يعرف المجتمع المغربي بكل مكوناته المزدوجة( ذكري وأنثوي) حضور المرأة المتحررة في شوارع المدينة ودواليت الإدارة وغيرها ، حتى على المرأة التماهي مع متطلبات العصر ، فإذا كان التبرج يفتح شهية الأنثى ، فإن المرأة غير المتبرجة قد لا تسلم هي أيضا من مناوشات كلامية في غياب شرطة للأخلاق إن الشارع المغربية يبقى مرتعا حرا للهواة والمحترفين لفن المعاكسة ومضايقة من يمر بها . أساليب وتقنيات المعاكسة تختلف حسب الأشخاص لكن الجميع يؤكد على أن الأمر يستدعي مهارة وصداقة خاصة في ملامسة ذلك الخيط الرفيع لذا يجذب الأنثى والذي يتطلب وقتا مناسبا وعبارات خاصة مع العمل على الظهور بمظهر الخلوق المثالي ذو النية الحسنة . وهناك من يقول بأن معاكسة الفتاة يتطلب تقنية عالية وإلماما بعلم النفس أولا .فالمعاكسة قبل أن يتخذ مبادرة الأولى يقوم بتفحص ملامح الفتاة ليستشف من خلالها مدى استعدادها للتجارب معهم ثم يبدأ بعد ذلك طقوس التعارف وملامسة مواطن القوة والضعف لدى الطرفين .الغريب أن ظاهرة لا تستثني المتزوجين مما يهدد الحياة الزوجية .ويفسر أسباب ارتفاع حالات الطلاق والتشتت العائلي . أسباب اللجوء إلى هذا السلوك يفسره العديد من الناس يرجع إلى أن الفتاة هي المسؤولة الأول والأخير عن تفاقم هذه الظاهرة بسبب احتيالها على الرجل من خلال إثارته باللباس المتبرج الذي يلتصق على الجسد ويبرز كل مفاتن المرأة وهو الأمر الذي يستفز الرجل ويدفعه إلى نهج سلوك المعاكسة .في حين هناك من يعتبر أن معاقرة الخمر يدفع الرجل إلى ملاحقة الفتيات بالشارع بعد أن تتمكن الخمر من السيطرة على العقل والجوارح .كما أن تفسيرا آخر يرى أن عدم الإحساس بالراحة والانسجام داخل بيت الزوجية يدفع الكثير من الرجال إلى البحث خارج بيوتهم على إشباع نزواتهم التي لم يتم الحصول عليها داخل بيت الزوجية . في الحين هناك من يرى أن هذه الظاهرة هي حالة مرضية في ظهور علامات المراهقة المتأخرة عند بعض الرجال الذين تجاوزا مرحلة طيش الشباب ووصلوا إلى مراحل النضج إن لم نقل بدؤوا يخشون الكهولة .بحيث يساقون وراء الرغبة الجامحة في الرجوع إلى فترة الشباب واسترجاع الماضي . ففي وقت قريب كانت معاكسة الفتيات في الشارع فعل مخل للآداب والأخلاق فكانت هذه العملية تطبعها التكتم والسرية ولم يكن تفصح عنها بكل طلاقة على مرأى ومسمع من الناس وبدون أي قيد أو شرط كما هو الحال اليوم .فاغلب الفتيات كن يستحين من مجرد مخاطبة الغرباء بالإشارة ومخافة أن توصف بالأوصاف غير أخلاقية .بينما أصبح اليوم الكلام والضحك مع الغرباء أبسط ما يمكن الحديث عنه .وفي هذه المعاكسات التقيد تتخذ امتدادات أكبر فمن يا ترى وراء هذه الحرية التي قد تصل إلى حدود الإباحية في المعاكسة .هل هو فساد أخلاق المجتمع ؟ بحث أصبحت القاعدة هي معاكسة الذكور للإناث وسعي الإناث لتحويل الأنظار اليهن بكل الوسائل .في حين أصبح الالتزام والامتناع عن مضايقة الفتيات في الشارع هو الاستثناء .بحيث يعتبر هذا النوع من السلوك بمثابة عقدة نفسية أي اعتبار هذا الشخص معقدا .هل يمكن إرجاع السبب في هذا التحول المجتمعي الخطير إلى الغزو السمعي البصري للثقافة الغربية داخل مجتمعنا .والتي تعتبر أن العلاقة بين الجنسين أمر طبيعي لا تحكمه الضوابط التي تحكم أبناء المسلمين . لقد أصبح الشارع المغربي عموما في أمس الحاجة إلى شرطة أخلاقية يكون شغلها الشاغل هو الحفاظ على الآداب العامة تساهم في جعل شوارعنا موقرة بحيث يتم ردع كل من سولت له نفسه استغلال هذا هامش الحرية التي سرعان ما تتحول إلى تحرشات جنسية بلا حظها الكل والتي قد تستخدم عبارات نابية يندى الجبين لذكرها .وهناك من يرى أن المعاكسة ليس بطلها هو الرجل بل حتى الفتيات يسلكن هذا المسلك بشهادات متعددة فهناك نقطة معينة تتمركز فيها فتيات يقمن بهذا الفعل الموجه نحو الرجل هذا التطور المفضوح لعلاقات غير سليمة على مستوى الشارع .لا يبشر بالخير .ولا يستسلم من هذه الظاهرة حتى الأطفال والذين يعتبرون عالم الكبار هو العالم الذي يأخذون منه المعارف .فلن تستغرب لو شاهدت صغيرات يتبرجن على نفس شاكلة الكبيرات . ان المعاكسة التي تعيشها شوارع تطوان اليوم ما هي إلا شكل آخر من أشكال الاستلاب والخضوع لثقافة الغير .. ثقافة تصدر عن طريق قنوات الإعلام الأجنبي الذي يحرر خطابه المسموم سواء عبر الإعلام الوطني أو الأجنبي .مما يساهم في المزيد من الابتعاد عن الهوية الإسلامية العربية المغربية للتفاني مع العولمة والتحديث والعصرنة .إن لم نقل التقليد الأعمى والانبهار بكل ما صوره الغرب بدون انتقائية لما هو أصلح وأفيد للمجتمع.