الوزير.. البرلماني.. إنها صفات ترتبط في المخيال الجماعي بالرفاهية و البريستيج أكثر من ارتباطها بالوظيفة في حد ذاتها،خصوصا في مجتمع لا يعطي الكثير من المصداقية للنبل المبدئي لهذه الوظائف. الوزير.. البرلماني.. مفاتيح لأبواب كنوز من الذهب و الجاه و الحاجات المقضيَّة.إنهم في الصورة العامة سيارات فارهة وسائقون بربطات عنق سوداء،ينحنون ليفتحوا الأبواب و فيلات فخمة و خدم و طباخون و بستانيُّون و احتفاء و تقدير في كل مكان.إنهم وجه الدولة الذي تخضع له باقي رموزها من عسس و شرطة و مخازنية.إنهم الناجون في جزيرة النعيم ضمن بحر من الحرمان.هذه هي الصورة عند المغاربة،و لو لم تكن عند الجميع معطيات مدققة حول ما تصرفه الدولة على خدَّامها الأوفياء. في هذا الملف،الكثير من الأرقام و القليل من الكلام،و هي أرقام حمَّالة أوجه.إلا أنها في بلد يصل فيه الحد الأدنى للأجور بالكاد إلى 2000 درهم،فإن الوجه الطاغي يبقى هو نوعٌ من الذهول الإستنكاري،إنها بالنسبة لعامة الملايين التي تبعثر على مناصب لا تفيد بشيء. و بالرغم من هذا،يبقى وجه آخر للعملة،و إن كان ضامراً،فإنه يتعامل مع أجور الوزراء بمنطق العلاقة بين متطلبات الوظيفة و المتاح لتلبية هذه المتطلبات،و كذا العلاقة بين أجور الوزراء و أجور موظفين هم نظريا أقل مرتبة،و لكنهم أجريّاً أعلى درجة من الوزير الأول،كالمدراء العامين للمؤسسات العموميَّة التي يصل فيها أجر بعضهم إلى 04 مليون سنتيم. على أيٍّ،هذه نافذة،ضمن أخرى،نطل منها على البرلمان و الحكومة الجديدين من زاوية المعيش اليومي لأعضاء هاتين المؤسستين،فمن الوزير الأول الذي يتقاضى بالراتب و التعويضات 9 مليون سنتيم شهريا إلى الوزير الذي يصل إلى 7 مليون سنتيم و كاتب الدولة الذي يصل إلى 6 مليون سنتيم سنجد أن هناك من الوزراء من سنقلب حياته رأسا على عقب،و سيخرج من الكفاف إلى الغنى و هناك من ستبدو له المنحة مجرد بقشيش،خصوصا أن هناك بعض كبار أغنياء المغرب في الحكومة. و مهما كان وقع هذه الأجور على معيش أصحابها فإن مقارنتها مع أجور وزراء في بلدان أوربية دخلها الفردي أكبر بكثير من المغرب تبقى مرتفعة،فالوزير الأول المغربي مثلا يتقاضى أجراً أكبر من أجر الوزير الأول الإسباني. نعرج في هذا الملف أيضا على أجور السفراء التي تختلف حسب بلد الإعتماد،حيث أن سفير المملكة في اليابان يتقاضى أجر وزيرين و على أجور الجنرالات التي تصل بدورها إلى ضعفي أجر وزير و إلى أجور بعض مدراء المؤسسات العمومية التي تتراوح ما بين 18 و 40 مليون سنتيم شهريّاً. و في سابقة من نوعها، يتحدث وزيران سابقان ل «الأيام» عن أجريهما خلال الخدمة،و هو حديث لا يخلو من طرائف نترك للقارئ تقييمها و هل هي و ما جاورها من أرقام ستكون مبعث ابتسام أو مصدر حسرة. سبق لوزير المالية فتح الله ولعلو أن كشف في سابقة من نوعها عن شبكة أجور المدراء العامين للمؤسسات العمومية التي تراقبها الدولة من خلال وزارة المالية،و كانت المناسبة في العرض الذي ألقاه أمام البرلمانيين في سنة 2004،حيث أكد أن متوسط الأجر الصافي ل 150 مؤسسة عمومية لا يتجاوز 40 ألف درهم،و أن 0.7 في المائة من مدراء المؤسسات العمومية،هي التي تتقاضى أجرا صافيا يتراوح بين 021 ألف و125 ألف،أي ما يعني أن مدير عام واحد لمؤسسة عمومية هو الذي يتقاضى أجرا لا يتجاوز قدره 12 مليون و نصف المليون سنتيم،و أن أربعة مدراء عامين يتقاضون أجرا يتراوح قدره بين 09 ألف درهما و 021 ألف درهم،و أن خمسة عشر مديرا عاما يتقاضون أجرا يتراوح قدره بين 06 ألف و 09 ألف درهم،و أن حوالي 58 مديرا عاما يتقاضون أجرا تتراوح قيمته بين 03 ألف و 06 ألف درهم،و أن حوالي 70 مديرا عاما يتقاضون أجرا يتراوح قدره بين 02 ألف و 03 ألف درهم. و على الرغم من أن الوزير الإتحادي قد كشف لأول مرة عن ما ظل سرا في كواليس وزارة المالية لعقود،فإن العارفين بخبايا شبكة الأجور العليا شككوا في تلك الأرقام التي أعلن عنها فتح الله ولعلو،خصوصا أن الوزير لم يكشف حينها حجم التعويضات و المنح و المكافآت التي يتلقاها المدراء العامون للمؤسسات العمومية،حيث تؤكد مصادر مطلعة أن حجم هاته التعويضات تشكل لوحدها أجرا يضاعف من حجم الأجر الأصلي،حيث تتوزع تلك التعويضات بين التعويض عن السكن،و التعويض عن التمثيلية،و التعويضات العائلية،و التعويض عن السفريات ... و دون احتساب التعويض عن نهاية الخدمة. و تضيف نفس المصادر،أن هناك معايير لاحتساب أجر كل مدير عام لمؤسسة عمومية،حيث هناك المعيار الإداري،و هو المعيار المعتمد في تحديد أجر المدير العام للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب،و المكتب الشريف للفوسفاط،و المكتب الوطني للسكك الحديدية،و المكتب الوطني للكهرباء،و المدير العام للخطوط الملكية المغربية،و المدير العام للقرض الفلاحي ...كما أن هناك المعيار المالي المعتمد في تحديد أجر المدير العام لمكتب الصرف،و المدير العام لصندوق الإيداع و التدبير،و المدير العام للقرض العقاري و السياحي،و المدير العام للبنك الشعبي ... و تؤكد نفس المصادر،أن أجر المدراء العامين في المؤسسات العمومية ذات الطابع المالي،يفوق أجر المدراء العامين في بقية القطاعات،و تضيف نفس المصادر،أن الأجر الصافي الحقيقي للفئة الأولى ذات الطابع الإداري،يتجاوز 18 مليون سنتيم،و أن الأجر الصافي الحقيقي للفئة الثانية،يتجاوز 25 مليون سنتيم،باستثناء والي بنك المغرب الذي يتجاوز أجره الصافي 04 مليون سنتيم في الشهر. و تبرر نفس المصادر المقربة من وزارة المالية أجر والي بنك المغرب بطبيعة المهام الحساسة الموكولة إليه،للحفاظ على العديد من التوازنات المالية و المعاملات البنكية،و الحفاظ على تطبيق القانون البنكي في المنظومة البنكية للبلاد،و الذي يتطلب مراقبة يومية من طرف المصالح الخاصة للبنك،و مراقبة العمل اليومي و الدقيق لدار السكة التي تصدر العملة،بالإضافة إلى مراقبة المبادلات المالية البنكية و حمايتها من تبييض الأموال ... هذا بالإضافة إلى الدور الحساس الذي يتكلف به الوالي شخصيا في الحفاظ على أسرار الأرصدة المالية لكبار شخصيات الدولة. 256 مليون درهم كلفة البرلمان بغرفتيه قد تصل كلفة البرلمان بغرفتيه إلى حوالي 256 مليون درهم في السنة،و يحتسب فيها أجر أعضاء البرلمان و عددهم 525 برلمانيا و يصل إلى 30 ألف درهم شهريا،يُضاف إليها تعويض شهري لتغطية مصاريف الدراسات و الأبحاث و مهام السكرتارية... و تصل قيمته إلى 6000 درهم للفرد. و يستفيد برلمانيو الغرفتين من العديد من الامتيازات،من قبيل الإعفاء التام من أداء مصاريف التنقل عبر القطار،و تخفيض بقيمة ٪ 60 من مصاريف التنقل عبر الطائرة داخل البلاد و خارجها،و تعويض الإقامة عن كل يوم عمل،خارج البلاد بقيمة 2500 درهم... و التعويضات العائلية،ثم هناك «تعويضات عن نهاية الخدمة» و الذي تصل قيمته إلى 0005 درهم عن كل ولاية تشريعية،و بطبيعة الحال،فقد يصل هذا التعويض الشهري إلى 01 آلاف أو 51 ألف درهم بالنسبة للبرلمانيين الذين قضوا ولايتين أو ثلاث ولايات تشريعية. بالإضافة إلى هذه التعويضات،يحصل رؤساء الفرق البرلمانية و رؤساء اللجن البرلمانية الدائمة على تعويض خاص تصل قيمته إلى 0007 درهم في الشهر،و معلوم أن عدد اللجن البرلمانية هو ست لجن،كما يستفيد رئيس مكتب الغرفة البرلمانية و نوابه الثمانية و مساعديهم الأربعة على نفس قيمة التعويض. أما رئيس مجلس النواب و مجلس المستشارين،فإن أجر كل واحد منهما يبلغ حوالي 08 ألف درهم في الشهر بمعدل 512 ألف درهم في السنة،و يحتسب في هذا الأجر،العديد من الامتيازات و التعويضات،من قبيل التعويض عن التمثيلية (18 ألف درهم) و التعويض عن السكن (15 ألف درهم) و التعويض الجزافي (5 آلاف درهم)،بالإضافة إلى استفادة كل منهما من4000 درهم عن كل يوم عمل خارج البلاد،و سيارة المصلحة ثم رئيس للخدم و الطباخ و الطباخ المساعد و البستاني و الإقامة،بالإضافة إلى ستة مساعدين لكل واحد منهما، علما أن كل واحد من هؤلاء المساعدين يتقاضون أجراً شهريا بقيمة 12 ألف درهم. من جهة أخرى فإن البرلمانيين يستفيدون من تخفيض في حدود 50 ٪ من ثمن تذكرة السفر عبر شركة الخطوط الملكية المغربية، و من مجانية التنقل عبر القطار بالدرجة الأولى،و من تخفيض من ثمن الإقامة في الفنادق المصنفة في البلاد في حدود 05 في المائة،كما يستفيدون من إعفاء تصل قيمته إلى٪ 45 من الواجبات الضريبية الخاصة بشراء سيارة شخصية واحدة خلال ولاية تشريعية واحدة. المصدر : رضي نيوز