، في هذه الفترة بالذات التي عرفت بسنوات الجفاف تعرضت أسرة السيد ( العياشي العسري ) إلى محنة بعدما تعين خالد الريسوني (الباشا آنذاك ) وقعت خلافات بينه و بين الوالد ،لأن السيد الأب كان من أنصار عبد الكريم الخطابي ، فقام بإصدار فتوى لإلغاء عيد الأضحى بسبب الفقر والجوع الحاصل في تلك السنوات . فتعرض إلى ضغط و انتقام اللوبي المتحكم في سوق الأغنام ،المتحالف مع الباشا الريسوني حيث تم إيقاف السيد العياشي العسري من العمل، بعدها اعتقلته سلطة الحماية لمدة شهور وفرضت عليه الإقامة الجبرية ، وبعد معاناة طويلة وصمود أكبر ، سيتم استدعاء السيد العياشي العسري من طرف السيد سمحمد أفيلال (وزير العدل آنذاك بالمنطقة الخليفية ) ليصبح قاضيا بمحكمة الإستئناف، بتطوان. تعتبر هذه المرحلة من أهم المراحل التثي مرت بها السيدة عائشة. حيث تابعت داخل بيتها تدريس شباب جامعيين على يد أبيها الذي كان يتوفر على خزانة كتب ، كان يوليها إدارتها ، فقد كانت تقوم بترتيبها ، وتقديمها لأبيها عند الحاجة أو التدريس بها ،ومن بين هذه الكتب تقول لنا : الوطاسي، الزرقاني، الذر البهية، سيدي الخليل، ابن خلدون ،الدرديري... و الكثير من الكتب النادرة . مما جعل الإسبان يطلبون مكتبته من أجل إقامة المعرض ، إلا أن السيد القاضي رفض لكونه اكتشف أن هذا المعرض كان وسيلة الإنسان لإستخراج الوثائق المهمة من الخزائن العربية،فتشبت برأيه ولم يعرض كتبه. وقد كانت عائشة محظوظة في بيتهم فقد كان يحج إليه الكثير من الفقهاء و العلماء مثل: الفقيه الفرطاخ ،و الفقيه الخمليشي، و الفقيه الدردابي .و قد كانت رغم المحن فخورة بأبيها و بنفسها سعيدة بمن حولها. لكن كان للقدر مجرى آخر ، فقد توفي الأب سنة 1941 بتطوان ودفن بمدافن طريس كون المرحوم كان من مؤيدي عبد الخالق طريس ، في هذه الحقبة بالذات ،ستعود السيدة عائشة إلى مدينة القصر الكبير ليتم تزويجها من طرف ابن عمها الحاج محمد العسري وهو من رجال التعليم . وقد كان صارما في معاملته عكس ما تلقته في منزلها ،حيث منعت من العمل و إكمال الدراسة رغم أنها اختيرت آنذاك للتعليم في مرحلة البحت عن أستاذات ، إلا أنها كانت .تساعد رغم اجبارها بالبقاء في البيت ، المقاومين و إخفاءهم بمنزلها ، والتأطير من أجل الحرية والإستقلال ، بحيث لا تنقطع الصلة بينها وبين العلم و القراءة بالذات ، فهي تحضر الكتب إلى البيت وتقرأها بالإضافة إلى الجرائد وخاصة كل ما يتعلق بالمدينة و الجهة إلى حد الساعة...... تحية خالصة لك سيدتي و أطال الله في عمرك ودمت نعمة الأم و الجدة للأبناء و الأحفاد ورمزا للمرأة العالمة والمثقفة والمناضلة. ومن مرحلة الطفولة الدافئة , والصبى الجاد ، والشباب المسؤول ، وبعد ملئ الذخيرة الفكرية بكل أشكال الفكر المتميزة على جميع المستويات ، وبعد أن أصبحت السيدة للاعائشة المرأة المثقفة العالمة بأمور الحياة ، المناضلة لأجل تحقيق الكرامة ، المرأة الرافضة لكل أشكال التهميش والإقصاء للمرأة ، وفي هذه الحقبة بالذات تعود السيدة عائشة إلى مدينة القصر الكبير ليتم تزويجها من طرف ابن عمها الحاج محمد العسري وهو من رجال التعليم . الرجل المتعلم الصارم والحازم في معاملته حيث منعت للاعائشة للأسف من العمل و إكمال الدراسة رغم أنها اختيرت آنذاك للتعليم أثناء البحت عن معلمات للتدريس ، وعليه أصبحت السيدة للاعائشة حبيسة البيت ليلا ونهارا في خدمة مؤسسة الزواج ، هذا التواجد لايمكن أن يكون عبثيا بالنسبة للسيدة للاعائشة ، وهي المرأة التي كانت تستغل الزمان والمكان لأجل الرقي منذ أن كانت طفلة ، استغلت السيدة للاعائشة تواجدها المستمر بالبيت لمساعدة رجال المقاومة و إخفاءهم بمنزلها ، كيف لا ، وهي من تتلمذت على يد الراحل عبد الصمد الكنفاوي ، الشيئ الذي غرس في فؤادها حب الوطن من أجل الحرية والإستقلال ، كما أن الصلة بينها وبين العلم و القراءة بالذات لم يتوقف ، فقامت بإحضار الكتب إلى البيت والإعتكاف على قرائتها بالإضافة إلى الجرائد وخاصة كل ما يتعلق بالمدينة و الجهة إلى حد الساعة...... وهكذا اعتبرت السيدة للاعائشة العياشي من النساء الأوائل المتعلمات والمساهمات بشكل فعلي في ترسيخ مفهوم وجوب تعلم الفتاة داخل المجتمع المغربي بصفة عامة ، ومساهمتها في إستقلال الوطن وجلب الحرية له ، والعمل على إصلاح مؤسسة الزواج بالشكل الواعي والمسؤول .تحية خالصة لك سيدتي للاعائشة العياشي و أطال الله في عمرك ودمت نعمة الأم و الجدة للأبناء و الأحفاد ورمزا للمرأة العالمة والمثقفة والمناضلة.