بارك الله سبحانه في أرض بيت المقدس وما حولها ، رحل إليها وأقام فيها إبراهيم ( خليل الله ) ، وسار إليها كليم الله موسى لفتحها ، وولد فيها عيسى ابن مريم ( كلمة الله إلى مريموروح منه ) ، وهي منتهى مسرى خاتم النبيئين رسول الله إلى الناس أجمعين وانطلاق معراجه منها إلى السموات العلى حيث كان من ربه سبحانه قاب قوسين أو أدنى وحيث (حسب كتب السيرة عند المسلمين ) صلى خاتم النبيئينصلى الله عليه وسلم بالأنبياء ، وذلك له دلالات كثيرة منها الجمع بين أول بيت وضع للناس ببكة والمسجد الأقصى المبارك (القبلة الأولى للمسلمين )، والإقرار بعقيدة الرسل والأنبياء وتصديقها ، فالأرض المباركة يجب أن تكون أرض محبة وسلام ، إلا أناليهود والمسيحيين والمسلمين اختلفوا وادعوا أنهم أحق بهذه الأرض استنادا إلى ما عندهم من وعود من الله سبحانه إلى رسله ،ولذلك يمكن لنا أن نرجع إلي نصوص الكتب المقدسة عند كل فريق لنرى حقيقة الأمر . عقيدة اليهود والمسيحيون والمسلمون الفرق الثلاثة اليهود والمسيحيون والمسلمون يؤمنون بكتبهم المقدسة وأنها وحي من الله إلى رسلهم . عقيدة اليهود يؤمن اليهود بما عندهم في كتب التوراة ( التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، التثنية) وأنها أوحيت إلى موسى بجبل الطور في سيناء، فسلمها إلى قومه مكتوبة كما تلقاها.ويؤمنون أيضا بالتلمود ( شروح وحواشي التوراة ) وبالمشنا .ولليهود أيضا كتب أخرى لا مجال لذكرها. ويعتقد اليهود أنهم شعب الله المختار وأن فلسطين وما حولها هي أرض الميعاد التي وعدهم الله بها. ويدعي الإسرائيليون أن هذه الأرض وما حولها هي أرض وعدهاالله لهم وأنهم رجعوا إليها بعد الشتات ولذلك فهم لا يعترفون بالإنجيل ولا بالقرآن ولا بقرارات الأممالمتحدة ولا بمؤسسات دولية أخرى ، وحدود أرضهم عندهم يرمز إليها علمهم تتوسطه نجمة داود السداسية ويحيط بها من فوق ومن تحت خطان أزرقان يرمزان إلى النيل والفرات أي أن هذه هي حدود أرضهم الموعودة . عقيدة المسيحيين يؤمن المسيحيون بأسفار العهد القديم أي العهد الذي أعطاه الله لبني إسرائيل(التوراة )ويؤمنون بالأسفار التاريخية وبكتب الأنبياء والحكمة ،ويؤمنون بسبع وعشرين كتب أخرى تسمى العهد الجديد أي العهد الذي أعطاه الله لأتباع عيسى ابن مريم (الأناجيل القانونية الأربعة والرسائل وسفر الأعمال والرؤيا ) رغم أن هناك خلافات بين الطوائف المسيحية في ترتيب أو الاعتراف بقانونية بعض هذه الكتب ، ويرى المسيحيون أنهم هم أحباء الله لأنهم آمنوا بعيسى ابن الله وبالتوراة التي أنزلت على موسى وأن الله غضب على اليهود لأنهم قتلوا المسيح ، كما أنهم لا يؤمنون كذلك بالقرآن الذي أنزل علىرسول المسلمين وأنهم بذلك هم أحق الناس بالأرض المقدسة. عقيدة المسلمين يؤمن المسلمون بالقرآن الكريم مكتوب باللغة العربية ولا يختلفون في نصوصه ، ويؤمنون بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الشفاهية كمصدر أيضا للتشريع (تفسر القرآن قولا وعملا )، هذه الأحاديث جمعت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وإن اختلف المسلمون في البعض منها . ويعتقد المسلمون بدورهم أنهم أفضل من اليهود والنصارى وأنهم خير أمة أخرجت للناس وأنهم آمنوا بموسى وبالتوراة ، وبعيسى وبالإنجيل ، وبالقرآن الذي أنزل على خاتم النبيئين ورسول الله إلى الناس أجمعين ، وأنهم يؤمنون بكل ما أوحى الله لجميع رسله. الأرض المباركة في الكتب المقدسة والقرآن في التوراة والعهد القديم يؤمن اليهود بأن الله سبحانه أعطى أرض فلسطين وما حولها لإبراهيم ونسله من النبي يعقوب ، ونقرأعندهم " قَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ. فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ، وَتَكُونَ بَرَكَةً. وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ"[1]، ونقرأ بخصوص حدود أرض الميعاد:" وفي ذلك اليوم قطع الرب مع ابرام عهدا، وقال :" لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير( نهر الفرات)[2]. ويعتقد اليهود أن وعد الله في البدء كان لإبراهيم ولكنه انتقل إلى أن وصل إلى يعقوب وأبناءه واحفاده اليهود الحاليون، ولكن اليهود تعمدوا نسيان انتقال هذا الوعد أيضا لأبنه إسماعيل وأحفاده واحتفظوا بالحق لأنفسهم فقط ، علما بأنه مكتوب عندهم في نصوص متعددة منها " أَمَّا إِسْمَاعِيلُ، فَقَدِ اسْتَجَبْتُ لِطِلْبكَ مِنْ أَجْلِهِ. سَأُبَارِكُهُ حَقّاً، وَأَجْعَلُهُ مُثْمِراً، وَأُكَثِّرُ ذُرِّيَّتَهُ جِدّاً فَيَكُونُ أَباً لاثْنَيْ عَشَرَ رَئِيساً، وَيُصْبِحُ أُمَّةً كَبِيرَةً[3] . أما المسيحيون فهم يؤمنون بالعهد القديم ( كتب اليهود ) ويرون أن اليهود قتلوا المسيح ابن الله وأنهم هم أحق بأرض فلسطين المقدسة وأنهم احتفظوا بها بعد إجلاء اليهود منها وأن كتبهم هي العهد الجديد الذي أعطاه الله لهم في القرآن الكريم يؤمن المسلمون بما جاء في القرآن الكريم وأن الله سبحانه وتعالى نجا رسوله خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام من كيد قومه إلى الأٍرض التي بارك فيها سبحانه للعالمين (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) [4] . وجاء في القرآن أيضا (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) [5] . ويقرأ المسلمون في القرآن أن إبراهيم وإسحاق ويعقوب لم يكونوا يهودا أو نصارى بل كانوا مسلمين وأن الله لا يرضى على الظالمين ولو كانوا من ذرية خليله إبراهيم وأن ميزان الأفضلية عنده هي التقوى وطاعة الله ، جاء ذلك في العديد من الآيات منها : وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ[6] ومنها (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )[7]. يؤمن المسلمون بما جاء في التوراة والإنجيل ولكنهم يعتقون أن التوراة وكتب المسيحيين الحالية ليست كما أنزلها الله على موسى وعيسى عليهما السلام كما جاء ذلك في القرآن ليس فقط بسبب أخطاء عند ترجمتها إلى لغات متعددة بل وأيضا بما وقع فيها تحريف وتبديل وخلافات وخرافات لا تصدق ( كعراك بين الله سبحانه والنبي يعقوب ) وأوصاف لا تليق بالله عز وجل ،وقد بين القرآن الكريم ذلك في آيات كثيرة ودعا اليهود والنصارى للإيمان بالقرآن الكريم ، كما توعد الله سبحانه بحفظ القرآن حتى لا يطرأ عليه تحريف أوتغيير كما وقع بالتوراة والإنجيل . مصداقية كتب اليهود والمسيحيين نقرأ في الكتب المقدسة خرافات لا تصدق منها مثلا : + في سفر التكوين 32/28-29 عراك بين بعقوب وربه " وقال: «اطلقني، لأنه قد طلع الفجر». فقال: «لا اطلقك ان لم تباركني». فقال له: «ما اسمك؟» فقال: «يعقوب». فقال: «لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل اسرائيل، لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت وباركه هناك. نجد في الأناجيل الحالية بقايا بعض الحقائق منها مثلا : + في إنجيل متى 9/9 :" وفيما يسوع مجتاز من هناك رأى إنسانا جالسا عند مكان الجباية اسمه متى فقال له اتبعني فقام وتبعه " وهذا معناه ليس عيسى ولا متى هو الكاتب لهذا المشهد بل شخص آخر يروي هذا الحدث . + في سفر أشعياء 43/11 " أنا أنا الرب وليس غيري مخلص :" + وفي إنجيل مرقص 12/29 " فأجابه يسوع إن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد. نجد أيضا أن للكتاب المقدس إصدارات كثيرة بها آيات زائدة أو ناقصة وهذا حتى بالنسبة لكل طبعة بعد إعادة طبعها. كما نجد الكتاب المقدس للكنائس المسيحية الكاثوليكية والأرثدوكسية والبروتستانتيتين الخ. بها عدد كتب مختلفة : للكاثوليك 73 كتاب والبروتستانت 66 كتاب الخ. هذه أمثلة ونماذج قليلة مما هو موجود في كتب اليهود والمسيحيين يقولون إنها مقدسة وملهمة من الحق سبحانه ، إن هذا يعني أن الكتب المقدس لليهود والمسيحيين لم تعد لها مصداقية وأنها ليست من عند الله رغم أننا نجد بعض الآيات يمكن تكون حقيقية ، ولذلك نقرأ في القرآن (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ ) [8]. بشارة محمد عند أهل الكتاب بشر الله سبحانه رسله وأنبياءه بمجيئ خاتم النبيئين (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) [9] .وأخبر الله سبحانه كليمه موسى رسول بني إسرائيل بمجيئ هذا الرسول الخاتم (قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [10]. بحث العديد من الباحثين عن بشرى الرسول محمد في كتب اليهود والمسيحيين ووجدوا أنه حتى الآن لا زالت بعض هذه الكتب تتضمن البعض منها ، فمثلا في سفر التثنية 18/18 نقرأ " أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك ، وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به …." وفي سفر أشعيا29/12 نقرأ " …او يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له اقرا هذا فيقول لا اعرف الكتابة …" . وأخبر عيسى ابن مريم بمجيئ محمد صلى الله عليه وسلم (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ) [11]. وورَد في إنجيل يوحنا الإصحاح (16 – 7: 13) على لسان المسيح – عليه السلام – وهو يخاطب تلاميذه قبل أن يرحل: "لكني أقول لكم الحق، إنه خيرٌ لكم أن أَنطلِق؛ لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المُعزِّي"، وفي إنجيل يوحنا 14 – 15 نقرأ "إن كنتم تحبوني، فاحفظوا وصاياي، وأنا أطلب من الأب فيعطيكم مُعزيًا آخَر؛ ليمكث معكم إلى الأبد". وفي اللغات الأجنبية نجد : "فيعطيكم باركليتوس؛ ليمكث معكم إلى الأبد"، والمعنى الحرفي لكلمة باركليتوس اليونانية هو أحمد، وهو من أسماء الرسول – صلى الله عليه وسلم. كان لي حوار منذ سنوات في إحدى المواقع الدينية بالإسبانية مع يهودي ومن جملة ما قاله لي " أرأيت آية سفر التكوين حيث يقول الرب لإبرام " أما إسماعيل فأبارك لك فيه وأجعل منه أمة عظيمة " قلت له " نعم قرأتها " فقال لي " إن الرب واعد بإعطاء فلسطين لذرية إبرام وعندما أخرجنا منها جئتم أنتم العرب فسكنتموها ، وأنتم العرب من ذرية أبرام ولم يخلف الله وعده ، والآن نحن رجعنا إليها كما وعدنا الرب " وقال لي " نحن اليهود نعطي لآيات الرب أرقاما وهذه الآية في سفر التكوين عددها 92 ونحن نجد أن محمد رسول المسلمين هو الابن 92 من ذرية آبراهم من ولده إسماعيل " للإشارة فإن اليهود يعتبرون أن إسماعيل هو ابن الأمة هاجر وأن إسحاق هو الابن الأفضل ومن بعده يعقوب أو إسرائيل . المواثيق الالهية يقرأ المسلمون في القرآن أن الله عز وجل أخذ ميثاق بني إسرائيل ووعدهم بالأرض المقدسة،فقد قال موسىلقومه (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) [12]وأخذ عليهم مواثيق بطاعة الله ورسله. ويقرأ المسلمون في القرآن أن بنو إسرائيل أخلفوا الكثير من مواثيقهم وعهودهم مع الله وقتلوا الرسل والأنبياء ووصفوا الله بأوصاف لا تليق به سبحانه وكذبوا عليه وحرفوا كلامه ،فما كان من الله إلا أن غضب عليهم(فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ)[13] . بعث الله فيهم بعد ذلك (على فترة من الرسل ) عيسى ابن مريم فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيد الله الذين آمنوا بعيسى ابن مريم على أعدائهم فأصبحوا ظاهرين ، هذه الطائفة آمنت بما أنزل على عيسى وبالتوراة ولكنهم اختلفوا فيما بينهم بعد ذلك وتفرقوا إلى طوائف ونقضوا هم أيضا عهودهم ونسوا كثيرا مما ذكروا به ( وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ...) [14] . نزع الله إذن تفضيله لليهود وأعطاه للمؤمنين برسالة عيسى ابن مريم رسول الله وأخذ منهم هم أيضا ميثاق طاعة ما جاء به عيسى والإيمان بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بشر به موسى وعيسى ، ثم أخذ الله أيضا من المسلمين ميثاقهم (بمجيئ محمد صلى الله عليه وسلم ) وجعلهم خير أمة أخرجت للناس. يقول الله سبحانه في هذا : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ . فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ . وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ . يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌيَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِإلى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )[15]ويقول (إِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ). إن ميزان التفضيل عند الله هو التقوى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير )[16]. +++ بقي كل من اليهود والمسيحيين على معتقداتهم الفاسدة ويحتجون بما في كتبهم المقدسة وعرفت أرض فلسطين وما حولها بعد فتحها من طرف المسلمين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حروب طويلة من طرف المسيحيين أشهرها الحروب الصليبية ثم ضعف المسلمون في عصرنا هذا فدخلتها دول غرب أوربا المسيحية ثم دخلها اليهود وسلمتها لهم دولة المملكة المتحدة بمساعدة الغرب المسيحي والأممالمتحدة ( تسيطر على أعمالها دول قوية مسيحية كالولايات المتحدةالأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا وروسيا ) لتعطي الجزء الأكبر من الأرض لليهود رغم قلتهم وجزء صغير من فلسطين إلى أصحابها والقدس وبيت لحم لها صبغة دولية . لم يعترف اليهود مع ذلك بهذا التقسيم واعتبروا أن فلسطين وما حولها هي أرض الميعاد وساعدهم في ذلك بقوة دول غرب أوروبا وأمريكا وانهزمت الدول العربية في مقاومتها للعدوان ثم وافق سياسيوها في النهاية ليس فقط على قسمة الأممالمتحدة بل وبالاعتراف بما فعله اليهود الإسرائيليون من قتل وتشريد للفلسطينيين واقتحام المسجد الأقصى المبارك إحدى أهم مقدسات المسلمين… هذا رغم أن عندهم كتاب الله يفصل لهم كل شيء (… وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) [17] ، ويقرؤون كلام الله (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ )[18]. لقد اتخذ الإسرائيليون اليهود من قضية فلسطين وما حولها أرض الميعاد وانهم شعب الله المختار ووفاقهم على ذلك المسيحيون بدول غرب أوروبا وأمريكا أما سياسيو العرب والمسلمون فاعتبروا أن القضية سياسية وحلها بيد الأمم ثم وافق بعضهم على ضفقةالقرن طمعا في حماية دول الغرب لهم وفيما قد يجنونه من استثمارات ، فهل يواصل سياسيو العرب والمسلمون لعبة الأممالمتحدة بحل الدولتين تدغدغهم بها منذ عقود وبصفقة القرن بينما يواصل الإسرائيليون ابتلاع أرض فلسطين وضم أراضي مجاورة بسوريا ولبنان والأردن أملا في ضم أراضي أخرى بسيناء والعراقلتحقيق عقيدتهم الفاسدة أم يقاوم سياسيو العرب والمسلمون أعداءهمبسلاحالعقيدة هم أيضامصدر عزة شعبهم وآباءهم. يتبع الأرض المباركة : عقائد فاسدةولعبة الأممالمتحدة( الحلقة الأولى) [email protected]
[1]سفر التكوين 12: 1-5 : [2]سفر التكوين 15:18-21 : [3] [4] سورة الأنبياء 71 [5] الإسراء 1 [6] البقرة [7] الحجرات 13 [8] سورة البقرة 79 [9] سورة آل عمران 81 [10] سورة الأعراف 157 [11] سورة الصف 6 [12] سورة المائدة 21 [13]سورة المائدة 13 [14] [15] سورة المائدة 12/16 [16] الحجرات 13 [17] النحل 89