نظمت مكتبة التواصل ومركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية بتطوان برحاب المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان يوم الاثنين 30 أكتوبر 2017 ندوة علمية تم فيها تقديم قراءات علمية في كتاب "المصادر المغربية للعقيدة الأشعرية" للدكتور خالد زهري، الصادر حديثا عن مركز أبي الحسن الأشعري التابع للرابطة المحمدية للعلماء، ضمن سلسلة "دراسات ببليوغرافية". استهِلّ النشاطُ بكلمة افتتاحية لمسير اللقاء د.جمال علال البختي رحب فيها بالحضور الكرام أساتذة وباحثين وطلبة ومهتمين، مشيرا إلى أن هذا اللقاء يأتي فيما يقوم به المركز من أنشطة علمية تخدم في صميم اشتغاله على البحوث والدراسات العقدية الأشعرية، ومنها الاعتراف بالجهود البحثية الرائدة والتعريف بأعلامها. ثم أحال الكلمة للأستاذ محمد مجاهد الذي عبر بدوره عن عميق سروره بالمشاركة في تنظيم هذه الجلسة العلمية مرحبا بالأساتذة القارئين لهذا العمل وبالمحتفى به الدكتور خالد زهري مؤلف الكتاب. وقد قام الباحثون بالمركز برفع تقرير مفصل عن هذا اللقاء العلمي تضمنت نقاطا هامة يحتاج إليها المشتغلون بالتحقيق عموما وتحقيق التراث الأشعري المخطوط خصوصا، هذه أهم محتوياته: تناول الكلمة في البداية د.جعفر بلحاج السلمي الذي ابتدأ أولا بتقريظ للمؤلِّف والمؤلَّف معا تنويها بالجهد العلمي الكبير الذي بذله المؤلف، وعرض ثانيا خطاطة علمية لمجموع المؤلفات التي صنفها الدكتور زهري والتي تندرج ضمن منظومة متكاملة جمعت بين التأليف والتحقيق. أما بخصوص كتاب "المصادر المغربية" فقد عدّه المحاضر لبنة أساسية للبحث العلمي في تاريخ الأشعرية بالغرب الإسلامي لا مندوحة عنه لمن يشتغل بعلم الكلام الأشعري نظرا لتغطيته مراحلَ واسعة وممتدة من تاريخ المغرب وجغرافيته، مع الإشارة إلى الطابع المعرفي والإشكالي للكتاب خلافا لما يمكن أن يتوسمه البعض بحصره في مجال الببليوغرافيا. ثم أعقبتها مداخلة د.مصطفى أزرياح بعنوان "التراث العقدي المجهول المؤلِّف من خلال المصادر المغربية للعقيدة الأشعرية" أشار فيها إلى مكانة الدراسة الببليوغرافية وأهميتها لأي باحث، كلّ في مجال تخصصه، ومبينا أن التراث المجهول سواء تعلقت الجهالة بالعنوان أو اسم المؤلف أو هما معا يمثل نصف عدد المخطوطات في المكتبات العالمية، ويرجع هذا الأمر إلى أسباب متعددة أهمها تقصير المفهرسين، وغياب فهارس مضبوطة لهذا القسم من التراث، وعدم اهتمام الباحثين به لصعوبة البحث فيه. وبخصوص كتاب "المصادر المغربية" أحصى المتدخل ثمانية وعشرين عنوانا من التراث العقدي الأشعري المخطوط المجهول، أغلبها ألفت في الفترة الموحدية. وهذا التراث من شأن الكشف عنه أن يضيء فترات غميسة من تاريخ الفكر الأشعري بالمغرب، وبالتالي دعا المحاضر في ختام مداخلته الباحثين للانغماس في التنقيب عن هذا التراث ودراسته. وفي المداخلة الثالثة أبرز د.عبد الله التوراتي الملامح الأشعرية للصفحة الأولى من تاريخ علم الكلام بالمغرب؛ مركزا على السند الأشعري الذي انتظم فيه كبار العلماء منهم ابن أبي زيد القيرواني؛ مستدلا على أشعريته بمجموعة من الدلائل التاريخية، نافيا بالموازاة مع ذلك نسبة كتاب «رسالة في الدفاع عن الأشعرية» إلى درّاس بن إسماعيل، والذي رجح نسبته إلى عطّاف بن دوناس. كما وقف المحاضر كذلك على تأكيد الحضور الأشعري في العصر المرابطي مُستدلا على ذلك بوجوه من بينها نقد ابن حزم للأشعرية. أما المداخلة الأخيرة فقد عرضت فيها الأستاذة نبيلة زكري لجملة من الملامح المنهجية التي رأت أنها حكمت رؤية المؤلف في الاشتغال على المصادر المغربية للعقيدة الأشعرية، حددتها في خمسة ملامح، تمثل الأول في التثبت والدقة العلمية المتجليان في تحري المؤلف وتحققه من نسبة المصادر إلى أهلها، والثاني ملمح النقد والتصحيح حيث قام المؤلف بنقد الكثير من الدعاوى في ذلك، والثالث تمثل في استدراك المؤلف وتصويبه للكثير من الهفوات والأخطاء التي وقع فيها، والرابع اتسام الكتاب بسمة الجدة والإبداع حيث جاء هذا الكتاب إضافة نوعية في صرح التأليف المغربي، أما الملمح الخامس والأخير فقد وسمته ب"الأشعرية" لدأب المؤلف في كل أعماله للدفاع عن الأشعرية والذب عن حججها العقدية. هذا وفي ختام هذه الأمسية العلمية فتح منسق الجلسة باب المناقشة وطرح التساؤلات، أبدى في بدايتها تنويهه بهذا العمل الفريد وعرض فيها كذلك لبعض ملاحظاته عليه، ثم أعطى الكلمة للمؤلف الذي قسم مداخلته إلى أقسام ثلاثة؛ الأولى عبارة عن مقدمة تقصّد منها شكر جميع العاملين على إنجاز هذه القراءة، والثانية حدد فيها لباب الموضوع المكون من ثلاثة عناصر؛ وهي عنصر المنهج الذي تناول فيه طبيعة المقاربات التي عالج بها عمله والمتجلي في المقاربة الببليوغرافية والمقاربة الكوديكولوجية والمقاربة الباليوغرافية، والثاني الإطار الذي يشكل بالنسبة للمؤلف قاعدة تأسيسية لكل عمل والذي تجلى في اختياره معيارا نموذجيا لتصنيف المادة العلمية وضبطها وتنظيمها وإحصائها، والثالث وسمه بالثمرة؛ حيث تحدث فيه عن آفاق العمل وما سيستوجبه من أعمال أخرى ومنها العمل الذي سيصدره قريبا عن «المصادر الأندلسية للعقيدة الأشعرية»، أما القسم الثالث لكلمته فقد ناقش فيه معاناته مع المخطوط وما يقتضيه من عمل شاق ومكابدة وجهد مرهق ومضايقات، مشيرا في الختام إلى دعوة الباحثين والمشتغلين بالمخطوط إلى إكمال العمل بذيول وملحقات تملأ نقصه.