في شذرة من شذريات كتاب " رولان بارث بقلم رولان بارث، السير ذاتي، والذي نشرت شذرات منه مترجمة بجريدة ( العلم)، الموسومة ب"النعت" يقول رولان بارث إنه يتحمل بصعوبة كل صورة لذاته، مكابدا أن يكون مسمى.. فهو يعتبر أن قداسة علاقة بشرية تتوقف على فراغ الصورة هذه.. إذ هي تلغي فيما بينها، من هذا إلى ذاك، النعوت.. موضحا أن العلاقة التي تنعت، توجد في اتجاه الصورة، في اتجاه الهيمنة والموت. وعلى ما يبدو أن رولان بارث كان يلمح في هذا الصدد إلى علاقته بالمغرب والمغاربة، يقول في هذا السياق تحديدا: "... بالمغرب، لم يكن لديهم عني ، ظاهرا، أية صورة إذ ظل المجهود الذي كنت أبذله، باعتباري غربيا أصيلا، لكي أكون هذا أوذاك، دون جواب: لم يكن يرد لي هذا ولا ذاك في شكل نعت جميل، إذ لم يخطر ببالهم أن يعلقوا علي. وكانوا يرفضون، بلاعلم منهم، تغذية مخيالي وملاطفته، ولقد كان لهذا الصمم في العلاقات الإنسانية، في مرحلة أولى، نوع من الإرهاق. إلا أن هذا الصمم أخذ يبدو تدريجيا وكأنه من خيرات الحضارة أو كأنه الشكل الديالكتيكي حقا للحديث الغرامي..". ( ص: 47). وكما يتضح لي، فهذه العلاقات فذ اتخذت أبعادا أخرى، ودلالات أكثر عمقا، حيث وجدت أن الكاتب الفرنسي الراحل رولان بارث سيثبت في كتابه المشار إليه أعلاه صورة لنخلة جميلة كان قد التقطها بمهارة في المغرب المصور " ألان بنشايا" ( وذلك في إطار سلسلة من الصور الفوتوغرافية التي يتضمنها هذا الكتاب.، حيث ستصبح هذه النخلة رديفا للكتابة، ففي نص قصير عنونه ب " صوب الكتابة" يقول رولان بارث: " إن الأشجار أبجديات، يقول الإغريق: فمن بين كافة الأشجار، الحروف، تعتبر النخلة ( هي ) الأكثر جمالا. فبالكتابة، الغزيرة والمتميزة، كدفق نخلياتها، تحتاز النخلة فعلها الأكبر: النثار.." ( ص: 45). لكن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، بل إنني سأقرأ أيضا إزاء صورة النخلة هاته قصيدة دالة وبعيدة الغور، كتبها برقة وبرفق الشاعر هانري هاين، والتي اختارها رولان بارث كإيحاء لأحاسيسه المتدفقة والمتوهجة... وكذا لعلاقاته الوطيدة بالمغرب وفضاءاته كبلد الشمس وغير ذلك يقول هانري هاين: في الشمال، صنوبر متوحد ينتصب على رابية قاحلة ولما يهجع، يدثرهما الثلج والصقيع ببياض ردائهما إنه يحلم بنخلة جميلة، هناك في بلد الشمس، حيث تنزعج، مغمة ومتوحدة، في جرف النار. ( ص: 45..