20 يونيو 1981 أو حين لعلع الرصاص بلا حسيب أو رقيب, مصيبا مدينة البيضاء في مقتل, في ذلك اليوم الحار كانت دعوة من نقابة الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل لإضراب عام من أجل الكرامة والحفاظ على القدرة الشرائية. الإضراب دعمه حزب الاتحاد الاشتراكي الحليف الطبيعي للطبقة العاملة، كل المؤشرات تسير إلى نجاح غير مسبوق للإضراب العام, لتبدأ الدولة في تدخل عنيف واعتقالات بالآلاف في صفوف المناضلين والمواطنين. وكانت مدينة الدارالبيضاء صاحبة النصيب الأكبر من القتل خارج القانون و الشرعية وخارج المحاسبة, كان القتل في الهواء الطلق, شارك آلاف من القوات العمومية مدعمين بطائرات هيلكوبتر في نشر الرعب والموت والمقابر الجماعية وضحايا مازال مصيرهم مجهولا رغما على أنف الانصاف والمصالحة، انتفاضة 20 يونيو والتي تهكم منها قفل النظام آنذاك البصري ووصفها بانتفاضة كوميرة خلفت وضعا غير مسبوق, فهي واحدة من أشد لحظات سنوات الرصاص قتامة وقسوة, تلتها نضالات وكفاحات وصلت بالمغرب إلى إعلان المصالحة والانصاف كأسلوب للتغيير في البلد وتجاوز السكتة القلبية وظروف أخرى مرتبطة بالعهد الجديد وتأسيس المغرب لنهج مقاربة جديدة مبنية على الاختيار الديمقراطي بعد دستور جديد أقره المغرب للخروج من مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية في أفق الملكية البرلمانية, يطرح نقاش حقيقي حول قانون جديد جيء به لمجلس النواب وأثار نقاشا كبيرا تدخلت فيه الفرق البرلمانية والأحزاب والنقابات والمجلس الوطني لحقوق الانسان والجمعيات الحقوقية بكل مشاربها، إنها المادة السابعة من القانون 1 - 12 والتي تمنح العسكريين حصانة مطلقة حين ممارستهم لمهامهم. مرتكزات معالجة هذا القانون, حسب عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي حسن طارق, تقوم على أساس ثلاث مرجعيات, الأولى هي الدستور والذي ينص في بنده الأول على ربط المسؤولية بالمحاسبة وينص في فصله السادس على أن القانون اسمى معبر عن إرادة الأمة والكل متساوون أمامه وملزمون بالامتثال إليه ويربط حسن طارق الأمر بالفصل 23 الذي يعاقب على جرائم الإبادة وجرائم ضد الانسانية وكافة الخروقات الجسيمة لحقوق الانسان, ويؤكد في نفس الإطار أن توصيات هيئة الانصاف والمصالحة تشكل منطلقا ثانيا, حيث وقفت على غياب أرشيف لتنفيذ الأوامر وغياب آلية قانونية لذلك, فهي أوصت بالتزام حكامة جيدة تجعل الأجهزة الأمنية تشتغل في إطار القانون والشرعية , والمدخل الثالث حسب طارق هو المرجعيات الدولية وأهمها وثيقة حول سلوكات المكلفين بحفظ الأمن العمومي والتي تحث على احترام التناسب والشرعية والمسؤولية وكذا احترام كرامة الانسان. واعتبر طارق فكرة الحصانة منافية للدستور وتساءل كيف أن تدخل القوات المسلحة في الخارج يؤطر بالقانون الدولي وفي الداخل يكون غير مقنن. واعتبر هذا الأمر هو الذي كان وراء رفض الفريق الاتحادي لهذا القانون في هذه الفصول المذكورة, وكذلك أحيل المشروع على المجلس الوطني لحقوق الانسان بطلب من الفريق الاشتراكي, والذي اعتبر مجموعة من البنود منافية للدستور. وأعلن طارق أن الصيغة النهائية لن تكون إلا مراعية للدستور ومحترمة لحقوق الانسان, وبخصوص ذكرى 20 يونيو, يقول حسن, بأنها يجب أن تكون ملهمة ومؤطرة في كافة المناحي حتى لا تعيش الأجيال القادمة نفس المعاناة ونفس القسوة ,لأننا يجب أن نتقدم ديمقراطيا حتى لا نعيش في ظلمات ماض أليم إلى الأبد. من جهته اعتبر الناشط الحقوقي ورئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف مصطفى المانوزي ذكرى 20 يونيو لهذه السنة تأتي في سياق خاص تطغى عليه ارادات مختلفة ومتباينة, واحدة تروم الطي النهائي والعادل والمنصف لهذه الصفحة السوداء من الماضي, وذلك حسب المانوزي, عبر كشف حقيقة ما جرى من اغتيالات خارج القانون والقضاء وما ترتب عنه من مطالب اجتماعية وحقوقية على مستوى تسليم الرفات و تحقيق في الهويات بواسطة الحامض النووي وكذا على مستوى ترتيب المسؤوليات, وشدد رئيس المنتدى في تصريحه للاتحاد الاشتراكي بأنه لابد من جبر الضرر الفردي للضحايا المباشرين او ذوي الحقوق, وهو الملف الذي مازال عالقا والضحايا يعتصمون امام المؤسسات العمومية بالرباط. واشار المانوزي الى ارادة تروم الاجهاز على ما تحقق من مكاسب داخل هذا الملف, حيث نشهد تفعيلا جزئيا لتوصيات هيئة الانصاف والمصالحة ويأتي طلب تمرير القانون 12/1 الذي يشرعن الافلات من العقاب, خاصة الصيغة والزمان المختارين بدقة وهندسة امنية خطيرة وهو ما يدفع حسب المانوزي الى التساؤل من دفع بالجيش إلى ان يتحول الى مشرع لحالة استثناء في اطار فرض امر واقع يعفي العاملين العسكريين من الزامية خضوعهم لمبدأ المسؤولية وعن المحاسبة خلافا للدستور, واعتبر المانوزي ان تفعيل الدستور واحترام ضحايا يونيو وغيرها من الانتفاضات السابقة واللاحقة احترام الدستور وتجريم ما يحرمه بشكل صريح. ويذكر ان القانون المثير للجدل كان موضوع ر أي استشاري للمجلس الوطني لحقوق الانسان والذي ذهب الى أن عددا من المواد, خاصة المادة 7 تتنافى مع الدستور ومع احترام المساواة امام القانون, بالاضافة الى ذلك رفضت كل الهيئات الحقوقية هذه المادة وطالب الجميع بحذفها. تزامن النقاش البرلماني لهذه القانون مع أحداث تاريخية من يوم 20 يونيو 81 التي تجعل المشرع المغربي اليوم امام محك اختيار أي مغرب يريد.