رسالة مفتوحة إلى السيد خوسي لويس رودريغيث ساباتيرو، رئيس الحكومة الإسبانية ... الرباط في 22 نوفمبر 2010 السيد الرئيس المحترم ، تحية تقدير، تلقينا في مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل باستغراب شديد قرار حكومتكم بسحب منحة مالية كانت قد قررت منحها لمركزنا ، مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل ، من أجل إجراء بحوث لتحديد المقابر الجماعية والفردية لمغاربة الحرب الأهلية الإسبانية الدين سيقو إلى حرب لم يختاروا مكانها ولا موقعهم فيها. وقد تفاجئنا لعدم وجود اسم المركز في العدد 266 ليوم 3 نوفمبر 2010 من الجريدة الرسمية ،حيث نشرتم القائمة النهائية بأسماء الهيئات الأكاديمية والمدنية الاسبانية والدولية التي استفادت من المنحة التي وافقت حكومتكم على منحها لعدد من المنظمات تعنى بالبحث في سبل جبر ضرر الحرب الأهلية الاسبانية والمرحلة الفرنكاوية بصدد سنة 2010. ولا يسع المركز إلا أن يبدي أسفه الشديد لهذا القرار رغم أنه استوفى جميع الشروط المطلوبة، وسلم كافة الوثائق التي طلب منه، أو ما يقابلها، للجهات المعنية التي سلمتنا وصلا بذلك. وإذ نعتبر أن هذا القرار يعد تراجعا مؤسفا عن التزامات سابقة ، ورضوخا من حكومتكم أمام تيارات مناوئة للمغرب، يتزعمها أولئك السياسيين الذين طرحوا على حكومتكم سؤالا شفويا في الموضوع مباشرة بعد عقدنا يوم 25 شتنبر 2010 بالرباط لندوة حول موضوع* مستقبل سبتة ومليلية والجزر المتوسطية على ضوء القانون الدولي والتجارب الدولية وموقعها في أجندة الاحزاب السياسية المغربية * ، مطالبا بسحب هذه المنحة وقطع كل تعامل معنا ، باعتبار أننا نهدد الوحدة الترابية لاسبانيا !!!!!!. سيدي الرئيس ، حين أعلنتم الموافقة على إعطاء منحة لمنظمة حقوقية - سياسية مغربية، سجلنا حينها اعتراف إسبانيا بإشكال إقحام المغاربة في الحرب الأهلية الإسبانية، وابتهجنا كثيرا لهذا القرار الشجاع الذي يتماشى مع الديمقراطية والاعتراف بالأخطاء، واعتقدنا أن إسبانيا فعلا بلد ديمقراطي، تخلص من ماضيه الذي يثقل حاضره، غير أن سحب المنحة من مركزنا دليل على أن " الديمقراطية الإسبانية" تجد صعوبة في التخلص من ماضيها الاستعماري. إن قرار التراجع يؤكد بكل أسف غياب الرؤية الاستراتيجية لدى الحكومة الاشتراكية تجاه القضايا المغربية في بناء فضاء ديمقراطي، نقتسم فيه نفس القيم، ونعمل جميعا من أجل السلم والاستقرار، قرار مرتبط بثقل الماضي وبرؤية انتخابوية، واعتبار المغرب ورقة انتخابية وموضوعا لحسم الخلافات الداخلية فقط. سيدي الرئيس، من المؤسف أن قراركم يبرز تناقض الحكومة مع نفسها ومع القيم الإنسانية الكونية. فالحكومة مولت وساعدت الجمعيات الإسبانية للبحث عن المفقودين في اسبانيا في إطار مشروع "الذاكرة التاريخية" لإعادة الاعتبار المادي والمعنوي لضحايا الحرب الأهلية، وعندما تعلق الأمر بالبحث عن رفات المغاربة تراجعت عن وعودها، وبهذا لا تضع حكومتكم جميع الضحايا في مرتبة واحدة، فهناك الاهتمام الفائق بالإسباني والنسيان المؤلم لما يتم اعتباره عندكم ، والى اليوم بكل أسف شديد ، "بالمورو". وبناءا ، سيدي الرئيس ، على هذا التصرف غير الودي تجاهنا كمنظمة مدنية تشتغل بجدية كبيرة وبأمل أكبر من أجل علاقة مغربية اسبانية قوية ومتكافئة، نسجل أن هدا القرار ينم عن عدم فهم المقاصد والأهداف الحقيقية لمركز الذاكرة المشتركة والمستقبل ، الذي يتكون من كبار الحقوقيين والأكادميين المغاربة، و بعض أبرز الوجوه التي ساهمت في صنع تجربة الإنصاف والمصالحة بالمغرب ، ويتناقض كليا مع مضمون رسالة كنا قد تلقيناها من حكومتكم عقب ندوة تطوان سنة 2008 .فحكومتكم سيدي الرئيس ، وهي توقع على هذا القرار المؤسف ، تعلق مشروع "تحالف الحضارات" الذي روجتم له كثيرا، لأن القرار هو ضد حضارة الآخر، وإجحافا له. سيدي الرئيس ، لقد وعى المركز مند نشأته صعوبة وتعقد الملفات التي يطرحها ، وتمكن رغم ذلك من إخراج ملفات شائكة من الظل ، وأنتم أول من هنأه على ذلك قبل سنتين ، مقترحا مناهج علمية للاشتغال حولها ، وأساليب معالجتها ، واضعا إياها في إطارها الحقوقي والسياسي السليم بما يوطد علاقة المغرب بمحيطه الجييوسياسي ، و يضمن مصالحه المشتركة ،يعلن أن سحب حكومتكم لمنحتها لن يوقف مسيرته وأنه سائر في تحقيق أهدافه كما هي مسطرة بوضوح في قانونه الأساسي، مناشدا إياكم بالتعاون البناء و المساهمة في الكف عن النظر إلى المغرب باعتباره ورقة انتخابية، وموضوعا لحسم الخلافات الداخلية.فما أحوجنا اليوم ، جميعا ، إلى حكمة ابن رشد !!!!!. لكم مني، السيد رئيس الوزراء كل التقدير و الاحترام. عبدالسلام بوطيب رئيس مركز الداكرة المشتركة والمستقبل .