توصلت " تطوان نيوز" بتقرير مفصل من المرصد المحلي للنزاهة و مناهضة الفساد بمرتيل حول الموسم الصيفي 2003 بمدينة مرتيل ، و نظرا لأهميته و كذلك لتطرقه لعدة جوانب جد ضرورية الإشارة إليها إرتأينا نشره ليضطلع عليه قراؤنا . نص التقرير: في إطار الدور الذي يضطلع به المرصد المحلي للنزاهة ومناهضة الفساد بمرتيل، في مراقبة تدبير الشأن العام المحلي و رصد الاختلالات التي تشوبه ، و تتبع ما يجري بالمجتمع المرتيلي وبالمؤسسات العمومية المحلية؛ و سعيا منه إلى المساهمة في تخليق الحياة العامة و بناء مجتمع متكامل عن طريق النقد البناء و اقتراح الحلول، فقد تتبع أعضاء المرصد بعين الملاحظ السير العام للحياة العامة و تدبير المرفق العام بمدينة مرتيل خلال الموسم الصيفي لهذه السنة (2013)، والذي رأى المرصد أنه تدبير رديء و مهترئ، يرتكز على سياسة مفتقدة للحكامة، مما أفضى إلى تحويل قطاع حيوي كالقطاع السياحي إلى قطاع غير مهيكل و غير منتج وعشوائي، بسبب العوز الكبير الذي تعرفه بنيات الاستقبال على المستوى المحلي وسوء استثمار الامكانات الطبيعية و البشرية و الاستراتجية المتوفرة. و في هذا الصدد، رصد أعضاء لجنة المرصد المكلفة بتتبع سير الموسم الصيفي 2013 اختلالات عديدة على عدة مستويات تضمنها هذا التقرير بشيء من الاقتضاب الموسوم بالتدقيق، فكانت هذه الاختلالات منظمة بحسب المستويات على الشكل التالي: يسجل المرصد المحلي للنزاهة ومناهضة الفساد بمرتيل، على هذا المستوى، تجاوزات خطيرة، فاقت كل التصورات، إذ تضاعفت أعداد الجريمة المتمثلة في السطو تحت التهديد بالسلاح الأبيض، واستفحلت في كل مشارب المدينة ، لتصل إلى المراكز الحيوية العامة التي يقصدها المصطافون للنزهة والتسوق والترفيه كالأسواق و مدينة الملاهي وكورنيش المدينة. كما سجل ممارسة سلوكات رعناء مخلة بالآداب والأخلاق العامة تبث الرعب وعدم الاطمئنان في ساكنة المدينة الرسميون منهم والزوار. ومن هذه الظواهر نذكر ظاهرة تفشي السكر العلني في صفوف الشباب، والتعاطي العلني للمخدرات والحبوب المهلوسة وغيرها من المواد السامة، وهو الشيء الذي ولد امتعاض و سخط غالبية السكان اتجاه المقاربة القاصرة في معالجة الظاهرة من طرف الجهات المختصة. و لاحظنا أيضا بأن الاكتظاظ الكبير و غير المتحكم فيه الذي تعرفه بعض الاماكن العمومية، و ضعف حضور العناصر الامنية بها (ساحة مقهى ملتقى الأسر، الشاطئ، الأسواق…) يعد عاملا مساعدا على انتشار الجريمة و العنف، و قد يفضي هذا الأمر إلى ما لا يحمد عقباه مستقبلا ما لم يتم تداركه عبر وضع تصور امني فعال لكيفية اشتغال و استغلال هذه الفضاءات. على هذا المستوى، يسجل المرصد المحلي للنزاهة ومناهضة الفساد بمرتيل كباقي الساكنة وعموم المتتبعين للشأن السياحي المحلي، بأنه رغم الإصلاحات الأخيرة التي شهدتها مختلف مرافق المدينة خلال السنوات الأخيرة من أجل التخفيف من حدة اختناق السير والجولان داخل المجال الحضري لمرتيل، فقد تبين خلال الموسم الصيفي المنقضي وبشكل ملموس أن مسألة السير والجولان بالمدينة أضحت تفرض نفسها بحدة أكثر من السابق، و أن الاصلاحات السابقة لم تعد كافية لتلبية حاجيات سكان و ضيوف مدينة مرتيل خلال الموسم الصيفي. و مما ساهم في استفحال هذه الظاهرة هو التوزيع العشوائي والإرضائي وغير المعقلن لرخص حراسة السيارات، وفي مواقع غير مناسبة إطلاقا، بحيث أضحى كل شارع، ممر، زقاق، حي هو موقف للسيارات. الأمر الذي جعل مسألة السير والجولان معقدة ومشنجة للأعصاب ومضيعة للوقت، و هو الأمر الذي كانت له نتائج وخيمة على المستوى الحضاري والتعايش السلمي (ملابسات، السب والشتم، التشابك بالأيدي…)، وصعب من مسألة تسويق المنتوج السياحي المحلي لدى المصطافين، أوخلق اندماج حضاري بين المدن السياحية، و التي تكون الأخلاق و التعرف على التقاليد و حسن الضيافة و روح التسامح أساسا لها. كما أن الطريق الدائري المحاذي لوادي مرتيل، والذي كان معولا عليه ليخفف من وطأة الازدحام، تحول في نقطة حساسة منه إلى سوق عشوائي يومي، يصطف فيه الباعة والمشترون على الطريق المخصصة لمرور السيارات مسببين ازدحاما خانقا يحبس المدينة من الجهة الشرقية. من جهة أخرى سجلنا قصورا كبيرا في تدبير السلطات المعنية لهذا الإشكال، حينما أصرت على اعتماد نفس التشوير الطرقي المعتمد خلال باقي شهور السنة، فيما كان لزاما عليها الاجتهاد من أجل وضع تشوير طرقي و نظام سير و جولان خاص بموسم الذروة. على هذا المستوى، سجلنا ارتفاعا مهولا في أسعار كراء الشقق المفروشة و التي تجاوزت الألف درهم لليلة الواحدة ببعض مناطق المدينة، في غياب تام لأي تصور أو برنامج عملي و عقلاني لضبط و تنظيم هذه العملية من طرف السلطات المعنية، مما يحرم بلدية مرتيل من مداخيل قد تكون جد مهمة و يجعل ضيوف المدينة عرضة للإبتزاز و الاستغلال من طرف بعض مالكي الشقق و شلة من السماسرة المزيفين. و في ظل غياب سياسة محكمة ومنظمة، تتسم بالتنسيق بين كل السلطة و الجهات المعنية بتدبير الشأن السياحي لهذه المدينة، يسجل المرصد المحلي للنزاهة ومناهضة الفساد بمرتيل، تفشي ظاهرة الاتجار العشوائي، أو ما يعرف ب "الفراشة" في جميع شوارع المدينة، لتتحول بذلك مرتيل إلى سوق مفتوحة في وجه التجار والزبناء في كل مكان، وفي أي وقت، وتسببت هذه الظاهرة في امتعاض أرباب المحلات التجارية المهيكلة وفي سخط المارة من الراجلين الذين غالبا ما يجدون أنفسهم مضطرين إلى المرور من الطرق المخصصة للعربات و السيارات مما يجعل سلامتهم معرضة للخطر. كما سجلنا مخالفة بعض المطاعم والمقاهي السياحية بالمدينة لمقتضيات المسطرة القانونية المتعلقة بالملك العمومي، باحتلالهم للأرصفة المخصصة للراجلين قصد استغلالها لزيادة فرصهم وحظوظهم في الربح و لو كان ذلك على حساب راحة المواطنين وسلامتهم. و سجل المرصد كذلك، تعرض المصطافين الذين يترددون على مرتيل يوميا من مناطق الجوار (تطوان بالخصوص) للإبتزاز من طرف بعض سائقي سيارات الأجرة الكبيرة، و الذين يفرضون على المواطنين في بعض الأوقات تسعيرة تتجاوز بثلاث أضعاف السعر القانوني للرحلة، كما أنهم غالبا ما يرفضون نقل المواطنين إلى الوجهة التي يقصدونها بدعوي ازدحام الطرقات، مستغلين في سلوكهم الجشع و اللامسؤول هذا عجز سلطات المراقبة بولاية تطوان عن الاضطلاع بدورها. من جهة أخرى، عرفت مرتيل خلال الموسم الصيفي الأخير انتشارا وتراكما للأزبال و القادورات بمختلف أنحاء المدينة في عجز شبه كلي للشركة المفوض لها بتدبير هذا القطاع الحساس عن الوفاء بالتزاماتها اتجاه ساكنة المدينة، خارقة العقدة و دفتر التحملات الذين يربطانها بالمجلس البلدي لمرتيل. فلولا استعانة السلطات الإقليمية بعمال الإنعاش الوطني أثناء تواجد الملك بالمنطقة لحدث ما لا يحمد عقباه. و فيما يخص شاطئ المدينة الذي يعتبر ملاذ مئات الآلاف للمصطافين من مختلف أنحاء المملكة، و نقطة قوة المدينة، فقد سجلنا سيادة فوضى عارمة على طوله بعد أن تم تسييجه بالمضلات المخصصة للكراء و بعض مرافق اللهو و التي تمنح رخصها من طرف بلدية مرتيل دون إخضاعها لشروط دقيقة تصون حقوق المستغل و تضمن راحة المصطافين و تحافظ على رونق و جمالية شاطئ مرتيل. كما سجلنا نقصا كبيرا في نظافة هذا الشاطئ ، مما جعل المجهودات المبذولة في هذا الصدد عديمة الجدوى بشكل أصبحت معه صحة مرتادي الشاطئ معرضة للخطر. وضمن الارتزاق العشوائي الذي تتحمل فيه السلطات المختصة كامل المسؤوليات، يسجل المرصد تفشي ظاهرة التسول بشكل مريب في استغلال بشع و مهول للأطفال و ذوي الاحتياجات الخاصة. وكذا ظاهرة الارتزاق على أرصفة الكورنيش بأنشطة مثيرة للجدل، كالقمار وغيرها من النشاطات التي لا تتماشى و صورة مرتيل التي نصبوا إلى تشكيلها و تسويقها و استثمارها على الوجه الأحسن خلال موسم الذروة السياحية. وفي نفس الإطار دائما، فإن الأنشطة الثقافية التي كان معولا عليها أن تعوض مظاهر الفساد والتسيب التي تتخبط فيها مرتيل على مدار السنة، لم تفي بالغرض بل منها ما كرست وساهمت في تعميق هوة الاختلالات المجالية والظواهر الاجتماعية السلبية، ولكي يتسنى لنا الإسهاب في هذا الصدد، يتوجب علينا أن ننتظر توصلنا بالكشوفات المالية لمداخيل ومصاريف مهرجان "عيد البحر" الذي نظمته بلدية مرتيل ما بين 14 و 18 غشت، و هي الفترة التي كانت تعرف فيها المدينة اختناقا شديدا وصل صداه كل أنحاء الوطن عبر التغطية التي قامت بها بعض المنابر الإعلامية الوطنية حول موسم الاصطياف بمرتيل، وسوف نصدر تقريرا حول هذا المهرجان فور توصلنا بالمعطيات و البيانات الضرورية من طرف بلدية مرتيل. و في خضم هذا الوضع القاتم، فإننا ندعو بالتالي إلى إعادة مدارسة مسألة تسيير وتدبير للمرقق العام بمرتيل و التي تبدو من خلال كل هذه التمظهرات مختلة و ارتجالية إلى أبعد الحدود. و في الختام، فإننا نحمل السلطات المحلية و الإقليمية من عمالة المضيقالفنيدق و باشوية و بلدية مرتيل كامل المسؤولية في كل الاختلالات العميقة التي عرفتها مرتيل خلال الموسم الصيفي المنقضي، كما ندعوها إلى التفكير جديا في وضع تصميم تهيئة حضرية جديد لمرتيل يراعي الإقبال الكبير و المتزايد للسياح الداخليين عليها، و صياغة مخطط سياحي دقيق و فعال، باستشارة الخبرات المحلية و الوطنية و استحضار تجارب دول الجوار، قصد تحويل هذا القطاع إلى قطاع مهيكل و مذر للثروة يعود بالنفع على مرتيل و سكانها و يحولها إلى وجهة سياحية جذابة داخل الشريط الساحلي المتوسطي، توفر الراحة لمرتاديها، و تنأى بالمدينة عن العشوائية و الفوضى و مظاهر الفساد التي تطبعها عموما و التي تتجلى أكثر خلال موسم الاصطياف. المرصد المحلي للنزاهة و مناهضة الفساد بمرتيل