بعد الانتكاسات الكبيرة التي مني بها خلال الانتخابات البلدية لسنة 2016 و تفاقم أزمة اقتصادية واجتماعية ذات تداعيات سياسية لاتخفى على العيان، أصبح حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الحزب التاريخي لنيلسون مانديلا، يعي بشكل متزايد اقتراب نهاية عهده الذي استمر منذ عام 1994. الحزب لم يعد يحكم في المدن الكبرى مثل جوهانسبرغ وبريتوريا وبورت اليزابيث عقب الهزائم التاريخية التي تكبدها خلال الانتخابات المحلية السنة الماضية. ويتعلق الأمر بسابقة بالنسبة لحزب اعتاد على انتصارات سهلة في كل الانتخابات التي يتم إجراؤها بالبلاد منذ نهاية نظام الفصل العنصري في 1994 .
ولم تكن النتيجة المهينة التي أفرزتها انتخابات 2016 حادثا عرضيا كما أراد الترويج لها بعض أعضاء الحرس القديم للحزب، حيث أعربوا عن قناعتهم بأن تشكيلتهم ستستمر في الإمساك بزمام أمور الجنوب إفريقيين حتى النهاية . وأمام هذا الوضع، تعالت الأصوات في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، داعية إياه إلى الاستعداد لتقاسم السلطة مع التشكيلات الأخرى التي ستتقوى شعبيتها مع اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية القادمة، بما في ذلك الانتخابات العامة المرتقبة في 2019. وياتي هذا الاستنتاج في الوقت الذي يجتاز فيه الحزب مرحلة حرجة في تاريخه ، يزيد من تفاقمها الانقسامات العميقة بشأن انتخاب رئيس جديد لخلافة جاكوب زوما ، الرئيس أيضا للجمهورية.
ويتعين على حزب المؤتمر الوطني ان ينتخب في دجنبر القادم رئيسا جديدا ، وتتضمن لائحة المرشحين اسمين لتولي هذا المنصب وهما نائب الرئيس سيريل رامافوسا والرئيسة السابقة للمفوضية الإفريقية نكوسازانا -دلامين زوما .
ودفعت حدة الانقسامات التي تمزق الحزب بخصوص قضية الخلافة بعض أعضاء حزب المؤتمر الوطني الإفريقي إلى إلى التحذير من مخاطر التقسيم.
وتتنامى هذه الانقسامات على خلفية أزمة اجتماعية على وشك الانفجار . وفي وثائقه السياسية أقر حزب المؤتمر الوطني الإفريقي في هذا السياق أن التونر الاجتماعي في هذا البلد هو نتاج فساد مستشري وأداء سيئ للحكومة والزبونية المتفشية.
وجاء في هذه الوثائق التي نشرت أول أمس الأحد والتي كانت موضوع نقاشات في مختلف الفروع الإقليمية للحزب قبل انعقاد مؤتمر يونيو أن هذه "المشاكل تهدد بالتمهيد لنهاية حزب المؤتمر الوطني الإفريقي".
وقال جيفي راديبي وزير في الرئاسة خلال ندوة صحافية انعقدت أول أمس الأحد أن الفساد والمشاكل الاقتصادية الأخرى عمقت الشرخ بين الناخبين والمؤتمر الوطني الإفريقي ، مبرزا أن الوثائق السياسية تقر بأن الحزب بصدد فقدان ثقة الشعب .
ويتجسد فقدان الثقة هذا حسب المسؤول في ضعف الأداء الانتخابي للحزب والانتقادات اللاذعة التي وجهها المواطنون للحزب .
ومن أجل إخراج البلاد من هذه الأزمة الاقتصادية و الاجتماعية الخطيرة، قال حزب المؤتمر الوطني إنه يعتزم إعادة بلورة المخطط الوطني للتنمية الذي يشكل حسب التشكيلة الحكومية خارطة طريق بالنسبة للبلاد .
وذكر المحللون بالانهيار الطويل الأمد للأحزاب المنبثقة عن الحركات التحررية بإفريقيا قبل اندثارها . إذ يبدو أن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي يسير على هذا المنوال . فاندثاره لن يكون سابقة ".