نظمت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، ليلة أمس الثلاثاء، مسيرات بالشموع في ربوع المغرب، وكانت هذه المسيرات متفاوتة من حيث حجم المشاركة فيها وكان أغلبها ضعيفا، وزعمت تنظيمها بمناسبة ذكرى 20 يونيو التي تخلد لأحداث الدارالبيضاء سنة 1981. من حق الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أن تخرج في الوقت الذي تريد وتعبر عن مطالبها، وتنظم المسيرات والوقفات وفق ما يخوله لها القانون. لكن ليس من حقها السطو على الذاكرة الجماعية للمغاربة. 20 يونيو لم تعد ملكا للأموي، الذي دعا إلى الإضراب العام المذكور، والذي جاء في إطار الصراع بين الدولة والاتحاد الاشتراكي، بل أصبحت ملكا للذاكرة الجماعية، وذلك بعد إقرار هيئة الإنصاف والمصالحة لمقررات تخص ضحايا الأحداث المذكورة، حيث تم افتتاح مقبرة رسمية خاصة بهم، حضرها ذوو الضحايا والمندوب الوزاري لحقوق الإنسان ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان والجمعيات الحقوقية وشخصيات رسمية. الإنصاف والمصالحة تعني التوافق على تعرية الماضي والكشف عن حقائقه وتعويض الضحايا، لكن بمقابل ذلك طي هذه الصفحة التي أعقبتها صفحات كثيرة عمادها الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتم تكليف المجلس الوطني لحقوق الإنسان (المجلس الاستشاري سابقا) من أجل الإشراف على تنفيذ توصيات الهيئة المذكورة التي أغلقت عملها سنة 2005، والإشراف كذلك على الحفاظ على الذاكرة الجماعية. لما أقرت الدولة الإنصاف والمصالحة كانت ترغب في القطع مع الماضي، وقد بدأت هذه العملية سنة 1999 من خلال هيئة التحكيم وجبر الضرر، واتفق على برنامجها كافة الأطياف السياسية والمدنية، ووحدها بعض التيارات اليسارية، التي وافقت على كل خلاصات الهيئة وتوصياتها، بقيت تطالب باعتذار الدولة، والكونفدرالية جزء لا يتجزأ من مكونات المجتمع التي وافقت على مقررات الإنصاف والمصالحة. ف20 يونيو إذن هي ذاكرة جماعية ملك لكل المغاربة ولا يحق لطرف دون الآخر أن يدعي امتلاكها، وبهذا يكون ما أقدمت عليه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل مخالف لتوصيات الإنصاف والمصالحة ومخالف لقرارها الانخراط في عملها وحصول عشرات من مناضليها على التعويض المخصص للضحايا. وعاب كثير من المتتبعين على نوبير الأموي، الكاتب العام للنقابة هذه الخطورة معتبرين إياها تدخل في إطار المزايدات السياسية إذ لا معنى لها بعد جبر الضرر والاتفاق على طي صفحة الماضي.