وضع التقرير السنوي الأخير لديوان المظالم وزارة العدل على رأس المؤسسات الرسمية التي توصل بأكبر عدد من شكايات المواطنين ضدها، فيما وضع وزارة الداخلية في المرتبة الثانية. الوزارة المسؤولة عن تطبيق القانون وإنصاف المظلوم وإرجاع الحقوق إلى أصحابها جاءت في مقدمة الوزارات التي يشتكي المواطنون من ظلمها لدى والي المظالم محمد العراقي الذي وضع تقريرا هذه السنة بلائحة الشكاوى التي تتقاطر على مكتبه في حي الرياض بالعاصمة. وفي تفسير هذه الظاهرة قال عبد المولى خرشش، قاض سابق ومحام بهيئة مدينة الجديدة، فيقول إن ارتفاع عدد الشكايات ضد وزارة العدل واحتلالها للمرتبة الأولى في التقرير السنوي لديوان المظالم أمر طبيعي، لأن الوزارة أحكمت قبضتها على كل صغيرة وكبيرة مع تعديل 1998، عندما أحدثت مصلحة خاصة بالشكايات ووضعت يدها على المفتشية العامة وكتابة المجلس الأعلى. وحسب خرشش فإن الهيمنة لوزارة العدل على كل شيء هي التي أفرزت لنا نظاما قانونيا غير سليم لم تعد فيه المحاكم فضاء لفض النزاعات، وإنما فضاء تضيع فيه حقوق المواطنين». وحذر خرشش من تعدد المتدخلين في الإدارة القضائية، مع مسؤولين قضائيين ضعاف ولا سلطة لهم على زمام الأمور في الإدارة المركزية للوزارة، متسائلا في هذا السياق: «من يدير القضاء؟ هل يديره وزير العدل أم تديره إدارة قضائية بمعزل عن الوزير؟». وقال عبد الواحد الراضي، وزير العدل، ردا على التقرير، إن وزارته لا علاقة لها بهذا الترتيب الذي تضمنه التقرير السنوي لديوان المظالم، لأن الشكايات التي جاءت في هذا التقرير غير موجهة ضد وزارة العدل، وإنما موجهة ضد الأحكام التي تصدر عن القضاء. وأوضح الراضي أن وزارته لا تتدخل في القضاء أو تفرض سلطتها على القضاة، وإنما تتدخل فقط عندما تكون الشكايات المرفوعة ضد مشتكى بهم في النيابة العامة. وحسب الراضي، فكون عدد الشكايات الموجهة ضد الأحكام القضائية بمختلف مراحلها (الابتدائي والاستئناف والنقض) التي تصل إلى حدود 3000 أو 4000 شكاية هو أمر متفهم بالنظر إلى أن عدد هذه الأحكام يصل إلى 3 ملايين حكم. وقال الراضي إن وزارته هي بدورها لها مصلحة خاصة بالشكايات، على رأسها أطر تجيب على شكايات المواطنين وتنصت إليهم وتبحث عن حلول لقضاياهم. وتساءل الراضي في تصريح ل«المساء» قائلا: «ثم إني لا أفهم هذا الخلط بين عمل الوزارة وعمل القضاء»، قبل أن يضيف: «أتمنى ألا يكون هذا الخلط مقصودا». وفسر الراضي ارتفاع عدد الشكايات ضد الأحكام القضائية بعامل آخر له ارتباط بعمل بعض المحامين الذين يهملون الملفات التي يترافعون فيها، ويقدمونها بدون التدقيق في المساطر القانونية لقبول الدعوى. و«هو ما يجعل المواطنين الذين ترفض دعاواهم، بناء على عدم احترام هذه المساطر القانونية، يوجهون شكايات إلى مصالح الوزارة من أجل إنصافهم»، يؤكد الراضي.